39/01/20


تحمیل

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/01/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ مناقشة دليل تخصيص لفظ الآية /خمس ارباح المكاسب / كتاب الخمس

ولكن هناك من ذكر بأن كلمة (غنم) الواردة في الآية الكريمة مختصّة بغنائم الحرب.

ويرد عليه: ان اراد أنّ كلمة الغنم يراد منها ما غنم في دار الحرب لغة أو اصطلاحاً, فهو لم يظهر له اي دليل, بل ذكرنا ان معناها اللغوي والعرفي والاستعمال الوارد في الآيات يدل على خلاف ذلك.

وان اراد ان كلمة الغنم الواردة في الآية الكريمة بقرينة سياقها ومورد نزولها تقيّد بما يؤخذ من غنائم الحرب, فله وجه الاّ ان الذي سطرّ في الاصول هو بان المورد لا يخصّص الوارد يقول بعدم صحة ذلك.

ثم ان كلمة (من شيء) الواردة في الآية فيها اشارة الى العموم وعدم الاختصاص بما يؤخذ في دار الحرب, بل يشمل كل غنم وفائدة يحصل عليها الانسان.

وقد اعترف القرطبي في تفسيره وغيره بشمول الآية لعموم الفوائد والارباح ولكن خصّها بغنائم الحرب لأجل الاجماع ادّعاه[1] .

وقد يقال: ان الآية الكريمة يحتمل انها قد احتفّت بقرينة غير لفظية حين نزولها, تجعلها ظاهرة في المعنى الخاص ولا تكون عامّة لكلّ غنيمة ولو لم تكم حربية, وهذا الاحتمال يوجب الاجمال في الآية ولا يجعلها ظاهرة في العموم.

ويرد على ذلك:

اولا: ان القرآن الكريم هو الكتاب الهادي للناس والدستور الأول لهم الى آخر الدنيا, وهذا لا يناسب ان يعتمد القرآن على قرائن حالية متّصلة حين النزول بحيث تخفى على الناس في الاجيال اللاحقة, وكذا نقول في كل كتاب يرسله انسان الى آخر فانه لا يناسب ان يعتمد على قرائن غير مكتوبة بحيث تغيّر المعنى, بل لابد من ذكر تلك القرائن وتحويلها الى قرائن لفظية, فعدم ذكر قرينة لفظية على أنّ الآية مخصوصة بالغنيمة الحربية, يكون دليلاً على عمومها لكل غنيمة وان لم تكن حربية.

ثانياً: قد امرنا الرسول صلى الله عليه واله والائمة عليهم السلام بالرجوع الى القرآن والعمل بظهوره, وقد جعل

ظهوره هو الفارق بين الحق والباطل, وأُمرنا بعرض الروايات المتعارضة عليه فيؤخذ بما وافق ظاهر القرآن قد غابت عن الاجيال اللاحقة لعصر النزول.

ثالثاً: لو كانت هناك قرائن غير لفظية حصلت عند نزول القرآن, كان هذا موجباً لنقل القرآن من دون زيادة أو نقيصة, ونقل القرينة اللفظية التي كانت محفوفة بالنص ايضاً, لأن المقصود من القرآن الذي هو الدستور الاسلامي الاول هو رجوع الناس اليه وكونه الحكم الفصل للمسلمين جيلاً بعد جيل, وهذا يقتضي حفظه مع قرائنه اللفظية وغير اللفظية ونقل القرائن غير اللفظية التي لها دخل في المعنى لتثبت عند المسلمين حتى يحصل المحافظة على القرائن أكّدَ عليها الرسول صلى الله عليه واله والائمة عليهم السلام وعلماء الاسلام بعدهم.

وهذا هو الذي جعل المسلمين يذكرون موارد نزول الآيات, ويذكرون تطبيقاتها بنصوص كثيرة متواتره.

1ـ انظر الى آية التطهير «انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا»[2] كيف طبّقها النبي صلى الله عليه واله وخصّها بالخمسة (الرسول وعلي وفاطمة والحسن والحسين) فقد ورد من الروايات اكثر من سبعين رواية دالّة على ذلك التطبيق.

نعم هناك قول بانها نزلت في نساء النبي (صلى الله عليه وآله) في سياق الآيات الواردة في نساء النبي صلى الله عليه وآله ولكن من قال بذلك, هو عكرمة ومجاهد الخارجيان, وقد فضح عكرمة نفسه حين أخذ يدور في الاسواق ويدعو المسلمين الى المباهلة على نزولها في نساء النبي.

فان هذا النهج في نزول الآيات القرآنية لم يكن له سابقة ويدلّ على ان الامر الراسخ في زمانه كان على خلاف رأيه, والاّ فلماذا يدور في الاسواق ويطلب من يباهله بذلك.

على ان اختلاف الضمير من ضمير النسوة الى ضمير الخطاب المذكّر للجماعة يدلّ على ان النبي صلى الله عليه وآله امر بكتابتها بين تلك الآيات والاّ فهي خاصة بالخمسة ولا تشمل كل مَن انتسبت الى النبي صلى الله عليه وآله.

وانظر الى آية المباهلة[3] كيف طبّقها الرسول على نفسه وعلى علي وفاطمة والحسن والحسين وكيف نقل المسلمون كيفية الخروج بدقّة حتى تقّدم البعض على الآخر وكيفية حمل الحسنين.

 


[1] الجامع لاحكام القرآن، للقرطبي، مجلد 4، ج8 ص3 كبع دار الكتب العلمية بيروت سنة 1424ه.
[2] سورة الاحزاب، الآية: 33.
[3] سورة ال عمران، الآية: 61.