39/03/28


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

39/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- حكم مجهول المالك - مسألة ( 39 ) حكم جوائز الظالم – المكاسب المحرّمة.

ثانياً:- إنَّ ما ذكره مبنيّ على الأصل المثبت وهو ليس بحجة ، فأنت بالاستصحاب أثبتَّ الضمان ثم ضممت عدم الفصل إليه وأثبتَّ الضمان في حالة كون اليد أمينة وهذا لازم غير شرعي ، إذ لا نصّ يقول ( إذا ثبت الضمان في حالة عدم الأمانة فيثبت كذلك في حالة الأمانة ) ، فهذا ليس لازماً شرعياً وإنما هو لازم غير شرعي نتيجة اتفاق عدم تفصيل الأعلام ، وحينئذٍ لا يمكن أن يثبت من خلال الاستصحاب ، ولكننا أحياناً نتمسّك بعدم الفصل ولكن هذا في الأمارات ، فإذا وردت رواية ودلت على ثبوت الضمان في حالة كون اليد غير أمينة فإذا ثبت ذلك فنقول ( وبضمّ عدم الفصل يثبت الضمان ) ، وهذه طريقة جيدة ومعروفة ، فالرواية متى ما رأيناها قاصرة عن اثبات المطلوب في دائرته الوسيعة نضمّ عدم الفصل ولكن عدم الفصل نضمّه إلى الامارة لأنَّ لوازم الأمارات حجة وأما الأصل العملي مثل الاستصحاب فلا يمكن أن نضم إليه عدم الفصل ونعمّم النتيجة.

ثالثاً:- إنه أجرى الاستصحاب ، ونحن نقول: إنَّ الاستصحاب لا يجري في حدّ نفسه لا لمشكلة المثبتية بل لمشكلة أخرى وهي أنه قال ( سابقاً كان الضمان موجوداً[1] فإذا ظهر المالك وقال أنا لا أرض بالتصدّق فنجرى استصحاب الضمان ) ، ونحن نقول:- إنَّ استصحاب الضمان هنا لا يجري بقطع النظر عن عدم الفصل وغيره ، فإنَّ هذا الاستصحاب الأوّل لا يجري فإنَّ الضمان الثابت سابقاً قد ارتفع جزماً ، والضمان الذي نشك فيه لاحقاً هو ضمانٌ بمعنىً آخر وليس هو الضمان السابق فإنَّ الضمان الثابت سابقاً هو أنَّ يد هذا الشخص موضوعة على مجهول المالك فيكون ضامناً لأنَّ يده موضوعة على مال الغير ولكن هذا الضمان قد ارتفع جزماً بالتصدّق فإنَّ الشارع أمر بالتصدّق ، فإذن هو ما دام قد تصدّق بأمر الشارع فالضمان قد ارتفع قبل ظهور المالك فلا ضمان عليه ، فإذا لم ظهر المالك لا حاجة إلى أن يخرج مقداراً من أمواله إلا أن يتصدّق به والمفروض أنه تصدّق به فلا ضمان في ذمته جزماً فإنه قد تصدّق ، فضمان بمعني أنه ثبت في ذمتك ضمان هذه العين حتى لو لم يظهر صاحبها مرتفع لأنك قد تصدّقت ، نعم لو لم تتصدّق وتلف لسببٍ وآخر فأنت ضامن ، أما لو فرض أنه قد تصدّق به إذا لم يظهر المالك فالضمان قد ارتفع جزماً والذي نشك فيه هو ثبوت ضمان جديد لو ظهر المالك ولم يرض بالتصدّق وهذا ضمانٌ غير الضمان السابق ، فالضمان السابق الثابت حتى لو لم يظهر المالك قد ارتفع حتماً بالتصدّق لأنَّ الشارع قد أمر بالتصدّق ، فلا يوجد ضمان وإنما ارتفع والضمان الذي نشك فيه بعد ظهور المالك ومطالبته هو ضمان جديد ليس له حالة سابقة حتى نستصحب الضمان. فإذن هناك ضمانان وليس المورد من الضمان الواحد حتى يعلم بثبوته ويشك في بقائه ، ولا يخفى لطفه[2] .


[1] يعني في اليد العدوانية بعدما تاب الآخذ وقالوا له إنَّ الحكم هو التصدّق وقد تصدق.
[2] وسيأتي منّا أنَّ الضمان يحتاج إلى مثبت أي نجري أصل البراءة فأنا حينما تصدقت فقد فرّغت ذمتي قبل ظهور المالك وبعد ذلك اشك هل اشتغلت أو لا فأجري البراءة، ولكن الشيخ يريد أن يثبت بالاستصحاب الضمان، فنحن نقول للشيخ: من المناسب اجراء البراءة ولكن الشيخ يريد أن يجري الاستصحاب كما إذا شككنا أنه يوجد ضمان أو لا، فالشيخ أراد أن يستصحب ذلك الضمان السابق قبل ظهور المالك، ولكن نحن نقول له: إنَّ ذلك الضمان قد ارتفع جزماً بالتصدّق والذي نشك فيه بعد ذلك هو ضمان جديد لم يكن ثابتاً سابقاً فلا معنى لجريان الاستصحاب بل هناك ما ينفيه وهو أصل البراءة.