39/06/08


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

39/06/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شروط البيع ( مسألة ( 47 ) - المكاسب المحرّمة.

ثانياً:- نسلّم أنَّ المغايرة بكون أحدهما شخصياً والآخر كلّياً في الذمّة لا يكفي في تحقق المغايرة ، ولكن نقول إنه رغم هذا لا يكون المورد من القرض[1] ، لأنه في باب القرض يوجد شرط الضمان ، فالطرف الثاني هو شرط الضمان بالمثل إن كان مثلياً أو بالقيمة إن كان قيمياً ، أما إذا جعل الثاني عوضاً عن الأوّل كما في محلّ كلامنا فإني قلت له ( بعتك مائة دينار عراقي بمائة وعشرين دينار عراقي ) فهي ليست بشرط الضمان وإنما بعتك مائة دينار عراقي بمائة وعشرين دينار عراقي فصار الطرف الثاني عوضاً وليس هو شرط الضمان ، وقد اعترف(قده) فقال إذا لم يؤخذ الطرف الثاني شرط الضمان وإنما أخذ بنحو العوضية كان المورد بيعاً ، وحينئذٍ هذا يلزم أن يكون بيعاً رغم عدم وجود المغايرة بينهما ، لأننا افترضنا الآن أنه لا تكفي المغايرة بكون أحدهما شخصياً والآخر كلياً في الذمّة ، لكن رغم تنزّلنا هذا نحن نريد أن ندّعي أنَّ المورد لا يصير قرضاً خلافاً لما ذكره(قده).

إن قلت:- إنه في هذا المورد وإن لم يكن الطرف الثاني هو شرط الضمان وإنما الطرف الثاني هو جعل العوض ، فمن هذه الناحية المورد لا يشبه القرض لأنه لا يوجد شرط الضمان بل يشبه البيع إذ جعل الطرف الثاني عوضاً ، ولكن من ناحية ثانية يوجد ما يبعّده عن البيع ، فإنه في البيع قد اشترطنا المغايرة بين العوضين والمفروض أنا تنزّلنا وقلنا لا توجد مغايرة بينهما ، ومادام لا مغارية فالمورد لا يصير بيعاً إذ لا مغايرة ، وفي نفس الوقت لا يصير قرضاً إذ الطرف الثاني ليس هو شرط الضمان.

قلت:- هذا لا يضرّنا ، إذ بالتالي هذه المعاملة لا تكون قرضاً ، فالمهم لنا هو أنَّ هذه المعاملة تخرج من القرض حتى لا يلزم الربا ، أما أنها تدخل في أيَّ معاملة فهذا ليس مهماً لنا ، فسلّمنا أنها لا تدخل في البيع وإنما هي معاملة مستقلّة وهذا ليس بمهم ، ولكن بالتالي هي ليس بقرض ، فإذا لم تكن قرضاً فلا يلزم محذور الربا لأنَّ محذور الربا يختصّ بباب القرض أو بباب البيع في غير باب المعدود ، وموردنا من المعدود فالبيع لا يضرنا وغير البيع لا يضرنا أيضاً ، إنما الذي يضرنا فقط هو كون المعاملة قرض وهي قد خرجت من القرض ، أما أنها تدخل تحت أي معاملة فهذا ليس بمهم ، وهذه نكت ظريفة يجدر الالتفات إليها فإذا أخرجناها من القرض لا يلزم محذور الربا ولا يهمنا بعد ذلك أنها تدخل في البيع أو تكون معاملة مستقلة ، فإنَّ ما دلّ على حرمة الربا دلّ على حرمته في باب القرض وهذا ليس بقرضٍ بالاتفاق بيننا وبين السيد الخوئي(قده).

والنتيجة النهائية من كل هذا:- إننا نريد أن نقول للسيد الخوئي(قده) إنَّ بيع مائة دينار عراقي بمائة وعشرين دينار عراقي إلى شهر ليس من القرض وبالتالي لا يكون حراماً وبالتالي قد حلّلت الربا يعني لا يوجد ربا في القرض ، فحوِّل ذلك من أقرضتك إلى بعتك ، أفهل تلتزم بذلك ؟!! إنَّ هذا قد يسجّل محذوراً عليه.

وجوابه:- هذا شيء صحيح وأنه يلزم ذلك ، ونقول لأجل هذا المحذور إما أن نجزم بحرمة هذه المعاملة لكن لا من باب ربا القرض كما صنع السيد الماتن(قده) حيث قال إنَّ هذا قرض بصورة البيع ، وإنما نقول إنَّ هذا بيع حقيقة ولكن لا يكفي هذا لحلّية هذه المعاملة ، إذ لو كان يكفي لنبّه أئمة أهل البيت عليهم السلام عليه وقالوا يوجد طريق ثانٍ تتخلصون به من ربا القرض ، فهم أعطوا قاعدة فقالوا:- ( كل قرض جرّ نفعاً فهو ربا ) ، وسوف تصير هذه القاعدة لا قيمة لها لأنك إلى جنبها سوف تبدل القرض بالبيع فلو كان هذا يكفي لنبّه عليهم السلام على ذلك ، وحيث لم ينبّهوا عليه فهذا معناه أنَّ هذا الطريق البديل منسدٌّ ولو كان مفتوحاً لنبّهوا عليه ، مضافاً إلى أنه يلزم لغوية تشريع ربا القرض - إن صحّ التعبير - مع وجود هذا البديل.

إذن ما ذكرنا إما أن يورث للفقيه الاطمئنان بأنَّ هذا الطريق باطل - وهو تبديل القرض إلى بيع بجعل الطرف الثاني عوضاً لا شرط الضمان - ، أو إذا لم يطمئن - لأنه قد يقول قائل إنه لا يلزم على الأئمة أن يبينوا الطريق البديل - فلا أقل من المناسب الاحتياط الوجوبي بترك ذلك.إذن نحن وافقنا السيد الخوئي(قده) في النتيجة ولكن اختلفنا معه في الطريق ، فهو أدخل المعاملة في باب القرض ، ونحن لم ندخلها في باب القرض وإنما ابقيناها ثابتة في باب البيع ولكن رغم ذلك قلنا هي إما محرّمة جزماً أو الأحوط وجوباً تركها وذلك لأجل النكتة التي أشرنا إليها.

 

شروط البيعمسألة( 47 ):- يعتبر في البيع الايجاب والقبول . ويقع بكل لفظ دال على المقصود وإن لم يكن صريحاً فيه مثل بعت وملّكت وبادلت ونحوها في الايجاب ، ومثل قبلت ورضيت وتملّكت واشتريت ونحوها في القبول . ولا يشترط فيه العربية . كما لا يقدح فيه اللحن في المادة أو الهيئة . ويجوز انشاء الايجاب بمثل اشتريت وابتعت وتملّكت وإنشاء القبول بمثل شريت وبعت وملكت...........................................................................................................تشتمل هذه المسألة على أحكام خمسة:-

الحكم الأوّل:- يشترط في باب البيع الايجاب والقبول.

الحكم الثاني:- يكفي كل لفظ يدل على ايجاب البيع أو على قبوله وإن لم يكن صريحاً.

الحكم الثالث:- لا تلزم فيه العربية.

الحكم الرابع:- لا يضرّ اللحن من حيث المادة أو الهيئة.

الحكم الخامس:- يجوز الايجاب بمثل اشتريت وابتعت وتملّكت والقبول بمثل شريت وبعت وملكت.

وهناك حكم سادس ذكره في المنهاج القديم:- وهو أنه يشترط تقدّم الايجاب على القبول ، ولكنه حذفه هنا وهذا يعني أنه يريد أن يقول لا يشترط ذلك.


[1] ومقصودنا من المورد يعني حالة عدم الامتياز مثل ( بعتك مائة دينار عراقي بمائة وعشرين دينار عراقي إلى شهر ).