1440/03/27


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/03/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شروط المتعاقدين - مسألة ( 58 ) شرطية البلوغ.

ويرد عليه[1] :-

أوّلاً:- إنَّ هذه الروايات أخذت عنوان العمد وعنوان الخطأ ، وهذا معناه أنَّ الأثر إذا كان يترتب على عنوان العمد فحينئذٍ إذا صدر من الصبي فيعدُّ بمثابة الصادر خطأً ، يعني هناك حكمٌ مترتب على العمد وحكمٌ مترتب على الخطأ ، ومادام قد صدر هذا الفعل من الصبي عمداً فلا يترتب عليه حكم العمد وإنما يترتب عليه حكم الخطأ ، ومن الواضح أنه في باب العقود الأثر - وهو النقل والانتقال - ليس مترتباً على العمد - أي القصد - ونما هو مترتب على العقد ، فلو صدق العقد فسوف يتحقق النقل والانتقال ، لا أنَّ النقل والانتقال يترتب على عنوان القصد وإنما يترتب على عنوان العقد ، نعم ربما لا صدق العقد عرفاً إلا بالقصد ، ولكن هذا لا يعني أنَّ النقل والانتقال مترتب على القصد ، بل هو مترتب على العقد.

فعلى هذا الأساس لا يمكن تطبيق هذه الروايات على باب العقود ، لأنَّ موردها ما إذا كان الأثر مترتباً على عنوان العمد - يعني عنوان القصد - ، وفي باب العقود الأثر ليس مترتباً على عنوان القصد ، وإنما هو مترتب على عنوان العقد ، نعم العقد لا يترتب عرفاً إلا بالقصد ولكن هذا لا يعني أنه مترتب شرعاً على القصد وإنما هو مترتب على عنوان العقد ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ ، وعلى عنوان العقد ﴿ أحل الله البيع ﴾ ، أي على عنوان البيع الذي هو العقد.

وبغضّ النظر عن هذا نقول:- إنه في باب العقود لا يوجد أثر مترتّب على الخطأ ، فنحن غضضنا النظر عن العمد ونقول مادام العقد متقوّماً بالقصد فالأثر - أي وجوب الوفاء - بالتالي يكون منصبّاً على القصد مادام العقد متقوّم بالقصد ، ولكن تعال إلى الخطأ - فإنَّ الرواية قالت ( عمد الصبي خطأ ) - فلا يوجد في باب العقود أثر مترتب على الخطأ.

فعلى هذا الأساس لا يمكن تطبيق هذه الرواية على باب العقد من ناحيتين ، من ناحية العمد المنزّل ، لأنه في باب العقود الأثر والنقل وانتقال ليس مترتباً على عنوان العمد - يعني القصد - ، بل هو مترتب على عنوان العقد ، وتقوّم العقد بالقصد لا يعني أنَّ الأثر صار منصبّاً على القصد.وبغض النظر عن ذلك نقول إننا نحتاج إلى أثر للخطأ وحكم للخطأ ، وفي باب العقود للخطأ لا يوجد حكم ، نعم إذا لم يوجد قصد فلا نقل ولا انتقال ، وهذا الأثر صار لعدم القصد - وأنا أعبّر بعدم القصد مسامحةً وإلا فهو لعدم العقد - ، فالتالي عدم النقل والانتقال لعدم العقد لا للخطأ.فإذاً يرد الاشكال على الشيخ(قده) من ناحيتين.فإذا لم تقبل بتطبيق الحديث على باب العقود فإذاً يمكن تطبيقه على ماذا ؟

قلنا:- نحن نطبقه في المورد الذي يوجد فيه أثر لعنوان العمد وأثر لعنوان الخطأ ، كما هو الحال في باب الجنايات ، فإنَّ الجناية العمدية لها أثر والجناية الخطأية لها أثر آخر ، فالقتل العمدي له حكم ، والقتل الخطأي له حكم ، فهناك تُنزَّل الجناية العمدية منزلة الجناية الخطأية في حق الصبي ، فـ ( عمد الصبي وخطأه واحد ) ، فهناك أثران ، أثر على عنوان العمد ، وأثر على عنوان الخطأ ، فإذا صدر من الصبي فلا يتعامل معه معاملة الجناية العمدية ، بل يتعامل معه معاملة الجناية الخطأية.

ولكي يتضح المطلب أكثر نذكر مثالاً ثانياً:- وهو باب الكفارات ، ففي باب كفارات الاحرام بعض الكفارات مترتبة على عنوان العمد وأنه لو صدرت عمداً فحكمه كذا ، وإذا صدرت خطأً فحكمه كذا ، يعني في حالة الخطأ توجد كفارة وفي حالة العمد توجد كفارة ، وهل يمكن تطبيق الحديث هنا أو لا ؟

نعم يمكن تطبيقه فيما إذا أحرم الصبي وارتكب أحد المحرّمات عمداً ، فنقول يترتب عليه أثر وهو حكم الارتكاب الخطأي مادام يوجد حكم للارتكاب العمدي ويوجد حكم للارتكاب الخطأي ، أما إذا فرض أنه لا يوجد أثر للارتكاب الخطأي وإنما يوجد أثر للارتكاب العمدي فقط كما في باب الصوم ، فإنَّ الذي يرتكب الافطار عمداً يجب عليه الاعادة وتجب عليه الكفارة ، وأما الذي يفطر خطأً فهنا لا يوجد حكم بعنوان الخطأ فإنَّ الحديث لا نطبقه فيه ، لأنَّ عنوان الخطأ ليس له أثر ، نعم لا يترتب عليه الأثر من باب عدم تحقق العمد - يعني الموضوع - لا من باب أنّ العمد بمثابة الخطأ.

ثانياً:- إنَّ من قرأ الروايات في باب الجنايات قد يفهم من خلالها أن عنوان العمد والخطأ هو خاص باب الجنايات ، فصار عهداً خاصاً بباب الجنايات ، وإن لم يكن عهداً جزمياً فهو عهدٌ محتمل بدرجة لا بـأس بها ، وإذا ثبت هذا فالرواية حينما قالت ( عمد الصبي وخطأه واحد ) تكون محتفة بعهدٍ متصلٍ يعني بقرينة متصلة بحيث لو لم بينها المتكلم وسكت عنها لا يعاب عليه ولا يقال له لماذا لم تقيد ، إذ لا حاجة إلى التقييد اعتماداً على هذه القرينة ، ومصطلح العمد والخطأ يمكن أن يقال هو خاص بباب الجنايات - والكبرى التي بيناها واضحة تبقى الصغرى فلو كنت تخالفني فيها فتلك قضية ثانية - ، ونقرأ بعض الروايات في باب الجنايات والتي يفسّر فيها الامام عليه السلام العمد والخطأ وكأنَّه واضح في أنَّ العمد خاص بباب الجنايات.


[1] هذا ردٌّ على كلام الشيخ الانصاري(قده).