1441/01/18


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

41/01/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 68 ) – هل الاجازة كاشفة أو ناقلة – شروط المتعاقدين.

المورد الثاني: - الثمرة بين الكشف الحقيقي بنحو الشرط المتأخر والكشف الحكمي.

وفي هذا المجال ذكر أنَّ الثمرة تظهر ما لو اشتى شخص جارية بالفضولية ووطأها قبل أن يجيز المالك فما هو حكم الوطئ مع فرض أنَّ الاجازة تصدق فيما بعد في علم الله ، هنا أجاب وقال إنه بناء على الشرط المتأخر المناسب ثبوت الحلّية واقعاً من الآن لأنه في علم الله مادام تصدر الاجازة فيما بعد فهي تؤثر في الملكية من حين العقد فالوطء يقع حلال واقعاً، نعم ظاهراً المناسب الحرمة، لأنَّ المشتري لا يعلم بالاجازة وإنما يشك في صدورها ويجري في حقه استصحاب عدم تحقق الاجازة، وهذا الاستصحاب هو استصحاب استقبالي يعني نجرّ المتيقن إلى زمان الشك وزمان الشك ليس الان كما في الاستصحاب المتعارف وإنما ليس معلوماً فقد يكون بعد عشرة أيام أو بعد شهر لأننا نعلم أنَّ الاجازة متى تصدر فقد تصدر بعد شهر أو بعد سنة والاستصحاب الاستقبالي يقول لي إنها لا تصدر، وهذه قضية جانبية.

وقد تقول:- إنَّ هذا نصف الثمرة ولكن أين النصف الثاني ؟ ومقصودي من النصف الثاني هو على الكشف الحكمي فالشيخ سكت عن ذلك ولم يبيّنه وهذا غير مقبول ولكن لعل الشيخ لم يبين لك لوضوح المطلب، قال:- ( تظهر فيما إذا وطأ المشتري الجارية قبل الاجازة ثم أجاز المالك فإنه على الكف الحقيقي يكون حلالاً واقعاً - وإن كان محرماً ظاهراً لاستصحاب عدم تحقق الاجازة الذي هو استقبالي - لكشف الاجازة عن وقوعه بالملك )[1] ، ولم يقل وأما على الكسف الحكمي وإنما تركه ولعله تركه لوضوحه.

ونحن نكمل الثمرة فنقول: - وأما على الكشف الحكمي فحيث إن الملكية ليست ثابتة من حين العقد بل من حين الاجازة فعلى هذا الأساس هذا وطء ليس في ملكه فيكون حراماً وقعاً فكما هو حرام ظاهراً هو حرام واقعاً.

بقي شيء:- وهو أننا ذكرنا في الثمرة والأولى وقلنا إن الشيخ لم يبين الثمرة بين التعقب وبين الشرط المتأخر وإنما بيّن المحشّون بينوا ذلك وقالوا إنه على التعقب تثبت الحلية واقعاً لأن صفة التعقب ثابتة من الآن مادام الاجازة تصدر من الآن وهذا معناه أنه على الشرط المتأخر لا يجوز ، ونحن نفضنا هناك وقلنا سيأتي في الثمرة الثانية تصريح من الشيخ بأنه على الشرط المتأخر الوطء يكون حلالاً وقعاً ، فما ذكرناه هناك هو يصرح به هنا.

ويمكن التعليق على ما افاده الشيخ الأعظم(قده)حيث نقول: - إنه حتى الكشف الحكمي يكون الوطء حلالاً واقعاً قبل صدور الاجازة كما على الكسف الحقيقي والوجه في ذلك هو أنه تترتب على الكسف الحكمي جميع الآثار الواقعية ، يعني مادام تصدر الاجازة بعد سنة فحينما صدر العقد الآن جميع آثار الملكية تثبت ولكن من دون الملكية فإذا كانت كل آثار الملية تثبت وأحدها حلية الوطء واقعاً فمن المناسب حينئذٍ ثبوت الحلية واقعاً وبهذا لا يحصل فرق بين الكشف الحكمي وبين الكشف الحكمي ، وهذا إشكال على المورد الثاني للثمرة.

ومن الغريب أنَّ السيد الخوئي في التنقيح في شرح المكاسب[2] وافق الشيخ الأنصاري حيث قال إنَّ هذا وطء في غير الملك فيكون حراماً واقعاً – يعني على الكشف - الحكمي بخلافه على الكشف الحقيقي ، فالثمرة إذاً تامة ، قال:- ( لأنه وطء في غير الملك وهو حرام ولو فرضناه عالماً بأنه سيعتبر مالكاً لها ) ، ولكنه ذكر هذا وسكت ولم يبيّن أنه ولا ينفع ترتّب آثار الملك من البداية، وهذا غير مقبول.

والخلاصة: - مادام تترتب جميع آثار الملك ومن جملتها حلية الوطء فمن المناسب أن يكون الوطء حلالاً واقعاً بمقتضى ترتب جميع الآثار هكذا ينبغي أن يقال.

وإذا سألتني وقلت: - إذاً ما الثمرة بين الكشف الحقيقي على الشرط المتأخر وبين الكشف الحكمي ؟

قلت: - إنه لا ثمرة كما بينا ذلك في المورد الأول فهنا ايضاً كذلك، ولا يلزم في تعدد الطرف - كما قلما - وجود ثمرة.

فإذاً اتضح أنه لا توجد ثمرة باعتبار أنَّ جميع الآثار للملكية تترتب واقعاً عند الاجازة ليس من حين الاجازة وإنما من حين العقد فيلزم عدم الفرق بين الكشف الحقيقي على الشرط المتأخر وبين الكشف الحكمي.

إذاً اتضح أنَّ المورد الأول باطل وكذلك المورد الثاني للثمرة باطل أيضاً.

قضيتان ترتبطان بالثمرة الثانية:-

القضية الأولى: - ذكر الشيخ الأعظم(قده) في المورد الثاني للثمرة كذيل فقال لو وطأ المشتري الجارية وحملت منه فهل تصير بذلك أم ولد ؟ أداب وقال إنه على الكشف الحقيقي - يعني بناء على الشرط المتأخر - تصير أم ولد لأن الملكية ثابتة من بداية العقد، وأما على الكشف الحكمي تصير أم ولد أيضاً لأن المفروض أن جميع الآثار تترتب من حين العقد ومن أحد الآثار هو صيرورتها أم ولد بالوطء، ثم قال ويحتمل أنها لا تصير أم ولد باعتبار أن الوطء ليس في الملك، ولم يذكر أكثر من ذلك ، فلا يصح أن يقول ويحتمل أنها لا تصير ام ولد لأنه وطء ليس في ملك ولا ترد الأول - لأنه في الاحتمال الأول قال نعم تصير أم ولد لأن جميع الآثار تترتب من حين العقد - فكان عليه ردّ هذا ولا يصح تركه من دون مناقشة، قال:- ( ولو أولدها صارت أم ولد على الكشف الحقيقي والحكمي لأن مقتضى جعل العقد الواقع ماضياً ترتب حكم وقوع الوطء في الملك . ويحتمل عدم تحقق الاستيلاد على الحكمي لعدم تحقق حدوث الولد في الملك وإن حكم بملكيته للمشتري بعد ذلك[3] )[4] ، والمناسب على ما ذكرنا أنه مادام آثار الملك كلها تترتب من بداية العقد وأحدها صيرورتها أم ولد بالوطء فيلزم أن يترتب هذا الأثر.

كما اتضح أن النتيجة واحدة وهي أنها تصير أم ولد على كلا المبنيين – يعني على الكشف الحقيقي بنحو الشرط المتأخر وعلى الكسف الحكمي _.

وأما السيد الخوئي فقد قال في بداية الثمرة إن الوطء حرام واقعاً وهنا أيضاً قال إنها لا تصير أم ولد لأن الوطء وإن كان في الملك لكنه ليس في البداية بل في مرحلة البقاء ، يعني حينما وطأها أولاً فهو ليس وطأً في الملك أما الوطء البعدي الذي حصل بعد الاجازة هو في الملك والذي ينفع في صيرورتها أم ولد هو حدوث الولد وانعقاد النطفة والوطء يصير في الملك وإلا الملك يحصل بقاءً فهذا لا ينفع بل يلزم حصوله من البداية ، وقال إنَّ هذا مثاله كمن يوسوس في الصلاة ويكرر الكلمات في القراءة مثل ( إيّا ) وأخذ يكررها ولم يكمل الكلمة وأصابه السعال في وسط الكلمة ولم يكملها ولكن بعد أن انتهى من السعال قال ( إياك نعبد ) فسوف تصير الأولى زائدة فيشملها قانون ( من زاد في صلاته أعاد صلاته ) لكن هل نحكم عليه بإعادة الصلاة ؟ كلا ، لأنه حينما أتى بكلمة ( إيا ) أو ( نعـ ) ثم أصابته الوسوسة أو السعال فكررها وبعد ذلك قال بعد ذلك ( إياك ) أو ( نعبد ) فهنا لا نحكم ببطلان صلاته لأن ما دل على أن الزيادة مبطلة إذا أحدثها بعنوان الزيادة وهذا المصلي لم يقصد الزيادة وإنما كان قاصداً الصلاة ولكن حينما كرر وقال ( نعبد ) أو ( إياك ) صدق على الأولى أنها زائدة فعنوان الزيادة صار بقاءً لا حدوثاً فالدليل ( من زاد في صلاته ... ) لا يشمله، وموردنا من هذا القبيل فإنه حينما وطأها دليل الاستيلاد قال إذا وطأها في الملك حدوثاً وبدايةً تصير أم ولد أما بقاءً فلا ينفع كما في باب الصلاة لا تصدق الزيادة لا تبطل الصلاة فهنا أيضاً لا ينفع لا يتحقق الاستيلاد لأن الملكية والوطء في الملك صار بقاءً وليس حدوثاً وإلا فحدوثاً الوطء ليس في الملك.


[1] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج3، ص410.
[2] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، تسلسل36، ص451.
[3] أي بعد الاجازة.
[4] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، تسلسل36، ص410.