1441/04/27


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

41/04/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه الثالث ( الاضطرار إلى ارتكاب بعض الأطراف ) - مبحث أصالة الاشتغال ( الشّك في المكلف به )- مبحث الأصول العملية.

هذا وقد ذكر السيد الروحاني(قده)[1]
:- أنه إذا كان عندي إناءان أعلم بنجاسة أحدهما واضطررت بعد العلم الإجمالي إلى شرب الاناء البارد فحينئذٍ سوف يسقط هذا العلم الإجمالي بلحاظ الطرف الثاني ولكن لا للنكتة التي استند إليها الشيخ الخراساني(قده) أو الحاج ميرزا علي الايرواني(قده) من أنَّ العلم الإجمالي بالحرمة سوف يزول وإنما افترض أنَّ العلم الإجمالي بَعدُ موجود وإنما قول لا يكون هناك تنجيز لعدم تعارض الأصول في الأطراف بناءً على أن شرط منجزية العلم الإجمالي بسبب تعارض الأصول في الأطراف.

فإنه يوجد كلام أنَّ العلم الإجمالي هو منز بذاته أو بسبب تعارض الأصول، وهذا المطلب الذي يريد أن يبينه السيد الروحاني مبني على أن التنجيز هو بسب تعارض الصول والذي يعبر عنه بمسلك الاقتضاء في مقابل مسلك العلية.

فبناءً على منجّزية العلم الإجمالي هي بسب تعارض الأصول لا توجد معارضة بين الأصلين بل يجري أصل البراءة أو الطهارة أو أي أصلٍ مناسب في الطرف غير المضطر إليه، ولا يعارض بالأصل في الطرف المضطر إليه، فإذا كان الأمر هكذا فيجوز حينئذٍ شرب الطرف المضطر إليه بسبب الاضطرار، لأنه ( رفع عن أمتي ما اضطروا إليه )، ولا أحتاج إلى أصل البراءة، وأما الطرف غير المضطر إليه فحيث لا علم عندي بحرمته فأجري أصل الطهارة فيه بلا معارض.

فإذاً أصل الطهارة وأصل الحلّية يجري في الطرف غير المضطر إليه من دون معارض، وأنت إذا تمكنت من ابراز المعارض فأبرزه، فإنَّ المدعى هو أنَّ أصل الحلية أو أصل الطهارة يجري في الطرف غير المضطر إليه بلا معارضة بالأصل في الطرف المضطر إليه، وذلك لأنَّ أصل الحلّية أو الطهارة أو غير ذلك إذا أراد أن يجري في الطرف المضطر إليه فهل يجري بعد الاضطرار أو يجري قبل الاضطرار لكي يعارض الأصل في الطرف غير المضطر إليه؟ وكلاهما باطل.

أما جريانه بعد الاضطرار:- فنفس الاضطرار هو مجوّز للارتكاب ولا تصل النوبة إلى اجراء الأصل، بل حتى لو لم يوجد عندنا أصل فإنَّ ( رفع عن أمتي ما اضطروا إليه ) موجود وهو الذي يجوّز لي ارتكاب الطرف المضطر إليه.

فإذاً الأصل بعد الاضطرار لا يجري لفرض وجود الاضطرار، وبعد وجوده يكون هو المجوّز.وأما إذا كان المعارض هو أصل البراءة أو الطهارة قبل الاضطرار فجوابه: - إنه لا معنى أن يعارض الأصل في الطرف غير المضطر إليه، لأنَّ هذا الأصل يجري قبل الاضطرار فهو يعارض الأصل في الطرف غير المضطر إليه في فترة ما قبل الاضطرار، كما لو فرض أنَّ الاضطرار صار وقت الظهر فالأصل الجاري في الطرف المضطر إليه قبل الظهر يعارض الأصل في الطرف غير المضطر إليه في فترة ما قبل الظهر ولا معنى لأن يعارضه ما بعد الظهر، فعلى هذا الأساس فيما بعد الظهر يجري الأصل في الطرف غير المضطر إليه بلا معارض.

وفيه: - صحيح أنَّ الأصل يجري في الاناء المضطر إليه قبل الظهر والأصل الثاني يجري في الاناء غير المضطر إليه بلحاظ ما بعد الظهر ولا معارضة بينهما لأنه لا توجد بينهما وحدة زمان ولا وحدة رتبة، ولكن نحن نقول: - بالتالي هل يحتمل صدقهما معاً ولو مع اختلاف الرتبة أو أننا نجزم بكذب أحدهما؟ إنه لا يحتمل ذلك، بل نجزم بأنَّ أحدهما كاذب، فلا يمكن أن يجريا، لأنه لا يمكن أن يكون الاناء المضطر إليه حلالاً قبل الاضرار والاناء غير المضطر إليه حلالاً بعد الاضطرار، فإنَّ هذين الأصلين لا يحتمل صدقهما معاً، بل نجزم بكون أحدهما كاذباً، ومعه فلا يمكن أن يجريا معاً للعلم بكذب أحدهما، وليست المعارضة إلا العلم بالتكاذب بينهما، ولا نحتاج إلى مسألة وحدة الزمان أو الرتبة أو غير ذلك، إذ بالتالي هذين الأصلين لا يمكن صدقهما، وهذا هو معنى التعارض بينهما.

فإذاً لا يمكن أن يجري الأصل في الإناء غير المضطر إليه لمعارضته بالأصل في الاناء المضطر إليه الجاري قبل الاضطرار، فإنَّ المعارضة بمعنى الجزم بكذب أحدهما موجود، فهذان الأصلان لا يمكن أن يكونا جاريين وصادقين، فإذاً يتساقطا بهذا المقدار، لأني إذا كنت أعلم بكذبهما فهذا يعني أنهما لا يجريان، وهذا هو معنى المنجزية، فإذاً العارضة موجودة في البين.

[1] منتقى الأصول، السيد الروحاني، ج5، ص107- 113.