33/01/24


تحمیل
 الموضوع :-

مسألة 296 / اشتراط الطهارة في الطواف / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
 النقطة الثانية:- بالنسبة إلى المبطون تارة يفترض أنه لا يمكن أن يمسك نفسه ويأتي بالطواف وهذا لا إشكال في أنه يكتفى منه بالنيابة لفرض أن وخامة وضعه لا تساعد على الإتيان بالطواف بنفسه ، وأما إذا كان يتمكن من ذلك فهل يجب عليه أن يطوف بنفسه ولا تكفي منه النيابة ، أو أن وظيفته هي النيابة دون المباشرة بنفسه ، أو أن الوظيفة هي الجمع بين المطلبين أي يأتي بنفسه وينيب آخر عنه ؟
 الأحوط هو الأخير ، فيأتي بالطواف بنفسه وفي نفس الوقت ينيب غيره لذلك ، ولماذا ؟ إنا لو خلينا ومقتضى القاعدة فالمناسب أن يأتي بالطواف بنفسه لأنا قد فرضنا أنه قادراً على ذلك ، ولكن لو لاحظنا روايات المسالة فربما يفهم منها الفقيه أن وظيفته هي النيابة حتى لو كان متمكناً من أن يأتي بالطواف بنفسه ، ولكن لأجل شبهة انصراف هذه الروايات عن المتمكن بنفسه صار الاحتياط يقتضي الجمع بين المطلبين ، ونقرأ الآن الروايات لنلاحظ هل أنها تدل على أن الوظيفة هي النيابة مطلقاً أو أنها منصرفة عن حالة التمكن بنفسه ، وهي أربعٌ أو بالأحرى روايتان:-
 الأولى:- صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( المبطون والكسير [1] يطاف عنهما ويرمى عنهما ) [2] ، وهي كما ترى مطلقة إذ لم تقيد بغير المتمكن.
 الثانية:- صحيحة معاوية أيضاً وقد رواها الشيخ الطوسي(قده) أيضاً في التهذيب عن أبي عبد الله عليه السلام ( الكسير يحمل فيطاف به والمبطون يرمى ويطاف عنه ويصلى عنه ) [3] .
 الثالثة :- صحيحته الثالثة وقد رواها الشيخ الصدوق عن أبي عبد الله عليه السلام ( الكسير يحمل فيرمي الجمار والمبطون يرمى عنه ويصلى عنه ) [4] .
 الرابعة:- صحيحة حبيب الخثعمي عن أبي عبد الله عليه السلام ( أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يطاف عن المبطون والكسير [5] ) [6]
 هذه روايات المسألة والتي قد تعد أربعاً أو ثنتين إذا عددنا صحيحة معاوية واحدة وهذا الأمر لسنا بصدده الآن.
 وإذا رجعنا إلى كلمات الأصحاب فلا يبعد أن يدعى أن المشهور هو أن وظيفة المبطون هي النيابة مطلقاً ، قال في الجواهر ما نصه ( نعم في كشف اللثام:- تقدم أن المبطون يطاف عنه والأصحاب قاطعون به ولعل الفارق النص ) [7] ومقصوده في حالة التمكن وأما حالة ما إذا لم يتمكن لا يحتاج إلى دعوى أن قطع الأصحاب فانه حكم على القاعدة ولا التعليل بأن الفارق هو النص . إذن الأصحاب قاطعون بكون الوظيفة هي النيابة مطلقاً .
 ثم ذكر أنه لماذا تجب النيابة مطلقاً أي حتى إذا تمكن من الطواف بنفسه والحال لا يقال ذلك إلى غيره بالنسبة إلى المسلوس مثلا ؟ أجاب - هو أو صاحب الجواهر ، باعتبار أن قوله ( ولعل الفارق النص ) يحتمل أن يكون من كاشف اللثام ويحتمل أنه من صاحب الوسائل - ان الفارق هو النص فان النص أوجب على المبطون النيابة مطلقاً . إذن قد ينسب إلى الأصحاب أن وظيفة المبطون هي النيابة مطلقاً .
 وفي المقابل قد يقال:- ان النيابة وظيفة له في خصوص حالة ما إذا لم يتمكن من الطواف بنفسه والنصوص لا تشمل حالة التمكن وذلك لوجوه ثلاثة قد أشار إليها السيد الحكيم(قده) [8] والسيد الخوئي(قده) [9] وهي:-
 الوجه الاول:- ان الروايات المتقدمة قد جمعت بين الكسير والمبطون وقالت ( يطاف عنهما ويرمى عنهما ) فجمعت بين الكسير والمبطون وجعلت وظيفتهما معاً في الرمي وفي الطواف هي النيابة ومن الواضح أن الكسير إذا كان يتمكن من الطواف بنفسه كما إذا فرض أنه كانت إحدى يديه مكسورة ويتمكن أن يطوف بسهولة من دون حرج فانه في مثل هذه الحالة لا يحتمل أن تكون وظيفته النيابة بل عليه أن يطوف بنفسه ، فإذا قبلنا بهذا في حق الكسير فنستنتج من الجمع بينه وبين المبطون أن أمر المبطون كذلك ، يعني إنما يطاف عنه فيما إذا لم يتمكن من الطواف بنفسه إذ قد فرض أنه قد جُمِع بينهما وحُكِم بأنه يطاف عنهما فلا يحتمل أن الوظيفة في حق المبطون هي النيابة مطلقاً بينما في الكسير هي الطواف بنفسه إذا تمكن والنيابة إذا لم يتمكن ان هذا خلاف ظاهر الجمع بينهما في تعبير واحد وفي حكم واحد.
 وبالجملة:- حيث ثبت أن وظيفة الكسير إذا تمكن من الطواف هي الطواف بنفسه ولا يحتمل أن تثبت في حقه النيابة وإنما تثبت النيابة في حالة ما إذا لم يتمكن فيثبت نفس الأمر بالنسبة إلى المبطون.
 على أنه يمكن أن نصعد اللهجة ونقول:- لا نحتاج إلى الاستظهار أي استظهار أن الرواية ناظرة إلى حالة عدم تمكن المبطون بقرينة ذكر الكسير بل يكفينا احتفاف الكلام بما يصلح للقرينية فتصير الرواية مجملة وبعد ذلك لا يعود مانع من التمسك بمقتضى القاعدة.
 واتضح من خلال حديثنا أيضاً أن القرينة التي نسلط الأضواء عليها ليست هي عطف الرمي على الطواف وذكر الرمي إلى جنب الطواف ، كلا ان هذا ليس هو محط النظر في هذا الوجه ، بل محط النظر هو الجمع بين الكسير والمبطون ، بل ان الرواية حيث جمعت بين المبطون والكسير وقالت يطاف عنهما - مع غض النظر عن مسالة الرمي فان هذا يأتي في الوجه الثاني - ان نفس هذا الجمع والحكم عليهما بأنه يطاف عنهما يدل على أن المنظور هو ما إذا لم يتمكن من الطواف بنفسه بقرينة عطف الكسير عليه هذا ما أفاده العلمان
 وفيه:-
 أولاً:- ان هذا يتم لو فرض أن النسخة الصحيحة هي ( الكسير ) بحيث جمع بين المبطون والكسير ثم حكم بأنه يطاف عنهما ، ولكن عرفت أنه قد كتب في هامش الوسائل انه توجد نسخة فيها ( الكبير ) بدلاً من ( الكسير ) أعني في هذه الصحيحة أي صحيحة معاوية وفي صحيحة حبيب الخثعمي ففي كليهما ذكر ذلك ومعه لا مثبت لكون النسخة الواردة الصحيحة هي ( الكسير ) حتى يتمسك بالقرينة المذكورة.
 وثانياً:- بالنسبة إلى صحيحة معاوية فحتى لو فرضنا أنه لا توجد نسخة ثانية يوجد فيها لفظ ( الكبير ) بدل عن ( الكسير ) يشكل التمسك بها باعتبار أنها نُقِلت بصيغ ثلاث وفي إحدى الصيغ جمع بين الكسير والمبطون وحكمت عليهما بحكم واحد وهي الصيغة الأولى التي رواها الشيخ الطوسي(قده) حيث جاء فيها المبطون والكسير يطاف عنهما ولكن إذا لاحظنا الصيغة الثانية والثالثة لم نجد الأمر كذلك فانه في الثانية ورد هكذا ( الكسير يحمل فيطاف به ) ولم يقل ( عنه ) أي هو يذهب ويطوف ، ثم قيل ( والمبطون يرمى ويطاف عنه ) إذن لم يجمع بين الكسير والمبطون في حكم واحد ولم يقل ( الكسير والمبطون يطاف عنهما ) حتى تأتي القرينة التي أشار إليها العلمان ، وهكذا الحال بالنسبة إلى الصيغة الثالثة فهي كالصيغة الثانية.
 ثم نضم مقدمة ثانية وهي أنه حيث نحتمل قريباً أن الصادر من الإمام عليه السلام واحد وليس متعدداً وإنما الاختلاف المذكور هو اختلاف في نقل ما صدر منه وليس اختلافاً في نفس الصادر منه ، وحيث إنا نحتمل هذا قريباً فلا يمكن الحكم بتعدد الصادر منه عليه السلام وبالتالي لا يمكن تشخيص ذلك الصادر وانه الصيغة الأولى التي تتم معها القرينة إذ لعل الصادر هو الصيغة الثانية أو الثالثة والتي لا يتم معها الوجه المذكور وقد قلنا في أبحاث سابقة انه في حالة وجود ما يساعد على كون الرواية واحدة كما هو الحال في المقام فان الراوي للجميع واحد وهو معاوية ومضمون الرواية يرتبط بالكسير والمبطون ومن البعيد أن الإمام عليه السلام يتحدث ثلاث مرات في موضوع واحد ومع شخص واحد ، انه مع احتمال وحدة الصادر لأجل بعض المؤشرات لا يمكن الحكم بتعدد الصادر لأن مستند الحكم بالتعدد هو السيرة وهي لا يمكن الجزم من خلالها بذلك فإنها دليل لبِّي والقدر المتيقن منها هو أن العقلاء والمتشرعة إنما يحكمون بالتعدد في حالة إذا لم تكن هناك مؤشرات على الوحدة وإلا فلا نجزم بانعقاد السيرة بالتعدد.


[1] جاء في هامش الوسائل ( والكبير ) بدل ( والكسير ) وكتب في هامش المخطوطة من الوسائل.
[2] الوسائل 13 393 49 ابواب الطواف ح1.
[3] المصدر السابق ح6.
[4] المصدر السابق ح7.
[5] جاء في هامش الوسائل ( في نسخة الكبير ).
[6] المصدر السابق ح5.
[7] الجواهر 17 271.
[8] دليل الناسك 243.
[9] المعتمد 4 321.