33/05/16


تحمیل
 الموضوع :- مسألة ( 325 ) / الشك في عدد الأشواط / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 مسألة( 325 ):- لا يحل لناسي الطواف ما كان حله متوقفا عليه حتى يقضيه بنفسه او بنائبه.
 هذه المسألة هي تتمة لحكم تارك الطواف نسياناً فتشملها تلك القضية الفنيَّة التي أشرنا اليها سابقاً وهي أن المناسب ذكر الجميع في مسألة واحدة ذات شقوق.
 وعلى أي حال مضمونها واضح وهو أن من نسي الطواف فيجب عليه - كما قلنا - قضاءه ان أمكن والّا فبنائبه ، ولكن في هذه الفترة المتخللة لا يحلّ له ما يترتب على الطواف المنسي ، فمثلاً يترتب على طواف الحج حِلُّ الطيب فاذا نسيه المكلف فلا يحلُّ له الطيب في هذه الفترة ، وهكذا يترتب مثلاً على طواف النساء حليَّة النساء فهي لا تحلّ له في هذه الفترة المتخللة ان كان المنسي هو طواف النساء.
 وما هو المستند في ذلك ؟
 المستند وجهان:-
 الوجه الأول:- اقتضاء القاعدة لذلك ، يعني أن ما دلّ على توقّف حِلّ الطيب على طواف الحج مثلاً هو بإطلاقه يشمل المقام ، من قبيل صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ( اذا ذبح الرجل وحلق فقد أحلّ من كل شيء أحرم منه الّا النساء والطيب ، فاذا زار البيت وطاف [1] وسعى بين الصفا والمروة فقد أحلَّ من كلِّ شيءٍ أحرم منه الّا النساء ، واذا طاف طواف النساء فقد أحل من كلِّ شيءٍ أحرم منه الّا الصيد [2] ) [3] ، فهي بإطلاقها تشمل المقام فإنها دلت على توقف حليّة الطيب على طواف الحج ولم تقيّد بما اذا كان غير منسي بل بإطلاقها تشمل الطواف المنسي أيضاً فتتوقف حلّيّة الطيب على الاتيان به . اذن يكفينا في هذا الحكم اطلاق الدليل.
 ان قلت:- هذا وجيهٌ ولكن يوجد له مقيّد يدل على أن حِلّ الطيب لا يتوقف على الاتيان بطواف الحجّ مادام قد نُسِيَ ، وذلك المقيد هو صحيحة علي بن جعفر المتقدمة بضمّ الاطلاق المقامي اليها فانه عليه السلام قال ( يبعث بهدي ان كان تركه في حج ... ووكَّل من يطوف عنه ) ولم يذكر أنه لابدَّ لهذا الناسي أن يجتنب عن الطيب مثلاً ان كان المنسي طواف الحج ، وعدم ذكره يستفاد منه بمقتضى الاطلاق المقامي أنه لا يتوقف حِلّ الطيب على ذلك.
 وفيه:- ان هذا وجيهٌ اذا فرض أن الامام عليه السلام كان في مقام بيان الوظيفة بكامل تفاصيلها ، بيد أنه من القريب أن ندَّعي أنه بصدد بيان أن الحج لا يبطل ويتمكن المكلف من اصلاح حجّه بفعل شيئين هما توكيل شخصٍ عنه في الطواف وارسال هدي ، أما التفاصيل الأخرى وأنه يجوز له الطيب أو لا يجوز ..... وهكذا بقية المحرّمات فهو شيءٌ ليس بصدده ، ان هذا شيء قريب ، ومعه يبقى الاطلاق المتقدم بلا مقيّد ولا معارض.
 واذا قلت:- لِمَ لا نتمسك بالأصل العقلائي حيث قرأنا أن الأصل في المتكلم أن يكون في مقام البيان، وبناءً على ذلك نطبّق الأصل المذكور ، والنتيجة هي جواز التمسك بالإطلاق المقامي في مقامنا.
 قلت:- اذا أحرزنا كون المتكلم في مقام البيان من جهة معيَّنة فوجود أصل عقلائي يقتضي أنه في مقام البيان من الجهات الأخرى هو أول الكلام ، وهنا قد أحرزنا أن المتكلم - أعني الامام عليه السلام - هو في مقام البيان من ناحية أن الحج لا يفسد بل هناك طريقة لإصلاحه وهي قضاء الطواف مع ارسال الهدي ، أما أنه في مقام البيان بدرجةٍ أكبر من هذا - يعني من جهة الخصوصيات الأخرى - فلا نسلم وجود أصل عقلائي يحرز ذلك.
 على أن دعوى وجود الأصل المذكور أي أن الاصل في المتكلم أن يكون في مقام البيان هي من أساسها وبقطع النظر عن تفاصيلها محل تأمل ، فلا نسلّم أنه متى ما تكلّم المتكلّم بكلامٍ فالأصل أنه في مقام البيان الا أن يثبت العكس ، ان ذلك أوَّل الكلام ، بل المناسب اتباع ظاهر الكلام وما يستفاد من القرائن المحيطة بالكلام ، فتلك القرائن ربما تساعد في موردٍ على أن يكون المتكلّم في مقام البيان وربما لا تساعد في مورد آخر ، فلا يوجد عندنا أصلٌ كليٌّ بهذا الشكل وانما يختلف باختلاف الموارد . وهذه قضية تستدعي أن يتوقف عندها.
 الوجه الثاني:- الروايات الخاصة التي وردت في خصوص المقام ، من قبيل صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ( سألته عن رجل نسي أن يزور البيت حتى أصبح ، فقال:- ربما أخرته حتى تذهب أيام التشريق ولكن لا تقربوا لا يقرب النساء والطيب ) [4] .
 وعلى منوالها صحيحة معاوية بن عمار الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام ( رجل نسي طواف النساء حتى أتى الكوفة ، قال:- لا تحِلُّ له النساء حتى يطوف بالبيت ، قلت:- فان لم يقدر ؟ قال:- يأمر من يطوف عنه ) [5] .
 وبهذا ينتهي الكلام عن أحكام ناسي الطواف.
 
 
 
 مسألة( 326 ):- اذا لم يتمكن من الطواف بنفسة لمرضٍ أو كسرٍ وأشباه ذلك لزمته الاستعانة بالغير في طوافه ولو بأن يطوف راكباً على متن رجل آخر . واذا لم يتمكن من ذلك أيضاً وجبت عليه الاستنابة فيطاف عنه . وكذلك الحال بالنسبة الى صلاة الطواف فيأتي المكلف بها مع التمكن ويستنيب لها مع عدمه . وقد تقدم حكم الحائض والنفساء في شرائط الطواف.
 .......................................................................................................
 هذه المسالة لا ترتبط بنسيان الطواف وهي مستقلة بنفسها ، ومضمونها واضح وهو أن من تمكن من مباشرة الطواف بنفسه وجب عليه ذلك في المرحلة الأولى ، فان لم يمكنه ذلك لكسرٍ ونحوه طِيفَ به ، فان لم يمكنه ذلك أيضاً أناب عنه شخصاً . وهكذا الحال بالنسبة الى صلاة الطواف.
 وتتضمن هذه المسألة ثلاث نقاط:-
 النقطة الأولى:- ما تقدمت الاشارة اليه ، يعني من لم يتمكن من المباشرة طيف به ان أمكن والّا أناب.
 ولتوضيح الحال في ذلك نذكر ثلاث صور:-
 الصورة الأولى:- أن يفترض أن المكلف لا يتمكن من المباشرة بشكلها الطبيعي ولكن يتمكن من أن يطوف متكئاً على عكّازة مثلاً أو معتمداً على شخصٍ آخر.
 وهذه الصورة جائزة وفي مثلها يجوز الطواف ، بل حتى لو فرض أن الشخص كان يتمكن أن يطوف بلا اعتماد ، ولكن بإمكانه أن يأخذ عكّازة أو يعتمد على شخصٍ آخر ، والوجه في ذلك هو اطلاق الدليل فان المأمور به هو الطواف ( وليطوَّفوا بالبيت العتيق ) وهذا طواف بالبيت العتيق فيصدق أنه طاف أو تطوَّف بالبيت . اذن حتى في الحالة الطبيعية يجوز الاتكاء على عكّازة ونحو ذلك لإطلاق الدليل.
 الصورة الثانية:- أن يفترض أنه يجلس في العربة التي يمكن أن يحرّكها أو يوقفها بنفسه - كالعربات الحديثة للمعوقين الموجودة في زماننا - ، وبإمكاننا أن نمثل أيضاً - ان لم يكن فيه اشكال من ناحية مخالفته للأدب بأنه يركب الدراجة الهوائية ويطوف بالبيت ، فهل يجوز ذلك ؟ نعم يجوز ذلك لنفس النكتة المذكورة في الصورة الأولى فان المطلوب هو الطواف أو التطّوف بالبيت وهذا يصدق عليه ذلك.
 الصورة الثالثة:- أن يفترض أن يركب في عربة ولكنّه لا يتمكن من أن يتحكّم فيها بنفسه وانما يسوقها شخصٌ ، فهل يجوز مثل ذلك ؟ كلا لا يجوز ، وذلك لوجهين:-
 الأول:- ان اطلاق الدليل لا يشمل مثل هذا ، فان ظاهر ( وليطوّفوا ) هو أن يكون الطواف احتيارياً ومنتسباً الى المكلف عن اختيار فاذا كان هو يتحكم في العربة يصدق أنه مختارٌ في طوافه ، أما اذا لم يتحكم فيها فهذا قد ( طيف به ) لا أنه ( طاف باختياره ) واذا استعملنـا جملـة ( طاف ) فانا نشعر بالمجازية ولذلك نستدرك بسرعة ونقول ( بالأحرى أنه طيف به لا أنه طاف ) .
 اذن القاعدة تقتضي عدم كفاية مثل هذا ، ومجرد أنه أمَرَ شخصاً بأن يُحرِّكه لا يصحح نسبة الطواف اليه عن اختيارٍ في مرحلة البقاء ، نعم ذلك يصحّحه في مرحلة الحدوث ففي البداية تصّح النسبة اليه لأنه صدر منه ذلك عن اختيار ولكن بعد ذلك لا تصدق النسبة عن اختيار اليه ما دام الذي يتحكم هو السائق دونه . نعم لو فرض أن السائق كان عبداً مطيعاً بحيث متى ما قال له هذا الراكب تحرّك فيتحرك وحينما يقول له قف فيقف ..... وهكذا بحيث لا يصدر شيء عن اختيار السائق وانما كل الاختيار يكون الى الراكب فتصدق آنذاك النسبة ( عن اختيار ) الى الراكب ، ولكن هذا عادةً ليس بمتحقق في مثل العربات المتعارفة في زماننا . نعم لو فرض أنه اخترع في زمانٍ قطارٌ يدور حول الكعبة بحيث أنه يتحرك دائماً بصورة مستمرة والمكلف يركب فيه فلا يبعد عرفاً أنه ينتسب اليه ذلك ويكفي مثله ، وهذا بخلاف مثال العربة فان الذي يتحكم بها هو السائق دون الراكب . وعلى أي حال المسألة عرفية من هذه الناحية واذا كان الفقهاء يختلفون فهم يختلفون بما أنهم عرفيون وليس بما أنهم فقهاء
 والخلاصة:- ان القاعدة تقتضي عدم الاكتفاء بذلك ما دام الذي يتحكم هو السائق دون الراكب.


[1] اي طواف الحج
[2] استثناء الصيد من باب انه بعد في الحرم والصيد هو من محرمات الحرم بقطع النظر عن الاحرام.
[3] الوسائل 14 132 13 ابواب الحلق والتقصير ح1.
[4] المصدر السابق ح6 .
[5] الوسائل 13 407 58 من ابواب الطواف ح4.