32/02/25


تحمیل

الموضوع: المسالة 249

 كان كلامنا في ان الفسوق المحرم على المحرم ماذا يراد منه

 وقدذكرنا في هذا المجال اربعة اقوال

الاول: ان يراد من الفسوق جميع المعاصي والمحرمات من دون اختصاص بالكذب وقد تقدمت الاشارة اليه مع مستنده

الثاني: المقصود خصوص الكذب اما طبيعية او حصة خاصة منه اي الكذب على الله ورسوله والائمة (عليهم السلام)

 وقلنا ان التوجيه يمكن ان يكون باحد بيانين

البيان الاول: حاصله ان الصحيحتين متفقتان على تفسير الفسوق بالكذب فالكذب قدر متفق بينهما وقد اختلفتا بالزائد على ذالك فهذه تنفي السباب والاخرى تنفي المفاخرة فيتساقطان

واجبنا عنه بان الجمع العرفي مذكور لانه ينعقد مفهوم لكل واحدة والمفهوم مطلق وباطلاقه ينتفي الفرد الاخر

 او ان المورد من اجتماع النص والظاهر فيوخذ بنص كل واحد منهما ويطرح ظهور كل واحد

ثم انه لو سلمنا بهذه المناقشة اي قبلنا امكانية الجمع العرفي بينهما كما اختاره جمع من الاعلام كصاحب الجواهر وصاحب المستند، فلوسلمنا بها فهو

 وان رفضنا ذالك فيمكن ان نقول ان المورد من موارد العلم الاجمالي وتبقى النتيجة كما هي دون تغيير

 وذالك باعتبار ان كلتا الصحيحتين متفقتان على وجود زيادة على الكذب فالكذب قدر متفق بينهما وكل واحدة تدعي وجود زيادة على الكذب فهذه تقول ان الزيادة هي السباب وتلك تقول ان الزيادة هي المفاخرة فاذا لم يمكن الجمع العرفي فسوف نعلم علما اجماليا - والمقصود العلم التعبدي دون الوجداني بوجود اضافة على الكذب وتلك الاضافة اما هي السباب او المفاخرة فيلزم الاجتناب عن كلتا الزيادتين لحجية العلم الاجمالي

 اذاً النتيجة تعود واحدة على كلا التقديرين فان قبلنا فكرة الجمع العرفي كما صار الى ذالك صاحب الجواهر والشيخ النراقي وقلنا ان اطلاق مفهوم كل واحدة يمكن ان يقيد بمنطوق الاخرى فستكون النتيجة هي حرمة الثلاثة اي السباب والكذب والمفاخرة

 وان رفضنا فكرة الجمع العرفي وقلنا ان المورد لايقبل الجمع العرفي بل التعارض مستقر فسوف يحصل علم اجمالي بوجود شيئ زائد على الكذب وهو مردد بين امرين فيلزم الاحتياط بالتجنب عنهما معا

البيان الثاني: ماذكره السيد الروحاني في المرتقى ج 2 ص 166 وحاصله ان الصحيحتين متعارضتان تعارضا مستقرا فيتساقطان بلحاظ الزائد على الكذب واما بالنسبة الى الكذب فهما متفقتان عليه فتثبت حرمة الكذب للاتفاق عليها والزائد منفي للتعارض المستقر

 وماسبب استقرار التعارض؟

 فذالك باعتبار ان كلا الفردين لايمكن ارادتهما من كلمة الفسوق الواردة في الاية الكريمة فانها عبرت بقولها ولا فسوق وكلمة فسوق واحدة واللفظ الواحد لايمكن ان يراد منه اكثر من معنى واحد اي لايمكن ان يراد منه الكذب والمفاخرة او الكذب والسباب فلابد ان يكون المقصود هو الجامع بينهما حتى يكون الاستعمال ممكننا

 واحدى الصحيحتين تقول ان المراد من كلمة الفسوق هو الجامع بين الكذب والسباب والثانية تقول ان المقصود هو الجامع بين الكذب والمفاخرة فهذه تقول هذا الجامع يراد والاخرى تقول ذالك الجامع يراد

 فالتعارض بينهما ليس بالمنطوق والمفهوم حتى يخصص اطلاق المفهوم بل التضاد هو تضاد بنفس المنطوقين لان هذه الصحيحة تقول هذا الجامع يراد وتلك تقول بالعكس فيحصل تعارض بين المنطوقين

 والجمع الذي ذكره صاحب الجواهر والشيخ النراقي لاياتي لانه مبني على كون التعارض تعارضا بين منطوق كل واحدة واطلاق مفهوم الاخرى اما بعد ان اتضح ان التعارض بين نفس المنطوقين فلايمكن الجمع العرفي

 نظير ان يقول احد الشخصين ان المراد من كلمة انسان زيد لاعمر بينما الاخر يقول ان مراده عمر لازيد فالتعارض هنا هو تعارض بين المنطوقين فالجمع العرفي غير ممكن فيتساقطان بلحاط الزائد على الكذب

 والنكتة التي اعتمد عليها (قده) انه جعل الاستعمال استعمالا في الجامع وان المراد هو الجامع

وفيه

اولا: ان الصحيحتين قالتا المراد من الفسوق هو الكذب والسباب مثلا اما ان الاستعمال فيهما كيف يكون واقعا فهل يكون بنحو الاستعمال بالجامع او بكيفية اخرى فهي قضية اجنبية عن مفاد الصحيحتين فالامام الصادق (عليه السلام) يقول ان المراد من الفسوق في الاية الكريمة هو الكذب والسباب مثلا ولم يقل هو الجامع بينهما فان هذه قضية اجنبية عن الصحيحة واجنبية عن مايريد الامام الصادق (عليه السلام) بيانه فهو فقط وفقط يريد ان يقول ان الفسوق المحرم هو هذا وذالك بينما الصحيحة الثانية تقول ان الفسوق المحرم هو ذالك وذالك وحيث ان الروايتين واردتان مورد التحديد فينعقد لهما مفهوم ويحصل التعارض بين منطوق كل واحدة واطلاق مفهوم الاخرى

 نعم لو كانت الصحيحتان تقولان المحرم من الفسوق في الاية هو الجامع بين الكذب والمفاخرة والثانية تقول ان المراد هو الجامع بين الكذب والسباب لكان التعارض تعارضا بين المنطوقين وبالتالي يكون تعارضا مستقرا ولكن الصحيحتين اجنبيتان عن التعرض الى فكرة الجامع نعم الاية الكريمة يمكن ان تستعين بالجامع وهو شيئ اجنبي عن الصحيحتين

ثانيا: لو تنزلنا وسلمنا ان الصحيحتين هما بصدد بيان الجامع فهذه تقول ان المقصود من الفسوق في الاية الكريمة هو الجامع بين كذا وكذا وتلك تقول ان المقصود هو الجامع بين كذا وكذا فعندها نسلم حصول التعارض المستقر كما افاده (قده) والمناسب تساقط كلتا الصحيحتين كما افاده ولكن سيتولد علم اجمالي ان الثابت اما هذا الجامع او هذا الجامع فيتنجز كلا الجامعين

 وبالتالي يلزم التجنب عن الثلاثة لا ان النتيجة تصير حرمة الكذب فقط دون المفاخرة والسباب

 وعليه يتضح ان تسليم المعارضة المستقرة لايستلزم حرمة الكذب فقط بل يمكن اثبات حرمة الثلاثة من خلال فكرة العلم الاجمالي

 ثم انه ذكرنا فيما سبق ان القول الثاني يفسر الفسوق اما بالكذب بطبيعيه وبحصة خاصة وقد عرفنا الى الان توجيه ذالك وانه لاحد البيانين السابقين وعرفنا مناقشة البيانين معا

 ويبقى الاحتمال الاخر وهو تفسير الفسوق بالكذب ولكن لابطبيعية بل بالحصة الخاصة اي بالكذب على الله ورسوله والائمة (عليهم السلام) كما هو المنسوب الى القاضي ابن البراج ولكن لم يتضح لنا وجه ذالك، هذا كله في القول الثاني

القول الثالث: وهو حرمة الكذب والمفاخرة والسباب

 وقد صار اليه جماعة منهم صاحب الجواهر والشيخ النراقي وغيرهما من الاعلام فقد اتضح توجيهه الفني

 فانه اما ان نبني على امكان الجمع العرفي بين الصحيحتين بتخصيص اطلاق مفهوم كل واحدة بمنطوق الاخرى او نبني على ان التعارض مستقر ولايمكن الجمع العرفي وعلى كلا التقديرين يلزم حرمة الثلاثة

 اما على الاول فواضح فان نتجة تقييد اطلاق مفهوم كل صحيحة بمنطوق الاخرى هو حرمة الثلاثة

 واما على الثاني فلفكرة العلم الاجمالي

 هذا كله في القول الثالث

القول الرابع: