37/08/08
تحمیل
الموضوع: من سها عن الركوع حتى دخل في السجدة الثانية بطلت صلاته
نتعرض الآن للروايات الدالة على البطلان وما ورد أيضا من طائفة ثانية دالّة على الصحة أي فيمن ترك الركوع حتى سجد السجدتين، وقد تعرض الماتن لعدّة صور.
ونلفت النظر الى الاصطلاحات الشرعية في أبواب العبادات (كل شيئ شككت فيه ودخلت في غيره) و (إنما الشك في شيئ لم تجزه) فلذا استنبط الأعلام ان هناك محل للشيئ في ظرف الشك وهناك محل للشيئ في ظرف العلم بتركه، فعبروا عنه بان محل الشيئ في ظرف الشك يختلف نطاقه عن محل الشيئ في ظرف العلم بتركه، فمحل الشيئ في ظرف الشك هو مثل الشك في شيئ لم تجزه وهو ان لاتدخل في الجزء اللاحق، فمحل تدارك اشيئ في ظرف الشك ضيق مقيد بأن لاتدخل بجزء بعده.
وأما محل الشيئ في ظرف العلم بتركه فقالوا هو أوسع نطاقا فيكون ولو دخلت في غيره فان محل الشيئ يبقى مالم تدخل في ركن لاحق، فمحل الشيئ وتداركه في ظرف العلم بتركه أوسع نطاقاً وهذا كما يأتي في الصلاة فإنه يأتي في والطواف والسعي والرمي.
فالماتن جعل في هذه المسألة ثلاثة صور وهي: الصورة الاولى: ان يدخل في السجدة الثانية، الصورة الثانية: ان يدخل في السجدة الاولى، الصوة الثالثة: وهي قبل السجدة الاولى، ومرّ بنا ضابطة المحل.
صحيحة رفاعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن رجل ينسى أن يركع حتى يسجد ويقوم قال يستقبل[1] . فلابد من الاعادة.
نذكر هنا نكتة صناعية في الاستظهار، وهي: ان فرض الدخول في السجدة الثانية من السائل وليس من الامام (عليه السلام)، فان القيود التي يذكرها السائل في سؤاله لها شأن والقيود التي يفرضها الامام في الجواب ابتداءً لها شأن آخر.
والفرق ان القيود التي يفرضها السائل غاية الأمر ان الامام (عليه السلام) بين حكم هذا الفرض ولاتدل على كون القيود دخيلة، بخلاف ما اذا ذكر الامام (عليه السلام) القيود في الجواب فانه يدل على انها قيود دخيلة في الحكم وان انتفائها ينفي الحكم فان القيود التي يذكرها الامام (عيله السلام) لها مفهوم.
وان نفس القيود المذكوة في كلام الامام (عليه السلام) على نمطين، فتارة الامام (عليه السلام) ابتداء يحدث زرارة فقالوا ان مثل هذه القيود أقوى، وتتلوها القيود التي يذكرها الامام (عليه السلام) جوابا عن السائل كما لو لم يذكر السائل القيود لكن الامام (عليه السلام) قد أضافها فهي تقييد.
أما القيود التي فرضها السائل فهي قد تكون موردية وان السائل تصورها دخيلة وقيود، وثمرة هذه القيود انها مزاحمة للاطلاق في كلام الامام (عليه السلام)، طبعا وهذا ليس على اطلاقه ولذا قالوا ان المورد لايخصص الوارد.
وبالنسبة لقيود السائل قلنا ان المورد لايخصص الوارد فردياً ولكنه يخصصه نوعياً ونمطياً، وهذا التخصيص ليس تخصيصاً قوياً، بمعنى ان القيود الموجودة في كلام الامام (عليه السلام) هي قيود قويّة بينما القيود التي في كلام السائل تمانع الاطلاق ولاتمانع العموم، وتمانع الاطلاق نوعياً وصنفياً نمطياً ولاتمانعه في التوسعة الفردية، وهذا التخصص هو من أضعف أنواع التخصيص فإنه يزاحم الاطلاق في خصوص هذا الجواب من الامام (عليه السلام) وليس هو تقييد حقيقتاً.
فنرى في هذه الرواية سألته عن رجل ينسى أن يركع حتى يسجد ويقوم قال يستقبل فهذه القيود في المرتبة الثالثة.
موثق إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهيم ( عليه السلام ) عن الرجل ينسى أن يركع قال يستقبل حتى يضع كل شئ من ذلك موضعه [2] . فيحتمل انه يستقبل الصلاة كما انه يحتمل انه يتدارك فكل منهما محتمل، وهذه الرواية مطلقة في البطلان.
صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أيقن الرجل أنه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استأنف الصلاة[3] . وهذه التقيد من الامام (عليه السلام) وهو من أقوى دلائل القيود لأنه ابتداء وابتدار من الامام (عليه السلام) وهذه الرواية تقيّد كل الاطلاقات السابقة.
فالبطلان مقيد بسجود السجدتين والاّ فان مفهوم هذه الرواية الأخيرة عدم بطلان الصلاة لو دخل في السجدة الاولى فضلا عن ما اذا لم يدخل في السجدة الاولى.