37/08/09
تحمیل
الموضوع: الصوم, شرائط صحة الصوم: الثاني: العقل.
هل أن قياس المجنون على النائم صحيح؟؟ الكلام عن ذلك يقتضي بيان ثلاثة امور مترتبة:-
الأمر الاول: هل تقتضي القاعدة في المقام (زوال الشعور والالتفات) الصحة أم الفساد؟
الأمر الثاني: على تقدير اقتضاء القاعدة الفساد فهل أن الحكم بصحة صوم النائم من باب التخصيص للقاعدة؟ أو من باب التخصص؟
الأمر الثالث: على تقدير خروج صوم النائم تخصصاً ما الفرق بينه وبين المجنون؟
أما بالنسبة إلى الأمر الاول فالصحيح أن القاعدة تقتضي الفساد بأعتبار شرطية العقل في الصحة(ولو من باب عدم تحقق النية في زواله), ومقتضى اطلاق الادلة شرطيته في تمام الوقت, وفي المقابل ذهب جماعة إلى أن القاعدة تقتضي الصحة.
وقد استدل الشيخ المفيد في المقنعة[1] لصحة صوم المجنون بأنه في حكم الصائم بالنية والعزيمة على اداء فرض الصيام, فهو يرى أن القاعدة تقتضي صحة الصوم, وكلامه يرجع إلى دعوى أن النية المتقدمة تكفي لتصحيح الصوم.
ويفهم من المدارك أن الأمر يرتبط بمسألة أن الصوم هل هو عبارة عن مجرد الامساك عن الامور المخصوصة مع النية أو هو الامساك عن الامور المخصوصة مع النية لكن يعتبر أن يقع ذلك في جميع اجزائه, فعلى الاول يحكم بصحة الصوم وعلى الثاني يحكم بفساده لعدم وجود النية في جميع الاجزاء بالنسبة للمجنون, والمرجح _عنده_ الاول.
ويظهر من هذه الكلام انهم يتكلمون عن مقتضى القاعدة وانها تقتضي الصحة وقد ذكرنا انها تقتضي الفساد كما هو الحال في شرطية الاسلام لأن المستفاد من ادلة اعتبار هذه الامور في صحة العمل ضرورة وجودها في تمام العمل وافتراض كفاية وجود الشرط في جزء من العمل يحتاج إلى دليل.
الأمر الثاني: على تقدير اقتضاء القاعدة للفساد فهل أن الحكم بصحة صوم النائم من باب التخصيص للقاعدة؟ أو من باب التخصص؟
فعلى القول بأنه خروج من باب التخصيص لدلالة النص على ذلك فأنه يصح صوم النائم مع سبق النية, وعلى القول بالتخصص والخروج الموضوعي فأن القاعدة لا تشمله من اول الأمر وحينئذ لابد من بيان الفارق الذي اوجب خروجه عن القاعدة دون خروج المجنون, وقد ذكرت وجوه في بيان هذا الفارق:-
الوجه الاول: أن العبادات على قسمين وجودية كالصلاة وعدمية كالصوم وتسمى النية المعتبرة في العبادات الوجودية بالنية الفعلية (أي أن يكون كل جزء من اجزاء العمل صادراً عن نية) وليس كذلك في العبادات العدمية بل تكفي النية الشأنية أو الفاعلية ( أي لا يجب أن يكون (دائماً) عند الترك مستحضراً نية ترك هذا قربة وامتثالاً لله تعالى بل يكفيه أنه لو عرض له المقتضي للأكل يتركه قربة إلى الله تعالى).
والنية الشأنية الفاعلية موجودة في النائم _كالغافل_ دون المجنون, فيحكم بصحة صوم النائم على القاعدة.
واعترض عليه بأنه مجرد دعوى فوجود النية الشأنية في النائم أول الكلام, بل قد يقال لو سلمنا بوجودها فيه لابد من وجودها في غيره كالمغمى عليه, فصدور الترك عن نية يحتاج إلى التفات وقصد غير موجود في النائم.
ويتضح الكلام عند قياس النائم على الغافل لأنه يصح فيه الاستدلال لإمكان وجود النية الشأنية في حقه ولذا يصح صيام الغافل بلا اشكال, فالنية عند الغافل موجودة ارتكازاً (لا شعوراً), وليس النائم كذلك فالنية غير موجودة فيه اصلاً.
والظاهر أن هذا الاعتراض وارد على الوجه الاول.