38/01/16
تحمیل
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الأصول
38/01/16
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : اجتماع الامر والنهي _ ادلة القول بالجواز
قلنا في الجلسة السابقة ان هذا الدليل موجود في كلام الاصوليين قديما وحديثا حتى الاصوليين من ابناء العامة مثل الحاجبي والعضدي وغيرهما ممن بحثوا في الاصول , وذكرنا اشكال صاحب الكفاية وقلنا ان اشكاله الاول وارد عليه ايضا .
اما اشكاله الثاني وهو انه قام البرهان على امتناع الاجتماع فلا يصح الحكم بكون المكلف مطيعا وعاصيا معا لأنه كان مفاد الدليل اذا كان هناك امر ونهي وكل منهما تعلق بفعل وجاء المكلف بهما في فرد واحد فحينئذ يصدق لدى العرف انه عاص وانه مطيع يقول رض نمنع من صدق العاصي والمطيع معا في هذا المورد اما هو عاص بناء على ترجيح جانب النهي او ممتثل بناء على ترجيح جانب الامر وليس ممتثلا وعاصيا معا .
اما الدليل الاول قلنا غير وارد لأنه يرد عليه ايضا , والعمدة اشكاله الثاني على الدليل وهذا الاشكال منه رض مصادرة فهو دعوى مقابل دعوى فهو يقول قلنا انهما لايجتمعان وهذا لايفيد ثم قوله بالترجيح فماذا يعني بهذا الترجيح ؟ فهل يعني ان هذا الفرد يخرج عن متعلق الامر او يخرج عن متعلق النهي هذا معنى ترجيح جانب الامر وجانب النهي , او انه يقصد شيئا آخر ان كان يخرج المجمع او نفس فعل المكلف يخرج عن متعلق الامر او عن متعلق النهي فهذا في الواقع لايكون هناك الا واحد فلايكون اجتماع الامر والنهي فلا يقال ان هذا ترجيح بل تكون عنده قرينة على ان هذا الفرد المأتي به غير داخل في المأمور به او غير داخل في المنهي به فهذا معناه يكون ياتي بدليل من الخارج حتى يخرج عن كون الفعل مجمعا للشيئين معا لمتعلق الامر ولمتعلق النهي وهذا خروج عن محلا الكلام لان محل الكلام انه كل من الامر والنهي تعلق بعنوان وكل من العنوانين صدق صدق الكلي على المصداق في الوارد وهذا معناه يكون الصدق قطعيا فاذا كان كذلك فلا معنى لإخراج هذا المجمع عن مصداق هذا او عن مصداق ذاك الا ان تقول من الاول انه لا يتحقق فيه المأمور به او لم يتحقق به المنهي عنه .
بعبارة واضحة : ان معنى تغليب جانب الامر او جانب النهي معناه ان كل منهما موجود ولكن يغلب احدهما على الاخر وهذا معناه اعتراف بتحقق اجتماع المأمور به والمنهي عنه في واحد وهذا دليل صاحب الكفاية غير واضح علينا ايضا .
واما الذي ينبغي ان يقال في رفض اصل الدليل : ان كلام المستدل مبتني على تهافت واضح وهو انه قال اذا جاء المكلف بالمامور به ضمن المنهي عنه او المنهي عنه ضمن المأمور به احدهما مضمن والآخر متضمن جاء بهذا ضمن ذاك او جاء بذاك ضمن هذا فهذا خروج عن محل البحث ! هذا معناه المكلف اتى بفردين احدهما ضرف للآخر او كلاهما مظروفين لظرف زمان او مكان حتى يصح قولك ايها المستدل انه اتى المكلف بهذا ضمن ذاك اتى بذاك ضمن هذا انت تعترف بانه اتى باثنين , محل البحث هو ان يأتي المكلف بواحد فقط وذلك الواحد يكون مصداقا لهذا ومصداقا لذاك وانت تقول جاء بهذا ضمن ذاك يعني هناك متضمن وهناك مضمن فهما اثنان فاذا كانا اثنين فهذا خروج عن محل البحث فهذا يكون اجتماع موردي وليس من المأمور به والمنهي عنه في واحد , فمحل البحث هو ان الامر تعلق بطبيعة والنهي متعلق بطبيعة اخرى ووجد مصداق واحد مع وحدته مصداق لهذا الطبيعي ولذاك الطبيعي كما اتينا ببعض الامثلة كلبس ثوب الاحرام فنفس ثوب الاحرام مطلوب لأنه ثوب الاحرام ونفسه منهي عنه لأنه تصرف في مال الغير فواحد غصب والاخر امتثال للمأمور به وهكذا مثال رمي الجمرات فنفس الحصاة اذا كانت مغصوبة ففي نفس الحصاة اجتمع فيها طبيعتان الغصب وامتثال الامر بها , وهكذا مثل لبس الساتر الصلاتي فهو واجب _ مع قطع النظر انه عبادي او توصلي _ واجب وفي نفس الوقت بما ان الثوب الساتر مغصوب فهو منهي عنه فنفس اللبس هذا هو مصداق للغصب ومصداق للمأمور به , وهذا يقول _ العضدي _ جاء به احدهما في ضمن الاخر ! وخلط بين اجتماع الموردي وبين محل البحث , والمثال المعروف في كلمات الاعلام في اثناء الصلاة ينظر الى ما لايجوز النظر اليه فهو جاء بفعلين احدهما الصلاة التي هي متكونة من الاجزاء والشرائط والآخر هو تصرف العين فهذا النظر غير داخل في ماهية الصلاة , نعم ورد انه يستحب النظر الى موضع السجود حال الصلاة او الركبتين حال الركوع .
النتيجة ان هذا الدال فيه مغالطة واضحة وهو خارج عن محل البحث جملة وتفصيلا . ففي كلامنا هو في الاجتماع الحقيقي الوحدة وليس في الاجتماع الموردي .
ويضاف الى هذا الذي قدمناه يمكن ان يوجه اليه اشكال آخر وهو ان هذا الكلام مبني على ان الماتي به هو نفس الطبيعة اي مع تعددها ,
وبعبارة واضحة : انه تقدم ان الامر والنهي يتعلق بالواحد الشخصي لايقول به عاقل ولاينبغي البحث عنه في الابحاث العلمية , فإذن الامر يتعلق بطبيعة والنهي يتعلق بطبيعة اخرى ثم في مقام الايجاد يكون الوجود واحد شخصي مصداق لهذه الطبيعة و مصداق لتلك الطبيعة هذا هو محل البحث ولذلك تركز الاعلام ان تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون او لا ؟ الذي قال يوجب التعدد يعني يؤمن هناك فردان فرد لهذا وفرد لذاك واما الذي يقول لا كما هو صاحب الكفاية ونلتزم ببيان آخر انه لايجوز فهذا يقول ان تعدد العنوان لايوجب تعدد المعنون فالمصداق والفرد يبقى واحدا وليس متعددا وان تعددت الطبيعة , وهذا التعبير من المستدل صريح في انه الماتي به يعني مصب فعل المكلف ليس هو الوجود بل نفس العنوان فهو يقول يأتي بهذا وذاك يعني هما طبيعتان اتى بهذا واتى بذاك يعني اتى بفعلين , وهذه الملاحظة غير السابقة فهو كان يقول ان يكون فردين وقلنا انه خروج عن محل البحث واما هذه الملاحظة هي ان ظاهر كلام المستدل ان الماتي به متعلق ارادة المكلف نفس الطبيعة وليس المصداق وهذا من العجائب , فكيف المكلف يأتي بالماهية وليس بالفرد فالذي يأتي به هو الفرد وليس بالطبيعة فهذا مغالطة اخرى , فتحصل ان هذا الدليل ليس له اي قيمة وندخل في الدليل الاخر وهو التفصيل .