38/03/24
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
38/03/24
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- التنبيه السادس ( العبادة المستحبة والمكروهة ) – اجتماع الأمر والنهي.
وفيه:-
أولاً:- إنه استعان بمصطلح الرخصة في التطبيق وتمكن أن يرفع الاشكال من خلال هذا المصطلح ، ولكن نقول:- إنَّ هذا لا دليل عليه - على أنّ الأمر المتعلق بالطبيعة ينحل الى ترخيصات في التطبيق - بل يلتئم مع افتراض أنه هناك أوامر في الأفراد ولكن مشروطة ، فنحن نسلّم ما أفاده من فكرة الانحلال ولكن انحلال بهذا الشكل يعني بدل أن يقول إنَّ أمر صلِّ ينحل الى أنك مرخّص بالصلاة في المسجد وأنت مرخّص في الصلاة في البيت وأنت مرخّص في الصلاة في الحمام ، لكن بدل هذا قل ينحل الى أمر بأداء الصلاة في المسجد وأمر بأداء الصلاة في البيت وأمر بأداء الصلاة في الحمّام فأوامر يعني وجوبات ولكنها مشروطة ، فيجب عليك الصلاة في المسجد إن لم تأت بها في البيت ، وتجب عليك الصلاة في البيت إن لم تأت بها في المسجد ، ويجب عليك الصلاة في الحمّام إن لم تأت بها في البيت أو في المسجد .... وهكذا ، فهي أوامر متعدّدة ولكن مشروطة بعدد الأفراد ، أما أن نقول فقط وفقط هو إلا أن نأتي بالتطبيق والترخيص في التطبيق فلماذا هذا ؟! فنحن نقبل فكرة الانحلال منه ، أما يلزم أن يكون بهذا النحو فمن أين لك هذا ؟! فعلى هذا الأساس صار كلّ فردٍ حينئذٍ من الصلاة واحباً بنحوٍ مشروط ، وحينئذٍ نقول إذا صارت الصلاة في الحمّام واجبة بنحوٍ مشروط كيف تصير مكروهة من خلال لا تصلِّ في الحمّام ؟ إنه يلزم اجتماع الأمر يعني وجوب الصلاة مع كراهتها ، فهي واجبة مع مونها مكروهة ، ولا يحقّ للشيخ النائيني(قده) أن يقول أنا أريد التمسّك بمصطلح التطبيق ، فنقول له:- إنَّ هذا ليس له مثبت ، بل المناسب عدمه ، باعتبار أنه بناءً على ما قلت يصير المكروه ليست الصلاة في الحمّام إنما المكروه سوف يصير التطبيق والترخيص في باب الأمر سوف يصير ليس في الصلاة وإنما يصير في التطبيق ، فالتطبيق سوف يكون مكروهاً دون نفس الصلاة وهذا لا معنى له.
ثانياً :- لو سلّمنا أنَّ التطبيق والترخيص في التطبيق ندخله في الحساب كما أراد الشيخ النائيني(قده) ولكن ما ذكره لا يدفع الاشكال إذ هو قال بعد ادخال مصطلح التطبيق والترخيص في التطبيق إنَّ مقتضى أمر صلّ أنَّ التطبيق هذا ّ- وهو تطبيق الصلاة في الحمّام - مرخص به ولا تصلِّ في الحمام يقول مكروه ولا مانع من اجتماع الرخصة مع الكراهة إنما الممتنع اجتماع الرخصة مع الحرمة ، ونحن نقول له:- هنا قف فما معنى الرخصة ؟ إنه مجرّد شعار وهو هنا حينما عبّر بالرخصة فهذا صار شعاراً جيداً فقال لا محذور في اجتماع الرخصة في التطبيق مع كراهة التطبيق فهو مرخّصٌ فيه ولكن مكروه وهذا لا بأس به ، ولكن نحن نقول:- إنَّ المقصود من الرخصة هنا بمعنى الاباحة يعني يباح لك والاباحة هنا بالمعنى الأخص بمعنى تساوي الطرفين ، فيباح لك التطبيق هنا أي في المسجد ، ويباح لك التطبيق هنا يعني في البيت ، ثم يقول يباح لك التطبيق في الحمّام ، ثم بعد ذلك يأتي لا تصلِّ في الحمّام ويقول يكره هذا التطبيق ، فكيف اجتمعت إباحة التطبيق ، ليس الاباحة بالمعنى الأعم بل بالمعنى الأخص فإنَّ الوجوب المتعلق بالطبيعة ينحلّ إلى اباحات بالمعنى الأخص بعدد الأفراد لأنه لا توجد مزية لفردٍ دون الآخر فمباح لك كلّ فردٍ من الأفراد فهذا الفرد وهو تطبيق الصلاة في الحمّام مباح لك وبعد ذلك يأتي لا تصلّ في الحمّام ويقول هو مكروه فكيف التطبيق الواحد يصير مكروهاً ومباحاً بالمعنى الأخص فإنهما لا يجتمعان ؟! فعادت المشكلة من جديد ولكنها في الترخيص ، حتى مع أخذ الترخيص بعين الاعتبار ، إذن المشكلة لا تنحلّ بما أفاده(قده) . هذا كله بالنسبة إلى ما يرجع إلى الشيخ النائيني.
ثم إنه ربما يقال[1] :- من باب بيان مطلب لا يرتبط بالشيخ النائيني(قده) بل يرتبط بما ذكرناه من جواب وهو حمل النهي في الصلاة في الحمّام على الارشاد إذ ربما يشكل مشكلٌ على الجواب الذي ذكرناه من الارشادية بأنه لو كانت الصلاة في الحمّام أقل ثواباً والنهي يرشد إلى أنَّ هذا الفرد أقل ثواباً يلزم بطلان الصلاة في الحمّام وهذا لا يلتزم به أحد ، أما لماذا يلزم بطلان الصلاة في الحمّام ؟ لأنها إذا كانت أقل ثواباً فسوف يكون فعلها سبباً موجباً لفوات ذلك الثواب العظيم وهو الصلاة في المسجد فصارت الصلاة في الحمام سبباً إلى فوات ذلك الثواب العظيم وإذا صارت سبباً لذلك فسوف تصير مبغوضة وذات مفيدة لأنها فوتت الثواب العظيم وإذا صارت مبغوضة وذات مفيدة لا تقع صحيحة لأنه لا يمكن التقرّب بالمبغوض والتقرّب بالمبغوض وذات المفسدة لا يمكن.
ويمكن دفعه:-
أولاً:- لو سلّمنا أنَّ الصلاة في الحمّام تصير مبغوضة لأنها تصير سبباً لفوات الثواب العظيم ولكن هذه المبغوضية ليست نفسية فليست ذات الصلاة مبغوضة وإنما هي مبغوضية غيرية بسبب أنها فوتت الصلاة في المسجد التي هي أفضل فالمفسدة ، والمبغوضية تصير ليس في ذاتها وإنما ثانياً وبالعرض لا أولاً وبالذات ، فالمغوضية غيرية والنهي نهي غيري ، وبناءً على أنَّ النهي الغيري لا يمنع من المقربية والمبغوضية لا تمنع من المقربية وإنما الذي يمنع هو النهي النفسي والمبغوضية النفسية - وهذا كل ومختاره - فحينئذٍ لا تقع فاسدة ، ولكن هذا جواب مبنائي.
ثانياً:- إنَّ السبب لتفويت ذلك الثواب الأكثر ليس نفس الصلاة في الحمّام وإنما الاختيار السيء للمكلف ، فالمكلف لماذا اختار فإنَّ اختياره لأن يصلي في الحمّام هو الذي فوّت ذلك الثواب العظيم ، فالمبغوض يصير هو هذا الاختيار دون نفس الصلاة في الحمّام ، فاختبارك لهذا الفرد هو الذي صار سبباً ، فاختيارك هو الذي يكون مبغوضاً دون نفس الصلاة ، فنفس الصلاة ليس فيها مبغوضية ، وإذا لم تكن فيها مبغوضية فلا مانع من التقرّب.
ثالثاً:- لو سلّمنا أنَّ الصلاة في الحمّام أوجبت تفويت الثواب ولكنها هي لا توجب تفويت أصل الثواب وإنما توجب تفويت الزيادة لا أصل الثواب ، وإنما المبغوض هو ما يسبب تفويت أصل الثواب أما ما يسبب الى تفويت مقدارٍ من الثواب - يعني الزيادة - دون أصل الثواب فهذا لا يكون مبغوضاً ، وإلا صارت الصلاة في البيت أيضاً مبغوضة وفاسدة لأنها تفوّت مقداراً من الثواب بلحاظ الصلاة في المسجد ، وهل تلتزم بذلك ؟ كلا ، فكما أنَّ تفويت هذه المزية الزائدة من الثواب لا توجب المبغوضية في الصلاة في البيت فيلكن الأمر كذلك في الصلاة في الحمّام . هذا كلّه فيما يرتبط بالنحو الأوّل.