38/06/27
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/06/27
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- زكاة الفطرة.
كان كلامنا فيما اذا كان المعال واحداً وكان المعيل متعدداً ، فتارة يكون المعال عبدا ـــ كما هو محل الكلام ـــ وأخرى يكون غير عبد كما اذا فرضنا ان زيداً معال لعمر وبكر معاً وكلاهما ينفق على زيد ويلتزم بتمام شؤونه من المأكل والمشرب والملبس والمسكن وسائر الامور فلهذا عُدّ زيد عيالا لهما معا ـــ لا لاحدهما فقط ـــ فحينئذ هل ان فطرته عليهما بنحو التقسيط او انه لا يمكن التقسيط؟
قد يقال:- ـــ كما قيل ـــ انه في المقام لا يمكن التقسيط فان فطرته إما واجبة على عمر او واجبة على بكر او واجبة على كل منهما ، أما وجبة على كليهما بنحو الاستقلال لا يمكن والا لزم ان تكون الواجب فطرتين من شخص واحد وهذا خلاف الروايات التي تدل على ان لكل راس فطرة ولكل فرد فطرة فلا يمكن ان تكون فطرتان من شخص واحد او على شخص واحد هذا خلاف النصوص والروايات ، اذن لا يمكن وجوب فطرته على كل من عمر وبكر.
أما وجوبه بنحو المشروط بان تجب على عمر مشروطا بعدم دفع بكر فطرته وكذا وجوبها على بكر مشروطا بعدم دفع عمر فطرته بنحو الوجوب المشروط فهذا بحاجة الى دليل ولابد من اثبات وجوب الفطرة على كل منهما اولا بدليل ثم نلتزم بهذا الشرط كما في الواجب الكفائي فظاهر الواجب الكفائي وجوبه على كل فرد ولكن بما ان بامتثال بعض الافراد يسقط عن البعض فبطبيعة الحال إما ان يرجع الى وجوب واحد وهو وجوب الجامع او يرجع الى وجوبات مشروطة.
ولكن في المقام فمن الاول لا دليل على وجوب الفطرة على كل منهما حتى نلتزم بالاشتراط ، اذن فطرته على مجموعهما والمجموع ليس فردا ثالثا فليس على بكر فطرة وليس على عمر فطرة بل الفطرة على مجموعهما والمجموع ليس فردا ثالثا في الخارج بل مجرد مفهوم انتزاعي في عالم الذهن ولا واقع موضوعي له في الخارج ، اذن لا تجب الفطرة على كل منهما.
واما التقسيط فلا معنى له في المقام فهو انما يتصور في المملوك فان المملوك نصفه ملك لزيد ونصف مملوك لعمر فيمكن التقسيط ، واما في المقام فليس كذلك فلا يمكن التقسيط ، والمجموع ليس فردا واعيا وثالثا بل هو أمر منتزع في عالم الذهن ولا يمكن ان يكون مكلفا بفطرته ولا يعقل ذلك ، اذن لا تجب فطرته على كل منهما بل تجب على نفسه اذا كان غنيا وواجدا للشروط.
وجوابه:- ان الظاهر ان هذا غير صحيح فان التقسيط مقتضى القاعدة وبعدما كان كلاهما شريك في اعالته وفي ادارته من المأكل والمشرب والمسكن وما شاكل ذلك من لوازم حياته فهو عيال لهما فبطبيعة الحال فطرته تقسم بينهما وتقسط بينهما كما هو الحال في المملوك فان التقسيط في المملوك ليس من جهة ان نصفه ملك لزيد ونصف ملك لعمر لما تقدم من ان المملوكية ليس سببا لوجوب الفطرة على المالك فاذا لم يكن المملوك عيالا للمالك ومعالا على المالك فلا تجب على المالك فطرته انما تجب عليه فطرته من جهة انه عياله لا من جهة انه مملوكه ، اذن موضوع الفطرة عنوان العيلولة وهذا العنوان كما يصدق على المملوك يصدق على غير المملوك ، النتيجة ان التقسيط ليس على خلاف القاعدة وخلاف المتفاهم العرفي ، اذن لا مانع من التقسيط ولا فرق بين ان يكون المعال المشترك بين المعيل المتعدد بين ان يكون مملوكا او لا يكون مملوكا.
ولكن هنا قد يقال ـــ كما قيل ـــ انه اذا كان مملوكا وتوفي مالكه وانتقل ماله الى وورثته ويعبر عن عنهم بالأيتام أي بالصغار فسال الامام عليه السلام هل يجوز ان يدفع فطرته من مال مولاه؟ والامامُ عليه السلام اجاز ، والكلامُ في هذه الرواية وهي مكاتبة الرضا عليه السلام وهي رواية الصدوق ، أنه كتب إلى أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) يسأله عن المملوك يموت عنه مولاه وهو عنه غائب في بلدة اخرى وفي يده مال لمولاه ويحضر الفطر ، أيزكي عن نفسه من مال مولاه وقد صار لليتامى ؟ قال : نعم)[1] .
فان الامام (عليه السلام) أجاز ذلك مع انه على خلاف القاعدة فان امواله اذا انتقلت الى اليتامى الصغار فلا تجب على الصغار لا فطرة انفسهم ولا فطرة عيالهم ، وفرضنا ان المملوك ايضا انتقل الى الورثة وصار ملكا للورثة فلا تجب على اليتامى لا فطرة انفسهم ولا فطرة عيالهم ، اذن كيف جوّز الامام (عليه السلام) ان يدفع المملوك فطرته من مال اليتامى؟؟!!. وحمل صاحب الوسائل (قدس الله نفسه) هذه المكاتبة على ما اذا مات المولى بعد ليلة العيد قبل خروج الوقت اما قبل صلاة العيد او قبل الزوال على الخلاف.
ولكن حينئذ الرواية أجنبية عن المقام وخلاف ظاهر الرواية ومعنى الرواية ان الاموال انتقلت الى اليتامى ، اذن لا يمكن الالتزام بهذا الحمل.
واما حملها على ان مولاه مات قبل ليلة العيد وامواله انتقلت الى ايتامه ورثته الصغار وكذا مملوكه ينتقل اليهم فحينئذ كيف يجوز للملوك ان يتصرف في مال الايتام؟! ولا تجب على الايتام لا فطرة انفسهم ولا فطرة عيالهم ، اذن كيف يجوز للعبد وللمملوك ان يتصرف في مال الايتام؟!
الا ان يقال ان المراد من اليتامى أعم من البالغ كما في الآية المباركة والمساكين واليتامى فالمراد من اليتامى أعم من البالغين لا خصوص الصغار غير البالغين.
ولكن الرواية ليست في مقام بيان ذلك فالرواية من هذه الناحية مجملة والقدر المتيقن من اليتامى هم الصغار ، اذن الرواية على خلاف القاعدة فلابد من رد علم هذه الرواية الى اهلها فلا يمكن تطبيقها على القاعدة فان تصرف المملوك في مال اليتيم غير جائز ولا تجب على اليتامى لا فطرة انفسهم ولا فطرة عيالهم فانهم ليسوا مكلفين بالفطرة اصلا.
وهنا رواية اخرى تدل على ان الفطرة ساقطة عن نصف الانسان أي عن نصف الراس فاذا كان المملوك مشتركا بين الاثنين فالفطرة ساقطة عنهما فان الفطرة انما هي واجبة عن كل راس اما عن نصف الراس فلا تجب.
اما الرواية الاولى فمن ناحية السند فلا باس بها اما الرواية الثانية وهي عن زرارة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قلت : عبد بين قوم ، عليهم فيه زكاة الفطرة ؟ قال : إذا كان لكل إنسان رأس فعليه أن يؤدي عنه فطرته ، وإذا كان عدة العبيد وعدة الموالي سواء وكانوا جميعا فيهم سواء أدوا زكاتهم لكل واحد منهم على قدر حصته ، وإن كان لكل إنسان منهم أقل من رأس فلا شيء عليهم)[2] .
فان الرواية واضحة الدلالة فان ذيل هذه الرواية في مقابل صدرها ففي صدرها يقول يجب على المعيل فطرة راس واحدة واما ذيلها فيدل على انه لا تجب فطرة نصف راس ، اذن الرواية واضحة الدلالة ولكنها ضعيفة من جهات وفيها مجاهيل متعددة فلا يمكن الاعتماد عليها ، بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.