38/08/17
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/08/17
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- زكاة الفطرة.
ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 6): لا يشترط اتحاد الجنس الذي يخرج عن نفسه مع الذي يخرج عن عياله ، ولا اتحاد المخرج عنهم بعضهم مع بعض، فيجوز أن يخرج عن نفسه الحنطة وعن عياله الشعير أو بالاختلاف بينهم، أو يدفع عن نفسه أو عن بعضهم من أحد الأجناس وعن آخر منهم القيمة أو العكس) [1] .
كل ذلك مستفاد من اطلاق الروايات فان الروايات التي تنص على ان على كل راس صاع من حنطة او شعير او تمر او زبيب بإطلاقها تشمل ما لو اخرج المعيل زكاة فطرته من الحنطة واخرج زكاة فطرة عياله من الشعير , وكذلك اذا قلنا بجواز دفع القيمة بدلا عن زكاة الفطرة اما بأحد النقدين او مطلقا فيجوز ان يخرج زكاة فطرة نفسه من الحنطة واما زكاة فطرة عياله فيخرجها من النقود كل ذلك بمقتضى اطلاقات الروايات.
ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 7): الواجب في القدر الصاع عن كل رأس من جميع الأجناس حتى اللبن على الأصح وإن ذهب جماعة من العلماء فيه إلى كفاية أربعة أرطال. والصاع أربعة أمداد، وهي تسعة أرطال بالعراقي، فهو ستمائة وأربعة عشر مثقالا وربع مثقال بالمثقال الصيرفي، فيكون بحسب حقة النجف التي هي تسعمائة مثقال وثلاثة وثلاثون مثقالا وثلث مثقال، نصف حقة ونصف وقية وأحد وثلاثون مثقالا إلا مقدار حمصتين، وبحسب حقة الاسلامبول وهي مائتان وثمانون مثقالا، حقتان وثلاثة أرباع الوقية ومثقال وثلاثة أرباع المثقال، وبحسب المن الشاهي وهو ألف ومائتان وثمانون مثقالا، نصف من إلا خمسة وعشرون مثقالا وثلاثة أرباع المثقال) [2] .
قد تقدم ان الروايات الكثيرة تدل على ان مقدار زكاة الفطرة صاع من حنطة او شعير او تمر او زبيب وما شاكل ذلك من الاطعمة وهذه الروايات روايات كثيرة لا يبعد بلوغها حد التواتر الاجمالي ، وفي مقابل هذه الروايات روايات اخرى تدل على انه يكفي نصف صاع من الحنطة وتدل على ذلك ايضا مجموعة من الروايات:-
الرواية الاولى:- صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن صدقة الفطرة ؟ فقال : على كل من يعول الرجل ، على الحر والعبد ، والصغير والكبير ، صاع من تمر ، أو نصف صاع من بر ، والصاع أربعة أمداد)[3] .
فان هذه الصحيحة تدل على انه يجزي نصف صاع من الحنطة.
الرواية الثانية:- صحيحة محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : الصدقة لمن لا يجد الحنطة والشعير يجزي عنه القمح والعدس والذرة ، نصف صاع من ذلك كله ، أو صاع من تمر أو زبيب)[4] .
فهذه الصحيحة ايضا تدل على اجزاء نصف صاع من هذه الاطعمة.
الرواية الثالثة:- صحيحة منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن صدقة الفطرة ؟ قال : صاع من تمر أو نصف صاع من حنطة ، أو صاع من شعير ، والتمر أحب إلي)[5] .
فهذه الصحيحة ايضا تدل على اجزاء نصف صاع من الحنطة.
الرواية الرابعة:- صحيحة الفضلاء عن زرارة وبكير والفضيل ومحمد بن مسلم وبريد ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله ( عليهما السلام ) ـ في حديث ـ قالا : فإن أعطى تمرا فصاع لكل رأس ، وإن لم يعطِ فنصف صاع لكل رأس من حنطة أو شعير ، والحنطة والشعير سواء ، ما أجزأ عنه الحنطة فالشعير يجزي)[6] .
فهذه الصحيحة ايضا تدل على ذلك.
وغيرها من الروايات ولكنها ضعيفة من ناحية السند ، اما ما تقدم من الروايات فهي تامة سندا ودلالتها واضحة ، وبعضها قد خصت النصف صاع بالحنطة وبعضها عمم الى الشعير والى سائر الاطعمة ايضا.
فتقع المعارضة بين هذه الطائفة من الروايات التي تدل على كفاية نصف صاع وبين الطائفة الاولى التي تنص على ان على كل راس صاع من حنطة او شعير او زبيب او تمر او غيرها من الاطعمة.
ويمكن علاج هذه المعارضة بينهما.
اولاً:- الجمع الدلالي العرفي بينهما كما قيل انه يمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما فان كلتا الطائفتين متفقة في دفع نصف صاع فلا معارضة بينهما في نصف صاع والمعارضة بينهما في الزائد فان الطائفة الاولى تدل على وجوب الزائد والطائفة الثانية تدل على نفيها وعلى هذا فيحمل الزائد على الاستحباب ، وما هو مورد الاتفاق كلتا الطائفتين وهو النصف صاع هو واجب وما هو مورد الخلاف بينهما محمول على الاستحباب وهذا نظير ما ورد في الروايات تارة بان الفدية مد من الطعام واخرى مدين من الطعام وجُمِع بين هذه الروايات بحمل الزائد على الاستحباب وان مقدار المد من الطعام واجب والزائد مستحب.
ولكن هذا الجمع ليس بجمع عرفي ولا دليل على هذا الجمع فان الجمع العرفي اما حمل الظاهر على الاظهر او على النص او حمل العام على الخاص او حمل المطلق على المقيد او حمل المحكوم على الحاكم وهذا الجمع لا يكون داخلا في شئ من هذه الموارد ، اذن هذا الجمع ليس جمعا عرفيا ولا دليل عليه.
بل يمكن ان يقال ان الامر بالعكس فان الطائفة الثانية تدل على اجزاء نصف صاع من الحنطة واما بالنسبة الى الزائد فتدل الطائفة الثانية بالاطلاق الناشئ من السكوت في مقام البيان على نفي الزائد وعدم وجوبه واما الطائفة الاولى فهي ناصة في وجوب الزائد وتدل على وجوبه بالدلالة اللفظية بل هي ناصة في وجوب الزائد فحينئذ نرفع اليد عن هذا الاطلاق السكوتي فان الاطلاق السكوتي من اضعف الاطلاقات والدلالة السكوتية من اضعف الدلالات لا تتعارض مع ظاهر الادلة فحينئذ نجمع بين الطائفتين على هذا المنوال.
واما الجمع بين روايات الفدية فهذا الجمع بحاجة الى دليل فان كان هنا دليل على هذا الجمع فهو والا فلا يمكن قبوله فلابد من تقديم روايات المدين على المد الواحد مقتضى القاعدة ذلك كما في المقام.
النتيجة ان هذا الجمع غير صحيح.
ثانياً:- يجمع بين الطائفتين بطرح الطائفة الثانية لأنها مخالفة للسنة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) باعتبار ان نصف صاع من بدع معاوية وعثمان وليس امراً مقبولا لا عند العامة ولا عند الخاصة فهو مخالف لسنة النبي الاكرم ، ولهذا لابد من طرح الطائفة الثانية من هذه الناحية وعدم حجيتها وانها لا تكون حجة.
ثالثاً:- يجمع بينهما بحمل نصف صاع على القيمة أي يدفع نصف صاع من الحنطة بعنوان قيمة نصف صاع من الشعير او نصف صاع من الزبيب باعتبار ان قيمة الحنطة اكثر من قيمة الشعير والزبيب فحينئذ نصف صاع يعطى بعنوان القيمة.
ولكن يرد على هذا الجمع.
اولاً:- انه خلاف ظاهر الروايات فان ظاهر الروايات انه يعطى نصف صاع من نفس الجنس لا بعنوان القيمة.
ثانياً:- ما ذكرناه من ان المكلف مخير في كل جنس بين ان يدفع من نفس الجنس زكاة الفطرة او يدفع قيمتها ولا يجوز دفع قيمة جنس اخر بدلا عن قيمة جنس اخر فهذا غير مجزي كما تقدم.
اذن هذا العلاج ايضا مما لا يمكن المساعدة عليه.
رابعاً:- ان الطائفة الثانية محمولة على التقية بقرينة بدع معاوية وعثمان.
ولكن هذا الحمل ايضا غير صحيح لان العامة لا يقولون بهذا البدع والطائفة الثانية مخالفة للعامة فلا يمكن حملها على التقية ، اذن هذا الجمع غير صحيح ايضا.