36/06/22
تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات,
فصل لا بأس للصائم بمص الخاتم أو الحصى، ولا بمضغ الطعام للصبي، ولا بزق الطائر،
ولا بذوق المرق ونحو ذلك.....)
ذكر بعض الفقهاء وجهاً آخر للجمع, وهو أنه يمكن حمل الروايات على التفصيل بين ما اذا وجد طعمه في ريقه وبين ما لو لم يجده فعلى الاول لا يجوز ويكون مفسداً للصوم, وعلى الثاني يكون جائزاً وغير مفسدٍ, وجعل صحيحة محمد بن مسلم شاهداً على هذا الجمع وذكر بأن الامام عليه السلام مضغ علكاً بأعتقاد إنه لا يجد طعماً ثم وجد له طعماً فقال(فوجدت في نفسي منه شيئا)[1] ونهاه على اثر ذلك بقوله (إياك أن تمضغ علكا) , وحينئذ تحمل صحيحة الحلبي على ما لو وجد طعماً في ريقه وتحمل معتبرة ابي بصير على ما لو لم يجد طعماً في ريقه, وهذه النتيجة تختلف عن النتيجة الاولى حيث أن الاولى تقول بأنه حتى لو وجد طعماً في ريقه فهو جائز على كراهة.
والذي يبدو أن هذا الجمع خلاف الظاهر, فأنه يتوقف على امرين لابد من التسليم بهما لكي نلتزم به, الأمر الاول هو أن نفسر قوله عليه السلام (فوجدت في نفسي منه شيئا) بوجدان طعمه في ريقه, والامر الثاني أن نلتزم بإمكان صدور الحرام من المعصوم اشتباهاً (من باب الاشتباه في الموضوع), فكأن الامام عليه السلام مضغ العلك وهو يعلم بأن حكمه الحرمة مع وجود طعمه في الريق, والحلية مع عدم وجود طعمه في الريق, فمضغه بتخيل عدم وجود الطعم وتبين عكس ذلك.
والظاهر أن كلا الامرين غير تام, أما بالنسبة إلى الأمر الاول فعلى الاقل من احتمال معنى آخر لهذا القول فأن المناسب لمعنى وجدان الطعم في الريق أن يقول وجدت طعمه في حلقي لا أن يقول (فوجدت في نفسي منه شيئا), لأن هذا القول من المحتمل قوياً أن يكون اشارة إلى الحزازة وعدم المناسبة للصوم, وأما بالنسبة إلى الأمر الثاني فالظاهر عدم امكان ذلك فأنه وان ذكروا في كتب العقائد بأن المعصوم لا يكون معصوماً بلحاظ الموضوعات الخارجية الا أن ذلك لا يعني جواز صدور الحرام منه اشتباهاً, ففرق بين صدور الحرام اشتباهاً وبين الاشتباه في الموضوع الخارجي الذي لا يستلزم صدور الحرام منه.
فإن ما يقال بأن المعصوم معصوم بلحاظ الاحكام الشرعية والتبليغ وليس معصوماً بلحاظ الموضوعات الشرعية لا يراد به أن يصدر الحرام منه من باب الاشتباه والخطأ, فأن هذا ممنوع, وان المعصوم لا يصدر منه الحرام وان كان اشتباهاً, وعلى تقدير أن نلتزم بذلك _عدم عصمته بلحاظ الموضوعات_ فنلتزم بأنه يشتبه بالموضوعات الخارجية التي لا يلزم منها صدور الحرام منه.
وبناءً على هذا يقال بأن ظاهر الرواية لا يساعد على هذا الجمع, وما صدر من المعصوم _مضغ العلك _ليس حراماً قطعاً, وحينئذ يقال بأن مضغ العلك ليس حراماً لأنه صدر من المعصوم, ومن هنا تكون هذه الرواية صريحة بالجواز, وتحمل عبارة (فوجدت في نفسي منه شيئا) على ضرب من الحزازة والكراهة وتكون مناسبة جداً للجمع الذي ذكروه بين الروايات وهو حمل صحيحة الحلبي على الكراهة.
وهذا الكلام كله مبني على أن الصوم الذي كان الامام فيه عند قوله (فإني مضغت اليوم علكا وأنا صائم) صوماً يحرم ابطاله وافساده, لكي يتم ما ذكرناه( من أن الحرام لا يصدر من المعصوم ومنه لا يكون مضغ العلك حراماً) وأما اذا فرضنا بأن الصوم كان مستحباً فمن أي جهة يكون مضغ العلك حراماً؟ فأنه ليس فيه حرمة ذاتية, ولا يكون حراماً الا على فرض أن الصوم واجب معين, فإذا فرضنا بأنه كان مستحباً فأن مضغ العلك لا يكون حراماً لا بعنوانه الاولي ولا بعنوان كونه مفسداً للصوم, فلو فرضنا بأن الامام عليه السلام كان يقصد صوماً مستحباً فيقول (فإني مضغت اليوم علكا وأنا صائم فوجدت في نفسي منه شيئا) فأنه ليس فيه دلالة على جواز مضغ العلك في الصوم الواجب المعين لأحتمال أن يكون مضغ العلك في الصوم المستحب جائزاً لكنه في الصوم الواجب المعين يكون حراماً, فلا نستطيع أن نستدل بهذه الرواية على أن مضغ العلك في صوم شهر رمضان ليس مفطراً وليس حراماً.
هذا ما يمكن أن يقال في هذه الرواية والظاهر أن ما ذكروه من الحمل على الكراهة هو المتعين في محل الكلام فيكون مضغ العلك جائزاً لكنه مكروه وفيه شيء من الحزازة.
قال السيد الماتن عطفاً على ما تقدم (ولا ببلع ريقه بعده وإن وجد له طعما فيه ما لم يكن ذلك بتفتت أجزاء منه بل كان لأجل المجاورة)[2]
فقوله (ولا ببلع ريقه بعده) أي بعد مضغ العلك والظاهر أنه لا خلاف فيه وذلك تمسكاً بأطلاق الروايات وان كان الاطلاق مقامياً بأعتبار الملازمة الواضحة بين مضغ العلك وبين بلع الريق عادةً, والاهم من ذلك عدم صدق الاكل على بلع الريق جزماً, ولا نحتمل صدق باقي المفطرات عليه.
ثم ذكر السيد الماتن(وإن وجد له طعما فيه) وهذا مقتضى القاعدة بأعتبار عدم صدق الاكل بمجرد وجود الطعم, فأنه كما لا يصدق الاكل على ابتلاع الريق المجرد عن الطعم كذلك لا يصدق على الريق الذي فيه طعم لأجل المجاورة لا بتفتت الاجزاء كما قيد بذلك السيد الماتن.
ومنه يظهر أن السيد الماتن يريد أن يقول أن المفطرية تثبت اذا انتقل الطعم من العلك الى الريق نتيجة تفتت الاجزاء, ومن هنا يرد سؤال أن المفطرية في المقام من أي باب؟؟
فليس لدينا عنوان يوجب المفطرية يحتمل انطباقه في المقام الا عنوان الاكل, فهل ينطبق عنوان الاكل على ابتلاع الريق الذي توجد فيه ذرات صغيرة من العلك؟؟ من الصعب جداً الالتزام بذلك.
ومن هنا يظهر أن حمل النص الوارد الذي يدل على الجواز على خصوص ابتلاع الريق ما لو وجد له طعماً بالمجاورة غير تامٍ, لأن اجزاء العلك تتفتت عادة وتدخل إلى الجوف عن طريق الريق بعد تجويز ابتلاعه, حيث قلنا بأن ابتلاع الريق من لوازم مضغ العلك وهو عادة تكون فيه هذه الاجزاء, فأفتراض أن ابتلاع الريق وان وجد له طعماً نتيجة المجاورة ليس الا, من دون أن يكون هذا نتيجة تفتت الاجزاء لا يخلو من صعوبة, حتى في كلمات الفقهاء عندما يقولون (إنه يجوز ابتلاع الريق وان كان فيه طعماً), وعلى كل حال ما يمكن أن يقال في المقام هو أن صدق الاكل غير واضح, ومن هنا يكون افتراض المبطلية غير تام, نعم اذا كان هناك وجود محسوس للأجزاء التي تفتت من العلك وانتقلت إلى الريق فحينئذ يمكن أن يقال بصدق الاكل عليه بناءً على تعميمه للأجزاء الصغيرة, ومنه يمكن أن يقال بالمفطرية.
ذكر السيد الحكيم (قد) في صورة تفتت الاجزاء (فيدخل في الأكل المفطر . إلا أن تكون الأجزاء مستهلكة في الريق، فالحكم بالإفطار حينئذ غير ظاهر) [3] أي أنه قيد المفطرية عندما يكون الانتقال بتفتت الاجزاء بما اذا لم تكن الاجزاء مستهلكة في الريق, والا لا داعي للحكم بالمفطرية, لأنه مع الاستهلاك ينتفي موضوع المفطرية وينبغي أن يُحكم بعدمها حينئذ.
اعترض السيد الخوئي (قد) على ذلك بقوله (وقد يقال بعدم البأس في صورة التفتت فيما إذا كانت الأجزاء المتفتتة مستهلكة في الريق، إذ لا موضوع حينئذ كي يصدق معه الأكل، نظير استهلاك التراب اليسير في الدقيق المصنوع منه الخبز فإنه لا مانع من أكله ولا يعد ذلك أكلا للتراب المحرم لانتفاء الموضوع بنظر العرف، وإنما يتجه المنع في المقام في فرض عدم الاستهلاك
. ويندفع بأن الممنوع لو كان هو الأكل لأمكن المصير إلى ما أفيد، إلا أن الواجب على الصائم إنما هو الاجتناب عن الطعام والشراب أي المأكول والمشروب بمقتضى صحيحة ابن مسلم : ( لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب . الخ ) ولا ينبغي الريب في عدم صدق الاجتناب عن المأكول فيما إذا بلع الأجزاء المتفتتة من العلك وإن كانت مستهلكة في الريق فإن الاستهلاك المزبور غير مجد في صدق الاجتناب وإن منع عن صدق الأكل، فلو فرضنا أن الصائم أخذ من السكر مقدارا يسيرا كحبة مثلا فمزجه بريقه إلى أن استهلك ثم أخذ حبة أخرى وهكذا إلى أن استكمل مثقالا من السكر طول النهار على سبيل التدريج بحيث أمكنه ايصال المثقال في جوفه ولكن على النهج المزبور، أو عمد إلى مقدار نصف استكان من الماء فأخذ منه قطرة فقطرة ومزجها بريقه فاستهلك وابتلع أفهل يمكن أن يقال أن هذا الشخص اجتنب عن الطعام في الأول وعن الشراب في الثاني نعم لا يصدق الأكل والشرب إلا أنه يصدق عدم الاجتناب عن المأكول والمشروب قطعا، فيضر بصومه بمقتضى الصحيحة المتقدمة ويوجب البطلان بل الكفارة، فلا فرق إذا بين الاستهلاك وعدمه، ولا موقع لهذا التفصيل)[4]
ذكرنا أن السيد الخوئي (قد) يكرر مطلب الاجتناب مراراً, وكأنه يفهم أن الاجتناب عن الطعام له مفهوم غير اجتناب الاكل, والحقيقة إنهما واحد, فأجتناب الطعام يعني اجتناب الاكل عرفاً, واجتنب الطعام يعني لا تأكل واجتنب الشراب يعني لا تشرب, ولا يفهم من اجتناب الطعام مفهوم اوسع من ترك الاكل بحيث أنه توجد موارد لا يصدق عليها الاكل ويصدق عليها عدم الاجتناب, فأجتنب الطعام كما في صحيحة محمد بن مسلم هي عبارة اخرى_ كما يفهم عرفاً_ عن ترك الاكل, وقد اعترف (قد) بأن التفصيل يكون تاماً عندما يكون الواجب هو ترك الاكل, لكنه قال أن الواجب ليس ترك الاكل وإنما هو اجتناب ا لطعام, ونحن نقول بأن اجتناب الطعام هو عبارة عن ترك الاكل, فالواجب هو ترك الاكل, والاكل في محل الكلام لا يصدق اذا كانت الذرات مستهلكة.
نعم قد نتوقف في المثال الذي ذكره السيد الخوئي (قد) (فلو فرضنا أن الصائم أخذ من السكر مقدارا يسيرا كحبة مثلا فمزجه بريقه إلى أن استهلك ثم أخذ حبة أخرى وهكذا إلى أن استكمل مثقالا من السكر طول النهار على سبيل التدريج بحيث أمكنه ايصال المثقال في جوفه ولكن على النهج المزبور) لكن ليس بأعتبار صدق الاكل عليه وإنما بأعتبار المناط على ما تقدم سابقاً, بأننا نحتمل احتمالاً معتداً به أن النهي عن الاكل ليس لخصوصية لعنوان الاكل في قبال ادخال الطعام من طريق آخر, وإنما الغرض منه هو ما يترتب عليه من حالة الشبع او ما شابه ذلك, فأن ذلك اذا تحقق بطريق آخر غير الاكل فأنا نتوقف فيه على نحو الاحتياط, كما تقدم سابقاً في نظائره كالمغذي وامثاله.
وكل ذلك في ما لو كانت الكمية التي تناولها من السكر مثلاً كثيرة, كما مثل السيد الخوئي (قد) , أما لو تناول ذرة واحدة من السكر خصوصاً من دون قصد ثم استهلكت في الريق وابتلعها فأنه لا يضر بالصوم.
ومن هنا يظهر أن ما يقوله السيد الحكيم (قد) تام, فلابد من تقييد قول الماتن (ما لم يكن ذلك بتفتت أجزاء منه) بعدم الاستهلاك, أي اذا لم تكن الاجزاء المتفتتة مستهلكة والا فلا دليل على المفطرية, والى هنا يتبين أنه لا بأس بمضغ العلك وان كان هناك حزازة وكراهة وهذا كله في غير العلك المتعارف في هذه الايام, لأنه توجد فيه مواد اخرى تدخل إلى الجوف, وكلامنا في العلك[5] الذي ليس له طعم أو له طعم خاص مثلاً.
ذكر بعض الفقهاء وجهاً آخر للجمع, وهو أنه يمكن حمل الروايات على التفصيل بين ما اذا وجد طعمه في ريقه وبين ما لو لم يجده فعلى الاول لا يجوز ويكون مفسداً للصوم, وعلى الثاني يكون جائزاً وغير مفسدٍ, وجعل صحيحة محمد بن مسلم شاهداً على هذا الجمع وذكر بأن الامام عليه السلام مضغ علكاً بأعتقاد إنه لا يجد طعماً ثم وجد له طعماً فقال(فوجدت في نفسي منه شيئا)[1] ونهاه على اثر ذلك بقوله (إياك أن تمضغ علكا) , وحينئذ تحمل صحيحة الحلبي على ما لو وجد طعماً في ريقه وتحمل معتبرة ابي بصير على ما لو لم يجد طعماً في ريقه, وهذه النتيجة تختلف عن النتيجة الاولى حيث أن الاولى تقول بأنه حتى لو وجد طعماً في ريقه فهو جائز على كراهة.
والذي يبدو أن هذا الجمع خلاف الظاهر, فأنه يتوقف على امرين لابد من التسليم بهما لكي نلتزم به, الأمر الاول هو أن نفسر قوله عليه السلام (فوجدت في نفسي منه شيئا) بوجدان طعمه في ريقه, والامر الثاني أن نلتزم بإمكان صدور الحرام من المعصوم اشتباهاً (من باب الاشتباه في الموضوع), فكأن الامام عليه السلام مضغ العلك وهو يعلم بأن حكمه الحرمة مع وجود طعمه في الريق, والحلية مع عدم وجود طعمه في الريق, فمضغه بتخيل عدم وجود الطعم وتبين عكس ذلك.
والظاهر أن كلا الامرين غير تام, أما بالنسبة إلى الأمر الاول فعلى الاقل من احتمال معنى آخر لهذا القول فأن المناسب لمعنى وجدان الطعم في الريق أن يقول وجدت طعمه في حلقي لا أن يقول (فوجدت في نفسي منه شيئا), لأن هذا القول من المحتمل قوياً أن يكون اشارة إلى الحزازة وعدم المناسبة للصوم, وأما بالنسبة إلى الأمر الثاني فالظاهر عدم امكان ذلك فأنه وان ذكروا في كتب العقائد بأن المعصوم لا يكون معصوماً بلحاظ الموضوعات الخارجية الا أن ذلك لا يعني جواز صدور الحرام منه اشتباهاً, ففرق بين صدور الحرام اشتباهاً وبين الاشتباه في الموضوع الخارجي الذي لا يستلزم صدور الحرام منه.
فإن ما يقال بأن المعصوم معصوم بلحاظ الاحكام الشرعية والتبليغ وليس معصوماً بلحاظ الموضوعات الشرعية لا يراد به أن يصدر الحرام منه من باب الاشتباه والخطأ, فأن هذا ممنوع, وان المعصوم لا يصدر منه الحرام وان كان اشتباهاً, وعلى تقدير أن نلتزم بذلك _عدم عصمته بلحاظ الموضوعات_ فنلتزم بأنه يشتبه بالموضوعات الخارجية التي لا يلزم منها صدور الحرام منه.
وبناءً على هذا يقال بأن ظاهر الرواية لا يساعد على هذا الجمع, وما صدر من المعصوم _مضغ العلك _ليس حراماً قطعاً, وحينئذ يقال بأن مضغ العلك ليس حراماً لأنه صدر من المعصوم, ومن هنا تكون هذه الرواية صريحة بالجواز, وتحمل عبارة (فوجدت في نفسي منه شيئا) على ضرب من الحزازة والكراهة وتكون مناسبة جداً للجمع الذي ذكروه بين الروايات وهو حمل صحيحة الحلبي على الكراهة.
وهذا الكلام كله مبني على أن الصوم الذي كان الامام فيه عند قوله (فإني مضغت اليوم علكا وأنا صائم) صوماً يحرم ابطاله وافساده, لكي يتم ما ذكرناه( من أن الحرام لا يصدر من المعصوم ومنه لا يكون مضغ العلك حراماً) وأما اذا فرضنا بأن الصوم كان مستحباً فمن أي جهة يكون مضغ العلك حراماً؟ فأنه ليس فيه حرمة ذاتية, ولا يكون حراماً الا على فرض أن الصوم واجب معين, فإذا فرضنا بأنه كان مستحباً فأن مضغ العلك لا يكون حراماً لا بعنوانه الاولي ولا بعنوان كونه مفسداً للصوم, فلو فرضنا بأن الامام عليه السلام كان يقصد صوماً مستحباً فيقول (فإني مضغت اليوم علكا وأنا صائم فوجدت في نفسي منه شيئا) فأنه ليس فيه دلالة على جواز مضغ العلك في الصوم الواجب المعين لأحتمال أن يكون مضغ العلك في الصوم المستحب جائزاً لكنه في الصوم الواجب المعين يكون حراماً, فلا نستطيع أن نستدل بهذه الرواية على أن مضغ العلك في صوم شهر رمضان ليس مفطراً وليس حراماً.
هذا ما يمكن أن يقال في هذه الرواية والظاهر أن ما ذكروه من الحمل على الكراهة هو المتعين في محل الكلام فيكون مضغ العلك جائزاً لكنه مكروه وفيه شيء من الحزازة.
قال السيد الماتن عطفاً على ما تقدم (ولا ببلع ريقه بعده وإن وجد له طعما فيه ما لم يكن ذلك بتفتت أجزاء منه بل كان لأجل المجاورة)[2]
فقوله (ولا ببلع ريقه بعده) أي بعد مضغ العلك والظاهر أنه لا خلاف فيه وذلك تمسكاً بأطلاق الروايات وان كان الاطلاق مقامياً بأعتبار الملازمة الواضحة بين مضغ العلك وبين بلع الريق عادةً, والاهم من ذلك عدم صدق الاكل على بلع الريق جزماً, ولا نحتمل صدق باقي المفطرات عليه.
ثم ذكر السيد الماتن(وإن وجد له طعما فيه) وهذا مقتضى القاعدة بأعتبار عدم صدق الاكل بمجرد وجود الطعم, فأنه كما لا يصدق الاكل على ابتلاع الريق المجرد عن الطعم كذلك لا يصدق على الريق الذي فيه طعم لأجل المجاورة لا بتفتت الاجزاء كما قيد بذلك السيد الماتن.
ومنه يظهر أن السيد الماتن يريد أن يقول أن المفطرية تثبت اذا انتقل الطعم من العلك الى الريق نتيجة تفتت الاجزاء, ومن هنا يرد سؤال أن المفطرية في المقام من أي باب؟؟
فليس لدينا عنوان يوجب المفطرية يحتمل انطباقه في المقام الا عنوان الاكل, فهل ينطبق عنوان الاكل على ابتلاع الريق الذي توجد فيه ذرات صغيرة من العلك؟؟ من الصعب جداً الالتزام بذلك.
ومن هنا يظهر أن حمل النص الوارد الذي يدل على الجواز على خصوص ابتلاع الريق ما لو وجد له طعماً بالمجاورة غير تامٍ, لأن اجزاء العلك تتفتت عادة وتدخل إلى الجوف عن طريق الريق بعد تجويز ابتلاعه, حيث قلنا بأن ابتلاع الريق من لوازم مضغ العلك وهو عادة تكون فيه هذه الاجزاء, فأفتراض أن ابتلاع الريق وان وجد له طعماً نتيجة المجاورة ليس الا, من دون أن يكون هذا نتيجة تفتت الاجزاء لا يخلو من صعوبة, حتى في كلمات الفقهاء عندما يقولون (إنه يجوز ابتلاع الريق وان كان فيه طعماً), وعلى كل حال ما يمكن أن يقال في المقام هو أن صدق الاكل غير واضح, ومن هنا يكون افتراض المبطلية غير تام, نعم اذا كان هناك وجود محسوس للأجزاء التي تفتت من العلك وانتقلت إلى الريق فحينئذ يمكن أن يقال بصدق الاكل عليه بناءً على تعميمه للأجزاء الصغيرة, ومنه يمكن أن يقال بالمفطرية.
ذكر السيد الحكيم (قد) في صورة تفتت الاجزاء (فيدخل في الأكل المفطر . إلا أن تكون الأجزاء مستهلكة في الريق، فالحكم بالإفطار حينئذ غير ظاهر) [3] أي أنه قيد المفطرية عندما يكون الانتقال بتفتت الاجزاء بما اذا لم تكن الاجزاء مستهلكة في الريق, والا لا داعي للحكم بالمفطرية, لأنه مع الاستهلاك ينتفي موضوع المفطرية وينبغي أن يُحكم بعدمها حينئذ.
اعترض السيد الخوئي (قد) على ذلك بقوله (وقد يقال بعدم البأس في صورة التفتت فيما إذا كانت الأجزاء المتفتتة مستهلكة في الريق، إذ لا موضوع حينئذ كي يصدق معه الأكل، نظير استهلاك التراب اليسير في الدقيق المصنوع منه الخبز فإنه لا مانع من أكله ولا يعد ذلك أكلا للتراب المحرم لانتفاء الموضوع بنظر العرف، وإنما يتجه المنع في المقام في فرض عدم الاستهلاك
. ويندفع بأن الممنوع لو كان هو الأكل لأمكن المصير إلى ما أفيد، إلا أن الواجب على الصائم إنما هو الاجتناب عن الطعام والشراب أي المأكول والمشروب بمقتضى صحيحة ابن مسلم : ( لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب . الخ ) ولا ينبغي الريب في عدم صدق الاجتناب عن المأكول فيما إذا بلع الأجزاء المتفتتة من العلك وإن كانت مستهلكة في الريق فإن الاستهلاك المزبور غير مجد في صدق الاجتناب وإن منع عن صدق الأكل، فلو فرضنا أن الصائم أخذ من السكر مقدارا يسيرا كحبة مثلا فمزجه بريقه إلى أن استهلك ثم أخذ حبة أخرى وهكذا إلى أن استكمل مثقالا من السكر طول النهار على سبيل التدريج بحيث أمكنه ايصال المثقال في جوفه ولكن على النهج المزبور، أو عمد إلى مقدار نصف استكان من الماء فأخذ منه قطرة فقطرة ومزجها بريقه فاستهلك وابتلع أفهل يمكن أن يقال أن هذا الشخص اجتنب عن الطعام في الأول وعن الشراب في الثاني نعم لا يصدق الأكل والشرب إلا أنه يصدق عدم الاجتناب عن المأكول والمشروب قطعا، فيضر بصومه بمقتضى الصحيحة المتقدمة ويوجب البطلان بل الكفارة، فلا فرق إذا بين الاستهلاك وعدمه، ولا موقع لهذا التفصيل)[4]
ذكرنا أن السيد الخوئي (قد) يكرر مطلب الاجتناب مراراً, وكأنه يفهم أن الاجتناب عن الطعام له مفهوم غير اجتناب الاكل, والحقيقة إنهما واحد, فأجتناب الطعام يعني اجتناب الاكل عرفاً, واجتنب الطعام يعني لا تأكل واجتنب الشراب يعني لا تشرب, ولا يفهم من اجتناب الطعام مفهوم اوسع من ترك الاكل بحيث أنه توجد موارد لا يصدق عليها الاكل ويصدق عليها عدم الاجتناب, فأجتنب الطعام كما في صحيحة محمد بن مسلم هي عبارة اخرى_ كما يفهم عرفاً_ عن ترك الاكل, وقد اعترف (قد) بأن التفصيل يكون تاماً عندما يكون الواجب هو ترك الاكل, لكنه قال أن الواجب ليس ترك الاكل وإنما هو اجتناب ا لطعام, ونحن نقول بأن اجتناب الطعام هو عبارة عن ترك الاكل, فالواجب هو ترك الاكل, والاكل في محل الكلام لا يصدق اذا كانت الذرات مستهلكة.
نعم قد نتوقف في المثال الذي ذكره السيد الخوئي (قد) (فلو فرضنا أن الصائم أخذ من السكر مقدارا يسيرا كحبة مثلا فمزجه بريقه إلى أن استهلك ثم أخذ حبة أخرى وهكذا إلى أن استكمل مثقالا من السكر طول النهار على سبيل التدريج بحيث أمكنه ايصال المثقال في جوفه ولكن على النهج المزبور) لكن ليس بأعتبار صدق الاكل عليه وإنما بأعتبار المناط على ما تقدم سابقاً, بأننا نحتمل احتمالاً معتداً به أن النهي عن الاكل ليس لخصوصية لعنوان الاكل في قبال ادخال الطعام من طريق آخر, وإنما الغرض منه هو ما يترتب عليه من حالة الشبع او ما شابه ذلك, فأن ذلك اذا تحقق بطريق آخر غير الاكل فأنا نتوقف فيه على نحو الاحتياط, كما تقدم سابقاً في نظائره كالمغذي وامثاله.
وكل ذلك في ما لو كانت الكمية التي تناولها من السكر مثلاً كثيرة, كما مثل السيد الخوئي (قد) , أما لو تناول ذرة واحدة من السكر خصوصاً من دون قصد ثم استهلكت في الريق وابتلعها فأنه لا يضر بالصوم.
ومن هنا يظهر أن ما يقوله السيد الحكيم (قد) تام, فلابد من تقييد قول الماتن (ما لم يكن ذلك بتفتت أجزاء منه) بعدم الاستهلاك, أي اذا لم تكن الاجزاء المتفتتة مستهلكة والا فلا دليل على المفطرية, والى هنا يتبين أنه لا بأس بمضغ العلك وان كان هناك حزازة وكراهة وهذا كله في غير العلك المتعارف في هذه الايام, لأنه توجد فيه مواد اخرى تدخل إلى الجوف, وكلامنا في العلك[5] الذي ليس له طعم أو له طعم خاص مثلاً.