36/07/28
تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات,
فصل المفطرات المذكورة كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة.....)
الكلام يقع في تعمد القيء بلحاظ الادلة :
وما يمكن أن يستدل به على وجوب الكفارة فيه امران: الدليل الخاص والدليل العام.
فالدليل الخاص: هو الروايات والنصوص الواردة في تعمد القيء التي اطلق فيها الافطار على تعمد القيء بدعوى أن هذه الروايات تعتبر من تعمد القيء افطر, وبضميمة الكبرى الكلية التي في صحيحة عبدالله بن سنان التي تقول (في رجل أفطر من شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر، قال : يعتق نسمة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا), ينتج أن تعمد القيء يترتب عليه الكفارة.
الدليل الثاني: هو أن نستغني عن الصغرى ونتمسك بالإطلاق الوارد في صحيحة عبدالله بن سنان بدعوى أن الافطار الواقع موضوعاً لوجوب الكفارة فيها يراد به افساد الصوم, فكل من افسد صومه فقد افطر, ومن افطر وجبت عليه الكفارة, وهذا ما عبرنا عنه سابقاً بالملازمة بين الافساد والافطار أو بالملازمة بين وجوب القضاء ووجوب الكفارة.
وهذان الدليلان ليسا تامين, وذلك لأن الدليل الثاني مبني على الملازمة بين الافساد والافطار والواقع أنه لا ملازمة بينهما, فالمشهور فرق بينهما والتزم في بعض الموارد بإفساد الصوم ووجوب القضاء ولم يلتزم بالكفارة كما في تعمد القيء, ومنه يتضح أنه لا يمكن الالتزام بأطلاق صحيحة عبدالله بن سنان لتشمل محل الكلام وان ذهب إلى ذلك جماعة منهم السيد الخوئي (قد).
أما الدليل الاول فقد تقدم سابقاً ايضاً وقلنا أنه لا يمكن اثبات أن اطلاق الافطار على تعمد القيء في نصوص القيء اطلاقاً حقيقياً, بل هو اطلاق مجازي كما تقدم, ولم نستفد من الرواية تنزيل الشارع تعمد القيء منزلة تعمد الاكل والشرب بقوله فقد افطر على غرار تنزيل الطواف في البيت منزلة الصلاة, لكي يُتمسك بعموم التنزيل لأثبات جميع اثار الاكل والشرب لتعمد القيء.
ومن هنا يظهر أنه لم يثبت دليل على وجوب الكفارة, لأنه لا يوجد غير هذين الدليلين, بل يمكن أن يقال بأن هناك ما يمكن أن يستفاد منه عدم وجوب الكفارة في المقام وهو:
الاول: الاصل.
الثاني: أن خمس روايات من روايات تعمد القيء تعرضت لوجوب القضاء وسكتت عن وجوب الكفارة, وقالوا بأن ذلك يشكل قرينة ويصلح أن يكون دليلاً على عدم وجوب الكفارة والا فلو كانت واجبة لكان المناسب ذكرها ولو في بعض الاحاديث على الاقل, وهذا من باب التمسك بالإطلاق المقامي لهذه الادلة حيث أن المفروض أن المتكلم في مقام بيان حكم تعمد القيء وما ذا يجب على الصائم الذي تعمد القيء وفي الجواب يذكر الامام عليه السلام وجوب القضاء ويسكت عن وجوب الكفارة وهذا ما ينعقد له اطلاق مقامي على عدم وجوب الكفارة.
الثالث :ما استدل به صاحب الجواهر وهو رواية مسعدة بن صدقة(عن أبي عبدالله، عن أبيه ( عليهما السلام ) أنه قال : من تقيأ متعمدا وهو صائم فقد أفطر وعليه الاعادة، فان شاء الله عذبه وإن شاء غفر له، وقال : من تقيأ وهو صائم فعليه القضاء)[1]
يقول صاحب الجواهر بأن ذيل الرواية كالصريح في عدم وجوب الكفارة بأعتبار أن الرواية ظاهرة في انها ناظرة إلى الذنب والاثم وتفترض أن هذا الفاعل ارتكب اثماً والمناسب حينئذ ذكر الكفارة لو كانت ثابتة, لأن الكفارة رافعة للإثم والذنب, وعدم ذكرها يكون كالصراحة في عدم وجوبها, ولكن الرواية ضعيفة سنداً بمسعدة بن صدقة.
وعلى كل حال فالذي نستظهره من الادلة هو انها ليست فيها دلالة على وجوب الكفارة أن لم يكن فيها دلالة على عدم وجوبها, فأن لم تدل على كل من الامرين فحينئذ يمكن التمسك بالأصل لنفي الوجوب.
هذا تمام الكلام في المورد الاول.
المورد الثاني: الكذب على الله وعلى رسوله بناءً على كونه مفطراً , وقد تقدم الخلاف في كونه مفطراً حيث تقدم أن جماعة ذهبوا على عدم كونه مفطراً _ أي لا يوجب القضاء وإنما يوجب الحرمة التكليفية فقط نعم قد تكون الحرمة مضاعفة من حيث كونه كذباً ومن حيث وقوعه في الصوم _منهم السيد المرتضى والحلي ابن ادريس والعماني والعلامة والمحقق واكثر المتأخرين.
والكلام فيه يختلف عن تعمد فكما عن صاحب الجواهر أن المعروف في أن من يقول بكونه مفطراً يقول بوجوب الكفارة, أي أن الكلام فيه على عكس ما في تعمد القيء.
ويأتي ما تقدم في تعمد القيء حيث يمكن الاستدلال بكلا الدليلين المتقدمين حيث أن الادلة اطلقت الافطار على الكذب على الله وعلى الرسول ايضاً وهذا هو الدليل الخاص وهذه النصوص تنقح الصغرى وبضمها إلى الكبرى (صحيحة عبدالله بن سنان) تترتب الكفارة.
والدليل الاخر هو أن نفس صحيحة عبدالله بن سنان تشمل بأطلاقها محل الكلام بعد دعوى أن المراد من (افطر) فيها افسد صومه.
واتضح ما في الدليلين مما تقدم, ويضاف إلى ذلك أن بعض الروايات التي استفيد منها عدم وجوب الكفارة توجد في المقام ايضاً وهي تعرض بعض نصوص الباب إلى القضاء والسكوت عن الكفارة, وهذا ما فيه دلالة على عدم وجوب الكفارة بعد فرض كون المتكلم في مقام بيان حكم _ وما يجب على من _تعمد الكذب على الله ورسوله وذلك كما في
رواية سماعة قال : سألته عن رجل كذب في رمضان ؟ فقال : قد افطر وعليه قضاؤه، فقلت : فما كذبته ؟ قال : يكذب على الله وعلى رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .) [2]
ورواية أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم (1)، قال : قلت : هلكنا ! قال : ليس حيث تذهب، إنما ذلك الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الائمة ( عليهم السلام ) .) [3]
ولا توجد رواية تقول بوجوب الكفارة.
المورد الثالث: الاحتقان بالمائع بناءً على أنه من المفطرات فالظاهر أن _كما يقول صاحب الجواهر_ المعظم ذهب إلى عدم وجوب الكفارة, ولم ينقل وجوبها الا عن قوم وهو ينقل ذلك عن الناصريات للسيد المرتضى, ولا يوجد في النصوص ما يصرح بوجوب الكفارة فيه ولا يوجد ما يطلق الافطار عليه كما في الموردين السابقين ومن هنا لا يبقى دليل خاص كما تقدم, ويبقى الدليل العام _التمسك بأطلاق صحيحة عبدالله بن سنان ودعوى ان المراد بأفطر افسد صومه, وقد تبين سابقاً بأنه ليس تاماً
المورد الرابع : الارتماس وقد تقدم الخلاف في افساده للصوم وقد ذهب البعض إلى تحريمه دون افساده للصوم وذهب بعض آخر إلى الكراهة تكليفاً وحينئذ لا مجال للقول بوجب الكفارة عند هؤلاء, وذهب جماعة إلى كونه مفسداً للصوم, ومنسوب إلى المشهور وحكي عن الانتصار للسيد المرتضى والغنية للسيد ابن زهرة الاجماع على أنه يوجب القضاء والكفارة, لكن هذه الدعوى _ الاجماع أو الشهرة_ غير تامة.
وعلى كل حال فهذا المورد كالاحتقان بالمائع لا يوجد دليل يدل على ترتب الكفارة عليه ولا يوجد دليل يطلق الافطار على تعمده فلا يبقى الا الدليل العام وتبين أنه غير تام ايضاً ومن هنا نستطيع القول أنه لا دليل على وجوب الكفارة في الارتماس.
المورد الخامس: ايصال الغبار الغليظ إلى الجوف وفيه خلاف في بطلان الصوم به, فقد ذهب جماعة إلى حرمته تكليفاً دون افساده للصوم والقائلون ببطلان الصوم به اختلفوا في أنه يوجب الكفارة أو لا , وقد تقدم سابقاً في أن النزاع قد يكون لفظياً لأن موضوع البحث ينبغي أن يكون هو الغبار العالق في الهواء الذي يدخل الجوف عن طريق التنفس, وليس الغبار الذي يتجمع في فم الصائم ثم يبتلعه فأن هذا مفطر بلا اشكال.
وبناءً على مفطرية ما يدخل من خلال التنفس فليس هناك اجماع ولا شهرة على كونه موجباً للكفارة ولا دليل على ذلك سوى امرين الاول هو الدليل العام المتقدم والثاني رواية تصرح بوجوب الكفارة فيه وهي رواية المروزي التي تقدم الحديث عنها مفصلاً, رواية سليمان بن جعفر المروزي (قال : سمعته يقول : إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أوكنس بيتا فدخل في انفه وحلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين، فان ذلك له مفطر مثل الاكل والشرب والنكاح .)[4]
فأن هذه الرواية تصرح بوجوب الكفارة لكن ناقشنا في سندها سابقاً ولم تثبت وثاقة المروزي, وكذلك الكلام في المتن _ الا على البناء بتبعيض الحجية_ حيث لا يمكن اثبات ذلك لمن استنشق متعمداً أو تمضمض أو شم رائحة.
ومن هنا يتبين _والله العالم _ التفريق بين المفطرات والالتزام بوجوب الكفارة في كل مفطر دلت الادلة على وجوب الكفارة فيه كما هو الحال في الجماع والاستمناء والبقاء على الجنابة متعمداً وكذلك الحال في الاكل والشرب وأما سائر المفطرات فالظاهر أنه من الصعب الالتزام بوجوب الكفارة فيها.
الكلام يقع في تعمد القيء بلحاظ الادلة :
وما يمكن أن يستدل به على وجوب الكفارة فيه امران: الدليل الخاص والدليل العام.
فالدليل الخاص: هو الروايات والنصوص الواردة في تعمد القيء التي اطلق فيها الافطار على تعمد القيء بدعوى أن هذه الروايات تعتبر من تعمد القيء افطر, وبضميمة الكبرى الكلية التي في صحيحة عبدالله بن سنان التي تقول (في رجل أفطر من شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر، قال : يعتق نسمة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا), ينتج أن تعمد القيء يترتب عليه الكفارة.
الدليل الثاني: هو أن نستغني عن الصغرى ونتمسك بالإطلاق الوارد في صحيحة عبدالله بن سنان بدعوى أن الافطار الواقع موضوعاً لوجوب الكفارة فيها يراد به افساد الصوم, فكل من افسد صومه فقد افطر, ومن افطر وجبت عليه الكفارة, وهذا ما عبرنا عنه سابقاً بالملازمة بين الافساد والافطار أو بالملازمة بين وجوب القضاء ووجوب الكفارة.
وهذان الدليلان ليسا تامين, وذلك لأن الدليل الثاني مبني على الملازمة بين الافساد والافطار والواقع أنه لا ملازمة بينهما, فالمشهور فرق بينهما والتزم في بعض الموارد بإفساد الصوم ووجوب القضاء ولم يلتزم بالكفارة كما في تعمد القيء, ومنه يتضح أنه لا يمكن الالتزام بأطلاق صحيحة عبدالله بن سنان لتشمل محل الكلام وان ذهب إلى ذلك جماعة منهم السيد الخوئي (قد).
أما الدليل الاول فقد تقدم سابقاً ايضاً وقلنا أنه لا يمكن اثبات أن اطلاق الافطار على تعمد القيء في نصوص القيء اطلاقاً حقيقياً, بل هو اطلاق مجازي كما تقدم, ولم نستفد من الرواية تنزيل الشارع تعمد القيء منزلة تعمد الاكل والشرب بقوله فقد افطر على غرار تنزيل الطواف في البيت منزلة الصلاة, لكي يُتمسك بعموم التنزيل لأثبات جميع اثار الاكل والشرب لتعمد القيء.
ومن هنا يظهر أنه لم يثبت دليل على وجوب الكفارة, لأنه لا يوجد غير هذين الدليلين, بل يمكن أن يقال بأن هناك ما يمكن أن يستفاد منه عدم وجوب الكفارة في المقام وهو:
الاول: الاصل.
الثاني: أن خمس روايات من روايات تعمد القيء تعرضت لوجوب القضاء وسكتت عن وجوب الكفارة, وقالوا بأن ذلك يشكل قرينة ويصلح أن يكون دليلاً على عدم وجوب الكفارة والا فلو كانت واجبة لكان المناسب ذكرها ولو في بعض الاحاديث على الاقل, وهذا من باب التمسك بالإطلاق المقامي لهذه الادلة حيث أن المفروض أن المتكلم في مقام بيان حكم تعمد القيء وما ذا يجب على الصائم الذي تعمد القيء وفي الجواب يذكر الامام عليه السلام وجوب القضاء ويسكت عن وجوب الكفارة وهذا ما ينعقد له اطلاق مقامي على عدم وجوب الكفارة.
الثالث :ما استدل به صاحب الجواهر وهو رواية مسعدة بن صدقة(عن أبي عبدالله، عن أبيه ( عليهما السلام ) أنه قال : من تقيأ متعمدا وهو صائم فقد أفطر وعليه الاعادة، فان شاء الله عذبه وإن شاء غفر له، وقال : من تقيأ وهو صائم فعليه القضاء)[1]
يقول صاحب الجواهر بأن ذيل الرواية كالصريح في عدم وجوب الكفارة بأعتبار أن الرواية ظاهرة في انها ناظرة إلى الذنب والاثم وتفترض أن هذا الفاعل ارتكب اثماً والمناسب حينئذ ذكر الكفارة لو كانت ثابتة, لأن الكفارة رافعة للإثم والذنب, وعدم ذكرها يكون كالصراحة في عدم وجوبها, ولكن الرواية ضعيفة سنداً بمسعدة بن صدقة.
وعلى كل حال فالذي نستظهره من الادلة هو انها ليست فيها دلالة على وجوب الكفارة أن لم يكن فيها دلالة على عدم وجوبها, فأن لم تدل على كل من الامرين فحينئذ يمكن التمسك بالأصل لنفي الوجوب.
هذا تمام الكلام في المورد الاول.
المورد الثاني: الكذب على الله وعلى رسوله بناءً على كونه مفطراً , وقد تقدم الخلاف في كونه مفطراً حيث تقدم أن جماعة ذهبوا على عدم كونه مفطراً _ أي لا يوجب القضاء وإنما يوجب الحرمة التكليفية فقط نعم قد تكون الحرمة مضاعفة من حيث كونه كذباً ومن حيث وقوعه في الصوم _منهم السيد المرتضى والحلي ابن ادريس والعماني والعلامة والمحقق واكثر المتأخرين.
والكلام فيه يختلف عن تعمد فكما عن صاحب الجواهر أن المعروف في أن من يقول بكونه مفطراً يقول بوجوب الكفارة, أي أن الكلام فيه على عكس ما في تعمد القيء.
ويأتي ما تقدم في تعمد القيء حيث يمكن الاستدلال بكلا الدليلين المتقدمين حيث أن الادلة اطلقت الافطار على الكذب على الله وعلى الرسول ايضاً وهذا هو الدليل الخاص وهذه النصوص تنقح الصغرى وبضمها إلى الكبرى (صحيحة عبدالله بن سنان) تترتب الكفارة.
والدليل الاخر هو أن نفس صحيحة عبدالله بن سنان تشمل بأطلاقها محل الكلام بعد دعوى أن المراد من (افطر) فيها افسد صومه.
واتضح ما في الدليلين مما تقدم, ويضاف إلى ذلك أن بعض الروايات التي استفيد منها عدم وجوب الكفارة توجد في المقام ايضاً وهي تعرض بعض نصوص الباب إلى القضاء والسكوت عن الكفارة, وهذا ما فيه دلالة على عدم وجوب الكفارة بعد فرض كون المتكلم في مقام بيان حكم _ وما يجب على من _تعمد الكذب على الله ورسوله وذلك كما في
رواية سماعة قال : سألته عن رجل كذب في رمضان ؟ فقال : قد افطر وعليه قضاؤه، فقلت : فما كذبته ؟ قال : يكذب على الله وعلى رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .) [2]
ورواية أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم (1)، قال : قلت : هلكنا ! قال : ليس حيث تذهب، إنما ذلك الكذب على الله وعلى رسوله وعلى الائمة ( عليهم السلام ) .) [3]
ولا توجد رواية تقول بوجوب الكفارة.
المورد الثالث: الاحتقان بالمائع بناءً على أنه من المفطرات فالظاهر أن _كما يقول صاحب الجواهر_ المعظم ذهب إلى عدم وجوب الكفارة, ولم ينقل وجوبها الا عن قوم وهو ينقل ذلك عن الناصريات للسيد المرتضى, ولا يوجد في النصوص ما يصرح بوجوب الكفارة فيه ولا يوجد ما يطلق الافطار عليه كما في الموردين السابقين ومن هنا لا يبقى دليل خاص كما تقدم, ويبقى الدليل العام _التمسك بأطلاق صحيحة عبدالله بن سنان ودعوى ان المراد بأفطر افسد صومه, وقد تبين سابقاً بأنه ليس تاماً
المورد الرابع : الارتماس وقد تقدم الخلاف في افساده للصوم وقد ذهب البعض إلى تحريمه دون افساده للصوم وذهب بعض آخر إلى الكراهة تكليفاً وحينئذ لا مجال للقول بوجب الكفارة عند هؤلاء, وذهب جماعة إلى كونه مفسداً للصوم, ومنسوب إلى المشهور وحكي عن الانتصار للسيد المرتضى والغنية للسيد ابن زهرة الاجماع على أنه يوجب القضاء والكفارة, لكن هذه الدعوى _ الاجماع أو الشهرة_ غير تامة.
وعلى كل حال فهذا المورد كالاحتقان بالمائع لا يوجد دليل يدل على ترتب الكفارة عليه ولا يوجد دليل يطلق الافطار على تعمده فلا يبقى الا الدليل العام وتبين أنه غير تام ايضاً ومن هنا نستطيع القول أنه لا دليل على وجوب الكفارة في الارتماس.
المورد الخامس: ايصال الغبار الغليظ إلى الجوف وفيه خلاف في بطلان الصوم به, فقد ذهب جماعة إلى حرمته تكليفاً دون افساده للصوم والقائلون ببطلان الصوم به اختلفوا في أنه يوجب الكفارة أو لا , وقد تقدم سابقاً في أن النزاع قد يكون لفظياً لأن موضوع البحث ينبغي أن يكون هو الغبار العالق في الهواء الذي يدخل الجوف عن طريق التنفس, وليس الغبار الذي يتجمع في فم الصائم ثم يبتلعه فأن هذا مفطر بلا اشكال.
وبناءً على مفطرية ما يدخل من خلال التنفس فليس هناك اجماع ولا شهرة على كونه موجباً للكفارة ولا دليل على ذلك سوى امرين الاول هو الدليل العام المتقدم والثاني رواية تصرح بوجوب الكفارة فيه وهي رواية المروزي التي تقدم الحديث عنها مفصلاً, رواية سليمان بن جعفر المروزي (قال : سمعته يقول : إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أوكنس بيتا فدخل في انفه وحلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين، فان ذلك له مفطر مثل الاكل والشرب والنكاح .)[4]
فأن هذه الرواية تصرح بوجوب الكفارة لكن ناقشنا في سندها سابقاً ولم تثبت وثاقة المروزي, وكذلك الكلام في المتن _ الا على البناء بتبعيض الحجية_ حيث لا يمكن اثبات ذلك لمن استنشق متعمداً أو تمضمض أو شم رائحة.
ومن هنا يتبين _والله العالم _ التفريق بين المفطرات والالتزام بوجوب الكفارة في كل مفطر دلت الادلة على وجوب الكفارة فيه كما هو الحال في الجماع والاستمناء والبقاء على الجنابة متعمداً وكذلك الحال في الاكل والشرب وأما سائر المفطرات فالظاهر أنه من الصعب الالتزام بوجوب الكفارة فيها.
[1] وسائل
الشيعة , الحر العاملي ,ج10 ,ص88, ابواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك , باب29,ح6,
ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة
, الحر العاملي ,ج10 ,ص33, ابواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك , باب2,ح1, ط آل
البيت.