1440/04/22
تحمیل
الأستاذ السيد علي اکبر الحائري
بحث الأصول
40/04/22
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: حجية الدليل العقلي/ العقل العملي/ القصور في عالم الحجية.
المرحلة الثالثة: القصور في عالم الحجية:
يدعى قصور الدليل العقلي عن الحجية نتيجة ردع الشارع عنه، ويمكن تصوير الردع بنحوين:
الأوّل: الردع عن الخوض في الأدلّة العقلية والتفكير فيها لاستنباط الحكم الشرعي، فينصب النهي على المقدمات التي تؤدي الى حصول القطع وليس على القطع نفسه، فإذا حصل القطع يكون حجة رغم أنّه ليس الطريق الصحيح والمرضي من قبل الشارع لتحصيل الاحكام الشرعية ولذا سيعاقب المكلف على ذلك لأنّه فوت الطريق الصحيح باختياره والذي أدّى به إلى القطع واضطر عندها لمتابعته، والاضطرار بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار.
الثاني: الردع عن نفس العمل بالقطع الحاصل بالدليل العقلي وسلب الحجية عنه.
والفارق بين النحوين امور:
منها: لو حصل القطع بالحكم الشرعي على أساس دليل عقلي من دون الخوض فيه متعمداً، كان معذوراً في العمل بقطعه على النحو الأول دون الثاني.
ومنها: البحث في النحو الأول إثباتي محض وعلى النحو الثاني ثبوتي وإثباتي.
أمّا البحث الثبوتي على الفرض الثاني:فقد أفاد الاصوليون في المقام: أن حجية القطع ذاتية، لا يمكن الردع عنها إذ لا يمكن التفكيك بين الشيء وذاتياته، وأرجعوا جميع الحجيات الأخرى اليها لأنّ ما بالعرض يرجع إلى ما بالذات، فوقعوا في مشكلات عويصة منها: كيفية تصوير حجية الأمارة بالعرض وإرجاعها الى ما بالذات. و منها: كيفية الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري.
وقد أوضح استاذنا الشهيد رحمه الله في بحث القطع، إنّ القطع بنفسه ليس حجة، فالقطع بأحكام غير الله لا حجية لها، وإنّما يكون حجة لو كان قطعاً بأوامر المولى الذي ثبت له حق الطاعة، لا في التكاليف المعلومة فقط بل المناسب لربوبيته وخالقيته أن يشمل دائرة التكاليف المحتملة والمظنونة.
وأمّا إمكان الردع عن حجية القطع فيمكن دفعه بوجهين:
الوجه الأول: أن حق المولوية تنجيزي وليس معلقاً على عدم اسقاط المولى له. ولا يمكن البرهنة على أن حق المولوية تنجيزياً أو تعليقياً. فإن سلم الأخباري بأن حق المولى تنجيزي فلا يمكن عندها الردع عن القطع، وإن لم يسلم فسوف يكون هذا الوجه دعوى مقابل دعوى، كل منهما يدعي وجدانيته.
الوجه الثاني: لو سلمنا أنّ حق المولوية معلقاً على عدم ورود الترخيص من قبل المولى. ولكن مع ذلك يستحيل صدور الترخيص من قبل المولى في حق القاطع لأن الترخيص أمّا يكون بحكم نفسي أو بحكم طريقي وكلاهما غير ممكن.
أمّا الحكم النفسي فواضح لأنّه يستلزم وقوع التضاد بين الأحكام في اعتقاد المكلف أو فيه وفي الواقع وذلك: لأنّ الحكم النفسي ينشأ عن مبادئ في نفس متعلقه والمفروض أنّ المكلف يقطع بحكم آخر له مبادئه، فيقع التضاد في اعتقاده على أقل تقدير.
وأمّا الحكم الطريقي فبأي تفسير فسّرناه فإنّما يتصور في حالة الشك فقط والقاطع لا شك عنده.