33-11-06
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
33/11/06
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضـوع:- تتمة مسـألــة ( 344 345 ) ، مسألة ( 346 ) / أحكــام السـعي / الواجـب الرابـع مـن واجبـات عمـرة التمـتع ( السعي ) / باب السعي / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
الوجه الثاني:- إنه لو أكمل أسبوعاً فهذا الأسبوع الجديد سوف تقع بدايته من المروة لا من الصفا ، ونحن نعرف أن السعي لا تكون بدايته من المروة.
وفيه:- إنه كسابقه ، يعني أن الحكم بالبداية من الصفا ليس حكماً عقلياً لا يقبل التخصيص ، وأي مانع من التخصيص ؟! وما ذكره(قده) هو اجتهاد في مقابل النص وهو غريب.
الوجه الثالث:- أن يقال إن المكلف من البداية حينما أضاف شوطاً سهواً قد قصد به أن يكون جزءاً من الأسبوع السابق لا أنه عبادة مستقلة والحال أنه لو أكمله بستة أشواط فسوف يقع عبادة مستقلة ، إذن ما قُصد لم يقع حيث قُصدت العبادة الجزئية بينما الذي وقع هو العبادة المستقلة وما وقع لم يقصد .
وجوابه:-
أولاً:- إن اللازم في باب السعي هو قصد عنوان السعي وقصد القربة أمّا أنه جزء عبادة أو أنه عبادة مستقلة فهذا خارج عن واجبات السعي ، ومع ذلك فلا معنى لإدخال ذلك في الحساب والتوقف من صحة الأسبوع الجديد لأجل ما ذكر.
وثانياً:- لو سلمنا أن ذلك معتبر أيضاً فنقول:- ما دام قد دلّ النص على أنه يضيف ستاً ويحسب له أسبوعا جديداً فلا معنى للتوقف آنذاك فانه كما ذكرنا اجتهاد في مقابل النص.
والخلاصة:- لا وجه للتوفق في صحة اضافة الأسبوع الجديد بعد دلالة النص - أعني صحيحة بن الجاج - عليه.
ثم إنه ينبغي أن يلتفت إلى أن المكلف تارة يزيد شوطاً واحداً وأخرى أقل من ذلك وأخرى أكثر ، وكلامنا إلى الآن كان فيمن زاد شوطاً واحداً وكان المناسب ما ذهب إليه المشهور وهو التخيير بين الاكمال بستة أو الاكتفاء بسبعة والغاء الزائد.
وأما إذا زاد أقل من شوط كنصفه فهل يثبت له الحكم المذكور - أعني يستحب إكماله اسبوعاً ؟
كلا فان صحيحة محمد بن مسلم دلت على أن من أتى بشوط واحدٍ استحب له الاكمال أما إذا أتى بالأقل فلا دليل على الاستحباب وإنما يلغي ما أتى به بعد الالتفات إلى أن الزيادة ما دامت عن سهوٍ فهي لا توجب البطلان بعد دلالة النص عليها.
وأما إذا كانت الزيادة أكثر من شوط كشوطين مثلاً فهل يستحب له الاكمال أيضاً ؟
والجواب:- إذا جزمنا بعدم الخصوصية للشوط الوحد أو أنه قام اجماع مركّب على أن حكم الشوطين كحكم الشوط الواحد فإما أنه يستحب في كليهما الاكمال بأسبوع أو أنه يقتصر في كليهما على ما أتى به ، فإنه إن تم أحد هذين فبها ونحكم باستحباب الاكمال بأسبوع ، وإلّا فيأتي المكلف بالأسبوع بنيّة رجاء المطلوبية فانه بالتالي يحتمل أن الإكمال بأسبوع مطلوب ، وهذا هو الأجدر.
والخلاصة من كل هذا:- إن من زاد شوطاً استحب له الاكمال بأسبوع ، ومن زاد أقل من شوط حذف الزائد وإن كان من حقه أن يأتي بما يكمل أسبوعاً برجاء المطلوبية ، وإن كان الزائد شوطين فالمناسب أن يأتي بما يكمل الأسبوع برجاء المطلوبية دون الاستحباب الشرعي . وبهذا انتهينا من هذه المسألة والمسألة التي بعدها [1] فانه قد دمجناهما معاً وبحثنا عنهما مرة واحدة.
مسألة ( 346 ):- إذا أنقص من أشواط السعي عامداً عالماً بالحكم أو جاهلاً به ولم يمكنه تداركه إلى زمان الوقوف بعرفات فسد حجّه ولزمته الإعادة من قابل والظاهر بطلان إحرامه أيضاً وإن كان الأولى العدول إلى حج الإفراد واتمامه بنيّة الأعم من الحج والعمرة المفردة.
وأما إذا كان النقص عن نسيان فان كان بعد الشوط الرابع وجب عليه تدارك الباقي حيثما تذكر ولو كان ذلك بعد الفراغ من الحج وتجب علية الاستنابة لذلك إذا لم يتمكن بنفسه من التدارك أو تعسر عليه ذلك ولو لأجل أن تذكره كان بعد رجوعه إلى بلده والأحوط حينئذ أن يأتي النائب بسعيٍ كاملٍ ينوي به فراغ ذمة المنوب عنه بالإتمام أو التمام.
وأما إذا كان نسيانه قبل الشوط الرابع فالأحوط أن يأتي بشوط كامل يقصد به الأعم من التمام والاتمام ومع التعسر يستنيب لذلك.
..........................................................................................................
هذه المسألة ترتبط بنقص بعض أشواط الطواف بينما السابقتان كانتا تتعرضان إلى حالة الزيادة وكان من المناسب دمج هذه المسألة في السابقة أيضاً فيقال هكذا ( المكلف يجب عليه الإتيان بسبعة أشواط في السعي ولكن قد يزيد أحياناً وقد ينقص أخرى ، أما الزيادة فلها شقوق ثلاثة العمدية والجهلية والسهوية ، وأما النقيصة فلها شقوق ثلاثة أيضاً ...... ).
ذكر(قده) في هذه المسألة ثلاث صور:-
الصورة الأولى:- أن ينقص المكلف بعض أشواط السعي عمداً أو جهلاً ، وحكم ذلك أنه إذا كان هناك سعة للموقف في عرفات فمن حق المكلف أن يسعى ويتم عمرته ولا شيء عليه ، وأما إذا فرض أنه تعمد الترك إلى أن ضاق الوقت على الموقف في عرفات فالمناسب بطلان عمرة التمتع وبالتالي لا يتمكن من الإتيان بحج التمتع في هذه السّنة ، وهل يحتاج في الإحلال من إحرامه إلى محلل - أي عمرة مفردة مثلاً ؟ كلا بل بنحّل إحرامه بشكل قهري غايته أن الأحوط له ذلك - أي الإتيان بعمرة مفردة أو بحج إفرادي - يقصد به الإحلال به فهو يكمل أعماله بنيّة الأعم من حجّ الإفراد والعمرة المفردة ، والا فالإحرام ينحّل من دون حاجة إلى ذلك.
الصورة الثانية:- أن يفترض أنه ينقص بعض الأشواط عن سهوٍ ويفترض أن النقيصة كانت بمقدار شوط واحد أو شوطين أو ثلاثة ، وفي مثل هذه الحالة أنه متى ما التفت - ولو بعد الحج فعليه أن يذهب ويكمل وإن لم يتمكن استناب ، نعم في حالة الاستنابة الأحوط للنائب أن يأتي بسعي كامل أعم من التمام والإتمام ، وأما إذا ذهب المكلف بنفسه فيكفيه الإتيان بالشوط أو الشوطين أو الثلاثة.
الصورة الثالثة:- أن يفترض أنه ينقص أكثر من ثلاثة أشوط كثلاثة ونصف أو أربعة ، وفي مثل هذه الحالة متى ما التفت أكمل بنفسه وإلّا فبالنائب ، والأحوط له في كلتا الحالتين أن يأتي بسعي كامل أعم من التمام والاتمام سواء كان بنفسه أو بالنائب ، وهذا خلاف الصورة السابقة إذ في السابقة قلنا أنه إذا ذهب بنفسه فيكمل السعي فقط من دون حاجة إلى الإتيان بالأعم أما هنا فالأحوط له وللنائب أن يأتيا بالأعم . هذا توضيح المسألة المذكورة.
وقبل أن نبين مدرك الحكم المذكور في هذه الصور ينبغي أن نلتفت إلى أنه إذا رجعنا إلى الروايات لم نجد رواية في حالة العمد وإنما توجد روايتان أو أكثر في حالة السهو ، وإذا لم توجد رواية فالحكم يكون على أساس التمسك بما تقتضيه القاعدة.
وباتضاح هذا نقول:- أما في حالة العمد وهكذا الجهل بعد فقد الرواية نتمسك بالقاعدة وهي تقتضي أنه إذا كان في الوقت لعرفات سعة أتى بالسعي الباقي - أي أكمله - ، وأما إذا لم يكن هناك سعة في الوقت [2] بطلت عمرته وبطل حجّه وعليه الإعادة من قابل لأنه لم يأتِ بالمأمور به ، وينحّل إحرامه بشكل قهري تمسكاً بالقاعدة أيضاً لأنه وإن أحرم سابقاً إلا أن الإحرام السابق مطلوب بنحو الترابط لا بنحو الاستقلالية أي أنه مطلوب مادام يمكن إلحاق بقية الأجزاء به فلو لم يمكن - ولو لسوء اختيار المكلف - فالإحرام الذي حصل لا يكون واقعاً بنحو المطلوبية بل ينكشف واقعاً أنه غير مطلوب لعدم امكان الحاق باقي الاجزاء به ولا أمر به وصحته تكون مبنيّة على الظاهر وبعد انكشاف الواقع وأنه لا يمكن الإلحاق لضيق الوقت ينكشف بطلانه كما هو الحال فيمن كبّر للصلاة اليومية ولم يُلحِق بها بقيّة الأجزاء فانها تبطل بشكل قهري إذ التكبير مطلوبٌ على تقدير الإتيان ببقيّة الأجزاء فإذا لم يأت بها فالتكبير لا يقع على صفة المطلوبية . نعم من باب احتمال أن الإحرام يقع واقعاً لا ظاهراً فقط استحب الإتيان بعملٍ أعم من حجّ الإفراد والعمرة المفردة والتحلل بذلك.
[1] أي المسألة 345 .
[2] هذا مع تحقق باقي الشروط الأخرى من الموالاة بين السعي والطواف وأما إذ لم تكن الموالاة متحققة فيعيد الطواف أيضاً ، وهذا واضح.