33/02/08
تحمیل
الموضوع :-
نهاية شرطية الطهارة من الخبث ، وبداية مسألة ( 297 ) / اشتراط الطهارة في الطواف / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
نهاية شرطية الطهارة من الخبث ، وبداية مسألة ( 297 ) / اشتراط الطهارة في الطواف / شروط الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي (قد).
استدراك:- قلنا في الدرس السابق ان هذه الرواية تدل على أن الطهارة من الخبث ليست شرطاً في صحة الطواف وإلا كيف حكم الإمام عليه السلام الاجزاء.
ثم قلنا:- قد يقال ان الإمام عليه السلام قد قال بعد ذلك ( ينزع ثوبه لما يأتي ) وهذا ينافي ذاك.
وأنا ذكرت في المحاضرة السابقة أنّا نحمل هذا على الحكم التكليفي ، فالنزع واجبٌ تكليفاً - أي هو واجب وكحكمٍ تكليفيٍ - غايته لا يكون شرطاً في الصحة كالارتماس في باب الصوم على رأي بعضٍ حيث أن هناك رأياً يقول بأن الارتماس حرام ولا يجوز للصائم تكليفاً ولكن لو فعله حتى عن عمد فذلك لا يوجب البطلان وهنا من هذا القبيل.
هذا ولكن نتراجع الآن ونقول:- ان هذا الذيل لا يتنافى مع عبارة الصدر والحكم المذكور فيه فان الذيل قال ( ينزع ثوبه للصلاة ) ولم يقل ( ينزع ثوبه لما بقي من الطواف ) فلو كان يقول ( ينزع ثوبه لما بقي من الطواف ) لكان المناسب هو الحمل على الحكم التكليفي كما ذكرنا ، ولكن المفروض أن هذا الذيل لم يقل ذلك بل قال ( ينزع الثوب لأجل الصلاة ) وغاية ما يدل عليه هو أن الصلاة مشروطة بالطهارة من الخبث أما أن الطواف مشروط بذلك فلا ، وعليه فلا منافاة بين ما ذكر في الذيل وبيت الحكم المذكور في الصدر فان الذيل ناظر إلى الصلاة دون الطواف ، وهذا مطلب واضح.
النقطة الثانية:- ان النجاسة المعفو عنها في الصلاة - أعني الدم الأقل من مقدار الدرهم - ليس معفواً عنها في باب الطواف على الأحوط ، والوجه في ذلك:- هو أن مدرك اعتبار الطهارة من الخبث في الطواف هو رواية يونس وإذا رجعنا إليها رأيناها مطلقة من هذه الناحية حيث جاء فيها ( رأيت في ثوبي شيئاً من دم وأنا أطوف ، قال:- فَعَرِّف الموضع ) وكلمة ( شيء ) كما تصدق على الدم الأكثر من درهم تصدق على الأقل منه فلو كان هناك فرقٌ لاستفصل الإمام عليه السلام وقال ( ان كان أقل من درهم فلا حاجة إلى أن تُعَرِّف الموضع وإذا كان أزيد فعرِّفه ) بينما أطلق الإمام عليه السلام ولم يُفَصِّل وهذا يدل على أن الحكم باشتراط الطهارة من الخبث في باب الطواف حكم عام لا يختص بما زاد عن مقدار الدرهم.
نعم لو كنا نستند إلى الرواية الأولى أعني النبوي الذي كان يقول ( الطواف بالبيت صلاة ) لكان المناسب هو التخصيص بالدم الأكثر من مقدار الدرهم فان ذلك هو المعتبر في باب الصلاة ومقتضى التنزيل مساواة الطواف للصلاة ، ولكن حيث أن المستند هو رواية يونس فالمناسب آنذاك التعميم من هذه الناحية.
وقد تسأل:- لماذا احتاط السيد الماتن(قده) ؟ أوليس المناسب له الفتوى لا الاحتياط ، أي أنه يفتي بأنه لا فرق بين الأكثر من الدرهم والأقل بعد فرض أن رواية يونس مطلقة من هذه الناحية.
والجواب:- يمكن أن تكون النكتة في ذلك أحد أمرين:-
الأول:- ان مستند اعتبار الطهارة هو رواية يونس وقد ذكرنا أنه قد ورد في سندها الحكم بن مسكين وهو لم تثبت وثاقته الا من خلال كامل الزيارات ، وهو (قده) قد احتاط لأمره مسبقاً ، أي كلما كان المدرك مأخوذاً من كامل الزيارات فانه لا يفتي بل يحتاط ، ولذلك عندما تراجع عن كبرى وثاقة كل من ورد في أسانيد كامل الزيارات سُئل (قده) عن أثر ذلك على مواقفه الفقهية وهل أثر عليها بشيء ؟ فأجاب:- كلا الا في مورد واحد وهو غسل زيارة الحسين عليه السلام ، فانه كان يقول باجزاءه عن الوضوء - أي كان استحبابه ثابتاً - ومعنى إجابته هذه هو أنه كان لا يفتي متى ما كان المدرك مأخوذاً من كامل الزيارات بل كان يحتاط ولذلك عندما تغيَّر موقفه من كامل الزيارات لم يؤثر ذلك على فتاواه شيئاً إذ بالتالي كانت هذه الموارد تشتمل على الاحتياط الوجوبي دون الفتوى فأُبقِيَ الاحتياط الوجوبي على حاله ولا توجد هناك فتاوى حتى يلزم تغييرها.
ولكن لو كانت هذه هي النكتة لكان المناسب له أن يصير إلى الاحتياط بالنسبة إلى أصل الشرطية والحال أنه قد أفتى حسب عبارة النسخة الموجودة عندي ولعله احتاط في نسخة أخرى بالنسبة الا أصل شرطية الطهارة في الطواف حيث قال ( الثالث من الأمور المعتبرة في الطواف الطهارة من الخبث فلا يصح الطواف مع نجاسة البدن أو اللباس ) ولم يقل ( على الأحوط ) فإذا أفتى بالنسبة إلى أصل الشرطية فلو كانت هذه هي النكتة للاحتياط فيلزمه أن يحتاط هنا أيضاً لا أن يفتي.
والثاني:- ذهاب المشهور إلى ذلك ، أي إلى أن الدم الأقل من الدرهم معفو عنه في باب الطواف ولأجل أن المشهور قد صار إلى ذلك تنزَّل(قده) من الفتوى إلى الاحتياط الوجوبي ، وهذه عادته في كل مورد كانت الصناعة تقتضي فيه شيئاً مخالفاً للمشهور.
وإذا كانت النكتة هي هذه فهي وجيهة شريطة أن تتم الصغرى وهي أن المشهور قد ذهب إلى التفصيل بين الأقل من الدرهم والأكثر فيكون المصير إلى الاحتياط الوجوبي هنا وجيه ، وهذه قضية جانبية ليست مهمة.
وهناك قضية جانبية أخرى:- قلنا لو كان المستند لشرطية الطهارة في الطواف هو الحديث النبوي فالمناسب التفصيل بين الأقل من الدرهم وبين ما زاد بينما لو كان المدرك هو رواية يونس فالمناسب هو التعميم وعدم التفرقة بين الأقل من الدرهم والأكثر.
ونسأل الآن:- لو فرض أنهما تمّا معاً سنداً ودلالةً فماذا يكون الموقف ؟
والجواب:- إنهما متفقان في شيء ومختلفان في شيء آخر ، فهما متفقان على أن الطهارة من الخبث شرط ، إذ تشترط الطهارة من الخبث في باب الصلاة فيكون النبوي بمقتضى التنزيل دالاً على اعتبار الطهارة في باب الطواف والمفروض أن رواية يونس تدل على ذلك أيضاً فمن هذه الزاوية لا يوجد اختلاف ومعارضة ، وإنما المعارضة هي في الدم الذي يقلّ عن مقدار الدرهم فان رواية يونس تعتبر الطهارة منه وعدم استثناءه بينما النبوي يدلّ على العكس فيتعارضان في حدود هذه المساحة ويتساقطان ونرجع إلى الأصل وهو يقتضي العدم حينما نشك في اعتبار الطهارة من الدم الأقل من الدرهم فانه شك في أصل الشرطية والأصل يقتضي العدم ، بمعنى أننا نشك هل أن ذمتنا اشتغلت بالحج المقيَّد بالطواف الذي لا يكون معه دم ولو أقل من درهم أو لا ؟ فنجري البراءة عن ذلك بعد اليقين بأنها قد اشتغلت بالحج المقيد بالطواف في الجملة ، أما ما كان مقيداً بالطهارة حتى من الدم الأقل من الدرهم فانه يشك باشتغال الذمة به فنجري البراءة.
إذن أجرينا البراءة في الحكم النفسي - أعني وجوب الحج - ولم نُجره في الطواف لأن الذمة مشتغلة بالحج فلابد وأن نلاحظ الوجوب النفسي المتعلق بالحج ، فهناك وجوب نفسي متيقن في الجملة وهناك وجوب مشكوك فنجري البراءة عن الوجوب المشكوك.
وتكون النتيجة على هذا الأساس هي عدم اعتبار الطهارة من الدم الأقل من الدرهم ، ولكن لا تصل النوبة إلى ذلك باعتبار أن هذا كلام فرضي.
مسالة ( 297 ):- لا بأس بدم القروح والجروح فيما يشق الاجتناب عنه ولا تجب إزالته عن الثوب والبدن في الطواف . كما لا بأس بالمحمول المتنجس . وكذلك نجاسة ما لا تتم الصلاة فيه .
..........................................................................................................
اشتملت المسألة على ثلاث نقاط ، والفارق بين هذه المسالة وبين ذيل المسالة المتقدمة هو أن ذيل السابقة كان ناظراً إلى خصوص الدم الأقل من الدرهم فانه معفو عنه في باب الصلاة بينما هذه المسالة ناظرة إلى سائر موارد العفو أي دم القروح والجروح والمحمول المتنجس وما لا تتم الصلاة فيه. والكلام يقع في نقاط ثلاث:-
النقطة الأولى:- لا بأس بدم القروح والجروح إذا شقّ التطهير كما هو الحال في باب الصلاة فلا فرق بين باب الصلاة وباب الطواف من هذه الناحية.