36/07/07
تحمیل
الموضـوع:- مسألة (
14 ) - المكاسب المحرمة -كتاب
التجارة.
وفي هذا المجال يمكن أن يقال:- إنّ الطائفة الأولى يمكن حملها على الكراهة أو على الاستحباب فإنها قالت:- ( لا تشتر المصحف ) يعني بما في ذلك الخط القرآني، وحيث إنّ هذا نهيٌ فيحمل على الكراهة بقرينة الطائفة الثانية التي دلّت على الجواز، أو نحمل النهي على الاستحباب حيث قالت بعد ذلك:- ( ولكن اجعل الثمن على الأوراق والدفتين ) فإذن يستحبّ أن تجعل الثمن بالشكل المذكور، فلك الحقّ أن تقول مكروهٌ بذلك المعنى - يعني جعل الثمن مقابل المصحف بما في ذلك الكتابة الكريمة -، أو تقول هي محمولة على استحباب جعل الثمن مقابل الأوراق والدّفّتين.
ولك أن تقول شيئاً ثالثاً:- إنّ ما تضمنته هذه الأخبار - يعني الطائفة الأولى - هو تكليفٌ صوريٌّ وأدبيٌّ وأخلاقيٌّ - إن صحّ التعبير - وكأنها تريد أن تقول إنّ كتاب الله عزّ وجلّ لا يليق أن يبذل بإزائه المال وهو فوق المال وإنما اجعل المال مقابل الأوراق والدّفّتين . ما ذكرته أوّلاً - يعني أن نحمله على الاستحباب أو الكراهة - مع هذا هو شيء واحد تقريباً من حيث الروح.
والخلاصة هي أنّنا نجمع بالشكل المذكور.
وما هو الشاهد على هذا الجمع ؟
والجواب:- إنّ المستند فيه قاعدة ( كلما اجتمع نصّ أو أظهر مع ظاهر وكانا متنافيين فيؤول الظاهر لحساب الصريح أو الأظهر )، فإنها قاعدة عرفية نطبقها في المقام، فإنّ الطائفة الأولى التي نهت وقالت:- ( لا تشتر المصحف ) ظاهر النهي فيها هو الحرمة، فأقصى ما هناك ظهورٌ لا أكثر من ذلك، بينما الطائفة الثانية قالت:- ( شراؤه أحبّ إليَّ من بيعه ) وهذا إن لم يكن نصّاً في الجواز فلا أقل هو أظهر من ذاك في الجواز فحينئذٍ تؤول الطائفة الأولى بقرينة الثانية ككلّ ظاهرٍ وأظهر أو صريحٍ أذا اجتمعا.
ولكن قد يعترض عليه بعدّة اعتراضات:-
الاعتراض الأوّل:- إنّ ما ذكر وإن كان وجيهاً ولكن بعض روايات الطائفة الأولى لا تقبل الحمل على الكراهة ولسانها آبٍ عن ذلك، حيث إنا قسّمنا الطائفة الأولى إلى ثلاثة أنحاء والنحو الثالث - أي رواية سماعة - كان يعبّر بالحرمة والحرام ثلاث مرّات فإنها قالت:- ( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:- لا تبيع المصاحف فإنّ بيعها حرام ...... وإيّاك أن تشتري منه الورق وفيه القرآن مكتوب فيكون عليك حراماً وعلى من باعه حراماً )[1].إذن كلمة حرام قد كرّرت ثلاث مرات وهي صريحة في الحرمة ولا تقبل الحمل على الكراهة.
وإذا قال قائل:- صحيح أنّ هذا النحو الثالث من الطائفة الأولى الذي عبّر بكلمة ( حرام ) لا يقبل الحمل على الكراهة ولكن النحو الأوّل والثاني يقبل ذلك فبالتالي نحمل هذه الطائفة بنحوها الأوّل والثاني على الكراهة.
قلت:- الجواب واضحٌ، فبالتالي هذا النحو الثالث هو من الطائفة الثالثة فلو سقط اثنان يبقى الثالث . إذن نحن حينما نريد أن نحمل النصوص على الكراهة فيلزم أن تقبل جميع النصوص ذلك فلو فرض أنّه بقي نصٌّ واحدٌ لا يقبل ذلك كفى في بقاء المعارضة على حالها.
وفيه:-
أوّلاً:- إنّ سند هذه الرواية - كما قلنا سابقاً - ضعيف حيث ورد فيه أبو عبد الله الرازي وهو الجاموراني الذي لم يوثق، وأيضاً ورد فيه الحسن بن علي بن أبي حمزة وهو لم يوثق ايضاً، فإذن سند هذه الرواية ضعيفٌ من ناحيتين.
ثانياً:- بقطع النظر عن السند يمكن أن يقال إنّ هذه الرواية تخالف جميع الروايات السابقة واللاحقة فإنها جميعاً تقول يجوز بذل الثمن على الورق والدّفّتين والغلاف وهذه الرواية تقول لا يصحّ على الورق حيث قالت:- ( وإياك أن تشتري منه الورق وفيه القرآن ) فهي مخالفة لتلك الروايات، وتلك الروايات عددها ست أو سبع وبذلك يمكن أن تشكّل عنوان السّنّة القطعيّة، فتكون هذه الرواية مخالفة للسّنّة القطعيّة إذن وما خالف السّنّة القطعية يطرح.
إن قلت:- إنّ الذي يطرح عندنا هو ما خالف كتاب الله - أو أنه زخرف أو على الجدار - أمّا ما خالف السّنّة القطعيّة فلا، فمن أين لك هذا ؟
قلت:- إنّ نفس ما دلّ على أنّ ما خالف كتاب الله يطرح هو الدليل، فالمقصود من كتاب الله عزّ وجلّ بما هو يمثل حكم الله القطعي، فالميزة والخصوصيّة هي لحكم الله القطعي، والسّنة القطعيّة ما دامت هي قطعيّة فهي تمثّل حكم الله القطعي، فكأنّ المقصود هو أنَّ ما خالف الحكم القطعي يطرح، والسنّة القطعيّة كذلك، فتكون هذه الرواية مخالفة للسّنّة القطعيّة.
ثالثاً:- إنّ الأصحاب قد هجروا مضمون هذه الرواية فإنّ الجميع يجوّز بيع الأوراق، نعم قد يقول البعض بالحرمة ولكن مقصوده هو حرمة بذل الثمن مقابل الكتابة بحيث يكون جزء من الثمن في مقابلها، أمّا أن يجعل الثمن في مقابل الأوراق فلا مشكلة فيه.
رابعاً:- وهو المهمّ، وهو إنّ الناقل لهذه الرواية هو سماعة بن مهران ونفس سماعة نقل روايةً عن الصادق عليه السلام بشكلٍ آخر فإنه في الرواية السابقة قال:- ( عن أبي عبد الله عليه السلام:- سألته عن بيع المصاحف وشرائها، فقال:- لا تشتر كتاب الله ولكن اشتر الحديد والورق والدفتين وقل اشتري منك هذا بكذا وكذا )[2]، فهو ينقل هنا عن الإمام عليه السلام أنه قال:- ( ولكن اشتر الحديد والورق والدفتين ) ، فإذن الورق يصحّ شراؤه، بينما ينقل في روايته الأخرى - التي هي في النحو الثالث - فيقول:- ( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:- لا تبيع المصاحف فإن بيعها حرام، قلت:- فما تقول في شرائها ؟ قال:- اشتر منه الدفتين والحديد والغلاف وإياك أن تشتري منه الورق وفيه القرآن مكتوب فيكون عليك حراماً )، فسماعة سأل من الإمام هنا وهناك سأله أيضاً ومن البعيد أنّه يسأل الإمام مرّتين عن شراء المصاحف فلابد وأنه سأل مرّةً واحدة ًوتلك المرّة الواحدة لا يدرى أهي هذه أو تلك، فإذن صار النقل مردّداً فلعلّ الصادر هو النقل الأوّل الذي يجوّز بيع الأوراق وليس فيه لفظ ( حرام ) أيضاً، فعلى هذا الأساس ترتفع المشكلة في البين.
خامساً:- سلّمنا أنّ هذه الرواية لا تقبل الحمل على الكراهة ولكن غاية ما يلزم هو أنّه يصير التعارض مستقراً ولا يلزم غير ذلك فيتساقطان فنرجع إلى المطلقات الدالّة على جواز البيع، وبذلك تعود النتيجة في صالح الجواز غايته انتهينا إليها لا من خلال الجمع بل من خلال التعارض المستقر.
إذن تبقى النتيجة كما هي وهي أنّه يجوز ذلك.
الاعتراض الثاني:- إنّ روايات الطائفة الأولى التي قسّمناها إلى ثلاثة أنحاء هي كثيرة العدد وتشكّل عنوان السّنّة القطعيّة بينما روايات الطائفة الثانية المجوّزة قليلة فتصير مخالفةً للسّنّة القطعيّة فتطرح الطائفة الثانية لمخالفتها للسنة القطعيّة.
وفيه:- إنّ المصير إلى هذا فرع تعثّر الجمع العرفي، أمّا بعد أن قبلنا الجمع العرفي بالحمل على الكراهة أو الاستحباب أو التكليف الصوري - ما شئت فعبّر – لا يعود هناك تعارض مستقر حتى نقول بطرح هذه الطائفة لمخالفتها للسّنّة القطعيّة.
الاعتراض الثالث:- إنّ الطائفة الثانية المجوّزة للبيع والتي قالت:- ( اشتريه أحب إليَّ من أن أبيعه ) هي ساكتة عن كيفية الشراء، أو إن شئت قلت:- هي مطلقة من هذه الناحية فتقيَّد بالطائفة الأولى التي قالت اجعل الثمن مقابل الأوراق والغلاف لا مقابل نفس المصحف، فيصير المورد من قبيل الاطلاق والتقييد، وهذا ما يظهر من الشيخ الأعظم(قده) في مكاسبه حيث قال في ردّ صحيح أبي بصير:- ( لا دلالة فيه على كيفية الشراء وأنّ الشراء والمعاوضة لابد وأن لا يقعا إلا على ما عدى الخطّ من القرطاس وغيره )[3]، وقال في ردّ رواية عنبسة الورّاق:- ( هي وإن كانت ظاهرة في الجواز إلّا أنّ ظهورها من حيث السكوت عن كيفية البيع في مقام الحاجة إلى البيان فلا تعارض ما تقدّم من الأخبار المتضمنة للبيان ).
أقول:- إنَّ الشيخ الأعظم(قده) ذكر جواباً لصحيحة أبي بصير وجواباً لرواية عنبسة وبادئ ذي بدءٍ يتخيل المراجع أنّ هذا الجواب يختلف عن الجواب الآخر بقرينة أنه فصل بينهما، ولكن أقول إنّ روح الجوابين واحدة وهذا الفصل لا داعي إليه، فأقصى ما عنده هو أنّه هناك سكوتٌ عن التفصيل - يعني إطلاق - فتكون تلك الروايات المفصلّة مقيِّدة لهذه.
وفي هذا المجال يمكن أن يقال:- إنّ الطائفة الأولى يمكن حملها على الكراهة أو على الاستحباب فإنها قالت:- ( لا تشتر المصحف ) يعني بما في ذلك الخط القرآني، وحيث إنّ هذا نهيٌ فيحمل على الكراهة بقرينة الطائفة الثانية التي دلّت على الجواز، أو نحمل النهي على الاستحباب حيث قالت بعد ذلك:- ( ولكن اجعل الثمن على الأوراق والدفتين ) فإذن يستحبّ أن تجعل الثمن بالشكل المذكور، فلك الحقّ أن تقول مكروهٌ بذلك المعنى - يعني جعل الثمن مقابل المصحف بما في ذلك الكتابة الكريمة -، أو تقول هي محمولة على استحباب جعل الثمن مقابل الأوراق والدّفّتين.
ولك أن تقول شيئاً ثالثاً:- إنّ ما تضمنته هذه الأخبار - يعني الطائفة الأولى - هو تكليفٌ صوريٌّ وأدبيٌّ وأخلاقيٌّ - إن صحّ التعبير - وكأنها تريد أن تقول إنّ كتاب الله عزّ وجلّ لا يليق أن يبذل بإزائه المال وهو فوق المال وإنما اجعل المال مقابل الأوراق والدّفّتين . ما ذكرته أوّلاً - يعني أن نحمله على الاستحباب أو الكراهة - مع هذا هو شيء واحد تقريباً من حيث الروح.
والخلاصة هي أنّنا نجمع بالشكل المذكور.
وما هو الشاهد على هذا الجمع ؟
والجواب:- إنّ المستند فيه قاعدة ( كلما اجتمع نصّ أو أظهر مع ظاهر وكانا متنافيين فيؤول الظاهر لحساب الصريح أو الأظهر )، فإنها قاعدة عرفية نطبقها في المقام، فإنّ الطائفة الأولى التي نهت وقالت:- ( لا تشتر المصحف ) ظاهر النهي فيها هو الحرمة، فأقصى ما هناك ظهورٌ لا أكثر من ذلك، بينما الطائفة الثانية قالت:- ( شراؤه أحبّ إليَّ من بيعه ) وهذا إن لم يكن نصّاً في الجواز فلا أقل هو أظهر من ذاك في الجواز فحينئذٍ تؤول الطائفة الأولى بقرينة الثانية ككلّ ظاهرٍ وأظهر أو صريحٍ أذا اجتمعا.
ولكن قد يعترض عليه بعدّة اعتراضات:-
الاعتراض الأوّل:- إنّ ما ذكر وإن كان وجيهاً ولكن بعض روايات الطائفة الأولى لا تقبل الحمل على الكراهة ولسانها آبٍ عن ذلك، حيث إنا قسّمنا الطائفة الأولى إلى ثلاثة أنحاء والنحو الثالث - أي رواية سماعة - كان يعبّر بالحرمة والحرام ثلاث مرّات فإنها قالت:- ( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:- لا تبيع المصاحف فإنّ بيعها حرام ...... وإيّاك أن تشتري منه الورق وفيه القرآن مكتوب فيكون عليك حراماً وعلى من باعه حراماً )[1].إذن كلمة حرام قد كرّرت ثلاث مرات وهي صريحة في الحرمة ولا تقبل الحمل على الكراهة.
وإذا قال قائل:- صحيح أنّ هذا النحو الثالث من الطائفة الأولى الذي عبّر بكلمة ( حرام ) لا يقبل الحمل على الكراهة ولكن النحو الأوّل والثاني يقبل ذلك فبالتالي نحمل هذه الطائفة بنحوها الأوّل والثاني على الكراهة.
قلت:- الجواب واضحٌ، فبالتالي هذا النحو الثالث هو من الطائفة الثالثة فلو سقط اثنان يبقى الثالث . إذن نحن حينما نريد أن نحمل النصوص على الكراهة فيلزم أن تقبل جميع النصوص ذلك فلو فرض أنّه بقي نصٌّ واحدٌ لا يقبل ذلك كفى في بقاء المعارضة على حالها.
وفيه:-
أوّلاً:- إنّ سند هذه الرواية - كما قلنا سابقاً - ضعيف حيث ورد فيه أبو عبد الله الرازي وهو الجاموراني الذي لم يوثق، وأيضاً ورد فيه الحسن بن علي بن أبي حمزة وهو لم يوثق ايضاً، فإذن سند هذه الرواية ضعيفٌ من ناحيتين.
ثانياً:- بقطع النظر عن السند يمكن أن يقال إنّ هذه الرواية تخالف جميع الروايات السابقة واللاحقة فإنها جميعاً تقول يجوز بذل الثمن على الورق والدّفّتين والغلاف وهذه الرواية تقول لا يصحّ على الورق حيث قالت:- ( وإياك أن تشتري منه الورق وفيه القرآن ) فهي مخالفة لتلك الروايات، وتلك الروايات عددها ست أو سبع وبذلك يمكن أن تشكّل عنوان السّنّة القطعيّة، فتكون هذه الرواية مخالفة للسّنّة القطعيّة إذن وما خالف السّنّة القطعية يطرح.
إن قلت:- إنّ الذي يطرح عندنا هو ما خالف كتاب الله - أو أنه زخرف أو على الجدار - أمّا ما خالف السّنّة القطعيّة فلا، فمن أين لك هذا ؟
قلت:- إنّ نفس ما دلّ على أنّ ما خالف كتاب الله يطرح هو الدليل، فالمقصود من كتاب الله عزّ وجلّ بما هو يمثل حكم الله القطعي، فالميزة والخصوصيّة هي لحكم الله القطعي، والسّنة القطعيّة ما دامت هي قطعيّة فهي تمثّل حكم الله القطعي، فكأنّ المقصود هو أنَّ ما خالف الحكم القطعي يطرح، والسنّة القطعيّة كذلك، فتكون هذه الرواية مخالفة للسّنّة القطعيّة.
ثالثاً:- إنّ الأصحاب قد هجروا مضمون هذه الرواية فإنّ الجميع يجوّز بيع الأوراق، نعم قد يقول البعض بالحرمة ولكن مقصوده هو حرمة بذل الثمن مقابل الكتابة بحيث يكون جزء من الثمن في مقابلها، أمّا أن يجعل الثمن في مقابل الأوراق فلا مشكلة فيه.
رابعاً:- وهو المهمّ، وهو إنّ الناقل لهذه الرواية هو سماعة بن مهران ونفس سماعة نقل روايةً عن الصادق عليه السلام بشكلٍ آخر فإنه في الرواية السابقة قال:- ( عن أبي عبد الله عليه السلام:- سألته عن بيع المصاحف وشرائها، فقال:- لا تشتر كتاب الله ولكن اشتر الحديد والورق والدفتين وقل اشتري منك هذا بكذا وكذا )[2]، فهو ينقل هنا عن الإمام عليه السلام أنه قال:- ( ولكن اشتر الحديد والورق والدفتين ) ، فإذن الورق يصحّ شراؤه، بينما ينقل في روايته الأخرى - التي هي في النحو الثالث - فيقول:- ( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:- لا تبيع المصاحف فإن بيعها حرام، قلت:- فما تقول في شرائها ؟ قال:- اشتر منه الدفتين والحديد والغلاف وإياك أن تشتري منه الورق وفيه القرآن مكتوب فيكون عليك حراماً )، فسماعة سأل من الإمام هنا وهناك سأله أيضاً ومن البعيد أنّه يسأل الإمام مرّتين عن شراء المصاحف فلابد وأنه سأل مرّةً واحدة ًوتلك المرّة الواحدة لا يدرى أهي هذه أو تلك، فإذن صار النقل مردّداً فلعلّ الصادر هو النقل الأوّل الذي يجوّز بيع الأوراق وليس فيه لفظ ( حرام ) أيضاً، فعلى هذا الأساس ترتفع المشكلة في البين.
خامساً:- سلّمنا أنّ هذه الرواية لا تقبل الحمل على الكراهة ولكن غاية ما يلزم هو أنّه يصير التعارض مستقراً ولا يلزم غير ذلك فيتساقطان فنرجع إلى المطلقات الدالّة على جواز البيع، وبذلك تعود النتيجة في صالح الجواز غايته انتهينا إليها لا من خلال الجمع بل من خلال التعارض المستقر.
إذن تبقى النتيجة كما هي وهي أنّه يجوز ذلك.
الاعتراض الثاني:- إنّ روايات الطائفة الأولى التي قسّمناها إلى ثلاثة أنحاء هي كثيرة العدد وتشكّل عنوان السّنّة القطعيّة بينما روايات الطائفة الثانية المجوّزة قليلة فتصير مخالفةً للسّنّة القطعيّة فتطرح الطائفة الثانية لمخالفتها للسنة القطعيّة.
وفيه:- إنّ المصير إلى هذا فرع تعثّر الجمع العرفي، أمّا بعد أن قبلنا الجمع العرفي بالحمل على الكراهة أو الاستحباب أو التكليف الصوري - ما شئت فعبّر – لا يعود هناك تعارض مستقر حتى نقول بطرح هذه الطائفة لمخالفتها للسّنّة القطعيّة.
الاعتراض الثالث:- إنّ الطائفة الثانية المجوّزة للبيع والتي قالت:- ( اشتريه أحب إليَّ من أن أبيعه ) هي ساكتة عن كيفية الشراء، أو إن شئت قلت:- هي مطلقة من هذه الناحية فتقيَّد بالطائفة الأولى التي قالت اجعل الثمن مقابل الأوراق والغلاف لا مقابل نفس المصحف، فيصير المورد من قبيل الاطلاق والتقييد، وهذا ما يظهر من الشيخ الأعظم(قده) في مكاسبه حيث قال في ردّ صحيح أبي بصير:- ( لا دلالة فيه على كيفية الشراء وأنّ الشراء والمعاوضة لابد وأن لا يقعا إلا على ما عدى الخطّ من القرطاس وغيره )[3]، وقال في ردّ رواية عنبسة الورّاق:- ( هي وإن كانت ظاهرة في الجواز إلّا أنّ ظهورها من حيث السكوت عن كيفية البيع في مقام الحاجة إلى البيان فلا تعارض ما تقدّم من الأخبار المتضمنة للبيان ).
أقول:- إنَّ الشيخ الأعظم(قده) ذكر جواباً لصحيحة أبي بصير وجواباً لرواية عنبسة وبادئ ذي بدءٍ يتخيل المراجع أنّ هذا الجواب يختلف عن الجواب الآخر بقرينة أنه فصل بينهما، ولكن أقول إنّ روح الجوابين واحدة وهذا الفصل لا داعي إليه، فأقصى ما عنده هو أنّه هناك سكوتٌ عن التفصيل - يعني إطلاق - فتكون تلك الروايات المفصلّة مقيِّدة لهذه.