34/08/02
تحمیل
الموضوع:- التفصيل الثاني ( التفصيل بين الشك في المقتضي والرافع ) / الاستصحـاب / الأصول العملية.
حجّة الشيخ النائيني(قده)
[1]
:- ذكر(قده)في توجيه هذا التفصيل ما حاصله:- إن حديث ( لا تنقض اليقين بالشك ) ينهى عن النقض العملي وليس عن النقض الحقيقي إذ بحسب الحقيقة قد انتقض اليقين بسبب طرو الشك انتقاضاً قهرياً وزال قهراً عند طروّ الشك فليس المطلوب إذن عدم النقض حقيقةً فإنه تكليف بما لا يطاق بعد فرض انتقاضه القهري وإنما المقصود هو النهي عن أنقض عملاً بمعنى أن اليقين يقتضي الجري العملي على وفق المتيقن وذلك الجري العملي يلزم إبقاؤه إلى حالة الشك فحينما كنت متيقناً بالوضوء كان الجري العملي يقتضي أن أدخل في الصلاة بلا اعادة للوضوء وأمس كتابة المصحف الشريف وغيرها وهذا الجري العملي يلزم إبقاؤه إلى حالة الشك . إذن المطلوب هو عدم نقض اليقين عملاً وعلى مستوى الجري العملي بالمعنى الذي أشرنا إليه - وهو أن اليقين بالوضوء يقتضي جرياً عملياً على طبق الوضوء وذلك الجري العملي يلزم إبقاؤه - .
هذه مقدمة ذكرها ولكنها لا تكفي للوصول إلى هذا الفصيل ولذا احتاج إلى ضمّ مقدمة ثانية وهي أساس المطلب وحاصلها:- إن اليقين إنما يقتضي الجري العملي على طبق المتيقن فيما إذا فرض أن المتيقن كان له اقتضاء واستعداد البقاء فإنه آنذاك اليقين المتعلق بمثل هذا المتيقن يقتضي الجري العملي على طبق المتيقن وأما إذا فرض أن المتيقن لم يكن له استعداد البقاء فاليقين المتعلق به لا يقتضي آنذاك الجري العملي على طبق المتيقن وبهذا نصل إلى ما أردنا اثباته - يعني التفصيل بين المقتضي والرافع - فإن المقصود بعدما كان هو النهي عن نقض الجري العملي والمفروض أيضاً أن اليقين إنما يقتضي الجري العملي على طبق المتيقن فيما إذا كان المتيقن له استعداد البقاء إنه إذا سلمنا بهذه المقدمة وتلك فلازمه أن النهي عن النقض العملي يختص بحالة ما إذا كان المتيقن له استعداد البقاء إذ في مثلها يكون اليقين مقتضياً للجري العملي على طبق المتيقن.
وذكر(قده) أيضاً أنه ينبغي أن يُفرَّق بين ما سلكه الشيخ الأعظم(قده) في حجّته وبين ما سلكته فإن الشيح الأعظم استند إلى تفسير اليقين بالمتيقن فإنه لما فسَّر اليقين بالمتيقن فحينئذ لا يصدق نقض المتيقن إلا إذا كان للمتيقن استعداد البقاء وأما إذا لم يكن له استعداد البقاء فحينئذ لا يصدق بنحو الحقيقة كما لا يصدق بنحو المجاز القريب وذلك بخلاف ما إذا كان له استعداد البقاء فيصدق بنحو المجاز القريب ، وأما أنا فأبقيت اليقين على ما هو عليه ولا أفسره بالمتيقن ولكنّي أقول إن المقصود من لفظ اليقين هو النقض العملي يعني لا تنقض اليقين بحسب الجري العملي واليقين إنما يقتضي الجري العملي فيما لو كان المتيقن مقتضياً للبقاء فما استند إليه فرقُهُ واضحٌ عمّا ذكره الشيخ الأعظم(قده).
واما إذا سألتني وقلت لماذا فسرت لانقض بالنقض العملي ؟ فقد اجبت وقلت إن النقض الحقيقي لا يمكن ان يكون مقصودا ومرادا فإن اليقين قد انتقض حقيقة ووجدانا بطرو الشك فلا مجال لأن يكون هو المقصود ويتعين أن يكون المقصود هو النقض العملي.
[1] فوائد الأصول، النائيني، ج4، ص373- 377.