33/11/24
تحمیل
الموضوع / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
وقد استدل شيخ الشريعة(قده) بعدّة وجوه:-
الوجه الأول:- الاستشهاد بمجموعة من النصوص التي هي شبيهة بالتركيب المذكور - أي ( لا ضرر ) - وقد قصد من ( لا ) النافية للجنس فيها النهي فيثبت من باب أن حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد أن الأمر كذلك في فقرة ( لا ضرر ) من قبيل ( لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج )
[1]
فان المقصود هو ( لا ترفث أيها المحرم أو أيها الحاج في حجك ولا تفسق ولا تجادل ) ومن قبيل ( قال فاذهب فان لك في الحياة أن تقول لا مساس )
[2]
يعني ( لا تمسوني ) فهو نفي بمعنى النهي ، ومن قبيل ( لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل ) من قبيل ( لا إخصاء في الاسلام ولا بنيان كنيسة ) ومن قبيل ( لا غش بين المسلمين ) ومن قبيل ( لا هجر بين المسلمين فوق ثلاثة أيام ) ... إلى آخر الموارد التي ذكرها(قده) وهي أربعة عشر مورداً.
وواضحٌ أن بعض هذه الموارد يمكن التشكيك فيها ويقال بأنه لا يقصد منها النهي التكليفـي مثـل ( لا سبق إلّا في خف أو حافر أو نصل ) ، فيمكن أن يقال إن المسابقة باطلة في غير هذه الموارد الثلاثة لا أنها حرام . نعم لا بأس بالشواهد الأخرى .
ثم قال(قده) بعد أن أتم ذكر الشواهد:- ( فيما ذكرنا كفاية في إثبات شيوع هذا المعنى في هذا التركيب ........ وفي ردّ من قال في ابطال احتمال النهي:- إن النفي بمعنى النهي وإن كان ليس بعزيز إلا أنه لم يُعهد من مثل هذا التركيب ) ويقصد بذلك الرد على الشيخ الخراساني فانه ذكر في الكفاية ( إن البعض يقول:- إن المقصود من " لا " هذه هو النهي ، ولكن نقول:- أن لا النافية وان كان تستعمل بمعنى النهي مثل لا في قوله " لا يعيد " أو " لا يتزوج بها " يعني لا يجوز له أن يتزوج بها ولكن التي تدل على النهي هي لا النافية الداخلة على الأفعال دون لا النافية الداخلة على الاسماء ) - وهذا غريب منه(قده) !! - فشيخ الشريعة أكثر من الشواهد ردّاً على من قال ان لا النافية وإن كانت تستعمل في النهي ولكن ليس بهذا التركيب.
وفيه:-
أولً:- ماذا يقصد(قده) من سرد هذه الشواهد ؟ فهل يقصد إثبات الإمكان والصلاحية فقط - أي من الممكن أن تستعمل لا النافية بمعنى النهي ولا مانع منه - ؟
فإن كان يقصد هذا فهو شيء وجيه ونحن نسلم معه الإمكان ولكن مجرد الإمكان لا يثبت الوقوع - أي لا يثبت أن كل تركيب من هذا القبيل قد قصد منه النهي دون النفي ومجرد ثبوت الإمكان هذا لا ينفعك.
وإن كان يقصد من ذكرها إثبات الوقوع - يعني يريد أن يقول:- إذن المقصود من كلمة ( لا ) في حديث لا ضرر هو النهي دون النفي -فجوابه واضح وهو أن الامكان لا يساوق الوقوع إذ بالتالي إن كلمة ( لا ) كما يصح استعمالها في النهي كما في الأمثلة التي ذكرها كذلك يصح استعمالها في النفي أيضاً من قبيل ( لا ربا بين الوالد وولده ) فإنه قصد بها النفي ، بل الأصل في ( لا ) النافية للجنس هو النفي دون النهي.
وثانياً:- لنا شواهد على العكس فكما هو أتى بشواهد لاستعمال كلمة لا في النهي هناك شواهد كثيرة أيضا استعملت كلمة لا فيها في النفي من قبيل ( لا سهو في سهو )
[3]
ومن قبيل ( لا سهو في نافلة ) ومن قبيـل ( لا نذر في معصية الله ) ومـن قبيـل ( لا رضاع بعد فطام ) ومـن قبيـل ( لا يمين في معصية الله ) ومن قبيل ( لا طلاق إلا على طهر ) ومن قبيل ( لا يتم بعد احتلام ) ومن قبيل ( لا طلاق قبل النكاح ) ومن قبيل ( لا عتق قبل الملك ) ..... وهكذا . إذن الشواهد من هذا الجانب هي كثيرة وعليه فما ذكره في الوجه الأول قابل للمناقشة.
[1] البقرة 195.
[2] طه 97.
[3] الوسائل 5 341- 25 من أبواب الخلل ح2.