33/11/06
تحمیل
الموضوع / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
النكتة الثالثة:- لو أردنا أن نتأمل في الحديثين - أعني حديث الشفعة وحديث فضل الماء - لوجدنا أنه لا ارتباط بين التعليل والمُعَلّل فالتعليل هو حديث ( لا ضرر ) والحكم المعلل هو ثبوت الشفعة وعدم جواز المنع من فضل الماء فإنه لا يوجد ربط بين هذا وذاك - كما سوف -نوضح ، وإذا أثبتنا ذلك فسوف يثبت أن حديث ( لا ضرر ) ليس ذيلاً وتكملة للحكم السابق عليه إذ المفرض أنه لا ربط بينهما وإنما هو شيءٌ مستقلٌ قد ذكره الراوي - أعني به عُقبة - من باب الجمع بين روايتين مستقلتين.
أما كيف أنه لا ربط بين التعليل والمعلل ؟
والجواب:- إننا تارةً نتحدث بالنسبة إلى حديث الشفعة وأخرى بالنسبة إلى حديث المنع من فضل الماء:-عدم الارتباط في حديث الشفعة:-
أما بالنسبة إلى حديث الشفعة فقد أوضح السيد الخوئي(قده)
[1]
كلام استاذه وبين وجهين لعدم الارتباط:-
الوجه الأول:- إن حديث ( لا ضرر ) إذا كان علّة للحكم بالشفعة فنحن نسأل ونقول:- أين الضرر في حالة بيع أحد الشريكين ؟ إن الضرر إما أن يكون في نفس بيع الشريك - يعني أن أحد الشريكين حينما يبيع على شخص آخر فهذا بنفسه يوجب الضرر على الشريك الثاني - وأخرى نفترض أن الضرر لا يكون في نفس البيع وإنما في لزومه.
فان كان الضرر في نفس البيع فالمناسب بطلانه رأساً إذ المفروض أن نفس البيع ضرري فإذا كان منفيّاً شرعاً وليس بممضىً فلازمه بطلان أصل البيع والحال أنه في باب الشفعة يقول الفقهاء تبعاً للنص أنه صحيح غاية الأمر أن الشريك يمكنه إعمال حق الشفعة فيدفع الثمن للمشتري ويأخذ منه الحصة التي باعها الشريك عليه ، فأصل البيع يبقى صحيحاً ولا يبطل وإنما للشريك الثاني إعمال حق الشفعة.
وإن إذا كان الضرر في لزوم البيع - وهذا هو المناسب فان الضرر بحسب الواقع هو في لزومه - فالمناسب بقاء البيع على الصحة غايته يكون من حق الشريك فسخ هذه المعاملة فيرجع الحصة التي أخذها المشتري ويسلمها إلى الشريك الذي باعها فيصير البيع الذي حصل كأنه لم يحصل لا أنه يأخذ الحصّة له وإلّا كان هذا إعمال لحق الشفعة بل المفروض أنه يفسخ المعاملة فيرجع كل شيء الى مكانه والأرض التي بيعت ترجع إلى الشريك السابق والمفرض أن هذا لا يقول به أحد من الفقهاء ولم يدل عليه النص.
إذن قاعدة ( لا ضرر ) إما أن تقتضي بطلان أصل البيع أو تقتضي فسخ المعاملة ورجوع الأرض إلى الشريك الذي باع ، وكلا هذين لا يقول به فقيه ولا يدل عليه النص ، وهذا هو ما قلناه من أنه لا ربط بين التعليل والمعلّل.
اللهم إلا أن نلتزم بشيء ثالث:- وهو أن البيع لمّا حصل فيريد الشارع أن يرفع ويتدارك ذلك الضرر ويجبره بعد تحققه ووقوعه فقال ( لا ضرر ولا ضرار ) وبذلك ثبت حق الشفعة استناداً إلى حديث ( لا ضرر ) من باب تدارك الضرر الحاصل.
وجوابه:- إن حديث ( لا ضرر ) يرفع الضرر لا أنه يتداركه ، والفرق بين رفع أصل الضرر وبين تداركه هو أن رفعه يعني محاولة الوقوف دون تحققه من البداية ، بينما التدارك يعني التسليم بتحقق الضرر ولكن يعطى المتضرر شيئاً من قبيل الدّية فيمن قُتل ولده أو أحد أقرباءه فإن الدّية لا ترفع الضرر غايته أنها تجبر شيئاً منه فيقال هنا أيضاً كذلك فإن الاستشهاد بحديث ( لا ضرر ) لإثبات حق الشفعة هو من باب تدارك الضرر لا رفعه من الأساس ، وهذه باطل كما قلنا لأن الحديث يرفع الضرر لا أن وظيفته جبران الضرر الحاصل.
وبهذا اتضح أن الاحتمالات في الاستشهاد بحديث ( لا ضرر ) لو كان ذيلاً حقاً هي ثلاثة وكلها باطلة فإذا بطلت ثبت أن حديث ( لا ضرر ) ليس ذيلاً وإنما الراوي زجّه في هذا المكان زجّاً . هذا ما ذكره السيد الخوئي(قده) كشرح لكلام أستاذه وتبنّاه أيضاً.
[1] مصباح الأصول 2 521 ط قديمة.