33/11/02
تحمیل
الموضوع / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
وفيه:-
أوّلاً:- ماذا يقصد شيخ الشريعة(قده) من وراء كلامه هذا فهل يقصد أن رواية عقبة لا ظهور لها في الذيلية رأساً أو أنه يسلم بظهورها في الذيلية لو خليّت وحدها ولكنه يرفع اليد عنه بسبب رواية عبادة.
وكلاهما قابل للمناقشة:-
أما الأول:- فاعتبار أننا ندّعي أن ظاهر رواية عقبة هو الذيلية وذلك للبيان التالي:- وهو أن رواية عقبة تشتمل على كلمة ( قال ) مرتين حيث ورد فيها هكذا ( عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بالشفعة بين الشركاء ، وقال:- لا ضرر ولا ضرار ) ، أما ( قال ) الأولى فواضح أن فاعلها هو الإمام الصادق عليه السلام ومقول القول هو ( قضى رسول الله .. ) ، وإنما مقصودي هو ( قال ) الثانية الواردة في جملة ( وقال:- لا ضرر ولا ضرار ) وفي فاعلها احتمالات أربعة:-
الاحتمال الأول:- أن يكون الناقل لها هو الإمام الصادق عليه السلام ولكن فاعل ( قال ) الثانية هو النبي صلى الله عليه وآله فالإمام يقول ( قال جدي:- لا ضرر ولا ضرار ) ، ونفترض أن هذا صدر من النبي وذاك الأول - أي قضى بالشفعة - في مجلس واحد ، وبناء على هذا الاحتمال يصير الربط واضحاً بين الحديث الأول والثاني حيث قد وردا في مجلس واحد وصدرا منه في مجلس واحد فيلزم أن يكون بينهما ارتباط وذيليّة ، وهذا الاحتمال لا ينفع شيخ الشريعة بل يضره.
الاحتمال الثاني:- نفس الأول ولكن فاعل ( قال ) الثانية هو النبي صلى الله عليه وآله ولكن ذكرهما في مجلسين والذي جمع بينهما هو الامام الصادق عليه السلام ، وهذا يضر شيخ الشريعة أيضاً رغم أنه جمعٌ بين روايتين مستقلتين باعتبار أن الجامع لهما هو الإمام الصادق عليه السلام وهذا معناه أن الحديث الثاني له ربط بالحديث الأول خصوصاً وقد وضعه الإمام عليه السلام بعد القضاء بالشفعة وقبل ( إذا أرِّفت الأرف .. ) ، فإذا كان الجامع هو الإمام وقد وضعه بهذا الشكل فهذا يدل على أنه أراد أن يبين علّة أو حكمة تشريع الشفعة من قبل النبي صلى الله عليه وآله وأنه شرعّها لأجل لا ضرر ولا ضرار فوضعها في هذا المكان لا يصير مناسباً ، وهذا الاحتمال يضر شيخ الشريعة أيضاً وبذلك تثبت الذيلية.
الاحتمال الثالث:- أن يكون القائل هو عقبة ، فعقبة هو الذي ينقل ويقول ( قال النبي:- لا ضرر ولا ضرار ) ففاعل ( قال ) يبقى هو النبي ولكن الذي ينقل مقولته هو عقبة ، وهذا الاحتمال هو الذي يريده شيخ الشريعة فانه يريد أن يقول إن عقبة هو الذي زجَّ ( قال ) الثانية والحديث الثاني في هذا المورد وإلّا فالنبي لم يفعل ذلك ولا الإمام الصادق.
ولكن هذا الاحتمال مخالف للظاهر والوجه في ذلك:- هو أن الرواية ابتدأت وقالت ( عن أبي عبد الله قال:- قضى رسول الله ... ) وحينما يستمر ويقول ( قال ) و ( قال ) فهذا معناه أن الامام بعدُ مستمر في كلامه لا أنه انقطع ثم أخذ عقبة بالنقل ، فهذا الاحتمال مخالف للظاهر فان الظاهر أن الذي ينقل القول الثاني هو نفس الذي ينقل القول الأول لا أن الذي ينقل الأول هو الإمام والذي ينقل الثاني هو عقبة ، وعليه فهذا الاحتمال لا ينفع شيخ الشريعة أيضاً.
الاحتمال الرابع:- أن يكون الناقل هو عقبة ولكن فاعل ( قال ) هو الإمام الصادق عليه السلام ، أي أن نفس الإمام الصادق عليه السلام يريد أن يبين حكماً في الشريعة الإسلامية من دون أن يريد أن ينقله عن جدّه ، وبناءً على هذا يصير الجمع جمعاً في الرواية ولكنه لا ينفع شيخ الشريعة إذ الامام الصادق عليه السلام حينما ذكر هذا الحكم عقيب ذلك الحكم الأول فهذا يدل على أنه يريد أن يبين حكمة ونكتة قضاء النبي صلى الله عليه وآله ، وحينئذ يلزم أن يكون بينهما ارتباط وذيليّة.
ومن خلال هذا اتضح أن الاحتمالات في ( قال ) الثانية أربعة ثلاثة منها لا تنفع شيخ الشريعة وهي الأول والثاني والرابع ، والذي ينفعه هو الثالث ولكنه مخالف للظاهر ، والظاهر هو أحد تلك الاحتمالات السابقة التي لا تنفعه.
والنتيجة:- إن أصل الظهور في الذيلية ينبغي أن يكون شيئاً مسلماً ولا معنى لأن ينكره شيخ الشريعة
[1]
.
وأما إذا كان مقصوده الاحتمال الثاني - كما هو ليس ببعيد - فهو يسلم أصل الظهور في الذيليّة ولكنه يقول لا بد من رفع اليد عنه لأجل رواية عبادة فانها ذكرت هذه الأقضية بعضها منفصل عن البعض الآخر.
فجوابه:- إن المناسب هو العكس ، أي جعل رواية عقبة - التي هي ظاهرة في الذيلية - هي الموجبة لرفع اليد عن ظهور رواية عبادة لا كما صنع هو(قده)والوجه في ذلك هو أن عبادة يريد أن يجمّع أقضية النبي صلى الله عليه وآله وأنه صدر منه القضاء الفلاني والقضاء الفلاني .... ولا يهمّه أن يكون هذا ذيلاً أو ليس بذيلٍ بل كل هدفه هو جمع الأقضية ومن الوجيه أن قضاء ( لا ضرر ) قد صدر من النبي صلى الله عليه وآله في مجلس واحد وقد صدر ذيلاً لحديث الشفعة ولكن عبادة ذكره بشكل مستقل لأن هدفه التجميع والذي هدفه كذلك بإمكانه أن يُقطّع الأقضية ويذكر كل واحد مستقلاً عن الآخر حتى لو كانت هناك ذيليّة وارتباط بينها . إذن ظهور رواية عقبة في الذيلية هو المقدّم لا أن ظهور رواية عبادة هو المقدّم والموجب لرفع اليد عن ظهور رواية عقبة في الذيليّة.
وثانياً:- هناك قرائن على خلاف ما ذكره شيخ الشريعة تساعد على الذيليّة:-
منها:- أن عقبة قد نقل قضية ( لا ضرر ) مرتين مرة في حديث الشفعة وأخرى في حديث فضل الماء فلو كان غرضه جمع الأقضية كما اتفق - أي كما أراد عبادة - فلا وجه لأن ينقل حديث ( لا ضرر ) مرتين ، وهذه قرينة قويّة ضدّ شيخ الشريعة يعني أن النقل مرتين يدل على أن عقبة كان ملتفتاً وليس هدفه مجرد التجميع وإنما هو نقل الرواية كما صدرت.
ومنها:- أنه في رواية الشفعة قد فُصِل بين فقرة ( إذا أرِّفت الأرف ) وفقرة ( قضى الرسول بالشفعة ) بحديث ( لا ضرر ) فلو كان هدف عقبة هو التجميع لكان من المناسب أن يذكر القضاءين ثم يذكر القضاء بـ( لا ضرر ) ولا يحتمل أنه لا يعرف إلى هذه الدرجة فمن المناسب أن يقول هكذا ( قضى النبي بالشفعة وقال:- إذا أرفت الأرف ..... ثم يقول وقال لا ضرر ) ، إذن زجّ ( لا ضرر ) بين هذين يدل على أنه يريد أن يذكر الحديث كما صدر.
ومنها:- إن كلمة ( قال ) كررت ثلاث مرات في حديث الشفعة ، يعني ( قال:- قضى النبي بالشفعة ، وقال:- لا ضرر ولا ضرار ، وقال:- إذا أرفت الأرف .... ) فلو كان الهدف هو التجميع كما صنع عبادة لكان المناسب الاكتفاء بـ( قال ) واحدة تذكر في البداية ثم بعد ذلك يقتصر على كلمة ( قضى ) فيقال هكذا ( قال:- قضى النبي بالشفعة ، وقضى بلا ضرر ، وقضى إذا ارفت الارف ) أو من دون تكرار كلمة ( قضى ) فتكرار كلمة ( قال ) يدل على أنه ليس بصدد مجرد التجميع.
ومنها:- من البعيد أن البني صلى الله عليه وآله يقضي بـ( لا ضر ) مستقلاً بل المناسب أن هناك قضيّة وهو يعلّلها بـ( لا ضرر ) لا أنه يذكره ابتداءً.
ثم إن شيخ الشريعة ذكر في كلامه أن عبادة من خيار الصحابة ، وما الهدف من ذلك ؟ لعله أراد أن يثبت أنه ثقة.
ولكن نقول:- إن وثاقة عبادة لا تكفي إلا إذا ثبتت وثاقة جميع السند فعبادة حتى لو كان ثقة ولكن البقيّة ليسوا كذلك - كما هو الواقع - فماذا تنفعنا وثاقته ؟!!.
وهناك قضايا جانبية أخرى ترتبط بكلامي ولكن المهم ما أشرت إليه.
[1] ان كان مقصوده هو هذا لأنه لم يبين هل أنه ينكر أصل الظهور أو أنه يقول بوجود ظهور ولكنه يرفع اليد عنه.