35/03/05
تحمیل
الموضوع:- التنبيه الخامس ( الاستصحاب في
الموضوعات المركبة ) / تنبيهات / الاستصحاب / الأصول العملية.
وأما بالنسبة الى ما أفاده السيد الخوئي(قده) فسيتضح التعليق عليه بعد بيان الوجه المناسب.
والوجه المناسب في المقام أن يقال:- إننا نوافق الشيخ الأعظم(قده) في مدّعاه ولكن نخالفه في الطريق والبرهان فنقول كما ذكر(قده) من إنه لا يجري الاستصحاب في معلوم التاريخ ويجري في مجهول التاريخ.
أما أنه لا يجري في معلوم التاريخ:- فلأن عدم الكريّة لو علمنا بأنه ارتفع وصار كرّاً وتبدّل الى الكريّة في الساعة الثالثة مثلاً وكان زمان الملاقاة مجهولاً فإذا أردنا أن نستصحب عدم الكريّة الى زمان الملاقاة - الذي تاريخه مجهول - فلعلّ زمان الملاقاة في علم الله عز وجل هو الساعة الثالثة التي نعلم فيها بتبدّل عدم الكريّة الى الكريّة فيصير المورد من نقض اليقين التفصيلي السابق باليقين التفصيلي اللاحق فإنه يوجد عندنا يقينٌ تفصيليّ سابق بأنه لا كريّة ولا ملاقاة في الساعة الأولى وعندنا يقينٌ تفصيليٌّ أيضاً بحدوث الكريّة في الساعة الثالثة فلا يجري الاستصحاب فيكون المورد لو أردنا أن نتمسك بعموم ( لا تنقض اليقين بالشك ) من التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة .
وأما أنه يجري في مجهول التاريخ - أعني بالنسبة الى الملاقاة - فالوجه في ذلك:- هو أن عدم الملاقاة كان محرزاً تفصيلاً وبنحو اليقين التفصيلي في الساعة الأولى فإن أردنا أن نستصحبه الى أزمنة عدم الكريّة أو الى نهاية زمان عدم الكريّة فلا يوجد زمانٌ نتيقّن فيه تفصيلاً بحصول الملاقاة لأن تاريخ الملاقاة قد فرضنا أنه مجهولٌ فمادام مجهولاً فلا يوجد زمنٌ نتيقن فيه يقيناً تفصيلياً بحدوث الملاقاة حتى يكون استصحاب عدم الملاقاة الى نهاية زمن عدم الكريّة من نقض اليقين باليقين التفصيلي كلّا إذ ليس عندنا يقينٌ تفصيليّ بزمن الملاقاة فنحن لا نعرف زمن الملاقاة فإنه مجهولٌ في مجهولٍ فلذلك يجري فيه الاستصحاب حينئذٍ من دون مانع.
إذن الحق هو التفصيل كما أفاد الشيخ الأعظم(قده) ووافقه على ذلك الشيخ النائيني وصاحب الكفاية - بل هو الرأي المعروف - ولكن النكتة التي استند إليها الشيخ الأعظم نكتة تقدّم المناقشة فيها ، وأما التي نتمسك بها فهي نكتة أخرى وحاصلها هو أن المعلوم لا يجري فيه الاستصحاب لكون استصحاب عدم الكريّة الى زمان الملاقاة يحتمل أنه من باب نقض اليقين التفصيلي باليقين التفصيلي وهذا بخلاف استصحاب عدم الملاقاة الى نهاية زمن عدم الكريّة - يعني الى الساعة الثالثة - فإنه لا نحتمل كونه من باب نقض اليقين التفصيلي باليقين التفصيلي إذ لا يقين تفصيلي بزمن الملاقاة حتى يكون مصداقاً لذلك.
وبهذا تتضح مناقشة السيد الخوئي(قده):- فإنه قال إن الاستصحاب يجري مطلقاً - يعني في المجهول وفي المعلوم - وقد اتضح من خلال ما ذكرناه أنه ينبغي أن يفصّل ويقال إنه في المعلوم لا يجري لاحتمال كون المورد من موارد نقض اليقين التفصيلي باليقين التفصيلي ويجري في المجهول لأنه لا يوجد هذا الاحتمال.
مثالٌ تطبيقي:- بعد أن عرفنا آراء الأعلام وما هو الصحيح في مسألة مجهولي التاريخ أو ما إذا كان أحدهما مجهولاً والآخر معلوماً نذكر مثالاً تطبيقياً وهو نفس مثال الكريّة والملاقاة ففي الساعة الأولى افترضنا أنا نعلم بعدم الكريّة وعدم الملاقاة ثم بعد ذلك علمنا بحدوث الكريّة وبحدوث الملاقاة جزماً وحينئذٍ نسأل ونقول ماذا نحكم على هذا الماء الذي أمامنا فهل نحكم عليه بالطهارة أو نحكم عليه بالنجاسة فإن ما سبق كان أشبه بإعطاء القانون والقاعدة والحكم الكليّ أما الآن نريد تشخيص حكم هذا المثال فهل نحكم بالطهارة أو نحكم بالنجاسة ؟
والجواب:- إذا كان حدوث الكريّة والملاقاة معاً مجهولي التاريخ فالمناسب عدم جريان استصحاب عدم الكريّة الى زمان الملاقاة وعدم جريان استصحاب عدم الملاقاة في زمان عدم الكريّة فلا هذا يجري ولا ذاك والنتيجة هي أننا نرجع الى أصل الطهارة فنحكم بطهارة الماء ، هذا على مختارنا الذي نقول فيه أنه لا يجري في مجهولي التاريخ . وأما على رأي الشيخ الأعظم(قده) - فهو يقول بأن الاستصحاب في حدّ نفسه قابلٌ للجريان ولكنّه يسقط بالمعارضة ولا يجري - فقد يقال:- إن المناسب هو الحكم بالنجاسة دون الطهارة فإن استصحاب عدم الكريّة الى زمن الملاقاة قابلٌ للجريان ولا محذور فيه في حدّ نفسه فيجري وهو يثبت النجاسة وأما الاستصحاب الآخر - أعني استصحاب عدم الملاقاة في زمان عدم الكريّة - فهو لا أثر له لأن المقصود من إجرائه إثبات الطهارة والطهارة مترتّبة على أن تكون الملاقاة في زمن الكريّة وليست مترتّبة على عدم الملاقاة في زمن عدم الكريّة فإن هذا لا يثبت الطهارة بل الذي يثبت الطهارة هو الملاقاة في زمن الكريّة فهذا الاستصحاب إذن ليس له أثر في حدّ نفسه فلا يكون قابلاً للجريان ، اللهم إلا أن تقصد من جريانه إثبات أن الملاقاة ّإذا لم تحصل في زمان عدم الكريّة فهي إذن قد حصلت في زمان الكريّة وبذلك تثبت الطهارة ولكن هذا أصل مثبت . إذن الاستصحاب الثاني لا يكون جارياً لأنه على أحد التقديرين لا أثر له وعلى التقدير الثاني هو أصلٌ مثبتٌ فعلى تقدير أن نجري استصحاب عدم الملاقاة فقط وفقط لإثبات عدم الملاقاة في زمان عدم الكريّة فهذا لا أثر له لأنه بالتالي هو لا يثبت الطهارة فإن الطهارة ليست مترتّبة على عدم الملاقاة في زمن عدم الكريّة بل هي مترتّبة على الملاقاة في زمن الكريّة مثلاً ، وعلى القدير الثاني - يعني إذا أريد إثبات أن الملاقاة ثابتة في زمن الكريّة - فهذا أصل مثبتٌ ، هكذا قد يخطر الى الذهن . فالنتيجة هي أن الاستصحاب الأوّل يكون جارياً من دون معارضةٍ فعلى رأي الشيخ الاعظم(قده) يكون من المناسب حينئذٍ الحكم بالنجاسة دون الطهارة لأن الأوّل يكون جارياً.
وأما بالنسبة الى ما أفاده السيد الخوئي(قده) فسيتضح التعليق عليه بعد بيان الوجه المناسب.
والوجه المناسب في المقام أن يقال:- إننا نوافق الشيخ الأعظم(قده) في مدّعاه ولكن نخالفه في الطريق والبرهان فنقول كما ذكر(قده) من إنه لا يجري الاستصحاب في معلوم التاريخ ويجري في مجهول التاريخ.
أما أنه لا يجري في معلوم التاريخ:- فلأن عدم الكريّة لو علمنا بأنه ارتفع وصار كرّاً وتبدّل الى الكريّة في الساعة الثالثة مثلاً وكان زمان الملاقاة مجهولاً فإذا أردنا أن نستصحب عدم الكريّة الى زمان الملاقاة - الذي تاريخه مجهول - فلعلّ زمان الملاقاة في علم الله عز وجل هو الساعة الثالثة التي نعلم فيها بتبدّل عدم الكريّة الى الكريّة فيصير المورد من نقض اليقين التفصيلي السابق باليقين التفصيلي اللاحق فإنه يوجد عندنا يقينٌ تفصيليّ سابق بأنه لا كريّة ولا ملاقاة في الساعة الأولى وعندنا يقينٌ تفصيليٌّ أيضاً بحدوث الكريّة في الساعة الثالثة فلا يجري الاستصحاب فيكون المورد لو أردنا أن نتمسك بعموم ( لا تنقض اليقين بالشك ) من التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة .
وأما أنه يجري في مجهول التاريخ - أعني بالنسبة الى الملاقاة - فالوجه في ذلك:- هو أن عدم الملاقاة كان محرزاً تفصيلاً وبنحو اليقين التفصيلي في الساعة الأولى فإن أردنا أن نستصحبه الى أزمنة عدم الكريّة أو الى نهاية زمان عدم الكريّة فلا يوجد زمانٌ نتيقّن فيه تفصيلاً بحصول الملاقاة لأن تاريخ الملاقاة قد فرضنا أنه مجهولٌ فمادام مجهولاً فلا يوجد زمنٌ نتيقن فيه يقيناً تفصيلياً بحدوث الملاقاة حتى يكون استصحاب عدم الملاقاة الى نهاية زمن عدم الكريّة من نقض اليقين باليقين التفصيلي كلّا إذ ليس عندنا يقينٌ تفصيليّ بزمن الملاقاة فنحن لا نعرف زمن الملاقاة فإنه مجهولٌ في مجهولٍ فلذلك يجري فيه الاستصحاب حينئذٍ من دون مانع.
إذن الحق هو التفصيل كما أفاد الشيخ الأعظم(قده) ووافقه على ذلك الشيخ النائيني وصاحب الكفاية - بل هو الرأي المعروف - ولكن النكتة التي استند إليها الشيخ الأعظم نكتة تقدّم المناقشة فيها ، وأما التي نتمسك بها فهي نكتة أخرى وحاصلها هو أن المعلوم لا يجري فيه الاستصحاب لكون استصحاب عدم الكريّة الى زمان الملاقاة يحتمل أنه من باب نقض اليقين التفصيلي باليقين التفصيلي وهذا بخلاف استصحاب عدم الملاقاة الى نهاية زمن عدم الكريّة - يعني الى الساعة الثالثة - فإنه لا نحتمل كونه من باب نقض اليقين التفصيلي باليقين التفصيلي إذ لا يقين تفصيلي بزمن الملاقاة حتى يكون مصداقاً لذلك.
وبهذا تتضح مناقشة السيد الخوئي(قده):- فإنه قال إن الاستصحاب يجري مطلقاً - يعني في المجهول وفي المعلوم - وقد اتضح من خلال ما ذكرناه أنه ينبغي أن يفصّل ويقال إنه في المعلوم لا يجري لاحتمال كون المورد من موارد نقض اليقين التفصيلي باليقين التفصيلي ويجري في المجهول لأنه لا يوجد هذا الاحتمال.
مثالٌ تطبيقي:- بعد أن عرفنا آراء الأعلام وما هو الصحيح في مسألة مجهولي التاريخ أو ما إذا كان أحدهما مجهولاً والآخر معلوماً نذكر مثالاً تطبيقياً وهو نفس مثال الكريّة والملاقاة ففي الساعة الأولى افترضنا أنا نعلم بعدم الكريّة وعدم الملاقاة ثم بعد ذلك علمنا بحدوث الكريّة وبحدوث الملاقاة جزماً وحينئذٍ نسأل ونقول ماذا نحكم على هذا الماء الذي أمامنا فهل نحكم عليه بالطهارة أو نحكم عليه بالنجاسة فإن ما سبق كان أشبه بإعطاء القانون والقاعدة والحكم الكليّ أما الآن نريد تشخيص حكم هذا المثال فهل نحكم بالطهارة أو نحكم بالنجاسة ؟
والجواب:- إذا كان حدوث الكريّة والملاقاة معاً مجهولي التاريخ فالمناسب عدم جريان استصحاب عدم الكريّة الى زمان الملاقاة وعدم جريان استصحاب عدم الملاقاة في زمان عدم الكريّة فلا هذا يجري ولا ذاك والنتيجة هي أننا نرجع الى أصل الطهارة فنحكم بطهارة الماء ، هذا على مختارنا الذي نقول فيه أنه لا يجري في مجهولي التاريخ . وأما على رأي الشيخ الأعظم(قده) - فهو يقول بأن الاستصحاب في حدّ نفسه قابلٌ للجريان ولكنّه يسقط بالمعارضة ولا يجري - فقد يقال:- إن المناسب هو الحكم بالنجاسة دون الطهارة فإن استصحاب عدم الكريّة الى زمن الملاقاة قابلٌ للجريان ولا محذور فيه في حدّ نفسه فيجري وهو يثبت النجاسة وأما الاستصحاب الآخر - أعني استصحاب عدم الملاقاة في زمان عدم الكريّة - فهو لا أثر له لأن المقصود من إجرائه إثبات الطهارة والطهارة مترتّبة على أن تكون الملاقاة في زمن الكريّة وليست مترتّبة على عدم الملاقاة في زمن عدم الكريّة فإن هذا لا يثبت الطهارة بل الذي يثبت الطهارة هو الملاقاة في زمن الكريّة فهذا الاستصحاب إذن ليس له أثر في حدّ نفسه فلا يكون قابلاً للجريان ، اللهم إلا أن تقصد من جريانه إثبات أن الملاقاة ّإذا لم تحصل في زمان عدم الكريّة فهي إذن قد حصلت في زمان الكريّة وبذلك تثبت الطهارة ولكن هذا أصل مثبت . إذن الاستصحاب الثاني لا يكون جارياً لأنه على أحد التقديرين لا أثر له وعلى التقدير الثاني هو أصلٌ مثبتٌ فعلى تقدير أن نجري استصحاب عدم الملاقاة فقط وفقط لإثبات عدم الملاقاة في زمان عدم الكريّة فهذا لا أثر له لأنه بالتالي هو لا يثبت الطهارة فإن الطهارة ليست مترتّبة على عدم الملاقاة في زمن عدم الكريّة بل هي مترتّبة على الملاقاة في زمن الكريّة مثلاً ، وعلى القدير الثاني - يعني إذا أريد إثبات أن الملاقاة ثابتة في زمن الكريّة - فهذا أصل مثبتٌ ، هكذا قد يخطر الى الذهن . فالنتيجة هي أن الاستصحاب الأوّل يكون جارياً من دون معارضةٍ فعلى رأي الشيخ الاعظم(قده) يكون من المناسب حينئذٍ الحكم بالنجاسة دون الطهارة لأن الأوّل يكون جارياً.