35/02/10
تحمیل
الموضوع:- التنبيه الخامس ( الاستصحاب في
الموضوعات المركبة ) / تنبيهات / الاستصحاب / الأصول العملية.
التفسير الأوّل:- وهو للشيخ العراقي(قده)[1] ومحصّله هو أنه لو كان لدينا ساعات ثلاث وفي الساعة الأولى نجزم بأن الماء مثلاً كان قليلاً وليس بكرٍّ كما ونجزم بأنه لم يلاقِ نجاسة ثم بعد ذلك حصل العلم إجمالاً بأن هذا الماء قد صار كرّاً إما في الساعة الثانية أو في الساعة الثالثة كما ونجزم بأن النجاسة لاقته إما في الساعة الثانية أو في الساعة الثالثة - إذن الساعة الثانية والساعة الثالثة حصلت فيهما إما الكريّة أو الملاقاة - فإذا كانت الكريّة قد حدثت في الساعة الثانية فالملاقاة قد حصلت في الساعة الثالثة وبالتالي يكون الماء طاهراً ولو انعكس انعكس - يعني لو كانت الملاقاة قد حصلت في الساعة الثانية فالكريّة قد حصلت في الساعة الثالثة وبذلك يكون الماء متنجّساً - وهذا معناه أنه في الساعة الثالثة نحن نعلم بأن الملاقاة حاصلة حتماً والكريّة حاصلة حتماً ولكن بداية الحصول هي مشكوكة فهل أن بداية الحصول هي الساعة الثانية أو هي الساعة الثالثة ، إذن الساعة الثالثة تكون فيها الكريّة والملاقاة هما متحققتان ، ونتمكن أن نقول أيضاً إن الساعة الثانية هي زمان المعلوم بالإجمال يعني أنّا نعلم اجمالاً بتحقّق الكريّة إما فيه أو في الساعة الثالثة ، وهكذا بالنسبة إلى الملاقاة فنحن نعلم بحصولها إما فيه أو في الساعة الثالثة ولكن الساعة الثالثة هي زمانٌ نعلم بتحقّقهما فيها معاً إذا أردنا أن نستصحب عدم الكريّة.
وباتضاح هذا نقول:- إذا أردنا أن نستصحب عدم الكريّة يعني من الساعة الأولى إلى واقع زمان الملاقاة فإن كان واقع زمان الملاقاة هو الساعة الثالثة فهذا معناه أن الكريّة قد حدثت في الساعة الثانية وبذلك حصل فاصلٌ بين تمام اليقين بعدم الكريّة - الذي هو الساعة الأولى - وزمان الشك - الذي هو الساعة الثالثة - لأنه هو زمان الملاقاة وزمان الشك فقد حصل فاصل بينهما بزمان حدوث الكريّة - يعني في الساعة الثانية - وحيث أن الكريّة في الساعة الثانية هي معلومة بالعلم الاجمالي فبالتالي حصل فاصلٌ بين زمان اليقين وزمان الشك بزمان وهو الساعة الثانية وهو زمان حدوث الكريّة بنحو العلم الاجمالي وبالتالي لا يصدق آنذاك نقض اليقين بالشك بل سوف يكون المورد من نقض اليقين باليقين لأن عدم الكريّة قد انتقض باليقين بحدوث الكريّة حيث إن الكريّة معلومة بالإجمال في الساعة الثانية . نعم لو كانت الملاقاة قد حدثت واقعاً وفي علم الله في الساعة الثانية فقد اتصل زمان اليقين بزمان الشك من دون فاصلٍ بينهما بيقينٍ معاكسٍ فيجري آنذاك الاستصحاب بلا مانعٍ وأما إذا كان زمان الملاقاة هو الساعة الثالثة فسوف يحصل فاصل بين زمان اليقين وزمان الشك بزمان الكريّة التي هي معلومة بالإجمال وهذا معناه أنه لا يجوز التمسك بعموم ( لا تنقض اليقين بالشك ) فإن المورد من موارد الشبهة المصداقيّة إذ نحتمل أن المورد من موارد نقض اليقين باليقين غايته هو نقضٌ لليقين التفصيلي باليقين الاجمالي فلا يجري الاستصحاب . انتهى ما أفاده(قده).
ومن هذا اتضح أن الفاصل بما هو فاصلٌ ليس بمانعٍ من جريان الاستصحاب وإنما المانع من جريانه هو باعتبار أن الفاصل يستوجب أو يكون المورد من باب نقض اليقين باليقين غايته هو نقضٌ لليقين التفصيلي باليقين الإجمالي وليس من موارد نقض اليقين بالشك فلا يجوز التمسك آنذاك بالعموم.
وفيه:- إن زمن الملاقاة لو كان هو الساعة الثالثة واقعاً فقد ذكر(قده) أن الساعة الثانية سوف تكون زمان حدوث الكريّة التي هي معلومة غايته بالعلم الاجمالي فالمورد يصير على هذا التقدير من موارد نقض اليقين باليقين ، ونحن نقول:- إن العلم الاجمالي وإن كان علماً من زاويةٍ ولكنّه شكٌّ من زاويةٍ أخرى فالساعة الثانية لا يمكن أن نشير إليها ونقول هي زمانٌ نعلمُ فيه بحدوث الكريّة بل الصحيح أن نقول هو زمانٌ نشكُّ فيه بحدوث الكريّة لا أنّا نعلم بحدوثها فإن العلم متعلّق بالجامع - أي بالأحد - يعني الساعة الثانية أو الثالثة أما الثانية بخصوصها فهي زمان شكٍّ وليست زمان علمٍ وهذا ينبغي أن يكون من الأمور الواضحة وإلا لو فرض أن شخصاً ادعى أن هذا من مصاديق العلم يعني أن نشير إلى الساعة الثانية نقول - لو كانت الكريّة فيها - هي زمان العلم بالكريّة فيلزم أن لا يجري الاستصحاب في أطراف العلم الاجمالي والحال أن جريانه شيءٌ مسلّم فلو فرض أنه يوجد عندنا إناءان متنجّسان ثم علمنا بأن الطهارة قد طرأت على أحدهما والحالة السابقة لهما كانت هي النجاسة فهل استصحاب النجاسة يجري أو لا يجري ؟ قالوا إن استصحاب النجاسة يجري - ولم يخالف في ذلك إلا الشيخ الأعظم(قده) في الرسائل للتناقض بين الصدر والذيل - في الإناء الأول واستصحاب بقاء النجاسة في الإناء الثاني والحال أنه كيف يجري استصحاب النجاسة في الإناء الأوّل إذ من المحتمل أن الطهارة قد طرأت عليه والمفروض أن الطهارة معلومة بالإجمال فيلزم أن يصير المورد من موارد نقض اليقين باليقين فماذا تجيب ؟ إن ما تذكره من جوابٍ نسحبه إلى مقامنا فالجواب هو أن نقول إن العلم الاجمالي يتعلق بالجامع لا أنه يتعلّق بهذا الطرف بخصوصه فبالتالي هذا الطرف نشكّ في بقاء النجاسة فيه وكذلك ذاك الطرف نشك في بقاء النجاسة فيه والعلم ليس متعلقاً بالطرفين وإنما هو متعلق بالجامع فإذن لا مشكلة من هذه الناحية . ونفس هذا نقوله في مقامنا يعني نقول:- صحيح أن الساعة الثانية هي زمان حدوث الكريّة وهي معلومة بالعلم الاجمالي ولكن هذا لا يعني أنه لا شكّ لنا بل تبقى الساعة الثانية هي زمان شكٍّ لا أنها زمان يقينٍ إذ اليقين متعلّق بالجامع – أي الأحد – أي بحدوث الكريّة في أحدى الساعتين لا بهذه الساعة الثانية.
إن قلت:- لعل الشيخ العراقي(قده) ذكر هذا الكلام بناءً على مبناه في باب حقيقة العلم الاجمالي فإنه يبني على أن العلم الاجمالي متعلّق بالواقع على خلاف ما ذهب اليه غيره الشيخ الاصفهاني(قده) حيث يقول إنه متعلق بالجامع وهكذا الشيخ النائيني ومادام هو يرى أنه متعلق بالواقع فبناء على هذا الرأي يكون علمنا الاجمالي متعلقاً بهذه الساعة بالخصوص فهي متعلّق العلم لا أنه يوجد شكٌّ فيتم ما أفاده(قده) بناءً على مبناه.
قلت:- صحيح أنه يرى أن العلم متعلّق بالواقع ولكنّه علمٌ مشوبٌ بالخفاء والغموض والتشويش نظير ما إذا رأيتُ شخصاً من بُعْدٍ فإني أشخّص أن هذا إنسانٌ حتماً ولكن لضعف العين لا أدري هل أنه زيدٌ أو عمرو فلو كان زيداً في الواقع فمتعلق الإبصار والنظر هو هذه الذات ولكن بالتالي هي ليست رؤية واضحة وإنما هي مشوبة بالخفاء ولذلك أشك وأقول هل هذا زيد أو هو عمرو رغم أن متعلّق الرؤية هو زيدٌ حتماً ، ومنه يتضح أنه على رأي الشيخ العراقي(قده) رغم أن العلم متعلّق بالواقع ولكن ذلك لا يتنافى مع صدق الشك فأنا أشك في أن رؤيتي متعلقة بزيدٍ . وعلى هذا الأساس حتى لو كانت الساعة الثانية هي متعلق العلم فهي مشوبة بالشك فيصدق آنذاك نقض اليقين بالشك . هذا كلّه بالنسبة إلى ما أفاده الشيخ العراقي(قده).
التفسير الأوّل:- وهو للشيخ العراقي(قده)[1] ومحصّله هو أنه لو كان لدينا ساعات ثلاث وفي الساعة الأولى نجزم بأن الماء مثلاً كان قليلاً وليس بكرٍّ كما ونجزم بأنه لم يلاقِ نجاسة ثم بعد ذلك حصل العلم إجمالاً بأن هذا الماء قد صار كرّاً إما في الساعة الثانية أو في الساعة الثالثة كما ونجزم بأن النجاسة لاقته إما في الساعة الثانية أو في الساعة الثالثة - إذن الساعة الثانية والساعة الثالثة حصلت فيهما إما الكريّة أو الملاقاة - فإذا كانت الكريّة قد حدثت في الساعة الثانية فالملاقاة قد حصلت في الساعة الثالثة وبالتالي يكون الماء طاهراً ولو انعكس انعكس - يعني لو كانت الملاقاة قد حصلت في الساعة الثانية فالكريّة قد حصلت في الساعة الثالثة وبذلك يكون الماء متنجّساً - وهذا معناه أنه في الساعة الثالثة نحن نعلم بأن الملاقاة حاصلة حتماً والكريّة حاصلة حتماً ولكن بداية الحصول هي مشكوكة فهل أن بداية الحصول هي الساعة الثانية أو هي الساعة الثالثة ، إذن الساعة الثالثة تكون فيها الكريّة والملاقاة هما متحققتان ، ونتمكن أن نقول أيضاً إن الساعة الثانية هي زمان المعلوم بالإجمال يعني أنّا نعلم اجمالاً بتحقّق الكريّة إما فيه أو في الساعة الثالثة ، وهكذا بالنسبة إلى الملاقاة فنحن نعلم بحصولها إما فيه أو في الساعة الثالثة ولكن الساعة الثالثة هي زمانٌ نعلم بتحقّقهما فيها معاً إذا أردنا أن نستصحب عدم الكريّة.
وباتضاح هذا نقول:- إذا أردنا أن نستصحب عدم الكريّة يعني من الساعة الأولى إلى واقع زمان الملاقاة فإن كان واقع زمان الملاقاة هو الساعة الثالثة فهذا معناه أن الكريّة قد حدثت في الساعة الثانية وبذلك حصل فاصلٌ بين تمام اليقين بعدم الكريّة - الذي هو الساعة الأولى - وزمان الشك - الذي هو الساعة الثالثة - لأنه هو زمان الملاقاة وزمان الشك فقد حصل فاصل بينهما بزمان حدوث الكريّة - يعني في الساعة الثانية - وحيث أن الكريّة في الساعة الثانية هي معلومة بالعلم الاجمالي فبالتالي حصل فاصلٌ بين زمان اليقين وزمان الشك بزمان وهو الساعة الثانية وهو زمان حدوث الكريّة بنحو العلم الاجمالي وبالتالي لا يصدق آنذاك نقض اليقين بالشك بل سوف يكون المورد من نقض اليقين باليقين لأن عدم الكريّة قد انتقض باليقين بحدوث الكريّة حيث إن الكريّة معلومة بالإجمال في الساعة الثانية . نعم لو كانت الملاقاة قد حدثت واقعاً وفي علم الله في الساعة الثانية فقد اتصل زمان اليقين بزمان الشك من دون فاصلٍ بينهما بيقينٍ معاكسٍ فيجري آنذاك الاستصحاب بلا مانعٍ وأما إذا كان زمان الملاقاة هو الساعة الثالثة فسوف يحصل فاصل بين زمان اليقين وزمان الشك بزمان الكريّة التي هي معلومة بالإجمال وهذا معناه أنه لا يجوز التمسك بعموم ( لا تنقض اليقين بالشك ) فإن المورد من موارد الشبهة المصداقيّة إذ نحتمل أن المورد من موارد نقض اليقين باليقين غايته هو نقضٌ لليقين التفصيلي باليقين الاجمالي فلا يجري الاستصحاب . انتهى ما أفاده(قده).
ومن هذا اتضح أن الفاصل بما هو فاصلٌ ليس بمانعٍ من جريان الاستصحاب وإنما المانع من جريانه هو باعتبار أن الفاصل يستوجب أو يكون المورد من باب نقض اليقين باليقين غايته هو نقضٌ لليقين التفصيلي باليقين الإجمالي وليس من موارد نقض اليقين بالشك فلا يجوز التمسك آنذاك بالعموم.
وفيه:- إن زمن الملاقاة لو كان هو الساعة الثالثة واقعاً فقد ذكر(قده) أن الساعة الثانية سوف تكون زمان حدوث الكريّة التي هي معلومة غايته بالعلم الاجمالي فالمورد يصير على هذا التقدير من موارد نقض اليقين باليقين ، ونحن نقول:- إن العلم الاجمالي وإن كان علماً من زاويةٍ ولكنّه شكٌّ من زاويةٍ أخرى فالساعة الثانية لا يمكن أن نشير إليها ونقول هي زمانٌ نعلمُ فيه بحدوث الكريّة بل الصحيح أن نقول هو زمانٌ نشكُّ فيه بحدوث الكريّة لا أنّا نعلم بحدوثها فإن العلم متعلّق بالجامع - أي بالأحد - يعني الساعة الثانية أو الثالثة أما الثانية بخصوصها فهي زمان شكٍّ وليست زمان علمٍ وهذا ينبغي أن يكون من الأمور الواضحة وإلا لو فرض أن شخصاً ادعى أن هذا من مصاديق العلم يعني أن نشير إلى الساعة الثانية نقول - لو كانت الكريّة فيها - هي زمان العلم بالكريّة فيلزم أن لا يجري الاستصحاب في أطراف العلم الاجمالي والحال أن جريانه شيءٌ مسلّم فلو فرض أنه يوجد عندنا إناءان متنجّسان ثم علمنا بأن الطهارة قد طرأت على أحدهما والحالة السابقة لهما كانت هي النجاسة فهل استصحاب النجاسة يجري أو لا يجري ؟ قالوا إن استصحاب النجاسة يجري - ولم يخالف في ذلك إلا الشيخ الأعظم(قده) في الرسائل للتناقض بين الصدر والذيل - في الإناء الأول واستصحاب بقاء النجاسة في الإناء الثاني والحال أنه كيف يجري استصحاب النجاسة في الإناء الأوّل إذ من المحتمل أن الطهارة قد طرأت عليه والمفروض أن الطهارة معلومة بالإجمال فيلزم أن يصير المورد من موارد نقض اليقين باليقين فماذا تجيب ؟ إن ما تذكره من جوابٍ نسحبه إلى مقامنا فالجواب هو أن نقول إن العلم الاجمالي يتعلق بالجامع لا أنه يتعلّق بهذا الطرف بخصوصه فبالتالي هذا الطرف نشكّ في بقاء النجاسة فيه وكذلك ذاك الطرف نشك في بقاء النجاسة فيه والعلم ليس متعلقاً بالطرفين وإنما هو متعلق بالجامع فإذن لا مشكلة من هذه الناحية . ونفس هذا نقوله في مقامنا يعني نقول:- صحيح أن الساعة الثانية هي زمان حدوث الكريّة وهي معلومة بالعلم الاجمالي ولكن هذا لا يعني أنه لا شكّ لنا بل تبقى الساعة الثانية هي زمان شكٍّ لا أنها زمان يقينٍ إذ اليقين متعلّق بالجامع – أي الأحد – أي بحدوث الكريّة في أحدى الساعتين لا بهذه الساعة الثانية.
إن قلت:- لعل الشيخ العراقي(قده) ذكر هذا الكلام بناءً على مبناه في باب حقيقة العلم الاجمالي فإنه يبني على أن العلم الاجمالي متعلّق بالواقع على خلاف ما ذهب اليه غيره الشيخ الاصفهاني(قده) حيث يقول إنه متعلق بالجامع وهكذا الشيخ النائيني ومادام هو يرى أنه متعلق بالواقع فبناء على هذا الرأي يكون علمنا الاجمالي متعلقاً بهذه الساعة بالخصوص فهي متعلّق العلم لا أنه يوجد شكٌّ فيتم ما أفاده(قده) بناءً على مبناه.
قلت:- صحيح أنه يرى أن العلم متعلّق بالواقع ولكنّه علمٌ مشوبٌ بالخفاء والغموض والتشويش نظير ما إذا رأيتُ شخصاً من بُعْدٍ فإني أشخّص أن هذا إنسانٌ حتماً ولكن لضعف العين لا أدري هل أنه زيدٌ أو عمرو فلو كان زيداً في الواقع فمتعلق الإبصار والنظر هو هذه الذات ولكن بالتالي هي ليست رؤية واضحة وإنما هي مشوبة بالخفاء ولذلك أشك وأقول هل هذا زيد أو هو عمرو رغم أن متعلّق الرؤية هو زيدٌ حتماً ، ومنه يتضح أنه على رأي الشيخ العراقي(قده) رغم أن العلم متعلّق بالواقع ولكن ذلك لا يتنافى مع صدق الشك فأنا أشك في أن رؤيتي متعلقة بزيدٍ . وعلى هذا الأساس حتى لو كانت الساعة الثانية هي متعلق العلم فهي مشوبة بالشك فيصدق آنذاك نقض اليقين بالشك . هذا كلّه بالنسبة إلى ما أفاده الشيخ العراقي(قده).