34/12/23
تحمیل
الموضوع:- تنبيهات / التنبيه الرابع ( الأصل
المثبت ) / الاستصحـاب / الأصول العملية.
وهناك إشكالان على هذه الثمرة أحدهما للشيخ النائيني والآخر للسيد
الشهيدأما إشكال الشيخ النائيني(قده):- وهو ما ذكره في أجود التقريرات[1] فإنه بعد أن نقل هذه الثمرة قال إنها باطلة والوجه في ذلك هو أن الحكم بتنجّس اليد حين إصابة بدن الحيوان يدور مدار أن التنجّس يحصل بالسراية أو أنه يحصل لا بها - يعني يكون موضوع التنجس مركباً من ملاقاة زائداً كون ذلك الشيء الملاقى متنجساً - فالتنجس يدور مدار هذا ولا يدور مدار أن بدن الحيوان يتنجّس ثم يطهر بزوال النجاسة أو أنه لا يتنجّس أبداً ؟ إنه لا يدور مدار هذين الاحتمالين حتى يصير موردنا ثمرة لهذين الاحتمالين كلّا بل إن هذين الاحتمالين لا مدخليّة لهما في هذه الثمرة وإنما التنجّس وعدمه يدور مدار شيءٍ آخر وهو أنه هل أن موضوع التنجّس بسيط أو مركب ؟ يعني هل هو السراية -وهو البسيط - أو هو الملاقاة زائداً كون الملاقى نجساً - وهذا معناه أن موضوع الحكم مركب – فالحكم بنجاسة اليد يدور مدار ذلك لا مدار ذينك الاحتمالين والوجه في ذلك هو إنه إذا قلنا بأن المدار في التنجّس هو السراية يعني يسري شيءٌ وتنتقل بغض الذرات المتنجسة من ذلك الجسم الملاقى الى الجسم الملاقي فمن الواضح إن استصحاب بقاء النجاسة لا يثبت السراية إلا بالأصل المثبت فإن الاستصحاب يقول إن النجاسة بعدُ موجودةٌ على بدن الحيوان أو أن بدن الحيوان هو نجس أما أن السراية قد حصلت فذلك لازمٌ عقليّ يعني لو فرض أن النجاسة موجودة والمفروض أن الرطوبة موجودة ففي مثل هذه الحالة يكون استصحاب بقاء النجاسة أقصى ما يقوله هو أن النجاسة بعدُ موجودة أما أنها قد سرت فلا وهذا لازم عقليّ من دون فرقٍ بين أن نبني على أن جسم الحيوان نجسٌ أو هو ليس بنجسٍ وإنما ما عليه هو النجس فإن هذا لا يؤثر فإن الاستصحاب يقول إن بدن الحيوان بعدُ باقٍ على النجاسة أو يقول إن الدم الذي على الحيوان بعدُ أما أنه قد سرت منه النجاسة وانتقلت منه الذرات إلى الجسم الملاقي فهذا أصلٌ مثبت ولا يقوله . هذا بناءً على أن موضوع التنجّس هو السراية.
وإذا بنينا على أن موضوع التنجس هو مركب - يعني من ملاقاة اليد مثلاً لذلك الجسم المتنجّس زائداً أن يكون ذلك الجسم الملاقى نجساً فبناءً على هذا نحكم بتنجّس اليد سواء بنينا على أن جسم الحيوان يتنجس أو لا فهذا لا يؤثر بل نحكم بأن اليد نجسة لأنها قد لاقت ذلك الجسم بالوجدان فالجزء الأول محرزٌ بالوجدان وكون ذلك الجسم هو الآن نجس ثابتٌ بالاستصحاب فتحقق كلا الجزأين فنحكم بتنجّس اليد ما دمنا قد بنينا على أن موضوع التنجّس مركّب من دون فرق بين أن نبني على أن جسم الحيوان يتنجّس أو لا.
وفيه:- إن ما ذكره بناءً على أن التنجس يحصل بالسراية - حيث قال لا نحكم بنجاسة اليد على كلا الاحتمالين - شيء وجيه ومتين وواضحٌ فإن استصحاب بقاء النجاسة لا يثبت أن النجاسة قد سرت الى يدي ولكن ما ذكره في الشقّ الثاني قابل للتأمل فإنه قال ( وأما إذا بنينا على أن موضوع التنجّس مركبٌ من جزأين فكلا الجزأين هنا ثابت أحدهما بالوجدان - أعني أصل الملاقاة - والثاني بالاستصحاب ) ، وهنا عندنا وقفه معه فنقول له:- إذا كان بدن الحيوان يتنجس فالجزء الأوّل نسلّم أنه ثابت بالوجدان لأن يدي قد وضعتها على بدن الحيوان وأجزم وأقول والله قد أصابت البدن فالملاقاة ثابتة بالوجدان بناءً على أن بدن الحيوان يتنجس ، أما إذا قلنا إن بدن الحيوان لا يتنجّس فلابد وأن أحرز أن يدي قد أصابت عين النجاسة دون البدن ومن قال إن يدي أصابت النجاسة على الاحتمال الأول يعني إذا كان البدن يتنجّس فأستطيع أحلف وأقول والله إن يدي أصابت بدن الحيوان أما على الاحتمال الثاني فاليد لابد وأن تصيب النجاسة ومن قال إن يدي أصابت النجاسة إلّا باستصحاب بقاء الدم على بدن الحيوان ومن الواضح إن استصحاب بقاء الدم لا يقول إن يدي أصابت الدم وإنما يقول إن الدم موجودٌ أما أن يدي أصابته فلا وهذا من الواضحات . إذن ظهرت الثمرة بين الاحتمالين فالثمرة إذن صحيحة. هذا بالنسبة إلى الإشكال الأول الذي أفاده الشيخ النائيني(قده) وقد اتضح التأمل فيه.
وأما اشكال السيد الشهيد(قده):- فهو أيضاً قد أبطل هذه الثمرة ولكن بالبيان التالي حيث قال:- إذا بنينا على أن بدن الحيوان لا يتنجس فاليد لابد وأن تصيب عين النجاسة ولا مثبت لذلك فلا نحكم حينئذٍ بتنجس اليد -وهذا إلى الآن تكرارٌ منه(قده) وليس شيئاً جديداً إذ أنه قال إن هذا مسلّم عندي وعندكم ولكن الخلاف هو في الاحتمال الثاني - وأما إذا نبينا على أن بدن الحيوان يتنجّس فانتم قلتم – أي المفصّلون – إنا نحكم بنجاسة اليد لأن اليد قد أصابت البدن بالوجدان وكون البدن نجساً ثابت بالاستصحاب وأنا أقول بل لا يمكن الحكم بنجاسة اليد فكما أنه على الاحتمال الأول- أي أن بدن الحيوان لا يتنجس - لا يمكن أن نحكم بتنجس اليد كذلك على هذا الاحتمال نقول إن اليد لا يمكن الحكم بتنجّسها فبطلت الثمرة إذن على كلا الاحتمالين ولا يمكن الحكم بتنجس اليد بها ، والوجه في ذلك هو أن بدن الحيوان إنما يكون نجساً وباقياً على النجاسة لو كانت الذرات المائيّة أو الدمّيّة أو البوليّة موجودة بعدُ إذ لو لم تكن موجودة فقد طهرت فلابد وأن تكون الذرات بعدُ موجدة على بدن الحيوان حتى تتنجّس يدي وحينئذ أقول أنت حينما تستصحب بقاء الذرات أو النجاسة ماذا تريد أن تثبت ؟ هل تريد أن تثبت أن يدي قد لامست الذرّات البوليّة الموجودة على البدن ؟ إن هذا أصلٌ مثبت كما هو واضح واتفقنا عليه فإن استصحاب بقاء الذرّات لا يقول إن اليد قد أصابت الذرات بل يقول الذرات موجودة أما أنها أصابت اليد فلا يقول ذلك ، وإذا أردت أن تثبت من خلال هذا الاستصحاب أن اليد تنجست بإصابة البدن - بناءً على أنه يتنجس - فجوابه إن البدن قد فرض أن عليه القطرات البوليّة ففي المرحلة الأولى اليد سوف تصيب الذرات البوليّة فتتنجّس بها وبالتالي لا تتنجّس بإصابة البدن لأنها قد تنجست في مرحلة زمنية أسبق فاستصحاب بقاء النجاسة لا يسمن ولا يغني من جوع بناءً - على أن بدن الحيوان يتنجّس - . إذن تنجس اليد بالبدن قطعيّ البطلان فاليد لا تتنجّس بإصابة البدن بناءً على هذا الاحتمال الثاني لأن النجاسة إذا لم تكن موجودة فبدن الحيوان طاهر وإذا كانت موجودة فاليد تتنجس بإصابة الذرّات البولية فلا تتنجس حينئذٍ بالبدن فالتنجس بالبدن مقطوع البطلان فبطلت الثمرة.