35/12/03
تحمیل
الموضوع:- الأخبار
العلاجية - أخبار التخيير.
الرواية السابعة:- ما ورد في فقه الرضا عليه السلام ، وهو ما نصّه:- ( والنفساء تدع الصلاة أكثر مثل أيام حيضها وهي عشرة أيام وتستظهر بثلاثة أيام ثم تغتسل فإذا رأت الدم عملت كما تعمل المستحاضة وقد روي ثمانية عشر يوماً وروي ثلاثة وعشرين يوماً وبأيّ هذه الأحاديث أخذ من جهة التسليم جاز )[1] ، ومضمونها الاجمالي أنّه وقع الكلام في أنّ أكثر فترة النفاس أيّ مقدار ؟ فهل هي كأكثر فترة الحيض - يعني عشرة أيام - أو أنها أكثر من ذلك من قبيل ثمانية عشر يوماً أو ثلاثة وعشرين يوماً ؟ والعبارة هنا تقول إنَّ النفساء تدع الصلاة أكثر مثل أيام حيضها ومن المعلوم أنّ أكثر فترة أيام الحيض هي عشرة ولذلك فسّرت الرواية بعد ذلك وقالت:- ( وهي عشرة أيام ) ، ثم قالت:- ( وتستظهر بثلاثة أيام ) والاستظهار هو قبل ظهور الحال ويكون ذلك بالترك فتترك الصلاة ثلاثة أيام إضافية فوق العشرة ثم تغتسل بعدها فإذا رأت الدم بعد ثلاثة عشر يوماً عملت كما تعمل المستحاضة ، ثم بيّنت الرواية وجود روايتين أخريين في هذا المجال ، وموضع الشاهد هو:- ( وبأيّ هذه الأحاديث أخذ من جهة التسليم جاز ) ، فدلالة الرواية إذن واضحة جداً.
ويرد على ذلك:-
أوّلاً:- إنّ مورد الروايات المذكورة خاصٌّ وهو النفساء ، فأقصى ما يثبت بين الروايات المتعارضة هو التخيير ولكن في خصوص النفساء ، فلعلّ هذا تساهلٌ بالنسبة إلى حكم النفساء . نعم من جزم بإلغاء الخصوصيّة لا بأس وأن يستنتج قاعدةً عامّةً تعمّ الموارد الأخرى ، أمّا إذا قلنا يوجد احتمال التسهيل من قبل الشارع في خصوص النفساء فلا يمكن أن نستفيد القاعدة الكلّية وأنَّ حكم التعارض بين الروايات دائماً وأبداً هو التخيير.
ثانياً:- يمكن أن نقول إنّ التخيير المذكور من العمل بالروايات ناشئ من التخيير الواقعي كما أشرنا إلى ذلك في أكثر من مورد ، فلعل الإمام عليه السلام خيّر لا لأجل أنَّ التخيير حكمٌ عامٌّ في باب المتعارضات وإنّما من جهة أنّه في خصوص المورد يكون المكلف مخيّر واقعاً ، فلأجل أنّه مخيّر واقعاً - أي النفساء مخيّرة واقعاً بين أن تجعل أكثر نفاسها ثلاثة عشر يوماً أو ثمانية عشر يوما أو ثلاثة وعشرون يوماً - حكم الإمام بالتخيير بالعمل بالروايات ، فالحكم بالتخيير في العمل بالروايات مرآة وناشئ من التخيير الواقعي . إذن هذا الاحتمال موجودٌ في المقام فلا يمكن استفادة قاعدة التخيير الظاهري بين الروايات من هذه الرواية.
ثالثاً:- إنّ نسبة الكتاب المذكور إلى الإمام الرضا عليه السلام لم تثبت كما أشرنا إلى ذلك مراراً.
وباختصار أقول:- إنّ الكتاب المذكور ظهر أوّل ما ظهر في زمان المجلسيَّين(قده) ، فقد نقل في البحار ما نصّه:- ( كتاب فقه الرضا عليه السلام أخبرني به السيد الفاضل المحدث القاضي أمير حسين طاب ثراه بعدما ورد أصفهان قال قد اتفق في بعض سنيّ مجاورة بيت الله الحرام أن أتاني جماعة من أهل قم حاجّين وكان معهم كتاب قديم يوافق تاريخ عصر الرضا عليه السلام . وسمعت الوالد أنه قال سمعت السيد يقول كان عليه خطه صلوات الله عليه وكان عليه إجازات جماعة كثيرة من الفضلاء وقال السيد حصل لي العلم بتلك القرائن أنّه تأليف الإمام عليه السلام فأخذت الكتاب وكتبته وصححته فأخذ والدي قدس الله روحه هذا الكتاب من السيد واستنسخه وصحّحه وأكثر عباراته موافقٌ لما يذكره الصدوق أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه من غير مستندٍ وما يذكره والده في رسالته إليه وكثير من الأحكام التي ذكرها أصحابنا ولا يعلم سندها مذكورة فيه )[2].وقد نقل السيد بحر العلوم في فوائده في خصوص السيد أمير حسين ما نصّه:- ( القاضي أمير حسين هو السيد أمير حسين بن حيدر العاملي الكركي بن بنت المحقّق الشيخ علي بن عبد العالي الكركي )[3]، فهو إذن سبط المحقّق الكركي(قده).
وعلى أيّ حال وقع الخلاف في حجيّة الكتاب المذكور وعدمها ، وممّن ذهب إلى اعتبار الكتاب المذكور صاحب الحدائق(قده) حيث يتمسّك به في الحدائق كثيراً ، وكذلك صاحب الرياض(قده) في رياضه ، بل يظهر من الشيخ الأنصاري في المكاسب ذلك فإنه في أوائل المكاسب ينقل روايةً من كتاب تحف العقول ثم بعد ذلك بنقل روايةً من كتاب فقه الرضا ولا يشير إلى أيّ شيء وهذا قد يظهر منه أنّه يرتضيها وليس عنده مشكلة فيها.
وأنا بيّنت أكثر من مرّة والآن أقول:- إنّ الشيخ الأنصاري(قده) في كتاب المكاسب خطّه العام هو التسامح والتساهل في أسانيد الروايات ويربّي الطالب على عدم الاهتمام بأسانيد الروايات فالرواية مادامت معروفة روايةً أو عملاً فهو يأخذ بها.
وممّن قد يظهر منه الرفض صاحب الوسائل(قده) فإنه لم ينقل عن كتاب فقه الرضا شيئاً وكان معاصراً للشيخ المجلسي(قده) ، اللّهم إلا أن يقال إنّ الكتاب المذكور لم يصل إليه ، وعلى أيّ حال هذا بيانٌ لواقع الحال.
وما يمكن أن يستدلّ به على حجيّة الكتاب المذكور أمران:-
الأمر الأوّل:- إنّ السيد أمير حسين هو رجلٌ ثقةٌ وقد أخبر بأنه أتاني جماعة من أهل قم حاجّين ومعهم كتاب منسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام وبناءً على حجيّة خبر الثقة يلزم أن نحكم بحجيّة الخبر المذكور وبالتالي يثبت الكتاب المذكور وصحة نسبته إلى الإمام الرضا عليه السلام.
الأمر الثاني:- إنّه توجد بعض القرائن التي توجب الاطمئنان بصحة النسبة:-
من قبيل:- أنه جاء في أوله ( يوقل عبد الله علي بن موسى الرضا عليه السلام أما بعد .. ).
وجاء في آخره ما نصّه:- ( مما نداوم به نحن معاشر أهل البيت ... ).
وجاء في باب الأغسال:- ( لليلة تسعة عشر من رمضان هي اليت ضرب فيها جدنا أمير المؤمنين عليه السلام ).
وجاء في كتاب الحج أيضاً:- ( أبي عن جدي عن ابيه عليه السلام رأيت علي بن الحسين عليه السلام يمشي ولا يرمل ) إلى غير ذلك ممّا كان من هذا القبيل.
وفيه:-
أما بالنسبة إلى الأول فجوابه:- إنّ القدر المتيقّن من حجيّة خبر الثقة هو الخبر الحسّي دون الخبر الحدسي الذي هو وليد جمع القرائن فإن المدرك المهم لحجيّة خبر الثقة هو السيرة العقلائية الممضاة والقدر المتيقّن منها هو العمل بخبر الثقة الذي يكون حسيّاً أما الحدسي فلا نجزم بانعقاد السيرة على العمل به والآن أيضاً كذلك ، فإذا جاءنا شخص ونقل لنا خبراً فنسأله هل أنّ أحداً رأى هذا أو هو من الحدس ؟ فإن كان من الحسّ قبلناه وأمّا إذا كان من الحدس فلا نقبله ، هكذا نصنع بذوقنا العقلائي ، وفي المقام أنَّ المفروض أنّه حصل الاطمئنان للسيد أمير حسين نتيجة تجميع القرائن فيكون إخباره إخباراً حدسياً وليس حسّياً فيكون حجّة عليه وليس حجّة علينا.
وأمّا بالنسبة إلى الوجه الثاني:- فالقرائن المذكورة لا يصلح الاعتماد عليها في نظرنا فإن دسّها في أمثال الكتب المذكورة شيءٌ سهلٌ فكيف حينئذٍ يحصل لنا الوثوق من هذه القرائن ؟!!
هذا مضافاً إلى أنّه لو سلمنا بصحة النسبة وأنّ للإمام الرضا عليه السلام كتاب باسم فقه الرضا ولكن نحتاج إلى إثبات صحّة النسخة ، فأين النسخة الصحيحة التي يمكن الاعتماد عليها ؟! فالكتاب نسلّم به ولكن صحة وجود الكتاب لا تستلزم صحّة النسخة بعد الالتفات إلى أنّ هذا الكتاب ليس من الكتب المشهورة فكيف نعتمد على هذه النسخة التي ينقل عنها الشيخ النوري مثلاً والتي يوجد فيها هذه العبارة التي هي محلّ كلامنا . إذن الاعتماد على الكتاب المذكور شيء مشكل جداً.
الرواية الثامنة:- رواية الحسن بن الجهم عن الرضا عليه السلام:- ( ...... يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيّهما الحقّ ، قال:- فإذا لم تعلم فموسّعٌ عليك بأيّهما أخذت )[4].وهذه الرواية هي أحسن الروايات حالاً من حيث الدلالة إذ لم تفترض مورداً خاصّاً حتى يقال لعلّ هذا التخيير هو من باب التخيير الواقعي في خصوص المورد بل هي أعطت قانوناً عامّاً مضمونه أنّه إذا جاء رجلان بحديثين مختلفين وكلاهما ثقة فموسّعٌ عليك بأيّهما أخذت ، فالدلالة إذن تامّة ولا نرى فيها خدشة . نعم هي من حيث السند قابلة للتأمّل باعتبار أنه قد رواها الشيخ الطبرسي في الاحتجاج بشكلٍ مرسل عن الحسن بن الجهم.
إذن ما كانت دلالته جيّدةٌ فهو ضعيف السند لا يمكن التمّسك به.
الرواية السابعة:- ما ورد في فقه الرضا عليه السلام ، وهو ما نصّه:- ( والنفساء تدع الصلاة أكثر مثل أيام حيضها وهي عشرة أيام وتستظهر بثلاثة أيام ثم تغتسل فإذا رأت الدم عملت كما تعمل المستحاضة وقد روي ثمانية عشر يوماً وروي ثلاثة وعشرين يوماً وبأيّ هذه الأحاديث أخذ من جهة التسليم جاز )[1] ، ومضمونها الاجمالي أنّه وقع الكلام في أنّ أكثر فترة النفاس أيّ مقدار ؟ فهل هي كأكثر فترة الحيض - يعني عشرة أيام - أو أنها أكثر من ذلك من قبيل ثمانية عشر يوماً أو ثلاثة وعشرين يوماً ؟ والعبارة هنا تقول إنَّ النفساء تدع الصلاة أكثر مثل أيام حيضها ومن المعلوم أنّ أكثر فترة أيام الحيض هي عشرة ولذلك فسّرت الرواية بعد ذلك وقالت:- ( وهي عشرة أيام ) ، ثم قالت:- ( وتستظهر بثلاثة أيام ) والاستظهار هو قبل ظهور الحال ويكون ذلك بالترك فتترك الصلاة ثلاثة أيام إضافية فوق العشرة ثم تغتسل بعدها فإذا رأت الدم بعد ثلاثة عشر يوماً عملت كما تعمل المستحاضة ، ثم بيّنت الرواية وجود روايتين أخريين في هذا المجال ، وموضع الشاهد هو:- ( وبأيّ هذه الأحاديث أخذ من جهة التسليم جاز ) ، فدلالة الرواية إذن واضحة جداً.
ويرد على ذلك:-
أوّلاً:- إنّ مورد الروايات المذكورة خاصٌّ وهو النفساء ، فأقصى ما يثبت بين الروايات المتعارضة هو التخيير ولكن في خصوص النفساء ، فلعلّ هذا تساهلٌ بالنسبة إلى حكم النفساء . نعم من جزم بإلغاء الخصوصيّة لا بأس وأن يستنتج قاعدةً عامّةً تعمّ الموارد الأخرى ، أمّا إذا قلنا يوجد احتمال التسهيل من قبل الشارع في خصوص النفساء فلا يمكن أن نستفيد القاعدة الكلّية وأنَّ حكم التعارض بين الروايات دائماً وأبداً هو التخيير.
ثانياً:- يمكن أن نقول إنّ التخيير المذكور من العمل بالروايات ناشئ من التخيير الواقعي كما أشرنا إلى ذلك في أكثر من مورد ، فلعل الإمام عليه السلام خيّر لا لأجل أنَّ التخيير حكمٌ عامٌّ في باب المتعارضات وإنّما من جهة أنّه في خصوص المورد يكون المكلف مخيّر واقعاً ، فلأجل أنّه مخيّر واقعاً - أي النفساء مخيّرة واقعاً بين أن تجعل أكثر نفاسها ثلاثة عشر يوماً أو ثمانية عشر يوما أو ثلاثة وعشرون يوماً - حكم الإمام بالتخيير بالعمل بالروايات ، فالحكم بالتخيير في العمل بالروايات مرآة وناشئ من التخيير الواقعي . إذن هذا الاحتمال موجودٌ في المقام فلا يمكن استفادة قاعدة التخيير الظاهري بين الروايات من هذه الرواية.
ثالثاً:- إنّ نسبة الكتاب المذكور إلى الإمام الرضا عليه السلام لم تثبت كما أشرنا إلى ذلك مراراً.
وباختصار أقول:- إنّ الكتاب المذكور ظهر أوّل ما ظهر في زمان المجلسيَّين(قده) ، فقد نقل في البحار ما نصّه:- ( كتاب فقه الرضا عليه السلام أخبرني به السيد الفاضل المحدث القاضي أمير حسين طاب ثراه بعدما ورد أصفهان قال قد اتفق في بعض سنيّ مجاورة بيت الله الحرام أن أتاني جماعة من أهل قم حاجّين وكان معهم كتاب قديم يوافق تاريخ عصر الرضا عليه السلام . وسمعت الوالد أنه قال سمعت السيد يقول كان عليه خطه صلوات الله عليه وكان عليه إجازات جماعة كثيرة من الفضلاء وقال السيد حصل لي العلم بتلك القرائن أنّه تأليف الإمام عليه السلام فأخذت الكتاب وكتبته وصححته فأخذ والدي قدس الله روحه هذا الكتاب من السيد واستنسخه وصحّحه وأكثر عباراته موافقٌ لما يذكره الصدوق أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه من غير مستندٍ وما يذكره والده في رسالته إليه وكثير من الأحكام التي ذكرها أصحابنا ولا يعلم سندها مذكورة فيه )[2].وقد نقل السيد بحر العلوم في فوائده في خصوص السيد أمير حسين ما نصّه:- ( القاضي أمير حسين هو السيد أمير حسين بن حيدر العاملي الكركي بن بنت المحقّق الشيخ علي بن عبد العالي الكركي )[3]، فهو إذن سبط المحقّق الكركي(قده).
وعلى أيّ حال وقع الخلاف في حجيّة الكتاب المذكور وعدمها ، وممّن ذهب إلى اعتبار الكتاب المذكور صاحب الحدائق(قده) حيث يتمسّك به في الحدائق كثيراً ، وكذلك صاحب الرياض(قده) في رياضه ، بل يظهر من الشيخ الأنصاري في المكاسب ذلك فإنه في أوائل المكاسب ينقل روايةً من كتاب تحف العقول ثم بعد ذلك بنقل روايةً من كتاب فقه الرضا ولا يشير إلى أيّ شيء وهذا قد يظهر منه أنّه يرتضيها وليس عنده مشكلة فيها.
وأنا بيّنت أكثر من مرّة والآن أقول:- إنّ الشيخ الأنصاري(قده) في كتاب المكاسب خطّه العام هو التسامح والتساهل في أسانيد الروايات ويربّي الطالب على عدم الاهتمام بأسانيد الروايات فالرواية مادامت معروفة روايةً أو عملاً فهو يأخذ بها.
وممّن قد يظهر منه الرفض صاحب الوسائل(قده) فإنه لم ينقل عن كتاب فقه الرضا شيئاً وكان معاصراً للشيخ المجلسي(قده) ، اللّهم إلا أن يقال إنّ الكتاب المذكور لم يصل إليه ، وعلى أيّ حال هذا بيانٌ لواقع الحال.
وما يمكن أن يستدلّ به على حجيّة الكتاب المذكور أمران:-
الأمر الأوّل:- إنّ السيد أمير حسين هو رجلٌ ثقةٌ وقد أخبر بأنه أتاني جماعة من أهل قم حاجّين ومعهم كتاب منسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام وبناءً على حجيّة خبر الثقة يلزم أن نحكم بحجيّة الخبر المذكور وبالتالي يثبت الكتاب المذكور وصحة نسبته إلى الإمام الرضا عليه السلام.
الأمر الثاني:- إنّه توجد بعض القرائن التي توجب الاطمئنان بصحة النسبة:-
من قبيل:- أنه جاء في أوله ( يوقل عبد الله علي بن موسى الرضا عليه السلام أما بعد .. ).
وجاء في آخره ما نصّه:- ( مما نداوم به نحن معاشر أهل البيت ... ).
وجاء في باب الأغسال:- ( لليلة تسعة عشر من رمضان هي اليت ضرب فيها جدنا أمير المؤمنين عليه السلام ).
وجاء في كتاب الحج أيضاً:- ( أبي عن جدي عن ابيه عليه السلام رأيت علي بن الحسين عليه السلام يمشي ولا يرمل ) إلى غير ذلك ممّا كان من هذا القبيل.
وفيه:-
أما بالنسبة إلى الأول فجوابه:- إنّ القدر المتيقّن من حجيّة خبر الثقة هو الخبر الحسّي دون الخبر الحدسي الذي هو وليد جمع القرائن فإن المدرك المهم لحجيّة خبر الثقة هو السيرة العقلائية الممضاة والقدر المتيقّن منها هو العمل بخبر الثقة الذي يكون حسيّاً أما الحدسي فلا نجزم بانعقاد السيرة على العمل به والآن أيضاً كذلك ، فإذا جاءنا شخص ونقل لنا خبراً فنسأله هل أنّ أحداً رأى هذا أو هو من الحدس ؟ فإن كان من الحسّ قبلناه وأمّا إذا كان من الحدس فلا نقبله ، هكذا نصنع بذوقنا العقلائي ، وفي المقام أنَّ المفروض أنّه حصل الاطمئنان للسيد أمير حسين نتيجة تجميع القرائن فيكون إخباره إخباراً حدسياً وليس حسّياً فيكون حجّة عليه وليس حجّة علينا.
وأمّا بالنسبة إلى الوجه الثاني:- فالقرائن المذكورة لا يصلح الاعتماد عليها في نظرنا فإن دسّها في أمثال الكتب المذكورة شيءٌ سهلٌ فكيف حينئذٍ يحصل لنا الوثوق من هذه القرائن ؟!!
هذا مضافاً إلى أنّه لو سلمنا بصحة النسبة وأنّ للإمام الرضا عليه السلام كتاب باسم فقه الرضا ولكن نحتاج إلى إثبات صحّة النسخة ، فأين النسخة الصحيحة التي يمكن الاعتماد عليها ؟! فالكتاب نسلّم به ولكن صحة وجود الكتاب لا تستلزم صحّة النسخة بعد الالتفات إلى أنّ هذا الكتاب ليس من الكتب المشهورة فكيف نعتمد على هذه النسخة التي ينقل عنها الشيخ النوري مثلاً والتي يوجد فيها هذه العبارة التي هي محلّ كلامنا . إذن الاعتماد على الكتاب المذكور شيء مشكل جداً.
الرواية الثامنة:- رواية الحسن بن الجهم عن الرضا عليه السلام:- ( ...... يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيّهما الحقّ ، قال:- فإذا لم تعلم فموسّعٌ عليك بأيّهما أخذت )[4].وهذه الرواية هي أحسن الروايات حالاً من حيث الدلالة إذ لم تفترض مورداً خاصّاً حتى يقال لعلّ هذا التخيير هو من باب التخيير الواقعي في خصوص المورد بل هي أعطت قانوناً عامّاً مضمونه أنّه إذا جاء رجلان بحديثين مختلفين وكلاهما ثقة فموسّعٌ عليك بأيّهما أخذت ، فالدلالة إذن تامّة ولا نرى فيها خدشة . نعم هي من حيث السند قابلة للتأمّل باعتبار أنه قد رواها الشيخ الطبرسي في الاحتجاج بشكلٍ مرسل عن الحسن بن الجهم.
إذن ما كانت دلالته جيّدةٌ فهو ضعيف السند لا يمكن التمّسك به.