الموضوع: رفع الرأس من الركوع

 تقدمت الطائفة الخامسة الدالة على لزوم الطمأنينة في الركوع حيث دلت على ان المأموم يعقد صلاة الجماعة مع الجماعة البعيدة عنه ويتحرك اذا قام ولايتحرك في الركوع والسجود فتدل على لزوم الاستقرار في الركوع والسجود وهو يدل على الاستقرار فيهما

 أو صحيحة محمد بن مسلم التي دلت على التحرك وهو راكع وقد دلت على ان الحركة استثنائية وعذرية والاّ فلابد من عدم التحرك

 ثم استفدنا من صحيحة محمد بن مسلم ان الركوع عنوان يصدق عند الشارع حتى مع الحركة مما ينبه على ان الركوع ليس مقوما للطمأنينة وان كانت الطمأنينة شرطا واجبا فيه لكن اذا تركت الطمأنينة لعذر فلا يخل بأصل الركوع ولابصحة الركوع كما هو الحال في السهو

 المهم ان صحيحة محمد بن مسلم تبيّن لنا ان عنوان الركوع الذي هو عنوان ركني ليس متقوما بالطمأنينة

 وأيضا بالنسبة لصحيحة زرارة الواردة في انه نقر كنقر الغراب فهذه تبين ان ركوعه ناقص وغير تام لا ان عنوان الركوع غير صادق

 فعنوان الركوع عرفا ولغة واستعماله من قبل الشارع لم يؤخذ فيه الطمأنينة مقوما وان كانت فيه الطمأنينة شرط واجب

 ومقدمة مهمة وهي انه اذا قيل الحقيقة الشرعية فيظن حينئذ عدم التمسك بالمعنى اللغوي أبدا ولابد من الوقوف على دلالات ونصوص تعبدية في كل زاوية زاوية من ذلك المعنى الذي هو حقيقة شرعية اذا شك فيه ولكن هذا الكلام على اطلاقه غير تام والسبب ان الحقيقة الشرعية من زاوية معينة فيها تعبد متوقف وليس من كل زوايا المعنى اللغوي فبمقدار ما أوقفنا الشارع نقف حيث اوقفنا ولكن بقية الزوايا يكون المدار المحكم هو التمسك بالمعنى اللغوي لو العرفي بحسب الماهية

 بل شيئ ذكرناه وقد ركز عليه الاعلام وهو انه حتى تلك الزاوية أو الزوايا التي تصرف بها الشارع تصرف بها باستعمال اللغة العربية فالحقيقة الشرعية أو الاصطلاح الشرعي هو أيضا قد أوجده الشارع باللغة العربية غايتة الأمر انه يركب مفهوم في مفهوم أو يركب لغة في لغة اخرى فالحقيقة الشرعية لاتخرج عن استعمال اللغة العربية فالمعاني اللغوية لها دور وتأثير

 وهذه القاعدة نستفيدها في الاستنباط والاستظهار في أبواب عديدة ومنه المقام فنقول ان الشارع جعل للركوع والسجود حقيقة شرعية وهو الانحناء مع اللبث فيه لكي يصدق الركوع المتحقق في النقر كنقر الغراب

 فالمقدار من اللبث والمكث متحقق والزائد عليه واجب ولكنه غير متقوم لعنوان الركوع لغة فالدليل الذي يدل عليه يدل على وجوبه ولايدل على تقوم الركوع بالطمأنينة

 حينئذ نأتي الى هذا البحث المتكرر في أركان الصلاة كالركوع والسجود والقبلة والطهور وغيرها فهل المراد من لاتعاد الصلاة الاّ من هذه الأركان الخمسة فهل المراد مجموع الركن بكل مقوماته وواجباته أو المراد بما يقومه وأما بقية واجباته فهي ليست بحكم الركن لأن الأدلة لاتدل على أخذها متقومة بل أخذها متضمنة

 فالصحيح ان الأركان هي أركان ولكن ليس كل أجزاء وشرائط الأركان هي أركان أيضا وهذا الأمر يجري في الصلاة والحج وأبواب اخرى في العبادات فالسعي كعنوان لاينتفي بانتفاء الواجبات الضمنية

  فالصحيح ان الاخلال سهوا بالطمأنينة في الركوع لايخل بعنوان الركوع مادام قد لبث ولو آناما

 الرابع: رفع الرأس منه حتى ينتصب قائما فلو سجد قبل ذلك عامدا بطلت الصلاة أي وصل الى السجود

 ومشهور الفقهاء جعل القيام بعد الركوع من واجبات الركوع ولكنه واجب غير ركني بخلاف القيام قبل الركوع فقد اعتبروه واجبا ركنيا كالقيام حال تكبيرة الاحرام فهو واجب ركني بخلاف القيام عند القرائة فليس بواجب ركني مع السهو

 فالقيام قبل الركوع ركن عند الأعلام أما القيام بعد الركوع فليس بركن عندهم ولكن الصحيح كما عليه الشيخ الطوسي وتقدم في بحث القيام وهو ان القيام بعد الركوع ركن وليس هو من واجبات الركوع بل هو ركن مستقل

 والدليل على ركنيته حسب ماتقدم من الروايات في بحث القيام هو ان الصلاة من قيام ليس القيام ركنا فيها بل القيام هو فصل نوعي فيها لأن الأدلة تقول (صلاة من قيام) و (صلاة من جلوس) فلدينا ماهية نوعية لمرتبة الصلاة وهي صلاة القائم وعندنا صلاة نوعية اخرى وهي الصلاة من جلوس فهي ليس فقط ركن بل فصل نوعي مقوم للصلاة

 فكل القيام ليس بركن لكن جدلا يحدد في ان القيام الذي هو نوع مقوم للماهية عند تكبيرة الاحرام وقبل الركوع والسجود ركن بينما هو اثناء القرائة والقنوت ليس بركن لكن صدور الركوع والسجوزد عن قيام ركن أي ركوع وسجود في صلاة القائم

 وبهذا البيان تبين لنا ان القيام قبل السجود ركن فلو سجد سهوا بان لم يفع رأسه من الركوع فليس سجوده عن قيام بل سجوده عن ركوع وهذا لايصح

 وكذا الأدلة الخاصة بالقيام بعد الركوع وقبل السجود لسانها أيضا هكذا، منها:

 صحيحة زرارة في أبواب الركوع الباب 1 الحديث الأول عن أبي جعفر (عليه السلام) قال اذا اردت ان تركع فقل وانت منتصب الله اكبر ثم اركع ثم قل سمع الله لمن حمده وانت منتصب قائم ثم ترفع يديك بالتكبير وتخر ساجدا أي يكون الركوع عن قيام وان التكبير هو بداية لكل جزء جزء في الصلاة فالقيام منتصبا قبل السجود حذوه ووزانه حذو ووزان القيام قبل الركوع

 وهذا لسان واضح في ما استفدناه من الروايات المتقدمة العامة في القيام

 صحيحة أبي بصير في الباب 13 من أبواب الركوع عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال اذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك فانه لاصلاة لمن لايقيم صلبه فأقامة الصلب في القيام مأخوذ في الصلاة وليس مأخوذا في الركوع أو السجود وهذا بيان صريح على ان القيام مأخوذ في أصل الماهية النوعية في صلاة القائم في قبال صلاة الجالس

 الخامس: الطمأنينة حال القيام بعد الرفع فتركها عمدا مبطل للصلاة ويدل عليه نفس الصحيحة المتقدمة أي صحيحة أبي بصير فأقم صلبك فانه لاصلاة لمن لايقيم صلبه وكذا صحيحة زرارة ثم اركع ثم قل سمع الله لمن حمده وانت منتصب قائم فللطمأنينة أربعة معاني وهي اقامة الصلب والاستقرار والسكون واللبث

 أضف الى ذلك صحيحة حماد الطويلة التي يبين الامام الصادق (عليه السلام) ركعتين من أداء الصلاة بحدودها وكذا صحيحة الازدي المتقدمة ففيها ذكر الطمأنية في مواضع من الصلاة منها فاذا رفع رأسه من الركوع فاليعتدل أي يستوي