34/05/27
تحمیل
الموضوع: استقبال القبلة للمصلي
بعد ان استوفينا كل الروايات الواردة في مبطلية وقاطعية الالتفات بقي الكلام في المحصلة التي نخرج بها من مفاد هذه الروايات
فمرّ بنا العمدة طائفتين مطلقتين احدى الطائفتين تدل على مبطلية مطلق الالتفات والطائفة الاخرى تدل على عدم مبطلية الالتفات مطلقا
وهناك طوائف مفصلة فان أحد التفاصيل هو الاستدبار فهو بنفسه مبطل بلاريب
فالاستدبار مبطل من ناحيتن:
الاولى: من ناحية عدم واجديته لشرط الاستقبال
الثانية: الابتلاء بالمانع أوالقاطع في الآنات المتخللة
فالاستدبار اذا وقع في كل الصلاة او مع جزء ركني فانه يوجب البطلان من الناحية الاولى وهو عدم وجود الركن للاستقبال فان القبلة هي ركن من الأركان
واذا لم يقع الاستدبار في ركن أو جزء بل وقع في أثناء الآنات المتخللة فهنا الخلل ليس من الناحية الاولى بل سيكون الخلل من الناحية الثانية وهو قاطعية الاستدبار هذا بالنسبة لضابطة الاستدبار
وأما ضابطة الالتفات بكل الجسم فهذه الضابطة أيضا لامعارض لها ولايرفع اليد عنها فقد مر انه في المسألة الواحدة اذا وردت ضوابط عديدة فهو لايوجب التعارض والتناقض غاية الأمر مقتضى مفاد أحد الضابطتين حصرية المدارية علية للعموم
فالالتفات بكل البدن ليس محل غبار في مبطليته
فان كان بقدر الاستدبار فهو يرجع للاستدبار وقد مرّ بنا فلاحاجة للتأكيد عليه
واما الالتفات بكل البدن الى نقطة الصفر في اليمين واليسار فهذا واضح كونه مبطل بل يشمل الى مابين اليسار واليمين
نعم لو التفت بكله مقارنا للركن كالركوع أو السجدتين فالبطلان يكون من ناحيتين باعتبار ان الركن لايمكنه تكراره لتحقق الزيادة ومن ناحية ثانية فانه قاطع والقاطع مبطل هذا في صورة العمد
أما في السهو فلا إشكال لأن القبلة في السهو أوسع من القبلة في العمد فموضوع الالتفات في السهو بكل البدن يصدق اذا بلغ 90 درجة بينما في العمد يتحقق ببلوغ 26 درجة فالاتفات بالكل في السهو أوسع منه في العمد
وهنا نقطة لابد من ذكرها وقد ذكرها غير واحد من الأعلام وهي ان أكثر الروايات فيها عنوان (التفت) وسبق ان استظهرنا منه الرؤية وليس الوجه وكل البدن الاّبالتبع
ونقطة لغوية اخرى وهي هناك فرق بين ان يقال التفت وبين ان يقال انحرف أو إستدبر فان التفت يقال اذا كان اتجاه الشخص بإتجاه معين فيميل لأجل ان يحيط باتجاه آخر فالروايات تثبت ان الالتفات المبطل مع فرض ان أصل الإتجاه للقبلة بجسمه مفروض ومعه فإن الميلان بكل البدن هو من أشد أنواع الالتفات ومسلّم كونه محل مفاد الأدلة كما تسالم عليه الجميع من ان الالتفات بكل البدن هو القدر المتيقن من مفاد الأدلة
بقيت ضابطتين وهما ضابطة الالتفات الى الخلف وضابطة الالتفات الفاحش وهاتين الضابطتين المستخلصتين من تفصيل بقية طوائف الروايات كيف نؤلف بينهما فماهو الفاحش وماهو الإلتفات الى الخلف
وان الالتفات الى الخلف ليس المراد منه الإستدبار لأنه مر ان العمدة في الالتفات هو رؤية العين الى مساحة الخلف كما ان الإلتفات الى الخلف عندما يكون برؤية العين فليس من الضرورة المراد به في الروايات هو الميلان بكل البدن فإن الالتفات الى الخلف هو مؤدى زائد على الميلان بكل البدن بل هو ميلان ببعض البدن وبالوجه بقدر ان يرى خلفه وهو يتحقق الى 70 أو 80 درجة فليس من الضروري في ضابطة رؤية الخلف وصول صفحة الوجه الى نقطة الصفر في اليمين أو الشمال بل يكفي مابينهما وهو الفاحش وان كان الالتفات بالوجه لابالبدن
وهذا الالتفات بدرجة 70 أو 80 درجة موجب للبطلان من الناحية الثانية فلو التفت من ناحية العمد 70 درجة فان الأجزاء تبطل لأن الاستقبال ليس فقط بالبدن بل أهم شيء هو الاستقبال بالوجه وان كان الجزء ركنيا فتبطل الصلاة من ناحيتين
واما في السهو كما لو التفت الى ورائه سهوا بمقدار 70 درجة فالمفروض انها لاتبطل لان في السهو مابين المشروق والمغرب كله قبله ففي السهو لم يخرج عن القبلة
نعم اذا زاد في أثناء الوقت الإلتفات بالوجه الى 90 درجة سهوا فإن الصلاة تبطل من الناحية الاولى ان كان في الأجزاء الركنية وأما من الناحية الثانية وهو الخروج عن القبلة والالتفات الى الوراء وهو حاصل هنا فالصلاة تبطل مطلقا
لدينا أربع درجات من القبلة: القبلة العمدية والقبلة السهوية داخل الوقت وهي دون 180 درجة والقبلة السهوية لاستيعاب كل الوقت وأما الاستدبار فهو باطل مطلقا وهو أكثر من 90 درجة وأما الميلان عن القبلة السهوية داخل الوقت دون 90 درجة فتصح الصلاة اذا حصل التذكر داخل الوقت اما داخل الوقت لو علم بأنه صلى 90 درجة فلايغتفر وعليه الإعادة نعم يغتفر إذا كان خارج الوقت