34/02/10
تحمیل
الموضوع: الشهادة الثالثة في التّشهد
وصلنا الى تتبع أقوال الأعلام وهذه وصية العلامة الحلي لابنه فخر المحققين بل وصية كل الأعلام الكبار من انه لابد من تتبع أقوال الفقهاء ففيه علم جم
وهناك البعض ينظر الى تتبع الاقوال انها ترسيخ للتقليد او انها زخرف جميل في البحث العلمي لكن هذه النظرية صحيحة وغير صحيحة
فهذه النظرية صحيحة اذا كان الغرض من جمع الأقوال هو تكديس أقوال فقط من دون تأنّي ولكن هذه النظرية غير صحيحة اذا حصل من جمع الأقوال وقوف وتأنّي في عبارات كل منهم والاختلاف في قالب الفتوى في كل منهم
كما ان العود الى الفاظ الآيات والروايات والنظر فيها مرّة بعد اخرى يفيد الشيء الكثير في الاستنباط وكأنما الدلالة كالبيت فلو دخلته مرات عديدة فإنك ترى في البيت امور لم تراها من قبل
فلا يتخيل الإنسان ان دلالة الآيات والروايات تقتصر على بعض الدلالات بل فيها دلالات متعددة ولعل أحد معاني ان للكلام سبعين بطنا ووجه هو هذا المعنى فان التمرّس والتدقيق في الدلالة يوجب التعرف على معاني جديدة
فلما نراجع كتاب المقنعة أو السرائر أو المسالك فليس المراد منه التعرف على فتواه فقط بل لابد من التأمل في وجه فتواه كاملا وفهم دليلها وتحليلها
ومن ضمن الأقوال التي وصلنا اليها هو قول النراقي فقد أيضا بالشهادة الثالثة في التشهد فقد افتى بنفس فتوى العلامة الحلي في المنتهى بأن ذكر أسماء الائمة (عليهم السلام) بوصف الامامة في أي موضع من مواضع الصلاة بمثابة الدعاء والمناجات
أيضا أفتى بنفس فتوى العلامة الحلي من ذكر أسماء الائمة (عليهم السلام) بوصف الامامة أفتى به المحقق الأردبيلي
أيضا لدعم هذا المطلب فان فتوى كل المتقدمين كما مر هو استحباب الشهادة الثالثة في دعاء التوجه بعد تكبيرة الإحرام وهذا يبيّن ان لازمه هو ان الشهادة الثالثة من الأذكار وحتى الصدوق ظاهره ذلك
أيضا يمكن الاستناد الى فتوى جملة المتقدمين الى استحباب الصيغة الثالثة أو الرابعة من الشهادة الثالثة وهي صيغة التسليم على الائمة (عليهم السلام) بوصف الامامة
أيضا فتواهم في الصلاة على النبي الذي هو جزء للتشهد بل حتى المعاصرين يسوّغون ذلك ولايحتمل ان أحدا من الأعلام يستشكل بذلك مع انها صيغة من صيغ الشهادة الثالثة
أيضا يستفاد من فتوى جل الفقهاء ان لم يكن كلهم ان أدنى التشهد المجيئ بالشهادتين وان السقف الأعلى مفتوح حيث يتضمن الدعاء والتمجيد والثناء والإقرار بالعقائد الحقة وأعظمها أشهد ان عليا نعم الامام وهلّم جرا من هذا القبيل مثل أشهد ان عليا ولي الله وان الائمة هم حجج الله
فهذه فتوى من الكل سيما انه مرّ ان الشهادة الثالثة عند الكل بالصيغ المختلفة من الأذكار
أيضا فتوى متأخري الأعصار في الأذان والاقامة فقد استندوا الى رجحان شعيرية الشهادة الثالثة في الاذان والاقامة لا بعنوان الجزم فجمهرة الفقهاء استدل على رجحان الشهادة الثالثة بأن هناك أدلة واردة على انه يستحب ضم الشهادة الثالثة واقتران الشهادتين بالشهادة الثالثة فان ضم الشهادات الثلاثة والمعية بينها هو أمر راجح
وسنبيّن انشاء الله الدليل على استحباب المعية والاقتران لوجود روايات مستفيضة عند الفريقين تحتاج الى فذلكة واستدلال
كما ان الصلاة على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) كلما ذكر اسمه فمن كيفيات ذكر اسم النبي ان تقرن اسمه بالصلاة عليه وآله سواء كنت في الأذان أو الصلاة أو في أي حال هكذا في الشهادات الثلاث
وقد نص على استحباب الاقتران جملة من المتأخرين منهم المجلس في البحار والحر العاملي في الهداية وصاحب الحدائق وصاحب الجواهر وبحر العلوم في منظومته الفقهية والوحيد البهبهاني والميرزا القمي في الغنائم والشيخ جعفر كاشف الغطاء الكبير وتلميذ صاحب الجواهر السيد نوري المازندراني شارح نجاة العباد وصاحب الرياض وابنه صاحب البرهان القاطع والميرزا الصغير صاحب ثورة العشرين والميرزا النائيني والسيد اليزدي والشيخ أحمد كاشف الغطاء والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والسيد حسن الصدر والميرزا الكبير في مجمع الرسائل الشيخ الأنصاري في رسالته العملية والسيد أسماعيل الصدر وصاحب الكفاية والميرزا الخليلي واقا نجفي اصفهاني والشيخ عبد النبي نوري والمحقق الهمداني في مصباح الفقيه والمحقق الاصفهاني الكمباني وهكذا الشيخ جعفر الشوشتري وشيخ الشريعة والشيخ محمد حسن المامقاني والسيد محمد مهدي الصدر والشيخ محمد رضا ال ياسين السيد ابو الحسن الاصفهاني والسيد حسين القمي فهم جميعا أفتوا ونصوا على ان من الكيفيات المستحبة بنحو مطلق للشهادتين الأفضل أن تقرن بالشهادة الثالثة وهذه تعم حتى التشهد في الصلاة
وهذه الأقوال هي فتاوى للمشهور في مسائل وأبواب متعددة تشترك في عنصر واحد وهو رجحان الشهادة الثالثة وكونها ذكر
وأما وجوه مشروعية ورجحان الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة فريضة كانت أو نافالة
الوجه الأول: يمكن ان يكون نفس موثقة أبي بصير بناء على التثبت من نُسَخها بالشواهد والقرائن ولم ينتهي التتبع من نسخة التهذيب
الوجه الثاني: مامر من عدة من الروايات المعتبرة الدالة على ان أدنى التشهد هو الشهادتين
وهذه الطائفة بضميمة طائفة اخرى وآردة في التشهد من تنوع صيغ التشهد كمّاً وأنواعا في الفقرات والمضامين ولكن هذه الطائفة الثانية من الروايات والتي تشكل الوجه الثاني تدلنا على ان الجامع بين ذلك هو ان التشهد يشتمل على الاقرار بالعقائد الحقة من الثناء على الله والتمجيد لله تعالى والدعاء فان نفس المشهور لم يقيد الدعاء في التشهد المستحب بخصوص ماورد في روايات التشهد بل فهموا منه المثالية وكذا في الثناء وكذا في اللطف وهو التحيات لله والصلوات الطيبات الزاكيات الناعمات الغاديات الرائحات ماطاب ونمى لله وماخبث لغيره وكذا في الصلاة على النبي وآله فيمكن أن يكون بأي صيغة من صيغ الصلوات عليهم أجمعين وكذا في التشهد بالشهادتين فهو إقرار لاسيما مع ورود الأدلة التي تقول ان التشهد بالدين الحق هو من ضمن منظومة الاقرار
لذا هذا الوجه الثاني لا دغدغة فيه وهو معاضد للوجه الأول الذي هو موثقة أبي بصير
الوجه الثالث: مع غض النظر عن الوجه الأول والثاني فنأتي لتحليل ماهية الشهادة الثالثة فان العلم ليس بخطاب فان (أشهد ان عليا ولي الله) ليس هو خطاب للامام (عليه السلام) بل هو خطاب لله تعالى كما ان (أشهد ان محمدا رسول الله هو خطاب لله) وليس خطابا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو من مناجاة الله تعالى ولذا يقول عنه النراقي بأنه نجوى فهو في نفسه ذكر ونجوى مع الله
فهنا نحن نريد ان نفهم الوجه للأعلام الذين استشكلوا في الشهادة الثالثة في التشهد ولايمكن توجيه كلامهم صناعيا وقد استدلوا في فتواهم بأنه كلام في الصلاة أي انه كلام الآدمي ولكن الشهادة الثالثة هي من مخاطبة الله عزوجل وليس من مخاطبة الآدمي
وللكلام تتمة