36/06/29
تحمیل
الموضـوع:- تتمة مسألة
( 13 )، مسألة ( 14 ) - المكاسب
المحرمة -كتاب التجارة.
هذا مضافاً إلى أنّ هذه الرواية قالت:- ( آنية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون ) [1]ولم تقل مطلق التصرّف والاستعمال هو كذا وإنما أخبرت عن نفس الآنية بأنها متاع الذين لا يوقنون، فالآنية هي متاع الذين لا يوقنون وهذا كما يلتئم مع تحريم مطلق التصرّف والاستعمال لا خصوص الأكل والشرب يلتئم أيضاً مع إرادة خصوص الأكل والشرب.
إذن لا يمكن استفاد العموم منها لأنها وصفت نفس المتاع بذلك، فهي مجملة من هذه الناحية والقدر المتيقّن هو الأكل والشرب، أمّا ما زاد على ذلك فلا يمكن استفادة تحريمه منها.
إذن الدلالة قاصرة من ناحيتين من ناحية أنها لا تدلّ على التحريم، ولو دلّت على التحريم فلا يستفاد منها تحريم مطلق الاستعمال بما في ذلك غير الأكل والشرب.
وأما من حيث السند:- فقد رواها الشيخ الكليني(قده) عنهم - أي عن العدّة - عن سهل عن علي بن حسّان عن موسى بن بكر، والعدّة لا مشكلة فيها لأحد بيانين قد ذكرناهما فيما سبق، وأما موسى بن بكر فقلنا يمكن الحكم بأنه لا مشكلة من ناحيته لما أشرنا إليه سابقاً من رواية بعض الثلاثة عنه مضافاً إلى أنّ صفوان وصف كتابه وقال ( هذا مما لا اختلاف فيه )، ولكن المشكلة في سهل وفي عليّ بن حسّان، أمّا سهل فعلى المباني، وأمّا عي بن حسّان فهو اثنان وهما عليّ بن حسّان الواسطي وهو قد وثّق، وعلي بن حسّان الهاشمي وهو لم يوثّق، ومن المحتمل في المقام إرادة هذا وإرادة ذاك فلا معيّن لإرادة الواسطي في مقابل الهاشمي لأنّه ليس هناك اختلافٌ في الطبقة بالشكل الذي يمكن من خلاله التمييز.
ولكن الذي يهوّن الخطب أن الحرّ(قده) ذكر أنّ البرقي في المحاسن روى هذه الرواية عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن موسى بن بكر، وهذا السند ليس فيه سهل ولا عليّ بن حسّان فلا مشكلة فيه فيكون معتبرً على من يرى أنّ طرق صاحب الوسائل إلى الكتب التي ينقل عنها هي ليست تبركيّة وإنما هي حقيقيّة وعلى النسخة، أمّا من يشكك في ذلك - كما نحن نميل إليه - فيصير مشكلاً ولكن الإشكال لا من ناحية البرقي إلى الإمام بل من ناحية طريق صاحب الوسائل إلى البرقي .
ولكن ضمّ هذه الرواية إلى تلك – أي ضمّ هذا الطريق إلى ذلك الطريق بمضمونٍ واحد -ربما يحصّل للفقيه الاطمئنان بأنّ موسى بن بكر قد روى هذه الرواية عن الإمام عليه السلام، فهذه الرواية يمكن تصحيحها من حيث السند، ولكن تبقى المشكلة من حيث الدلالة، فإذن لا يمكن الاعتماد عليها لإثبات الحرمة بشكلٍ مطلق.
الرواية الثانية:- رواية أو صحيحة الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن السرير فيه الذهب أيصلح إمساكه في البيت ؟ فقال:- إن كان ذهباً فلا وإن ماء الذهب فلا بأس )[2].
وهذا كما ترى ليس من قبيل الأكل والشرب ومع ذلك حكم الامام عليه السلام بالتحريم.
ولكن يمكن أن يقال:- هي أجنبية عن المقام إذ أن كلامنا في آنية الذهب والفضّة ونريد أن نعرف أنّ المحرّم هل هو خصوص الأكل والشرب أو مطلق ما يرتبط بها وهذه الرواية أجنبية عن محلّ كلامنا، بل هي ناظرة إلى قضيّة ثانية وهي قضيّة السرير، فإذن لا معنى للتمسّك بها.
هذا مضافاً إلى أنّ مضمونها قد يصعب الالتزام به في حدّ نفسه لأنها تدّل على أنَّ السرير إذا كان فيه فضة أو ذهب لا يجوز إمساكه وقد يقال من البعيد أن يلتزم فقيه بهذا، فيحمل هذا على الحزازة والمبغوضية مثلاً.
والمهمّ ما أشرنا إليه أوّلاً من أنّها أجنبية عن المقام.
وأمّا من حيث سندها:- فقد ورد في السند محمد بن سنان، ومن هذه الناحية ردّدت بين أن تكون صحيحة أو تكون رواية فالأمر من هذه الناحية على المباني فأن قبلت بوثاقة محمد بن سنان فهي صحيحة وإلّا فهي رواية.
وعليه فقد اتضح أنّه لا يمكن التمسّك بهذه الراية أيضاً.
الرواية الثالثة:- موثّقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام المتقدّمة حيث جاء فيها:- ( أنه نهى عن آنية الذهب والفضة ) ، بتقريب أن الوارد فيها ( نهى عن آنية الذهب والفضة ) ولم يقيّد بالأكل والشرب وهذا معناه أنّ كلّ ما يرتبط بها منهيٌّ عنه بما في ذلك اقتناؤها.
ولكن اتضح من خلال ما سبق التأمّل في ذلك حيث قلنا:- إنّ محمد بن مسلم توجد له روايتان واحدة بهذا اللسان وأخرى بلسان ( لا تأكل في آنية ذهبٍ ولا فضّة ) وكلتاهما عن أبي جعفر عليه السلام وقلنا من الوجيه أن تكونا رواية واحدة، يعني بتعبير آخر أنّ محمد بن مسلم سمع من الإمام عليه السلام أنّه يقول ( لا تأكل في آنية ذهب ولا فضة ) وهو نقلها بلسان ( نهى عن آنية الذهب والفضة )، وهذا احتمالٌ أبديناه سابقاً فتعود الروايتان روايةً واحدة.
وتظهر الثمرة فيما يلي:-
أوّلاً:- هي بالتالي تعود روايةً واحدةً فإذا أردت أن تضمّ روايةً إلى أخرى وتحصّل اطمئناناً مثلاً فلا تعدّ هاتين روايتين بل هي واحدة غايته أنّ اللسان قد اختلف، وهذه الثمرة لست بصددها والتي ترتبط بمقامنا هي الثمرة الثانية.
ثانياً:- إنّه إذا كان قد صدر من الإمام روايتان فيمكن التمسّك بإطلاق أو عموم حذف المتعلّق فنقول هي تدلّ على تحريم مطلق ما يرتبط بآنية الذهب والفضّة، أمّا إذا قلنا هما روايةً واحدةً فلا يمكن حينئذٍ التمسّك بها لإثبات حرمة مطلق الاستعمال بما في ذلك الاقتناء - إن صحّ التعبير عنه بالاستعمال - لاحتمال أنّ الصادر هو ( لا تأكل ) وليس الصادر ( نهى عن آنية الذهب والفضة )، ومعه كيف تتمسّك بها لإثبات حرمة مطلق الاستعمال ؟!!
بل قلنا فيما سبق:- من الوجيه كون الصادر من الإمام عليه السلام هو ( لا تأكل ) ولكن عبّر محمد بن مسلم بتعبير ( نهى )، أمّا أن يصدر نهيٌ مثل ( أنهاكم عن آنية الذهب والفضة ) وبعد ذلك يقول محمّد بن مسلم قال الإمام ( لا تأكل في آنية الذهب والفضة ) فهذا ليس نقلاً للمعنى بشكلٍ مقبول.
إذن هذه الرواية لا يمكن التمسّك بها ايضاً لإثبات حرمة مطلق ما يرتبط بآنية الذهب والفضة.
والنتيجة من كلّ هذا:- أنه لا توجد رواية يمكن التمسّك بها لإثبات حرمة مطلق ما يرتبط بآنية الذهب والفضّة.
نعم حرمة الأكل والشرب قد ثبت بروايةٍ أو روايتين، فالصحيح هو حرمة خصوص الأكل والشرب فيها، والمناسب هو جواز بيع أواني الذهب والفضّة لأنّها أصبحت من الآلات المشتركة.
مسألة ( 14 ):- يحرم ولا يصح بيع المصحف الشريف على الكافر على الأحوط وكذا يحرم تمكينه منه إلا إذا كان تمكينه لإرشاده وهدايته فلا بأس به حينئذٍ . والأحوط استحباباً الاجتناب عن بيعه للمسلم فإذا أريدت المعاوضة عليه فلتجعل المعاوضة على الغلاف ونحوه أو تكون المعاوضة بنحو الهبة المشروطة بعوض.
وأمّا الكتب المشتملة على الآيات والأدعية واسماء الله تعالى فالظاهر جواز بيعها على الكافر فضلاً عن المسلم، وكذا كتب أحاديث المعصومين عليهم السلام كما يجوز تمكينه منها.[3]
.....................................
هذه المسألة ترتبط ببيع المصحف وكتب الاحاديث والأدعية فهل يجوز بيعها على المسلم وهكذا على الكافر أو لا ؟
وقبل أن ندخل في صميم المسألة نشير إلى مطلبين جانبيين:-
الأوّل:- ذكرنا فيما سبق أنّ المعاملات المحرّمة قد قسّمها الفقهاء إلى أقسام، الأوّل ما يحرم التعامل عليه لكون الشيء، والثاني ما تنحصر فائدته في المحرّم، والثالث ما يحرم التعامل عليه لكونه لا فائدة فيه، وإلى الآن فرغنا عن آنية الذهب والفضة وقلنا إذا كانت منفعتها محرّمة بالكلّ فتصير من الآلات المختصّة بالحرام فلا يجوز التعامل عليها وإلا فيجوز، وقلنا من المناسب ذكر هذه المسألة بعد آلات الهو والقمار لا أن تذكر بعد الحيوانات التي لا منفعة لها.
لكن الآن نريد أن نقول:- حينما ذكر(قده) هذه المسألة فهذا يدخل تحت أيّ عنوان من هذه العناوين الأربعة ؟ فهل يمكن إدخاله تحت عنوانٍ من تلك العناوين أو أنه يذكر له عنوان جديد ؟
ويظهر السيد الماتن(قده) كبعض الفقهاء الآخرين أنّ بناءهم ليس على الترتيب في ذكر كلٍّ في حقله ومساحته المناسبة
إنه قد يصعب إدخاله تحت واحدٍ من هذه العناوين إلّا أن تعطيه عنواناً مستقلاً وهو ( ما يحرم التعامل عليه لكونه من المقدّسات )، ولعله لأجل هذا لم يذكره الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب في أقسام للمعاملات المحرّمة هذه بل بعدما أنهى المكاسب المحرّمة ذكر خاتمةً وذكر فيها بعض الأمور الأوّل منها حرمة بيع المصحف[4].
الثاني:- هل المناسب البحث أوّلاً عن بيع المصحف على المسلم ثم بالتبع عن الكافر بعد فرض أنه يوجد نزاع طويل على مستوى الفتوى وعلى مستوى الروايات في جواز بيعه على المسلم أو أن نعقدها أوّلاً للكافر ثم المسلم يجعل البيع بلحاظه بالتبع ؟
والسيد الماتن(قده) عقدها أوّلاً بالنسبة إلى الكافر ثم تكلّم عن المسلم.
ولعل الأنسب عقدها بلحاظ المسلم والحديث عن الكافر يصير بالتبع، ولعل الروايات الموجودة عندنا هي كثيرة بلحاظ المسلم فيكون الانسب ذلك.
هذا مضافاً إلى أنّ هذه الرواية قالت:- ( آنية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون ) [1]ولم تقل مطلق التصرّف والاستعمال هو كذا وإنما أخبرت عن نفس الآنية بأنها متاع الذين لا يوقنون، فالآنية هي متاع الذين لا يوقنون وهذا كما يلتئم مع تحريم مطلق التصرّف والاستعمال لا خصوص الأكل والشرب يلتئم أيضاً مع إرادة خصوص الأكل والشرب.
إذن لا يمكن استفاد العموم منها لأنها وصفت نفس المتاع بذلك، فهي مجملة من هذه الناحية والقدر المتيقّن هو الأكل والشرب، أمّا ما زاد على ذلك فلا يمكن استفادة تحريمه منها.
إذن الدلالة قاصرة من ناحيتين من ناحية أنها لا تدلّ على التحريم، ولو دلّت على التحريم فلا يستفاد منها تحريم مطلق الاستعمال بما في ذلك غير الأكل والشرب.
وأما من حيث السند:- فقد رواها الشيخ الكليني(قده) عنهم - أي عن العدّة - عن سهل عن علي بن حسّان عن موسى بن بكر، والعدّة لا مشكلة فيها لأحد بيانين قد ذكرناهما فيما سبق، وأما موسى بن بكر فقلنا يمكن الحكم بأنه لا مشكلة من ناحيته لما أشرنا إليه سابقاً من رواية بعض الثلاثة عنه مضافاً إلى أنّ صفوان وصف كتابه وقال ( هذا مما لا اختلاف فيه )، ولكن المشكلة في سهل وفي عليّ بن حسّان، أمّا سهل فعلى المباني، وأمّا عي بن حسّان فهو اثنان وهما عليّ بن حسّان الواسطي وهو قد وثّق، وعلي بن حسّان الهاشمي وهو لم يوثّق، ومن المحتمل في المقام إرادة هذا وإرادة ذاك فلا معيّن لإرادة الواسطي في مقابل الهاشمي لأنّه ليس هناك اختلافٌ في الطبقة بالشكل الذي يمكن من خلاله التمييز.
ولكن الذي يهوّن الخطب أن الحرّ(قده) ذكر أنّ البرقي في المحاسن روى هذه الرواية عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن موسى بن بكر، وهذا السند ليس فيه سهل ولا عليّ بن حسّان فلا مشكلة فيه فيكون معتبرً على من يرى أنّ طرق صاحب الوسائل إلى الكتب التي ينقل عنها هي ليست تبركيّة وإنما هي حقيقيّة وعلى النسخة، أمّا من يشكك في ذلك - كما نحن نميل إليه - فيصير مشكلاً ولكن الإشكال لا من ناحية البرقي إلى الإمام بل من ناحية طريق صاحب الوسائل إلى البرقي .
ولكن ضمّ هذه الرواية إلى تلك – أي ضمّ هذا الطريق إلى ذلك الطريق بمضمونٍ واحد -ربما يحصّل للفقيه الاطمئنان بأنّ موسى بن بكر قد روى هذه الرواية عن الإمام عليه السلام، فهذه الرواية يمكن تصحيحها من حيث السند، ولكن تبقى المشكلة من حيث الدلالة، فإذن لا يمكن الاعتماد عليها لإثبات الحرمة بشكلٍ مطلق.
الرواية الثانية:- رواية أو صحيحة الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن السرير فيه الذهب أيصلح إمساكه في البيت ؟ فقال:- إن كان ذهباً فلا وإن ماء الذهب فلا بأس )[2].
وهذا كما ترى ليس من قبيل الأكل والشرب ومع ذلك حكم الامام عليه السلام بالتحريم.
ولكن يمكن أن يقال:- هي أجنبية عن المقام إذ أن كلامنا في آنية الذهب والفضّة ونريد أن نعرف أنّ المحرّم هل هو خصوص الأكل والشرب أو مطلق ما يرتبط بها وهذه الرواية أجنبية عن محلّ كلامنا، بل هي ناظرة إلى قضيّة ثانية وهي قضيّة السرير، فإذن لا معنى للتمسّك بها.
هذا مضافاً إلى أنّ مضمونها قد يصعب الالتزام به في حدّ نفسه لأنها تدّل على أنَّ السرير إذا كان فيه فضة أو ذهب لا يجوز إمساكه وقد يقال من البعيد أن يلتزم فقيه بهذا، فيحمل هذا على الحزازة والمبغوضية مثلاً.
والمهمّ ما أشرنا إليه أوّلاً من أنّها أجنبية عن المقام.
وأمّا من حيث سندها:- فقد ورد في السند محمد بن سنان، ومن هذه الناحية ردّدت بين أن تكون صحيحة أو تكون رواية فالأمر من هذه الناحية على المباني فأن قبلت بوثاقة محمد بن سنان فهي صحيحة وإلّا فهي رواية.
وعليه فقد اتضح أنّه لا يمكن التمسّك بهذه الراية أيضاً.
الرواية الثالثة:- موثّقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام المتقدّمة حيث جاء فيها:- ( أنه نهى عن آنية الذهب والفضة ) ، بتقريب أن الوارد فيها ( نهى عن آنية الذهب والفضة ) ولم يقيّد بالأكل والشرب وهذا معناه أنّ كلّ ما يرتبط بها منهيٌّ عنه بما في ذلك اقتناؤها.
ولكن اتضح من خلال ما سبق التأمّل في ذلك حيث قلنا:- إنّ محمد بن مسلم توجد له روايتان واحدة بهذا اللسان وأخرى بلسان ( لا تأكل في آنية ذهبٍ ولا فضّة ) وكلتاهما عن أبي جعفر عليه السلام وقلنا من الوجيه أن تكونا رواية واحدة، يعني بتعبير آخر أنّ محمد بن مسلم سمع من الإمام عليه السلام أنّه يقول ( لا تأكل في آنية ذهب ولا فضة ) وهو نقلها بلسان ( نهى عن آنية الذهب والفضة )، وهذا احتمالٌ أبديناه سابقاً فتعود الروايتان روايةً واحدة.
وتظهر الثمرة فيما يلي:-
أوّلاً:- هي بالتالي تعود روايةً واحدةً فإذا أردت أن تضمّ روايةً إلى أخرى وتحصّل اطمئناناً مثلاً فلا تعدّ هاتين روايتين بل هي واحدة غايته أنّ اللسان قد اختلف، وهذه الثمرة لست بصددها والتي ترتبط بمقامنا هي الثمرة الثانية.
ثانياً:- إنّه إذا كان قد صدر من الإمام روايتان فيمكن التمسّك بإطلاق أو عموم حذف المتعلّق فنقول هي تدلّ على تحريم مطلق ما يرتبط بآنية الذهب والفضّة، أمّا إذا قلنا هما روايةً واحدةً فلا يمكن حينئذٍ التمسّك بها لإثبات حرمة مطلق الاستعمال بما في ذلك الاقتناء - إن صحّ التعبير عنه بالاستعمال - لاحتمال أنّ الصادر هو ( لا تأكل ) وليس الصادر ( نهى عن آنية الذهب والفضة )، ومعه كيف تتمسّك بها لإثبات حرمة مطلق الاستعمال ؟!!
بل قلنا فيما سبق:- من الوجيه كون الصادر من الإمام عليه السلام هو ( لا تأكل ) ولكن عبّر محمد بن مسلم بتعبير ( نهى )، أمّا أن يصدر نهيٌ مثل ( أنهاكم عن آنية الذهب والفضة ) وبعد ذلك يقول محمّد بن مسلم قال الإمام ( لا تأكل في آنية الذهب والفضة ) فهذا ليس نقلاً للمعنى بشكلٍ مقبول.
إذن هذه الرواية لا يمكن التمسّك بها ايضاً لإثبات حرمة مطلق ما يرتبط بآنية الذهب والفضة.
والنتيجة من كلّ هذا:- أنه لا توجد رواية يمكن التمسّك بها لإثبات حرمة مطلق ما يرتبط بآنية الذهب والفضّة.
نعم حرمة الأكل والشرب قد ثبت بروايةٍ أو روايتين، فالصحيح هو حرمة خصوص الأكل والشرب فيها، والمناسب هو جواز بيع أواني الذهب والفضّة لأنّها أصبحت من الآلات المشتركة.
مسألة ( 14 ):- يحرم ولا يصح بيع المصحف الشريف على الكافر على الأحوط وكذا يحرم تمكينه منه إلا إذا كان تمكينه لإرشاده وهدايته فلا بأس به حينئذٍ . والأحوط استحباباً الاجتناب عن بيعه للمسلم فإذا أريدت المعاوضة عليه فلتجعل المعاوضة على الغلاف ونحوه أو تكون المعاوضة بنحو الهبة المشروطة بعوض.
وأمّا الكتب المشتملة على الآيات والأدعية واسماء الله تعالى فالظاهر جواز بيعها على الكافر فضلاً عن المسلم، وكذا كتب أحاديث المعصومين عليهم السلام كما يجوز تمكينه منها.[3]
.....................................
هذه المسألة ترتبط ببيع المصحف وكتب الاحاديث والأدعية فهل يجوز بيعها على المسلم وهكذا على الكافر أو لا ؟
وقبل أن ندخل في صميم المسألة نشير إلى مطلبين جانبيين:-
الأوّل:- ذكرنا فيما سبق أنّ المعاملات المحرّمة قد قسّمها الفقهاء إلى أقسام، الأوّل ما يحرم التعامل عليه لكون الشيء، والثاني ما تنحصر فائدته في المحرّم، والثالث ما يحرم التعامل عليه لكونه لا فائدة فيه، وإلى الآن فرغنا عن آنية الذهب والفضة وقلنا إذا كانت منفعتها محرّمة بالكلّ فتصير من الآلات المختصّة بالحرام فلا يجوز التعامل عليها وإلا فيجوز، وقلنا من المناسب ذكر هذه المسألة بعد آلات الهو والقمار لا أن تذكر بعد الحيوانات التي لا منفعة لها.
لكن الآن نريد أن نقول:- حينما ذكر(قده) هذه المسألة فهذا يدخل تحت أيّ عنوان من هذه العناوين الأربعة ؟ فهل يمكن إدخاله تحت عنوانٍ من تلك العناوين أو أنه يذكر له عنوان جديد ؟
ويظهر السيد الماتن(قده) كبعض الفقهاء الآخرين أنّ بناءهم ليس على الترتيب في ذكر كلٍّ في حقله ومساحته المناسبة
إنه قد يصعب إدخاله تحت واحدٍ من هذه العناوين إلّا أن تعطيه عنواناً مستقلاً وهو ( ما يحرم التعامل عليه لكونه من المقدّسات )، ولعله لأجل هذا لم يذكره الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب في أقسام للمعاملات المحرّمة هذه بل بعدما أنهى المكاسب المحرّمة ذكر خاتمةً وذكر فيها بعض الأمور الأوّل منها حرمة بيع المصحف[4].
الثاني:- هل المناسب البحث أوّلاً عن بيع المصحف على المسلم ثم بالتبع عن الكافر بعد فرض أنه يوجد نزاع طويل على مستوى الفتوى وعلى مستوى الروايات في جواز بيعه على المسلم أو أن نعقدها أوّلاً للكافر ثم المسلم يجعل البيع بلحاظه بالتبع ؟
والسيد الماتن(قده) عقدها أوّلاً بالنسبة إلى الكافر ثم تكلّم عن المسلم.
ولعل الأنسب عقدها بلحاظ المسلم والحديث عن الكافر يصير بالتبع، ولعل الروايات الموجودة عندنا هي كثيرة بلحاظ المسلم فيكون الانسب ذلك.