34/04/20
تحمیل
الموضوع: حجية قول اللغوي
بعدما اتضح اجمالا موضع البحث من انه ليس مختصا بقول اللغوي في المفردات اللغوية بل كل علوم اللغة بل كل العلوم بلحاظ موضوعاتها فلذا كما بنى عليه الفقهاء هو ان قول أهل الخبرة حجة مالم يأتي من الشارع منعأاو ردع أو مالم تكن هناك حقيقة شرعية والاّ فيؤحذ بالعنوان والموضوع الذي ماهو عليه من المقرر التخصصي لكل علم وتخصص
فسيرة الفقهاء في الفقه جارية على الأعم من قول اللغوي واللغويين بل في مطلق العلوم
وهذه النسبة المرسومة في بحث الاستنباط أي بحث الاستفتاء والتشريع بعينها النسبة مع السلطة السياسية التنفيذية وكذا هي النسبة مع السلطة القضائية
نرجع الى محل البحث فماهو الدليل على حجية قول اللغوي أو علوم اللغة أو مطلق العلوم؟
أول دليل هو سيرة العقلاء القائمة على ذلك والمعاصرة للمعصومين (عليهم السلام) والممضاة من قبلهم وان طبع السيرة العقلائية قائم على رجوع الجاهل الى العالم في ذلك التخصص والعلم
وان النظام الاجتماعي قائم على ذلك فانه ليس قائما فقط على التكافل في العمل بل هو أيضا قائم على التكافل في العلوم فلا ميزة بين الفقه وعلوم الدين مع بقية العلوم من انه يحتاج الى تخصص وتضلع نعم ان هذا العلم يتعاون ويتعامل مع بقية العلوم
فالسيرة العقلائية قائمة على رجوع الجاهل للعالم في كل العلوم والمعارف والمهنيات
استشكل صاحب الكفاية على السيرة بأن القدر المتيقن من الرجوع الى أهل الخبرة فيما اذا أوجب الاطمينان وأما اذا لم يوجب الاطمينان فلايصح الرجوع اليهم ومع استلزامه للإطمينان فان الحجيّة للاطمينان ومعه فليس قول أهل الخبرة حجة
وان اعتراض صاحل الكفاية بان الاطمينان قد يحصل من أهل الخبرة هو اعتراف بالجملة في الحجية فانه مرّ بما ان نظام الحجج على نمطين وسنخين وهما نظام الحجية الفردي وتارة الحجية هي جزء الحجة أي بتوسط تراكم القرائن وتصاعد هذا التراكم كيفا وكما فتصل النتيجة الى الاطمينان فالاطمينان بوابة لباب الحجج من النوع الثاني وهو تراكم امارات الى بعضها البعض
ومرّ ان ذكرنا ان هذا المبنى التزم به الشيخ الأنصاري كما سيأتي في حجية الاجماع فان الاجماع عند الشيخ الأنصاري ليس حجة مستقلة بل يعبر عنه بجزء الحجة ومرادهم من ذلك هو انه ينضم الى حجج اخرى فيولد الإطمينان وهذا هو مبنى الشيخ أسد الله التستري
وان القدماء قد تبنوا هذا المبنى في موارد عديدة كما سيأتي في حجية الخبر الواحد فأحد المباني يقول بأن المدار على حجية خير الثقة والمبنى الآخر يقول ان المدار على حجية الخبر الموثوق به وان القدماء لايبنون على حجية خبر الثقة وإنما يبنون على مدارية الخبر الموثوق به وهو عبارة عن قرائن تنضم الى بعضها البعض مما يولد اطمينان بالصدور وهذا مثال آخر للحجية الانضمامية
وهذا النوع الثاني كما مرّ ليس كما يتوهم بعض المعاصرين من انه مبنى فوضوي حيث إنه في هذا المبنى ينظر الى كل قرينة وامارة ينظر اليها نظرة فردية فاحصة وبالتالي توزن معياريا
ومرّ بنا ان من أمثلة هذا المبنى في علم الرجال حيث ناقش السيد الخوئي وتلاميذه ناقش المشهور كثيرا ورفضوا مباني مشهور علماء الرجال في التوثيق والتضعيف فقلنا ان أساس نقاش السيد الخوئي وتلاميذه غفلة لأنه مبني على النمط من النوع الأول بينما علماء الرجال القدماء لم يدّعوا انها من النمط الأول أي انها بمفردها حجة بل عوّلوا عليها بلحاظ تراكم الظنون ومن ثم يناقشون بعضهم البعض ففي هذا المبنى يتم توزين القرينة مفردا ثم حسابها مجموعا الى ان تصل النتيجة الى الاطمينان
وهذ المبحث لايدل على عدم حجية القرينة فهي حجة لكن جزء الحجة بل حتى الحجية الاولى التي هي حجية فردية بالدقة هي ليست حجية فردية فطبيعة الحجج منظومية وان السبب في تسمية هذه الحجة فردية وتلك الحجة انضمامية هو انه في درجات منها فردية واقتضائية والاّ بالدقة فلاتوجد حجة وفرد بقول مطلق بل الإنفراد نسبي
فقال صاحب الكفاية ان حجية قول اللغوي أي حجية علوم اللغة أي حجية العلوم عموما فهو حجة اذا أوجب الاطمينان فهذا كلام صحيح اذا كان المراد منه النوع الثاني
واذا بنينا على حجية مبنى الانضمام فكيف تكون الحجية جزء الحجة ومع انها انضمامية فكيف تكون لها خصوصية؟
فنقول لها خصوصية وكما مرّ فان العقلاء وأصحاب التخصصات عندما يجعلون امارة ولو غير مستقلة يجعلوها امارة انضمامية وموثرة في التراكم فهذه الامارة اذا كانت اماريتها ضئيلة جدا بحيث يعزفون عنها ويحاسبون من يعتمد عليها ولايتداينون مابينهم فيها فالامارة وان لم تكن منفردة الاّ ان لها شرط وشروط ولها موازين وضوابط فهو انضمامي ولكنه ليس عشوائيا ولا ركاميا بل يدقق فيه ويمحّص فيه فالأمر في النوع الثاني منضبط