34/04/02
تحمیل
الموضوع: حجية ظواهر القران الكريم
كان الكلام في ذكر بعض العناصر والنقاط لتسجيل ملاحظات على قول الأخباريين وقول العلامة الطباطبائي وهو تفسير القران بالقران
وانتهينا الى ان القدرة على الفهم هي دخيلة في قصد الافهام باعتبار ان المتكلم لايوجّه كلامه بعنوان الإفهام والتفاهم الاّ للقادر على ان يفهم وهذا القادر سواء كان في الوقت الراهن أو قادر في الوقت المستقبلي فالمهم هو كون الشخص قادر على الفهم
وان تحديد الافهام بالقدرة على من يفهم يعني تحديد حجية الظهور به وهذا الأمر هو أمر منطقي وذلك باعتبار ان من ليس له القدر على الفهم لايمكن الاحتجاج به عليه
وهذا نفس ماقرره الأعلام في أول بحث حجية القطع واليقين من ان المخاطبين بأدلة الاستنباط وأدلة التشريع هم الفقهاء وان الحجية هي حجية اقتضائية قبل تحصيل القدرة على الفهم
وعليه فالقران الكريم طبقات من هذه الجهة وكذا الحديث النبوي طبقات من هذه الجهة وكذا العقل فانه كخطاب وكلغة من اللغات طبقات من هذه الجهة وقد ورد في الحديث الشريف ان الله يحتج على العباد بقدر ما آتاه من العقل فسواء في الخطاب اللفظي أو الخطاب المعنوي فهو بقدر قدرة الانسان في المعنى
وهذا الأمر هو أمر منطقي فسواء في حجية الظهور أو غيره فالمهم هو القدرة على الفهم فليست هي مفتوحة على مصراعيها كما هي دعوى العلامة الطباطبائي والأخباريين ولاهي مغلوقة على العوام كمل يظهر من بعض الاصوليين بل هي درجات من القدرة
وقد مرّ بنا مثال نفس هذا المبحث في الدرس السابق وهو ما جرى بين موسى والخضر فان أحد أسباب إنحراف الكثير من الصوفية والباطنية هو دعواهم بوجود شريعة باطنة مغايرة للشريعة الظاهرة أو مناقضة أو مدافعة وهذا سبب عظيم للانحراف ويستشهدون بمثل قصة موسى والخضر
بينما الصحيح هو ان الشريعة شيء واحدا فلاتغاير بين الباطن والظاهر في الشريعة ولاتغاير بين الظاهر والباطن فيها من حيث أصل التنظير والقواعد الكلية والمسائل فان ماهية الدين في الظاهر هي نفس ماهية الدين في الباطن وهي الشريعة
إنما الاختلاف في التطبيق بمعنى ان درجة إحراز الواقع وآليات إحراز الموضوعات وطرق استكشاف الواقع فيها درجات سواء الظن في درجات أو بين الظن والعلم في درجات أو في العلم في درجات
اذن فالشريعة في الظاهر والباطن وباطن الباطن هي هي وان الدين هو هو ومن يقول غير ذلك فهو من الإنحراف نعم الاختلاف بين الباطن والظاهر هو في التطبيق لأن درجة احراز الموضوعات تختلف بين الباطن والظاهر
ومن الشواهد على ذلك هو ان الخضر عندما فسّر للنبي موسى (على نبينا واله وعليه الصلاة والسلام) تصرفاته فنرى ان النبي موسى قد قبل ذلك التفسير ثم ان الخضر لم يأتي بشيء خارج عن شريعة النبي موسى فهو نفس شريعة النبي موسى الاّ ان الذي يفترق هو الآليات التي استخدمها الخضر عندما أقام الأحكام الالهية
ولذا فتفسيره وبيانه للأسباب التي دعت لأفعاله هذه كان نفس ماجاء به النبي موسى ولم يأت الخضر بشيء خلاف شريعة النبي موسى
وقد أكّد ائمة أهل البيت (عليهم السلام) على قاعدة عظيمة ولاسيما الامام الصادق (عليه السلام) وهي لاظاهر من دون باطن ولاباطن من دون ظاهر فمن الخطأ ان يظن الانسان ان التطبيق الموضوعي للشريعة على درجة واحدة بل تطبيقاتها على درجات
وهذه القواعد لابد من الإلمام بها والاّ فانها ستسبب الانحراف في العقائد وهو الباطن فهو نوع من العقائد ولذا قال سيد الانبياء (صلى الله عليه واله وسلم) العلم كله فضلة الاّ ثلاث آية محكمة وسنة قائمة وفريضة عادلة وهي الشريعة الظاهرة فمن استمسك بها فقد استمسك بالعروة الوثقى
ونقطة اخرى مرتبطة بما تقدم هو عندما نلاحظ ظاهر القران والسنة فان الاحاطة به بشكل كامل وتام ليس بقدرة الحس والعقل البشري بل لايمكن الاحاطة بالظاهر بشكل تام الاّ عن طريق الوحي
وبعبارة اخرى ان الظاهر المادي لايمكن الاحاطة به بالحس فالحس لايمكن ان يحيط بالحس كما انه لا يمكن للعقل البشري المحدود ان يحيط بالحس مع انه أقوى من الحس وان الحس هو أقوى من المادة فالوجود الحسي الطفمن الوجود المادي
وان الذي يمكنه ان يحيط بالحس احاطة تامة هو الوحي فقط ولذا ففي عقيدة الشيعة ومذهباهل البيت ان تحريف القران الحسي وهو المصحف المنقوش بمادة مكتوبة فحفظه وصيانته عن التحريف لايمكن بقدرات حس البشر ولابعقل البشر ولو اجتمعت امه باجيالها بل لايمن الاّ بالوحي وهو النبي وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وبقيّة الائمة الاطهار (عليهم السلام) وان الحس درجته ضعيفة في اليقين وان الوحي درجة اليقين فيه قوية جدا