37/03/28
تحمیل
الموضوع:-مقدمة الواجب.
إن قلت:- إنّه لا محذور في اجتماع الوجوبين - أعني النفسي والغيري - في شيءٍ واحدٍ وهو الواجب النفسي، فالوجوب النفسي سوف يجتمع فيه وجوبان وهو لا محذور فيه، فهو وجوبٌ نفسيٌّ كما هو المفروض لأنّه هو الواجب النفسي، وهو وجوبٌ غيريٌّ بسبب أنّه أُخِذ قيداً في متعلّق الوجوب الغيري، فلا يلزم محذور، لأنّه يحصل تأكّد ككلّ وجوبين إذا اجتمعا فإنهما يتأكدان ويتحوّلان إلى وجوبٍ واحدٍ مؤكّدٍ، من قبيل من نذر أن يصلّي صلاة الصبح - لأنّه كان يتهاون في أدائها - فتصير حينئذٍ واجبة بوجوبين الوجوب الأصلي والوجوب النذري، وتظهر الثمرة فيما إذا لم يصلِّ فعليه أن يدفع الكفارة لوجود الوجوب النذري، وكيف يجتمع وجوبان على شيءٍ واحد ؟ نقول:- إنّهما يتحوّلان إلى وجوبٍ واحدٍ أكيدٍ فلا مانع من ذلك.
وهنا فلنقل ذلك، أي نقول:- صحيح أنّه يلزم اجتماع وجوبين - النفسي والغيري - في الواجب النفسي ولكن يتأكّد الوجوبان وهذا لا محذور فيه.
إذن لا يمكن أن نساعد الشيخ النائيني(قده) بهذا الشكل.
قلت:-
أوّلاً:- إنّ فكرة تأكّد الوجوبين وتحوّلهما إلى وجوبٍ واحدٍ تكون فكرة وجيهة فيما إذا كان الوجوبان عرضيين لا أن رتبة أحدهما تختلف عن رتيبة الآخر، كمن نذر فعل صلاة الصبح فإنّ الوجوب الأصلي في عرض الوجوب النذري لا أنّ بينهما اختلافٌ في الزمان أو في الرتبة، فيمكن تحوّلهما إلى وجوبٍ واحدٍ مؤكّد، وهذا بخلافه في محلّ الكلام فإنّ الوجوب الغري متأخّر رتبةً عن الوجوب النفسي لأنّه مترشّحٌ منه على ما هو المعروف، فرتبته رتبة المعلول بينما رتبة الموجوب النفسي رتبة العلّة، فالرتبة مختلفة، فلا يمكن أن يجتمعا ويتحولا إلى وجوبٍ واحدٍ وإلا يلزم إتحاد المتقدّم رتبةٍ مع المتأخّر رتبةٍ وهذا لا يمكن، فالشيء الواحد إمّا أن يكون متدّم رتبةً أو متأخّر تبةً، أمّا أن يكون متقدّماً وتأخّراً فلا يمكن، لأنّهما إذا تحوّلا إلى واحدٍ فنسأل هل هذا الواحد هو متقدّم رتبةً ؟ فهنا سوف يصير هو عين المتأخر رتبةً وهذا غير معقولٍ في حدّ نفسه.
ثانياً:- حينما نقول بأنّ المقدّمة الواجبة هي المقدّمة الموصلة فالايصال وإن كان قيداً - كما ذكرت - في الواجب الغيري - أي في متعلّق الوجوب الغيري - فهذا صحيح، ولكنه ليس قيداً يكون الوجوب الغيري محرّكاً نحوه فمثلاً الطهارة هي قيد الصلاة، فوجوب الصلاة سوف يحرّك نحو تحصيل القيد، فتصير الطهارة لازمة ويلزم التحرّك نحوها، أمّا في مقامنا فالأمر ليس كذلك، فإنّ هذا القيد سنخ قيدٍ لا يحرّك نحوه الوجوب الغيري، فالوجوب الغيري لا يقول تحرَّك نحو الاتيان بالواجب النفسي فإنّه لو كان يقول ذلك للزم اجتماع الوجوبين الغيري والنفسي في الواجب النفسي، ولكنه لا يقول ذلك - أي لا يحرك نحو قيده الذي هو الواجب النفسي - على خلاف الطهارة فإنّها قيدٌ للصلاة والوجوب المتعلّق بالصلاة يحرّك نحو القيد، أمّا هنا فالوجوب الغيري لا يحرّك نحو القيد المأخوذ في متعلّقه.
ولو قلت:- لماذا، فإنّه مادام قد أخذ قيداً فلابد وأن يحرّك نحو تحصيل القيد فكيف تقول الآن هو لا يحرّك نحوه ؟
قلت:- إنَّ النكتة هي أنّ هذا القيد قد أخذ بنحو المشيريّة.
يعني بتعبيرٍ آخر:- يراد أن يشار ويقال:- إنَّ هذه - أي المقدّمة التي يحصل بعدها الواجب أي الموصلة - هي متعلّق إرادتي ووجوبي، فالهدف من أخذ القيد ليس هو تحريك الوجوب نحوه وإنما أخذ بنحو المشيريّة إلى واقع تلك الحصّة من المقدّمة، فهناك حصّتان من المقدّمة حصّة يحصل بعدها الحج وحصّة لا يحصل بعدها الحجّ، فالمولى يقول أنا أحبّ وأريد الحصّة ولكنه يعبّر عنها بالموصلة، فقيد ( الموصلة ) ذكر كمجرّد مشيرٍ إلى واقع الحصّة، وإذا كان الأمر كذلك فالوجوب الغيري سوف يكون متعلّقاً لا بالمقدّمة - أي بالسفر المقيّد بالايصال - فإنّ قيد الايصال كما ذكرنا أخذ بنحو كونه مشيراً لا أكثر، فلا يكون مصبّاً للوجوب ولا يترشّح عليه الوجوب، وإلا لو كان دوره ليس دور مجرّد المشير بل الوجوب يحرّك نحوه فيلزم أن يختصّ الوجوب الغيري بالمقدّمة غير الموصلة فقط أمّا الموصلة فلا يكون لها وجوبٌ غيري، وهذا مضحكٌ للثكلى وغير ممكن.
إذن هذا القيد - أي قيد الايصال - لا يقصد منه إلا كونه مجرّد مشيراً، ومادام دوره دور الاشارة فالوجوب لا يحرّك نحو تحصيله وإنما يراد الاشارة فيقال متعلّق الارادة والحب وأنَّ الوجب الغيري هو هذه المقدّمة - أي التي يتحقّق بعدها ذو المقدّمة - دون تلك، ومادام دوره دور المشير فلا يلزم التحريك نحو تحصيله، وبالتالي لا يلزم اجتماع وجوبين من الأساس.
هذا كلّه بالنسبة إلى ما أفاده الشيخ النائيني(قده).
ثم إنه ربما يبيّن الدور الذي تمسّك به الشيخ النائني(قده) ببيانٍ آخر - غير ذلك البيان فإنّ ذلك البيان كما قلنا ليس فنّياً - وهو أن يقال:- إذا كان الواجب هو خصوص المقدّمة الموصلة فسوف يلزم أن يصير الواجب النفسي مقدّمةً لتحقّق المقدّمة الموصلة؛ إذ المقدّمة الموصلة تتوقّف على تحقّق الواجب النفسي، فصار وجود وتحقّق الواجب النفسي مقدّمة لتحقق ووجود المقدّمة الموصلة، وحيث إنّ المقدّمة الموصلة هي مقدّمةٌ لتحقّق الواجب النفسي فصار تحقّق كلٍّ منهما مقدّمة لتحقّق الآخر، وبالتالي يصير تحقّق كلّ منهما موقوفاً على تحقّق الآخر.
وجوابه:- نحن نسلّم بأنّ تحقّق الواجب النفسي مقدّمة لتحقّق المقدّمة الموصلة - يعني تحقّق الحج مقدّمة لتحقّق السفر الموصل إلى الحج - وهو صحيح، أمّا القضية الثانية وهي أنّ ذا المقدّمة يتوقّف على تحقّق المقدّمة الموصلة فهذا نرفضه، بل تحقّق ذي المقدّمة موقوفٌ على تحقّق ذات المقدّمة وليس على المقّدمة بقيد الايصال، فالحجّ موقوفٌ على أصل السفر لا على السفر المقيّد بأن يكون موصلاً، فلا دور.
إن قلت:- إنّه لا محذور في اجتماع الوجوبين - أعني النفسي والغيري - في شيءٍ واحدٍ وهو الواجب النفسي، فالوجوب النفسي سوف يجتمع فيه وجوبان وهو لا محذور فيه، فهو وجوبٌ نفسيٌّ كما هو المفروض لأنّه هو الواجب النفسي، وهو وجوبٌ غيريٌّ بسبب أنّه أُخِذ قيداً في متعلّق الوجوب الغيري، فلا يلزم محذور، لأنّه يحصل تأكّد ككلّ وجوبين إذا اجتمعا فإنهما يتأكدان ويتحوّلان إلى وجوبٍ واحدٍ مؤكّدٍ، من قبيل من نذر أن يصلّي صلاة الصبح - لأنّه كان يتهاون في أدائها - فتصير حينئذٍ واجبة بوجوبين الوجوب الأصلي والوجوب النذري، وتظهر الثمرة فيما إذا لم يصلِّ فعليه أن يدفع الكفارة لوجود الوجوب النذري، وكيف يجتمع وجوبان على شيءٍ واحد ؟ نقول:- إنّهما يتحوّلان إلى وجوبٍ واحدٍ أكيدٍ فلا مانع من ذلك.
وهنا فلنقل ذلك، أي نقول:- صحيح أنّه يلزم اجتماع وجوبين - النفسي والغيري - في الواجب النفسي ولكن يتأكّد الوجوبان وهذا لا محذور فيه.
إذن لا يمكن أن نساعد الشيخ النائيني(قده) بهذا الشكل.
قلت:-
أوّلاً:- إنّ فكرة تأكّد الوجوبين وتحوّلهما إلى وجوبٍ واحدٍ تكون فكرة وجيهة فيما إذا كان الوجوبان عرضيين لا أن رتبة أحدهما تختلف عن رتيبة الآخر، كمن نذر فعل صلاة الصبح فإنّ الوجوب الأصلي في عرض الوجوب النذري لا أنّ بينهما اختلافٌ في الزمان أو في الرتبة، فيمكن تحوّلهما إلى وجوبٍ واحدٍ مؤكّد، وهذا بخلافه في محلّ الكلام فإنّ الوجوب الغري متأخّر رتبةً عن الوجوب النفسي لأنّه مترشّحٌ منه على ما هو المعروف، فرتبته رتبة المعلول بينما رتبة الموجوب النفسي رتبة العلّة، فالرتبة مختلفة، فلا يمكن أن يجتمعا ويتحولا إلى وجوبٍ واحدٍ وإلا يلزم إتحاد المتقدّم رتبةٍ مع المتأخّر رتبةٍ وهذا لا يمكن، فالشيء الواحد إمّا أن يكون متدّم رتبةً أو متأخّر تبةً، أمّا أن يكون متقدّماً وتأخّراً فلا يمكن، لأنّهما إذا تحوّلا إلى واحدٍ فنسأل هل هذا الواحد هو متقدّم رتبةً ؟ فهنا سوف يصير هو عين المتأخر رتبةً وهذا غير معقولٍ في حدّ نفسه.
ثانياً:- حينما نقول بأنّ المقدّمة الواجبة هي المقدّمة الموصلة فالايصال وإن كان قيداً - كما ذكرت - في الواجب الغيري - أي في متعلّق الوجوب الغيري - فهذا صحيح، ولكنه ليس قيداً يكون الوجوب الغيري محرّكاً نحوه فمثلاً الطهارة هي قيد الصلاة، فوجوب الصلاة سوف يحرّك نحو تحصيل القيد، فتصير الطهارة لازمة ويلزم التحرّك نحوها، أمّا في مقامنا فالأمر ليس كذلك، فإنّ هذا القيد سنخ قيدٍ لا يحرّك نحوه الوجوب الغيري، فالوجوب الغيري لا يقول تحرَّك نحو الاتيان بالواجب النفسي فإنّه لو كان يقول ذلك للزم اجتماع الوجوبين الغيري والنفسي في الواجب النفسي، ولكنه لا يقول ذلك - أي لا يحرك نحو قيده الذي هو الواجب النفسي - على خلاف الطهارة فإنّها قيدٌ للصلاة والوجوب المتعلّق بالصلاة يحرّك نحو القيد، أمّا هنا فالوجوب الغيري لا يحرّك نحو القيد المأخوذ في متعلّقه.
ولو قلت:- لماذا، فإنّه مادام قد أخذ قيداً فلابد وأن يحرّك نحو تحصيل القيد فكيف تقول الآن هو لا يحرّك نحوه ؟
قلت:- إنَّ النكتة هي أنّ هذا القيد قد أخذ بنحو المشيريّة.
يعني بتعبيرٍ آخر:- يراد أن يشار ويقال:- إنَّ هذه - أي المقدّمة التي يحصل بعدها الواجب أي الموصلة - هي متعلّق إرادتي ووجوبي، فالهدف من أخذ القيد ليس هو تحريك الوجوب نحوه وإنما أخذ بنحو المشيريّة إلى واقع تلك الحصّة من المقدّمة، فهناك حصّتان من المقدّمة حصّة يحصل بعدها الحج وحصّة لا يحصل بعدها الحجّ، فالمولى يقول أنا أحبّ وأريد الحصّة ولكنه يعبّر عنها بالموصلة، فقيد ( الموصلة ) ذكر كمجرّد مشيرٍ إلى واقع الحصّة، وإذا كان الأمر كذلك فالوجوب الغيري سوف يكون متعلّقاً لا بالمقدّمة - أي بالسفر المقيّد بالايصال - فإنّ قيد الايصال كما ذكرنا أخذ بنحو كونه مشيراً لا أكثر، فلا يكون مصبّاً للوجوب ولا يترشّح عليه الوجوب، وإلا لو كان دوره ليس دور مجرّد المشير بل الوجوب يحرّك نحوه فيلزم أن يختصّ الوجوب الغيري بالمقدّمة غير الموصلة فقط أمّا الموصلة فلا يكون لها وجوبٌ غيري، وهذا مضحكٌ للثكلى وغير ممكن.
إذن هذا القيد - أي قيد الايصال - لا يقصد منه إلا كونه مجرّد مشيراً، ومادام دوره دور الاشارة فالوجوب لا يحرّك نحو تحصيله وإنما يراد الاشارة فيقال متعلّق الارادة والحب وأنَّ الوجب الغيري هو هذه المقدّمة - أي التي يتحقّق بعدها ذو المقدّمة - دون تلك، ومادام دوره دور المشير فلا يلزم التحريك نحو تحصيله، وبالتالي لا يلزم اجتماع وجوبين من الأساس.
هذا كلّه بالنسبة إلى ما أفاده الشيخ النائيني(قده).
ثم إنه ربما يبيّن الدور الذي تمسّك به الشيخ النائني(قده) ببيانٍ آخر - غير ذلك البيان فإنّ ذلك البيان كما قلنا ليس فنّياً - وهو أن يقال:- إذا كان الواجب هو خصوص المقدّمة الموصلة فسوف يلزم أن يصير الواجب النفسي مقدّمةً لتحقّق المقدّمة الموصلة؛ إذ المقدّمة الموصلة تتوقّف على تحقّق الواجب النفسي، فصار وجود وتحقّق الواجب النفسي مقدّمة لتحقق ووجود المقدّمة الموصلة، وحيث إنّ المقدّمة الموصلة هي مقدّمةٌ لتحقّق الواجب النفسي فصار تحقّق كلٍّ منهما مقدّمة لتحقّق الآخر، وبالتالي يصير تحقّق كلّ منهما موقوفاً على تحقّق الآخر.
وجوابه:- نحن نسلّم بأنّ تحقّق الواجب النفسي مقدّمة لتحقّق المقدّمة الموصلة - يعني تحقّق الحج مقدّمة لتحقّق السفر الموصل إلى الحج - وهو صحيح، أمّا القضية الثانية وهي أنّ ذا المقدّمة يتوقّف على تحقّق المقدّمة الموصلة فهذا نرفضه، بل تحقّق ذي المقدّمة موقوفٌ على تحقّق ذات المقدّمة وليس على المقّدمة بقيد الايصال، فالحجّ موقوفٌ على أصل السفر لا على السفر المقيّد بأن يكون موصلاً، فلا دور.