37/05/20
تحمیل
الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد, مسألة 2.
الدليل الثاني: الذي ذكره السيد الخوئي (قد) من دلالة بعض الروايات على حجية خبر الواحد في باب الموضوعات وبعض هذه الروايات من روايات الباب وبعضها من مواضع اخرى.
الرواية الاولى: صحيحة العيص بن القاسم (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحرون في بيت فنظر إلى الفجر فناداهم أنه قد طلع الفجر فكف بعض وظن بعض أنه يسخر فأكل ؟ فقال : يتم ويقضي)[1]
وعبارة (أنه قد طلع الفجر ) زيادة في بعض النسخ ولم ترد في التهذيب.
فيقول (قد) أن الرواية تدل على حجية خبر الواحد بأعتبار أن الامام عليه السلام حكم بوجوب القضاء على من اكل بزعم أن المخبر يسخر هذا من جهة ومن جهة اخرى أن الرواية لم تفرض طلوع الفجر واقعاً حينما اكل, فهي تقول (وظن بعض أنه يسخر فأكل ؟ فقال : يتم ويقضي) ولم تقل تبين الخلاف وان هذا اكل بعد طلوع الفجر, ولا وجه للحكم بوجوب القضاء عليه الا أن يكون خبر المخبر حجة لأنه اذا لم يكن كذلك مع أنه لم يأكل بعد طلوع الفجر ولم يخالف فلماذا يجب عليه القضاء؟؟!!
والحال في المقام كما هو في البينة حيث أنهم قالوا عندما تخبره البينة بطلوع الفجر واكل ولم يتبين المخالفة يجب عليه القضاء بل بعضهم اوجب الكفارة.
وفي المقام لا وجه للحكم بوجوب القضاء عليه الا أن يكون خبر المخبر حجة مع أن المخبر واحد غاية الأمر لابد من تقييده بكونه ثقة فيثبت بذلك حجية خبر الثقة الواحد في الموضوعات الخارجية.
وما يمكن أن يُذكر في مقام التأمل في المقام هو أن الرواية واضحة في افتراضها أن الذي اكل أكل بظن أن المخبر يسخر والظن في هذه المقامات يُفسر بالاعتقاد وهذا يعني أن الذي اكل اعتقد أن المخبر ليس جاداً بل هو هازل وهذا لوحده يكفي لسلب الحجية حتى وان كان المخبر ثقة بل حتى وان كانت بينة, ولا مجال لجريان اصالة الجد في المقام لأنها تجري في حال الشك في أنه جاد أو هازل والمفروض أنه يعتقد بكون المخبر هازلاً, فلا يكون الخبر حجة ولا يمكن أن نقول بوجوب القضاء على من اكل لأنه خالف الخبر الحجة وقياسه على من اخبرته البينة بطلوع الفجر ومن هنا _بناءً على كلامه_ لابد من تفسير وجوب القضاء على اساس تبين الخلاف, فالرواية وان لم تذكر تبين الخلاف لكنه _ الفقهاء فهموا أنه _لابد أن يكون وجوب القضاء عليه من جهة تبين الخلاف, والا لا وجوب للقضاء مع فرض عدم حجية الخبر وعدم تبين الخلاف خصوصاً أن استصحاب بقاء الليل معه.
وقد يقرب الاستدلال بالرواية بتقريب آخر غير ما ذكره السيد الخوئي (قد) وهو أن يقال بأن هذه الرواية ظاهرة في أن الشيء الذي سوغ الاكل لمن اكل هو اعتقاده أن هذا يسخر وهذا يعني أنه لولا اعتقاده بذلك لما كان هناك مسوغ للأكل مع اخبار هذا المخبر بطلوع الفجر وهذا يعني أن خبره حجة.
ويمكن التأمل في هذا التقريب بأعتبار أن هذا لوحده لا يكفي لأثبات الحجية بالمعنى الذي نريد أن نثبته لخبر الثقة وهي الحجية التعبدية وذلك لقوة احتمال أن الاعتماد على خبر المخبر بطلوع الفجر _حينما نحرز أنه جاد غير هازل _ من باب افادة قوله للاطمئنان, واثبات الحجية التعبدية بشيء من هذا القبيل من الصعوبة بمكان هذا لو سلمنا اصل دلالة الرواية على هذا المطلب, ثم أنه لا حاجة للاستدلال بمن لم يكف عن الاكل بل نأتي إلى من امتنع فالاستدلال بهم اقرب حيث أن قوله (فكف بعض) يعني أن خبره حجة لأنهم رتبوا الاثر على اخباره, فنقول أن كفهم ليس من هذا الباب بل لعله من باب الاطمئنان أو من باب الاحتياط, فمجرد كفهم عن الطعام لا يعني أن الخبر حجة من باب الحجية التعبدية.
الرواية الثانية: صحيحة الحلبي (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الخيط الابيض من الخيط الاسود ؟ فقال : بياض النهار من سواد الليل، قال : وكان بلال يؤذن للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وابن ام مكتوم ـ وكان أعمى ـ يؤذن بليل، ويؤذن بلال حين يطلع الفجر، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله) : إذا سمعتم صوت بلال فدعوا الطعام والشراب فقد أصبحتم)[2]
فبلال يحتمل فيه الخطأ والاشتباه ومع ذلك يكون اخباره حجة, ولا يقال بأن هذا ليس اخباراً فأنه (قد) يقول _في كلام آخر له_ بعدم الفرق بين الاخبار القولي والاخبار الفعلي, وهذا ليس اخباراً قولياً لكنه اخبار بطلوع الفجر عملاً عن طريق الاذان.
فوجوب الكف عن الطعام عندما يؤذن بلال دليل على حجية قول بلال واخباره الفعلي أو القولي, فيثبت حجية خبر الواحد في الموضوعات.
وهذا يمكن أن نطرح احتمالاً في مقابله يجعلنا _على الاقل_ نشكك في الكلام ويمنعنا من الاستدلال بالرواية على الحجية وهو أنه قد يكون امر الرسول صلى الله عليه واله المسلمين بالكف عن الطعام والشراب عندما يؤذن بلال لأحرازه صلى الله عليه واله أن بلالاً يعرف الفجر ويؤذن في وقته بعكس ابن أم مكتوم الذي كان يؤذن بليل, وهذا ليس له علاقة بحجية خبر الواحد مع الشك والتردد وهل أن الكلام مطابق للواقع أو ليس كذلك, فهذا من قبيل من يؤذن طبقاً للتقويم في هذا الزمان مع القطع بدقته, فيقال يجب الكف عن الطعام عندما يؤذن فلان لأحراز أنه يؤذن عند طلوع الفجر, وهذا لا يعني اثبات الحجية التعبدية لكلامه حتى مع الشك.