37/07/09
تحمیل
الموضوع: فصل في شرائط صحة الصوم الاول الاسلام والايمان.
أما شرطية الايمان في صحة العبادة فهي اضعف من شرطية الاسلام بلحاظ الاجماع والاتفاق لإهمالها من قبل المتقدمين بل حتى غيرهم امثال العلامة والمحقق والشهيد الاول, فهم يتعرضون للمسألة ويذكرون شرائط الصحة ولم يتعرضوا لشرطية الايمان, فيفهم من ذلك بالإطلاق المقامي أن الايمان ليس شرطاً للصحة.
نعم تعرضوا إلى مسألة المخالف اذا استبصر وهل تجب عليه اعادة الاعمال السابقة؟ اولا تجب؟ وقد ذهب المشهور إلى عدم الاعادة باستثناء الزكاة, وقد يفهم من ذلك صحة الاعمال السابقة ولذا لا تجب الاعادة, لكن مسألة وجوب القضاء والاعادة غير مسألة شرطية الايمان في العبادة.
وقد دلت الادلة على عدم وجوب الاعادة والقضاء على الكافر وكذلك المخالف.
نعم ذهب قسم شاذ من فقهائنا إلى وجوب الاعادة كما نُقل ذلك عن ابن الجنيد.
وذكر بعض المتأخرين كصاحب المدارك والشهيد الثاني ومن تأخر عنهما اشتراط الايمان في صحة العبادة, وذهب العلامة في المعتبر إلى عكس ذلك فقال ( ليس كل مخالف للحق لا يصح منه العبادة)[1] وطالبهم بالدليل على عدم الصحة, واستدل بالروايات التي تدل على عدم اعادة العبادة.
وقد اُستدل على شرطية الايمان في العبادة بعدة روايات ويمكن تقسيمها إلى عدة طوائف:-
الطائفة الاولى: ما تدل على عدم استحقاق الثواب وفيها روايات كثيرة منها:- صحيحة زرارة (عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال: ذروة الأمر، وسنامه، ومفتاحه، وباب الأشياء، ورضى الرحمن، الطاعة للإمام بعد معرفته، أما لو أن رجلا قام ليله، وصام نهاره، وتصدق بجميع ماله، وحج جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله حق في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان)[2]
وراية المعلى بن خنيس (قال: قال أبو عبدالله ( عليه السلام ): يا معلى، لو أن عبدا عبدالله مائة عام ما بين الركن والمقام، يصوم النهار، ويقوم الليل، حتى يسقط حاجباه على عينيه، ويلتقي تراقيه هرما، جاهلا بحقنا لم يكن له ثواب.)[3]
وتقريب الاستدلال بهذه الطائفة بدعوى انها تدل على الفساد ولو كان العمل صحيحاً لأستحق الثواب.
الطائفة الثانية: ما دل على عدم انتفاع المخالف بعمله وهي من قبيل رواية أبي حمزة الثمالي(قال: قال لنا علي بن الحسين ( عليه السلام ): أي البقاع أفضل؟ فقلنا: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، فقال لنا: أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أن رجلا عمر ما عمر نوح في قومه، ألف سنة إلا خمسين عاما، يصوم النهار، ويقوم الليل في ذلك المكان، ثم لقى الله بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا)[4]
والاستدلال بها بدعوى أن عدم الانتفاع به يعني عدم ترتب أي اثر حتى الاجزاء فيقع العمل باطلاً.
الطائفة الثالثة: التي وردت بلسان عدم قبول عمل غير الموالي وهي من قبيل رواية عبد الحميد بن أبي العلاء (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال: والله لو أن إبليس سجد لله بعد المعصية والتكبر عمر الدنيا ما نفعه ذلك، ولا قبله الله عز وجل، ما لم يسجد لآدم كما أمره الله عز وجل أن يسجد له، وكذلك هذه الأمة العاصية، المفتونة بعد نبيها ( صلى الله عليه وآله )، وبعد تركهم الإمام الذي نصبه نبيهم ( صلى الله عليه وآله ) لهم، فلن يقبل الله لهم عملا، ولن يرفع لهم حسنة، حتى يأتوا الله من حيث أمرهم، ويتولوا الامام الذي أمروا بولايته، ويدخلوا من الباب الذي فتحه الله ورسوله لهم.)[5]
ورواية ميسر(عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال: إن أفضل البقاع ما بين الركن الأسود، والمقام، وباب الكعبة وذاك حطيم إسماعيل، ووالله، لو أن عبدا صف قدميه في ذلك المكان، وقام الليل مصليا حتى يجيئه النهار، وصام النهار حتى يجيئه الليل، ولم يعرف حقنا وحرمتنا أهل البيت، لم يقبل الله منه شيئا أبدا.)[6]
والاستدلال بهذه الطائفة مبني على أن عدم القبول يلازم بطلان العمل.
وهناك تقريب آخر للاستدلال في مصباح الفقيه (لم يكن له على الله شيء فيلزمه بطلان عمله ، وإلَّا يلزم استحقاق الأجر عليه ، وهو خلاف صريح الأخبار)[7] وهذا نظير الاستدلال بالطائفة الاولى.
الطائفة الرابعة: ما دلت على أن الله يبغض عمل غير الموالي وهي من قبيل صحيح محمد بن مسلم (قال: سمعت أبا جعفر ( عليه السلام) يقول: كل من دان الله عز وجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير، والله شانئ لأعماله ـ إلى أن قال ـ وإن مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق، واعلم يا محمد، أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله، قد ضلوا وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما كسبوا على شيء، ذلك هو الضلال البعيد.)[8]
فتدل على أن عمل غير الموالي مبغوض لله فلا تشمله ادلة التشريع فيقع فاسداً.
الطائفة الخامسة: ما يفهم منها أن العمل الصادر من غير الموالي بحكم العدم وهي من قبيل رواية إسماعيل بن نجيح (عن أبي عبدالله (عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال: الناس سواد وأنتم الحاج)[9]
ورواية فضيل(عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال: أما والله، ما لله عز ذكره حاج غيركم، ولا يتقبل إلا منكم، الحديث)[10]
ورواية الكلبي(عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال: ما أكثر السواد؟! يعني الناس، قلت: أجل، فقال: أما والله، ما يحج ( أحد ) لله غيركم.)[11]
فحجهم بمنزلة العدم.