37/07/16
تحمیل
الموضوع: بطلان الصلاة بالزيادة العمدية سواء في ابتداء النية أو في الأثناء
مسألة 4: لا فرق في البطلان بالزيادة العمدية بين أن يكون في ابتداء النية أو في الأثناء ولا بين الفعل والقول، ولا بين الموافق لأجزاء الصلاة والمخالف لها ولا بين قصد الوجوب بها والندب نعم لا بأس بما يأتي به من القراءة والذكر في الأثناء لا بعنوان أنه منها ما لم يحصل به المحو للصورة ، وكذا لا بأس بإتيان غير المبطلات من الأفعال الخارجية المباحة كحك الجسد ونحوه إذا لم يكن ماحيا للصورة[1] . فالزيادة العمدية مبطلة سواء نواها في الابتداء أو في الأثناء، ومرّ بنا انه قد يفرق بين ابتداء النيّة في بعض الصور وبين الأثناء.
وهذا المبحث تمهّر وتضلّع فيه متأخري العصر مهارة صناعية فائقة على جميع المتقدمين وقد حلّوا به جملة من فروع الخلل في الأبواب المختلفة سواء في العبادات أو في المعاملات أو في الإيقاعات، وهذا المبحث حساس جدا فهو بحث صناعي مثمر وقد خاض فيه الأعلام في أبواب مختلفة وعناوين واصطلاحات متعددة، وأحكامه توجب السيطرة العلمية القويّة في بحوث الاستنباط وهو بحث صعب جدا.
ومرّ بنا في البحث السابق الفرق بين الفعل وبين القول، فإن أقوال الصلاة الواجبة أو المستحبة المجردة عن الهيئة البدنية لايتحقق فيها عنوان الزيادة موضوعا.
قال الماتن: ولا بين الموافق لأجزاء الصلاة والمخالف لها وقد فرّق البعض فقال ان كان الجزء موافق فان الزيادة تتصور وان كان الجزء غير موافق فلا تتصور الزيادة حيئنذ.
وان المركبات التكوينية سواء كان الجزء غريب أو جزء ليس بغريب فلابد ان يكون الجزء جزءا الاّ اذا تفاعل مع بقية الأجزاء وأما اذا لم يتفاعل فلا يعد جزءا.
واما جزئية الجزء في المركبات الاعتبارية، فقد قال البعض لابد من موافقة صورة الجزء فيكون اقحامه جزء، بينما البعض الآخر قال ان الصحيح في المركبات الاعتبارية كونها تدور مدار القصد ولاتدور مدار الموافقة في صورة الجزء .
وهذا المبحث حساس فان الزيادة في الأشياء تدور مدار ماذا في المركبات الاعتبارية؟ والشاهد على ان الزيادة في المركبات الاعتبارية تدور مدار القصد وليس على مدار توافق صورة الجزء مع بقية الأجزاء، فقد روي في التكتف في أبواب قواطع الصلاة:
صحيح علي بن جعفر قال: قال : أخي قال علي بن الحسين (عليه السلام): وضع الرجل إحدى يديه على الأخرى في الصلاة عمل وليس في الصلاة عمل [2] مع ان التكتف لايشبه فعلاً من أفعال الصلاة.
لايقال: ان الصحيحة تدل على مبطلية التكفير والتكتف لكنها ليست دالّة على مبطلية التكفير والتكتّف من جهة الزيادة بل من باب محوها لصورة الصلاة.
فنقول : واضح انه ليس ماحيا لصورة الصلاة بل انما هو كهيئة ومرسوم من مراسيم الصلاة، فتكون زيادة موضوعية في الصلاة.
لايقال: ان كل حركة في الصلاة لايمكن الحكم عليها بأنها عمل في الصلاة.
فنقول: ان العمل اذا اُتي به كطقس ومرسوم من مراسيم وطقوس الصلاة فيكون هذا العمل عملاً في الصلاة وذلك لأن العمل في الصلاة تابع للقصد.
فهذا الحديث الشريف الذي يدل على مبطلية الزيادة فإنه يدل على ان الزيادة للأجزاء الأجنبية المقحمة في الصلاة يدور مدار القصد فان قصد بها الصلاة فهو مبطل، فالصحيح انه لايفرق بين الجزء الموافق لأجزاء الصلاة صورة والمخالف من انه مبطل اذا قصد به اقحامه داخل الصلاة وكونه من هيئة ومراسيم وطقوس الصلاة فهو مبطل.
قال السيد المصنف (قده): ولا بين قصد الوجوب بها والندب فان اقحام الشئ الأجنبي بنية الندب أو بنية الوجوب موجب لبطلان الصلاة، وصرف كونه ندبي لايؤثر في بطلانه للصلاة لو اُتي به في الصلاة بعنوان الندب ولم يندب له في الصلاة فهو من الزيادة المبطلة للصلاة.
فالمدار على الترخيص فيه للصلاة عاما أو خاصاً وجوبياً أو ندبياً، وأما إقحام الشيئ في الصلاة من دون ترخيص فيه فهو يؤدي الى البطلان وان كان في نفسه ندبيا، الاّ اذا كان الترخيص له ترخيصا عاماً.
قال الماتن المصنف (قده): نعم لا بأس بما يأتي به من القراءة والذكر في الأثناء لا بعنوان أنه منها ما لم يحصل به المحو للصورة ويقصد بذلك الجزء الوجوبي امام الجزء الندبي فلا معنى له لما مرّ في صحيحة الحلبي في أبواب قواطع الصلاة (كلما ذكرت الله وصليت على الرسول (صلى الله عليه واله) في الصلاة فهو من الصلاة).
وهذا فيه خلاف بين الأعلام في تصوير الجزء الندبي فان المشهور شهرة عظيمة ان الجزء الندبي قابل للتصوير بل هو واقع، وقد استشكل المرحوم الاصفهني في تصوير الجزء الندبي ووافقه أو تابعه على ذلك تلميذه السيد الخوئي وجملة من تلاميذ السيد الخوئي، ويصورون الجزء الندبي بنحو المستحب في المستحب.
وان الجزء المستحب في المستحب يختلف عن الشيئ الأجنبي بالمرّة صناعيا، فلدينا جزء مستحب خاص ولدينا جزء مستحب عام أو أعم ولدينا شيئ مستحب في المستحب غير الجزء الوجوبي والشرط الوجوبي فهذه ستة أقسام، وأما الشيئ الأجنبي فهو غير الستة.
فالمحقق الإصفهاني وتلميذه السيد الخوئي وجملة من تلاميذ السيد الخوئي ذهبوا الى عدم إمكان تصوير الجزء المستحب سواء العام أو الخاص أو الأعم.
وان تفكيك هذه الاُمور يحتاج الى صناعة دقيقة، وينجر هذا البحث الى الشعائر الدينية أو الشعائر الحسينية فإن جملة من فتاوى متأخري العصر السبب في فتواهم هو عدم الدقة وعدم الالتفات الصناعة الى هذه الأقسام الستة، وهذه إشارة الى أهمية هذا البحث.