37/06/12
تحمیل
الموضوع:- شرائط جريان الاصول العملية.
كان الكلام فيما ذكره الاعلام من التفرقة بين الاصول العملية العقلية والاصول العملية الشرعية ، وان الاصول العقلية مقيدة عقلائياً او عقلا بالفحص واما الاصول الشرعية فليست مقيدة بالفحص ولذا نحتاج الى التقييد.
هذا الاكلام منظور فيه من جهات عدة.
الجهة الاولى:- ان الاصول العملية العقلية باي معنى انها مقيدة عقلائيا فهل هي اصول عقلية والتقييد عقلائي او التقييد عقلي؟ فكيف يمكن تلفيق هذا المطلب فإنها اصول عقلية فكيف تقيد عقلائيا؟
هذا البيان من الاعلام شاهد على ما ذكرناه في قاعدة البراءة من انها في موارد الشك هناك براءة عقلية وانما الموجود براءة عقلائية ن اما البراءة العقلية وهي قبح العقاب بلا بيان فهي موجود في مورد الجهل المركب من دون تقصير ، وهذا عين ما تبناه المتكلمون من ان في مورد الشك وهو الجهل البسيط ليس البراءة عقلية بل عقلائية بل البراءة العقلية فهي مورد الجهل المركب من دون تقصير.
والوجه في هذا التفصيل بين البراءة العقلية والعقلائية هو ان الاحتمال عقلا كاشف ومنجز كما اعتف به كثير من الاعلام ففي مورد الشك الاحتمال موجود والعلم موجود فقاعدة البراءة العقلية لا تجري بل الجاري هو البراءة العقلائية.
وحينئذ اذا كانت البراءة عقلائية يأتي التقييد العقلائي ودعوى وجود التقييد العقلائي في محلها بالنسبة الى البراءة العقلانية.
اذن البراءة العقلية موردها الجهل البسيط واما البراءة العقلانية فموردها الجهل المركب وهي مقيدة عقلائيا بالفحص.
الجهة الثانية:- دعوى الاعلام ان الاصول العملية الشرعية اطلاقها غير مقيد غير صحيحة لما هو اساسي في الاطلاقات الدينية والعمومات الدينية انها ليست تتكفل بيان الواقع برمته بمجرد بيان واحد او خطاب واحد او عموم واحد فان نظام البيان القانوني عند الشارع كما هو عند العقلاء ليس يتكفل ببيان الواقع ومنظومة التشريع بخطاب واحد وباطلاق واحد فليس للعبد ان يكتفي بمراجعة خطاب واحد وترك بقية الخطابات حتى لو لم يكن هناك علم اجمالي ،فانه بالنسبة الى من هو في كرسي ومنصة التشريع فانه يوجد نظام عقلائي ، فمن الواضح ان الخطابات من الاول مؤسسة على المجموع لا انها مؤسسة على البعثرة والبتر.
اذن مع هذا كيف يمكن ان ندعي ان الاطلاقات غير مقيدة فان هذا الاطلاق في ضمن هذا التركيب كما يمكن ان نعبر عنه بالقرينة الحالية ، اذن لا يمكن التسمك بالإطلاق من دون مراجعة ومن دون فحص ، حتى لو الفقيه استنبط كل الاحكام ولم يبقى لديه علم اجمالي كي يقال انه استند الى العلم الاجمالي ، فان نفس هذا الخطاب في أي فرع من الفروع هو مبني على المجموع ومبني على البيان التدريجي وليس مبنيا على خطابات منفردة ومستقلة.
لذا عند الاعلام ان هذه الحجج في الدليل الاجتهادي والامارات كلها اقتضائية وهو صحيح وليست هي حجج فعلية ، وتكون حجة فعلية اذا فحص بقدر وسعه ولك يرى خطاب اخر مرتبط به او متعلق به او حاكم عليه او مقدر او أي علاقة من علاقات الادلة مع بعضها البعض.
شبيه القران الكريم فانه لا يمكن ان ادعى شخص ان خطاب الله يؤخذ من اية واحدة في كتاب ، او ان مراد الله يؤخذ من سورة واحدة بل من الاول القران الكريم مؤسس على مجموع آيات وسور بل القران الكريم مؤسس على التأويل وغيرها ، ايضا حتى حجية الكتاب صحيح انها لها حجية ظهور ولكن هذه الحجية اقتضائية لا فعلية.
ايضا حتى حجية اهل البيت (عليهم السلام) وحجية حتى القرآن من دون النبي حجية اقتضائية فلا يمسكن التمسك بأمير المؤمنين من دون ان اتمسك برسول الله (صلى الله عليه واله) ولا يمكن التمسك بالقران خلافا لما توهمه العلامة الطبطبائي (رحمه الله) من دون رسول الله فان رسول الله هو القيم عليهما (اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي) فانه هو (صلى الله عليه وآله) مهيمن على حجية القرآن ومهيمن على حجية العترة فلا يمكن فهم امير المؤمنين من دون رسول الله ، اصلا من الاول اسست حجيته انه وصي وليس هو مستقل بالحجية كما ان حجية رسول الله هي حجية بما هو وسيط بيننا وبين الله عز وجل وليست حجيته مؤسسة على انه إلاه وليست هي مؤسسة على انه الاول والاخر بل هي مؤسسة على انه اشهد ان محمد عبده ورسوله.
وكثير من الفرق التي انحرفت في الغيبة الصغرى وفي الغيبة الكبرى بادعاء البعض النيابة وبعد ذلك ادعى الامامة وبعد ذلك ادعى الرسالة ثم ادعى انه إلاه كما في البابية والبهائية وغيرها.
لذا علامة صدق الرسول (صلى الله عليه واله) انه لا يتجاوز منصب الرسالة فانه لو تجاوز منصب الرسالة فهذا لا يكون صادق ، وكذا دليل امامة الامام عليه السلام انها لا يتجاوز منصب وصي النبي او الرسول.
وهذا المبحث مهم لان الوهابة والسلفية وكذا الحداثويين والعلمانيين كلهم قد اشتبهوا وكل هذا يرجع الى طبيعة عدم تشخيص قالب واطر الحجج ، وهذه مشكلة السلفية والوهابية انهم يتمسك بآية وبلغ ما بلغ ، وهل الدين يعرف من آية واحدة او من رواية واحدة.
اذن الاصول العملية والتمسك بإطلاقها فهي من الاول حجج اقتضائية بل اكثر من ذلك ان الاصول العملية حجة اقتضائية مؤخرة عن حجج اقتضائية متقدمة عليها ، ولعل هذا مراد الدليل الاول الذي تمسك به الاعلام وهو سيرة المتشرعة وسيرة العقلاء كما يقول المرحوم الكمباني (السيرة العقلانية او المتشرعية حجة الا ان الابلغ والاهم البحث عن منشأ السيرة) وحينئذ اذا عرف منشأ السيرة فيكون المدار عليها كي لا يقال ان السيرة لبيه بل تصير السيرة بمثابة الدليل اللفظي.
اذن هناك السيرة التي يريد الاعلام التمسك بها ترجع بالدقة الى ان ترتيب الخطابات الشرعية من الاول هكذا ، فان القرآن ليس مبني في خطاباته على التنزيل بل التنزيل والتأويل فان من لا يؤمن بتأويل القران كفر ببعض القران بل كفر بمعظم القران فان معظم حقيقة القران موجودة في التأويل والباقي موجود في التنزيل بل حتى التنزيل لا يمكن الاحاطة به الا بتعليم رسول الله.
ومن ثم ان حجية الخبر الواحد ليست مؤسسة على الحجية الفردية بل من الاول هي مؤسسة على المنظومة فهي من الاول حجية اقتضائية بمعنى انها حجية مجموعية ولا يمكن لخبر الواحد الصحيح الصريح الذي لغير تقية ان يكون حجة فعلية بل هو حجة اقتضائية فاذا كان هذا حال الخبر الصحيح اذن ما حال الخبر الضعيف فهو عندما يرتبط بمضامين الكتاب والسنة يمكن الوثوق بصدوره.