34/08/06
تحمیل
الموضوع : المسألة 40 : ذكر الماتن (قده) : ولا يجوز له اشتراط جواز المنافيات كالجماع ونحوه مع بقاء الاعتكاف على حاله .
اولاً انه لا دليل على ذلك , فان الدليل منحصر بما اذا اشترط الرجوع اما مطلقا او عند عروض عارض , ولا دليل في المقام على جواز اشتراط جواز الاتيان بمنافيات الاعتكاف , هذا مضافا الى ان مثل هذا الشرط داخل في الشرط المخالف للكتاب والسنة فلا يكون مثل هذا الشرط نافذاً , فان كل شرط يكون محللا للحرام فهو غيرُ نافذٍ ومردودٌ ولا اثر له . فمثل هذا الشرط غير جائز ولا يعتنى به .
ثم ذكر الماتن (قده) : ويعتبر ان يكون الشرط حال النية فلا اعتبار بالشرط قبلها او بعد الشروع فيه وان كان قبل الدخول في اليوم الثالث .
فان ما ذكره (قده) موافق لمعنى الشرط عرفا ولغة , فان معنى الشرط هو الارتباط بالشيء والالتصاق به , والزام الشيء والالتزام به في ضمن عقد او ايقاع , والشرط معناه الارتباط عرفا ولغة , ومن هنا لا معنى لتفسير الشرط من انه التزام في التزام آخر فانه ليس معناه الالتزام كما يطلق عرفا شريط البحر او شريط النهر او شريط المساحة بمعنى الالتصاق , ومن هنا اطلاق الشرط على الشرط الابتدائي مشكل فان الشرط الابتدائي مجرد وعد ولا يجب الوفاء بالوعد وليس هو شرط لكي يجب الوفاء به , وليس عدم وجوب الوفاء به من جهة الاجماع , لان الشرط لا يصدق عليه حتى يجب الوفاء به , فانه من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع , فالشرط بمعنى الارتباط بالشيء , ولهذا يعتبر بهذا الشرط ان يكون حال نية الاعتكاف واما اذا كان قبلها فهو شرط بدائي ولا اثر له , او بعد الشروع فيه وهو ايضا شرط بدائي ولا اثر له ولابد ان يكون حين النية , ومن اجل ذلك قيده الماتن (قده) بانه حين النية .
ثم ذكر الماتن (قده) : ولو شرط حين النية ثم بعد ذلك اسقط حكم شرطه فالظاهر عدم سقوطه وان كان الاحوط ترتيب آثار السقوط من الاتمام بعد اكمال اليومين .
يقع الكلام في ان هذا الشرط هل هو من الحقوق حتى يكون قابلا للاسقاط ؟ او ليس من الحقوق بل هو حكم شرعي غير قابل للاسقاط ؟ اوحال هذا الشرط كحال الشروط في ضمن العقد فان تلك الشروط من الحقوق وقابلة للاسقاط وهذا الشرط ايضا كذلك او انه ليس كذلك ؟ فيقع الكلام هنا في مقامين :
المقام الاول : في هذا الشرط فانه شرط العقد مع الله تعالى في عبادة كالاعتكاف ونحوه فهل هذا الشرط من الحقوق وقابل للاسقاط او انه ليس من الحقوق ؟ الظاهر انه لا دليل على انه من الحقوق وان ما دل عليه الدليل هو الشروط في ضمن العقد وهو الشروط بين المتعاقدين لا بين العبد وربه , فان هذا الشرط من الحقوق وقابل للاسقاط , واما هذا الشرط الذي هو بين العبد وربه في عبادة كالاعتكاف ونحوه فلا دليل على انه من الحقوق وقابل للاسقاط , فما ذكره الماتن (قده) من انه لا يسقط بالاسقاط فهو الصحيح وانه غير قابل للاسقاط , واما الشروط في ضمن العقد كما اذا باع بشرط خياطة ثوب او اشترى عبدا بشرط كونه كاتباً او ما شاكل ذلك فمرجع هذا الشرط ليس الى تعليق العقد عليه فان المعروف والمشهور ان تعليق البيع على الشرط غير صحيح , فان تعليق الانشاء على الشرط غير صحيح فان تعليق الانشاء في نفسه غير معقول , لان الانشاء يدور امره بين الوجود والعدم , فهو اما موجود او معدوم وهو غير قابل للتعليق , فان القابل للتعليق وجوده مطلق تارة واخرى معلق , واما الانشاء فلا يعقل وجوده معلقاً لانه اما موجود او معدوم ولا ثالث لهما , فالانشاء غير قابل للتعليق حتى يقال ان تعليقه باطل , واما المنشأ فهو ايضا غير قابل للتعليق بوجوده الانشائي فان وجوده الانشائي قد تحقق وهو غير قابل للتعليق الاّ ان ينشأه معلقاً بان ينشأ الملكية معلقة على شيء , واما بوجوده الفعلي فلا مانع منه ثبوتاً واثباتاً , فلا مانع من ان تكون فعلية المنشأ معلقة , كما اذا انشأ ملكية مالٍ لزيدٍ بعد شهرٍ فانه لا مانع من ذلك , فان الانشاء وان كان من الآن والمنشأ بوجوده الانشائي من الآن لكن وجوده الفعلي معلق الى ما بعد شهر , كما هو الحال في الوصية التمليكية فان الانشاء فيها من حين الوصية وانشاء الملكية من هذا الحين , والمنشأ بوجوده الانشائي تحقق من هذا الحين , واما وجوده الفعلي فهو انما يتحقق بعد الموت , فالمعلق هو وجوده الفعلي واما وجوده الانشائي فهو متحقق ولا يعقل ان يكون معلقا , فالانشاء والمنشأ الذي هو عين الانشاء ولا اختلاف بينهما الاّ بالاعتبار لا يتصور فيه التعليق , فالتعليق انما يتصور في الوجود الفعلي للمنشأ ولا مانع منه ثبوتا واثباتا , فلا وجه لدعوى الاجماع على بطلان التعليق بهذا المعنى اي تعليق الملكية الفعلية لزمان متأخر كما في الوصية وبيع الصرف والسلم والهبة فان الملكية الفعلية انما تتحقق بالقبض , واما قبل القبض فالملكية موجودة بوجودها الانشائي فقط لا بوجودها الفعلي , وكذلك الحال في بيع الصرف والسلم , وعلى هذا فاذا باع زيدٌ داره واشترط على المشتري خياطة ثوبه او اشترط عليه زيارة الامام الحسين (ع) فمرجع هذا الشرط ليس الى التعليق في فعلية المنشأ , بل مرجعه الى ان التزام البائع بهذا البيع مشروط بهذا الشرط , فان المشتري اذا أتى بهذا الشرط ووفى به فالبائع ملتزم بهذا البيع , واما اذا لم يأت به فيثبت للبائع الخيار من جهة تخلف المشتري عن الشرط , فتخلفه عن الشرط يوجب الخيار , وتخلفه مطلقا سواء اكان الشرط اختياريا او لم يكن اختياريا فتخلفه يوجب الخيار فقط , كما اذا باع او اشترى عبداً بشرط ان يكون كاتباً ثم تخلف وظهر انه ليس كاتباً ثبت للمشتري خيار تخلف الشرط , ولا فرق في ذلك بين ان يكون الشرط منصوصا في ضمن العقد او شرطا ضمنيا بان يكون العقد مبنياً عليه ارتكازاً , فتخلف الشرط مطلقا يوجب الخيار فقط ولا يوجب بطلان العقد , لان العقد غير معلق , واما تعليق الانشاء والمنشأ بوجوده الانشائي غير معقول , واما بوجوده الفعلي فهو بحاجة الى دليل , فهذه الشروط مرجعها الى ثبوت الخيار عند تخلفها وليس مرجعها الى تعليق المنشأ عليها , وان ورد في بعض كلمات تقرير السيد الاستاذ (قده) تعليق المنشأ على هذا الشرط , وقسم هذا الشرط الى قسمين احدهما مرجعه الى جعل الخيار كشرط الكتابة والخياطة والزيارة وما شاكل ذلك , والآخر مرجعه الى تعليق المنشأ على هذا الشرط , ومرجعه الى الزام الشارط او البائع المشتري الى الوفاء بالشرط , والظاهر ان مرجع الشرط ليس الى تعليق المنشأ بوجوده الانشائي فانه غير معقول , واما بوجوده الفعلي فهو بحاجة الى دليل كما في الوصية وما شاكل ذلك كبيع الصرف والسلم والهبة . واما في العقود المتعارفة فليس الامر كذلك .
فالنتيجة ان هذه الشروط الموجودة في العقد مرجعها الى ان تخلفها يوجب الخيار , لا ان الخيار مجعول كما ورد في تقرير السيد الاستاذ (قده) , فانه ورد في تقريره ان المجعول في هذه الشروط في الحقيقة هو الخيار , والظاهر ان الامر ليس كذلك وان المجعول هو الشرط غاية الامر تخلفه يوجب الخيار , لان التزام البائع بهذا العقد مشروط بهذا الشرط فان وفى المشتري بهذا الشرط فهو يفي بهذا العقد والاّ لم يلتزم بهذا العقد ومعناه ثبوت الخيار .