37/12/22


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/12/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خــتــام.

ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): العاشرة: إذا طلب من غيره أن يؤدي زكاته تبرعا من ماله جاز وأجزأ عنه، ولا يجوز للمتبرع الرجوع عليه ، وأما إن طلب ولم يذكر التبرع فأداها عنه من ماله فالظاهر جواز رجوعه عليه بعوضه لقاعدة احترام المال إلا إذا علم كونه متبرعا))[1] .

وفي هذه المسالة امور.

الامر الاول:- وهو مقدمة لأصل المطلب ، وهو اننا ذكرنا سابقا ان تعلق الزكاة بالاعيان الخارجية ، فان الزكاة لم تتعلق بذمة المالك ، وعلى المشهور ان الفقير شريك مع المالك في المالية ـــ في جميع انواع الزكاة سواء كانت زكاة الغلاة او النقدين او الانعام الثلاثة ـــ فقط لا في العين ، ولكن ذكرنا في محله انه بحسب الروايات ان تعلق الزكاة وكون الفقير شريكا مع المالك يختلف باختلاف اصناف الزكاة فظاهر الروايات ان الفقير شريك ـــ في زكاة الغلاة الاربع ـــ في العين بنحو الاشاعة كما هو ظاهر قوله عليه السلام في الروايات ((العشر ونصف العشر)) ، فان هذه الكلمة ظاهرة في الشركة بنحو الاشاعة بمعنى ان كل جزء من اجزاء الحنطة تسعة اعشار للمالك وعشره للفقير ، واما مثل الذهب والفضة فان الفقير شريك مع المالك بنحو الكلي في المعين ، وكذلك في زكاة الاغنام ، فان الروايات ظاهرة في ان الفقير شريك مع المالك بنحو الكلي في المعين فانه شاة من اربعين شاة ملك للفقير ونصف مثقال من عشرين مثقال من الذهب ملك للفقير ، اما في زكاة البقر والابل فالمشهور ان الفقير شريك في المالية أي الفقير شريك في مالية الابل المتمثلة في شاة وشريك في مالية البقر.

ولكن الظاهر ان الزكاة ـــ في الابقار والابل ـــ متعلقة بذمة المالك فان الزكاة من خمس ابل هو طبيعي الشاة لا الفرد الخارجي لان الفرد الخارجي غير معين ، وهذا الطبيعي ثابت في ذمة المالك والمالك مخير في تطبيقه على أي شاة أراد ، فليس الفقير شريك مع المالك لا بنحو الاشاعة ولا بنحو الكلي في المعين ن هذا من ناحية.

ومن ناحية اخرى ان تبديل الزكاة بجنس اخر فيه اقوال ثلاثة.

القول الاول:- وهو المشهور بين الاصحاب (رضي الله عنهم) وهو مختار الماتن (قدس الله نفسه) وهو انه يجوز تبديل الزكاة بجنس آخر سواء كان من النقود او غير النقود ، فاذا فرضنا ان الزكاة حنطة فيجوز تبديلها بالشعير او بالتمر او بالزبيب او بالدرهم او بالدينار او بالانعام او غيرها من الاجناس.

القول الثاني:- ما اختاره جماعة منهم السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) من انه يجوز تبديل الزكاة بأحد النقدين فقط ولا يجوز تبديله بجنس آخر فمثلا يجوز ان يعطي قيمة شاة من اربعين شاة من احد النقدين ولا يجزي ان يعطي قيمة الشاة من جنس آخر.

القول الثالث:- وهو ما اخترناه من انه يجوز التبديل بأحد النقدين في الغلاة الاربع وفي النقدين فقط ولا يجوز التبديل في زكاة الاغنام ، فلابد ان يعطي شاة من اربعين شاة ، اما اذا اعطى شاة اخرى من غير الاربعين فلا يجزي عن الزكاة ، اما زكاة البقر والابل فهو في الذمة فالمكلف مخير في تطبيق ما في ذمته على أي فرد من الافراد ، فالزكاة حكم وضعي وليس تكليفي.

نــعــم التكليف منشأه الحكم الوضعي فان الفقير اذا كان شريكا مع المالك يجب على المالك ان يفرز مال الفقير ويدفعه الى الفقير ، فهذا الوجوب ناشئ من شركة الفقير مع المالك وليس الوجوب مجعول ابتدأ فان المجعول ابتدأ هو الحكم الوضعي ، ولكن الحكم الوضعي يستلزم الحكم التكليفي.

الامر الثاني:- ان المالك تارة يأمر غيره بدفع زكاة ماله تبرعا واخرى يأمره بدفع زكاة ماله بدون تقييد بالتبرع او يدفع الزكاة من دون امر.

الصورة الاولى:- ما اذا امر غيره بدفع زكاة ماله تبرعا من ماله فحينئذ اذا تبرع فليس له حق الرجوع الى المالك ومطالبته بما دفعه لأنه دفعها مجانا وتبرعا ، وليس المالك ضامنا لما دفعه ولا يحق له ان يرجع الى المالك.

الصورة الثانية:- ما اذا امر المالك غيره بدفع زكاته ماله بدون التقييد بالتبرع ثم دفع الغيرُ الزكاة من ماله ولم ينوي المجانية فله ان يرجع الى المالك لان الامر يوجب الضمان كما اذا امر غيره بخياطة ثوبه او بناء داره فهذا الامر يوجب الضمان فاذا قام بخياطة ثوبه فله ان يرجع الى المالك ويطالب بالأجرة فانه ضامن للأجرة ، فان الامر في مثل هذه الموارد يوجب الضمان.

وكذا في المقام كذلك فاذا امر المالك غيره بدفع زكاة ماله وقد دفع هذا الغيرُ الزكاة من ماله والمفروض انه لم ينوي المجانية فله ان يرجع الى المالك ويطالبه بما دفعه فان المالك بمقتضى امره ضامن لما دفعه غيره.

الصورة الثالثة:- ما اذا قام الغير بدفع زكاة مال المالك من دون ان يأمره المالك ، فليس له ان يرجع للمالك ويطالبه بما دفعه اليه لان المالك لم يأمره بدفع زكاة ماله ، هذا لا كلام فيه.

ولكن توجد بعض اشكالات.

الاشكال الاول:- ان المتبرع هل له ولاية تبديل الزكاة بمال آخر؟ ، لان ولاية التبديل انما هي ثابتة للمالك فللمالك ان يعطي زكاة الحنطة من نفس الحنطة وان يدفع زكاة الحنطة من احد النقدين او على المشهور له ان يدفع زكاة الحنطة من شعير او تمر او جنس اخر ، فهذه الولاية ثابتت للمالك او وكيله او ولي المالك او الحاكم الشرعي الذي هو ولي الفقراء ، واما المتبرع فهو اجنبي فليس له ولاية تبديل مال الفقير بمال اخر فان التبديل بحاجة الى ولاية ، اذن كيف يجزي دفع المتبرع زكاة مال المالك بماله؟

الاشكال الثاني:- مضافا الى ان معنى التبديل هو ان الزكاة صارت ملكا للمتبرع باعتبار ان المبدل يقوم مقام البدل الذي هو مال المتبرع ، فالزكاة تكون ملكا للمتبرع وليس للمالك.

الاشكال الثالث:- ان الزكاة من الامور العبادية وهي بحاجة الى نية القربى ونية القرب من المتبرع لا تكون كافية فان نية القربى انما تجب على من يكون الخطاب موجها اليه والخطاب موجه الى المالك لا الى المتبرع. ونتكم فيه ان شاء الله تعالى.