34/08/12


تحمیل
 الموضوع : الاعتكاف
 ذكرنا ان الماتن (قده) ذكر انه لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة , وقد استدل على ذلك بامور :
 الاول : قاعدة الاشتراك في التكليف وقد تقدم الكلام فيها .
 الثاني : صحيحة الحلبي فانها تدل على تنزيل اعتكاف المرأة بمنزلة اعتكاف الرجل , واطلاق التنزيل يقتضي ان جميع ما يترتب على اعتكاف الرجل فهو مترتب على اعتكاف المرأة ايضاً من الحرمة والكفارة وما شاكل ذلك , وكذلك صحيحة داود بن سرحان فانها تدل على تنزيل المرأة المعتكفة بمنزلة الرجل المعتكف , وذكرنا ان مقتضى اطلاق هذا التنزيل ان جميع ما يترتب من الاحكام على الرجل المعتكف تترتب على المرأة المعتكفة , وبصحيحة ابي ولاد ايضاً .فلا شبهة من هذه الناحية ,
 ومن ناحية اخرى قد ورد في صحيحة ابي ولاد وصحيحة زرارة ان كفارة الجماع في حال الاعتكاف كفارة الظهار وهي الترتيب بين العتق وبين الصوم وبين الاطعام , فيجب عليه العتق اذا امكن , واذا لم يمكن فيجب عليه الصوم اذا امكن , واما مع عدم التمكن فتنتقل النوية الى الاطعام : وقد ورد في روايتين لسماعة ان كفارة الجماع كفارة الافطار :
 الرواية الاولى : صحيحة زرارة : قال سالت ابا جعفر (ع) عن المعتكف يجامع ؟ قال اذا فعل ذلك فعليه ما على المظاهر [1] . فان هذه الصحيحة تدل على ان كفارته كفارة الظهار .
 الرواية الثانية : صحيحة ابي ولاد : قال سالت ابا عبد الله (ع) عن امرأة كان زوجها غائباً وقدم وهي معتكفة بإذن زوجها فخرجت حين بلغها قدومه من المسجد الى بيتها فتهيأت لزوجها حتى واقعها , قال : ان كانت خرجت من المسجد قبل ان تقضي ثلاثة ايام ولم تكن اشترطت في الاعتكاف فان عليها ما على المظاهر [2] . فهذه الصحيحة ايضاً تدل على ان كفارة الجماع في حال الاعتكاف كفارة الظهار .
 وفي مقابل ذلك :
 الرواية الاولى : موثقة سماعة : قال : سالت ابا عبد الله (ع) عن معتكف واقع اهله ؟ فقال : هو بمنزلة من افطر يوما من شهر رمضان [3] . اي كفارة الافطار , وفي موثقته الاخرى قد صرح في ذلك :
 الرواية الثانية : موثقة سماعة : قال سالته عن معتكف واقع اهله؟ قال : عليه ما على الذي افطر يوما من شهر رمضان متعمداً عتق رقبة او صيام شهرين متتابعين او اطعام ستين مسكيناً [4] .
 فتقع المعارضة بين الصحيحتين اللتين تدلان على ان كفارة الجماع في الاعتكاف كفارة الظهار وبين الموثقتين اللتين تدلان على ان كفارة الجماع في حال الاعتكاف كفارة الافطار في شهر رمضان وهي التخيير , وكفارة التخيير معناها ان الواجب هو الجامع بين الخصال الثلاثة , والتخيير بين افراد الواجب عقليّ كالتخيير بين افراد الصلاة فالمكلف مخيير بين ان يصلي اول الوقت او في وسط الوقت , ومخير بين ان يصلي في البيت او في المسجد , فبناءاً على ان كفارة الجماع في حال الاعتكاف هي كفارة الافطار في شهر رمضان فيكون الواجب عليه هو الجامع فهو مخير بين العتق وبين الصيام وبين الاطعام , واما اذا كانت كفارة الجماع في حال الاعتكاف هي كفارة الظهار فالواجب هو الفرد بنحو الترتيب فالاول العتق لكن مشروطاً بالتمكن فلا يجوز الانتقال الى الصوم مع التمكن من العتق ولا يجزي الصوم , واما مع عدم التمكن من العتق فتنتقل وظيفته الى الصوم واما مع التمكن من الصوم فلا يجزي الاطعام , ومع عدم التمكن من الصوم تنتقل وظيفته الى الاطعام , فالواجب هو الفرد بحده الفردي لكن بنحو الترتيب , فكل من الطائفتين تدل بالمطابقة على مدلولها وبالالتزام على نفي مدلول الآخر فان الطائفة الاولى مثلا تدل على ان الواجب هو الجامع بالمطابقة وعلى نفي وجوب الفرد بالالتزام , والطائفة الثانية تدل على ان الواجب هو الفرد بنحو الترتيب بالمطابقة وتدل بالالتزام على نفي وجوب الجامع , فتقع المعارضة بينهما , وحيث لا ترجيح في البين , ولا يمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما فتسقطان معاً عن الحجية ولا يكون شيء من الطائفتين مشمولاً لدليل الحجية فالمرجع هو الاصل العملي وهو اصالة البراءة عن وجوب الكفارة , وان كان الاولى والأجدر ان يحتاط في المسألة بالترتيب بالاتيان بالعتق اذا امكن او الصوم اذا امكن وإلاّ فالأطعام , فان بالترتيب يجمع بين الخصال سواء أكان الواجب من الاول الترتيب او الواجب من الاول التخيير فعملاً يجمع بينهما , فاذا اتى بالعتق سواء كان الواجب الترتيب او التخيير سقط عن ذمته .
 ثم ذكر الماتن (قده) : والاقوى عدم حرمة النظر بشهوة الى من يجوز النظر اليه وان كان الاحوط اجتنابه ايضاً .
 الامر كما افاده (قده) اذ لا دليل على حرمة ذلك , حتى لو قلنا ان المراد من المباشرة في الآية المباركة [وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ] (البقرة / 187) الأعم من الجماع لكنه لا يشمل النظر فلا يصدق على النظر عنوان المباشرة , نعم يشمل اللمس والتقبيل وما شاكل ذلك , فلا دليل على حرمة النظر .
 ثم ذكر الماتن (قده) : الثاني : الاستمناء على الاحوط , وان كان على الوجه الحلال كالنظر الى حليلته الموجب له .
 حيث لا دليل على حرمة الاستمناء ولا على وجوب الكفارة على المعتكف فان النصوص خالية عن ذلك , وان كانت المسألة معروفة بين الاصحاب بل ادعي عليها الاجماع , فالاصحاب قد اعتمدوا على حرمة الاستمناء في الاعتكاف على الاجماع , فانهم الحقوا الاستمناء بالجماع في الحكم بالاجماع , وحيث انه لا يمكن الاعتماد على الاجماع فلا دليل عليه , واما السيد الاستاذ (قده) على ما في تقرير بحثه فقد ذكر ان موثقة سماعة تشمل الاستمناء في حال الاعتكاف ايضاً [ بل ورد هذا ايضاً في مجموعة من الروايات منها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن ابي عبد الله (ع) قال:سالته عن رجل يعبث بامراته حتى يمني وهو محرم من غير جماع او يفعل ذلك في شهر رمضان؟فقال (ع) عليهما جميعاً الكفارة مثل ما على الذي يجامع [5] . فهذه الصحيحة وان لم تشمل الاعتكاف لكنه الحق الاستمناء بالجماع ] وموثقة سماعة هي : سألته عن رجل لزق باهله فانزل , قال :عليه اطعام ستين مسكيناً مد لكل مسكين [6] . فقد استدل باطلاق هذه الموثقة , فانها لم ترد في خصوص الصوم ومقتضى اطلاقها تنزيل الاستمناء منزلة الجماع وان حال الاستمناء حال الجماع كما ان الجماع يوجب الكفارة فكذلك الاستمناء فهي تدل على انه في كل مورد يكون الجماع موجبا للكفارة فالاستمناء ايضا مثل الجماع يوجب الكفارة , وحيث ان الجماع يوجب الكفارة في باب الصوم وفي باب الاحرام وفي باب الاعتكاف فالاستمناء ايضا يوجب الكفارة في هذه الابواب , فهذه الموثقة تدل على ان الاستمناء كالجماع وفي كل مورد يكون الجماع سببا وموجبا للكفارة فالاستمناء ايضا كذلك , هكذا ذكره السيد الاستاذ (قده) .
 الظاهر ان هذه الموثقة ليست في مقام البيان من هذه الجهة - اي الحاق الاستمناء بالجماع - بل في مقام بيان ان في باب الصوم كفارة الصوم لا تختص بالجماع , فكما ان هذه الكفارة ثابتة في الجماع فكذلك ثابتة في الاستمناء ايضاً , سواء أكان الاستمناء من جهة اللصوق باهله او من جهة المماسة معها او من جهة النظر اليها بشهوة او ما شاكل ذلك , كما ورد في نظير هذه الرواية ان الاستمناء في باب الصوم ملحق بالجماع ولا نظر فيها الى ان الاستمناء كالجماع مطلقاً , بل في مقام بيان ان الاستمناء في باب الصوم كالجماع , فكما ان الجماع في باب الصوم يوجب الكفارة فكذلك الاستمناء .
 فالنتيجة انه لا دليل على ان الاستمناء ملحق بالجماع في باب الاعتكاف الاّ الاجماع وهو ايضاً غير تام .


[1] الوسائل (آل البيت) / ج 10 / ص 546 / باب 6 / كتاب الاعتكاف / الحديث 1.
[2] الوسائل (آل البيت) /ج10/ ص 548/ باب 6 / كتاب الاعتكاف / الحديث 6.
[3] الوسائل (آل البيت) / ج 10 / ص 547 / باب 6 / كتاب الاعتكاف / الحديث 2.
[4] الوسائل (آل البيت) /ج 10 / ص 547 / باب 6 / كتاب الاعتكاف / الحديث 5 .
[5] الوسائل (آل البيت) /ج10 / ص 40 / باب 4 /ابواب ما يمسك عنه الصائم عن الجماع /ح 4.
[6] الوسائل (آل البيت) /ج10 / ص 40 / باب 4 /ابواب ما يمسك عنه الصائم عن الجماع /ح 3.