34/08/13


تحمیل
 الموضوع : كتاب الاعتكاف
 ذكرنا ان مجموعة من الروايات قد وردت في ان الاستمناء كالجماع , ولكن مورد هذه الروايات الصوم , وفي بعضها قد صرح بالصوم وفي بعضها لم يصرح بذلك كما في موثقة سماعة فالاستدلال على اطلاق هذه الموثقة لا يمكن كما ذكره السيد الاستاذ (قده) على ما في تقرير بحثه من ان مفاد الموثقة ان في كل مورد يكون الجماع حراما وموجبا للكفارة فالاستمناء ايضا كذلك , فلا يستفاد من هذه الموثقة هذه الكبرى الكلية , فان هذه الكبرى الكلية لا تكون متبادرة ومتفاهمة من هذه الموثقة , بل حال هذه الموثقة حال سائر الروايات في هذا الباب كصحيحة ابن الحجاج وغيرها , ومرسلة ابن ابي عمير ورواية ابي بصير وما شاكل ذلك , فالنتيجة ان موثقة سماعة لا يكون المتفاهم العرفي منها الاطلاق والكبرى الكلية , وعلى هذا فلا دليل على حرمة الاستمناء في باب الاعتكاف ولا انه موجب الكفارة اذا كان الاستمناء محللاً كما اذا نظر الى زوجته فانزل او لامس زوجته او ما شاكل ذلك , فلا دليل على حرمته ولا دليل على انه يوجب الكفارة كالجماع وان كان الاحوط .
 ثم ذكر الماتن (قده) : الثالث : شم الطيب مع التلذذ وكذا الريحان , واما مع عدم التلذذ كما اذا كان فاقداً لحاسة الشم مثلاً فلا بأس به .
 هذا هو المتفاهم العرفي من صحيحة ابي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال : المعتكف لا يشم الطيب ، ولا يتلذذ بالريحان ، ولا يماري ، ولا يشتري ، ولا يبيع [1] . فان النهي عن شم الطيب والريحان فيها هو من جهة الالتذاذ , والاّ مجرد الشم من دون الالتذاذ لا يكون المتفاهم من هذه الصحيحة انه حرام , فالحرام انما هو شم الطيب , وكذا الريحان للالتذاذ والاستفادة من رائحته , واما اذا لم يستفد من رائحته كما اذا كان الشخص فاقدا لحاسة الشم ,او كان الطيب والريحان فاقدا لرائحته فعندئذ لا باس بشمه , فالمتفاهم العرفي من النهي عن شم الطيب والريحان في صحيحة ابي عبيدة بمناسبة الحكم والموضوع هو النهي عن الشم للالتذاذ برائحته , لا من جهة ان المنصرف من هذه الروايات ذلك بل هو المتفاهم العرفي,وكيفما كان فالظاهر ان المتفاهم العرفي من النهي في هذه الصحيحة هو الشم للالتذاذ برائحته , واما اذا كانت فاقدة للرائحة او كان الشخص فاقدا لحاسة الشم فلا اثر لذلك وشمه لها كشمه لسائر الاشياء التي لا رائحة لها .
 ثم ذكرالماتن (قده) : الرابع : البيع والشراء بل مطلق التجارة مع عدم الضرورة على الاحوط .
 لا يحتمل ان صرف وجود البيع محرم او صرف وجود الشراء محرم فهذا غير محتمل او صرف وجود التجارة محرم فغير محتمل , فالمحتمل في المقام احد امرين :
 الاحتمال الاول : انه يشتغل بالبيع والشراء بحيث يصدق عليه ان شغله البيع والشراء لا الاعتكاف بالمسجد , فان مكثه في المسجد للبيع والشراء وللتجارة , فمن اجل ذلك فالبيع والشراء محرم .
 الاحتمال الثاني : من جهة ان البيع والشراء منافي للغرض الاصلي من الاعتكاف فان حقيقة الاعتكاف هو المكث في المسجد والغرض الاصلي من المكث هو المناجاة مع الله تعالى والذكر والدعاء وقراءة القرآن والصلاة ومذاكرة العلم وما شاكل ذلك, واما اذا كان شغله البيع والشراء والتجارة فهذا منافي للغرض الاصلي من الاعتكاف فمن اجل ذلك يكون محرما , والاّ فصرف وجود البيع لا يحتمل ان يكون محرماً , او صرف وجود الشراء او صرف وجود التجارة , وكذلك الحال في سائر الامور المباحة كالخياطة والنساجة وما شاكل ذلك فان الخياطة انما تكون محرمة اذا كانت منافية للغرض الاصلي من الاعتكاف , او كان منافيا للاعتكاف بحيث لا يصدق عليه عنوان المعتكف فهذا يصدق عليه انه خياط وليس بمعتكف , ففي مثل ذلك لا يجوز الاشتغال بالخياطة او النساجة او ما شاكل ذلك من الامور المباحة في نفسها ,
 فالنتيجة ان الحرام هو البيع والشراء المنافي للغرض الاصلي من الاعتكاف , او بحيث لا يصدق عليه عنوان المعتكف بل يصدق عليه عنوان التاجر او البائع او المشتري ففي مثل ذلك يكون محرما , والاّ فمجرد البيع كما اذا باع كتبه في المسجد لشخص او داره او بستانه او محلته فلا مانع من ذلك او اشترى كتابا من شخص او اشترى داره او ارضه فلا مانع من ذلك. وهذا هو المتفاهم العرفي من صحيحة ابي عبيدة .
 ثم ذكر الماتن (قده) : الخامس : المماراة اي المجادلة على امر دنيوي اوديني بقصد الغلبة واظهار الفضيلة واما بقصد اظهار الحق ورد الخصم من الخطأ فلا بأس به بل هو من افضل الطاعات فالمدار على القصد والنية .
 فهذه المجادلة تختلف باختلاف القصد فان كان القصد منها اظهار الغلبة على غيره او اظهار الفضيلة على غيره فهي محرمة, واما اذا كان القصد منها اظهار الحق وبيانه وابطال الباطل فهو امر محبوب بل هو من افضل الطاعات عند الله تعالى .
 ثم ذكر الماتن (قده) : والاقوى عدم وجوب اجتناب ما يحرم على المحرم من الصيد وازالة الشعر ولبس المخيط ونحو ذلك وان كان احوط .
 لا شبهة في انها غير محرمة على المعتكف فان هذه الاحكام من احكام الاحرام ومحرمات الاحرام وليست من محرمات الاعتكاف ويظهر من الروايات الواردة في اعتكاف الرسول الاكرم (ص) وكذا في اعتكاف الأئمة (ع) جواز لبس المخيط ولا يجب عليه لبس ثوبي الاحرام في الاعتكاف .
 فالنتيجة انه لا شبهة في ان لبس المخيط غير حرام على المعتكف وكذلك التظليل والصيد ونحوها فهي محرمة على المحرم .
 المسألة (1) :لا فرق في حرمة المذكورات على المعتكف بين الليل والنهار , نعم المحرمات من حيث الصوم كالأكل والشرب والإرتماس ونحوها مختصة بالنهار .
 الامر كما افاده (قده) .


[1] الوسائل (آل البيت) /ج 10 /ص 553 / باب 10 / كتاب الاعتكاف / ح 1 .