38/01/23
تحمیل
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الأصول
38/01/23
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : اجتماع الامر والنهي _ الرأي المختار
والذي يمكن الاعتماد عليه في اثبات اجتماع الامر والنهي في واحد هو مانعرضه ونقول في تمهيد الدليل انه لابد ان يكون محل البحث ما إذا كان الفعل الصادر من المكلف واحدا بالوحدة الوجودية بان يكون المتحقق شيئا واحدا لا شيآن واما اذا كان المتحقق في الواقع وعالم الامتثال فذلك خارج عن محل البحث فالكلام في اثبات الجواز او الامتناع في اجتماع الحكمين المتضادين في فعل واحد وهذا هو الاساس الذي ينبغي ان نبني الدليل عليه , واما اذا كان هناك فعلان وامران متحققان مختلفان سواء كان احدهما متحد مع الآخر في الزمان والمكان او لا فمادام فعلان فذلك خارج عن محل البحث , وهذا المطلب ليس جديدا منا بل هو تردد في كلمات الاعلام في طول هذا البحث .
المطلب الثاني : امتناع او جواز الاجتماع نبحث عنه في احدى الجهتين هل الجواز والامتناع في مقام التشريع سواء قلنا ان الله سبحانه قد يمنح السلطة التشريعية لاحد من انبيائه او لم يمنح ذلك بحث في محله ولكن من بيده التشريع في مقام التشريع هل يمكن ان يشرع حكمين يتحقق امتثالهما او عصيانهما في فعل واحد او لا فقد يكون الكلام في جانب التشريع وقد يكون الكلام ليس في جانب التشريع بل يكون في جانب فعل المكلف فالتشريع فعل المولى فعل المشرع كائنا من كان والعقل له فعل في مقام الامتثال او في مقام العصيان فنبحث عن جواز الاجتماع في مقامين مختلفين مقام التشريع ومقام الامتثال , وفعلا في مقام التشريع .
مع قطع النظر عن المشرع هل له عقلا ان يشرع حكمين متضادين متعلقين بالواحد او لايمكن ؟ وعندنا بيانين انه لايمكن ذلك _ الكلام مع القول ان للعقل احكام واستحسان واستقباح وليس على قول الاشاعرة _ .
ففي مقام التشريع لا يمكن للحكمين المتضادين ان يصدرا من الشارع وذلك من جهتين :
الجهة الاولى : بناء على ان التشريع فعل المولى فلابد ان يكون لغاية والا لكان عبثا ولغوا وفعل الله لا يمكن ان يكون عبثا ونحن نتكلم على نظرية العدلية وليس على مطلق النظريات , فعلى هذا الاساس لابد ان يكون في تشريع الطلب او المنع لابد ان يكون هناك غرض او غاية والغرض والغاية يتحقق بمجرد التشريع لان الغاية والغرض في مقام التحقق معلول للفعل الذي تترتب الغاية عليه والغرض عليه فلابد من ان يتحقق الغرض بمجرد تحقق المغيى والفعل الذي يترتب عليه الغرض فاذا اراد المولى ان ينشأ طلب الفعل وطلب الترك لابد ان تكون له غاية وتلك الغاية لايمكن ان تكون في فعل واحد بإنشاء تكليف بالفعل وتكليف بالترك منصب على واحد لان هذا غير معقول من اساسه , مستحيل بمعنى انه لايناسب شأنه ان يفعل ذلك والقبيح لا يصدر من المولى جلة عظمته .
الجهة الثانية :
انه اذا كان المولى في مقام التشريع ويريد الفعل ان يكون محبوبا نفس التشريع محبوبا له قطعا لأنه لو لم يكن محبوبا لم يكن مرادا واذا لم يكن مرادا لما تحقق منه وبدون ارادة لا يمكن تحقق التشريع تحقق الارادة كاشف عن تحقق الحب فاذا كان الامر كذلك فلا يعقل من المولى ان يحب ايجاد الفعل وايجاد الترك في نفس الوقت , ولكن ملاك البيانين واحد وهو استقباح العقل وحكمه بان هذا قبيح , هذا في جانب التشريع .
واما في مقام امتثال العبد للفعل فلا شك في انه لابد من مصلحة في الفعل المأمور به ومصلحة في ترك المنهي عنه او مفسدة في فعل المنهي عنه فالأحكام ومتعلقاتها ليست خالية من المصالح والمفاسد _ اختلط على بعض الاجلاء فخلطوا بين مصلحة التشريع وبين المصلحة التي يحرزها العبد في مقام الامتثال ومرارا بينا انه لابد من عزل هذا عن ذاك _ فمصلحة الفعل التي يجب على العبد تحصيلها او المفسدة التي على العبد ان يتجنبها وهذا الفعل الواحد اما ان يكون فيه مصلحة ومفسدة في ان واحد او يكون فيه مصلحة فقط او مفسدة فقط , فلايكون الا شيء واحد اما مصلحة خالية من المفسدة او المصلحة خالية عن المفسدة او يكون فيه كلاهما مفسدة من جهة ومصلحة من جهة فهذه ثلاث احتمالات , بلا فرق بين ان يكون المصلحة ملزمة او غير ملزمة لأننا نريد اثبات امتناع اجتماع حكمين حتى غير الزاميين مثل الكراهة والاستحباب , فعل العبد الواحد وجودا والمدرك واحد فاذا كان الفعل ذا مصلحة خالية من المفسدة فلا معنى لان يكون هناك فعلان فلايعقل في مقام الامتثال وكذلك اذا كانت هناك مفسدة ولاتوجد المصلحة وكذلك يكون واحدا لان المفروض اما مصلحة فقط او مفسدة فقط فلايمكن ان يوجد مصلحة ويكون هناك طلب بالترك وبالعكس وهذا واضح ولاينبغي التأمل في هذا , واما اذا كان فيه مصلحة ومفسدة مصلحة من جهة ومفسدة من جهة اخرى مثل العملية الجراحية كقطع الاصبع فهذا مفسدة ولكن فيه مصلحة وهي وقاية الانسان من سريان المرض الى القلب من الاصبع ففي قطع الاصبع مصلحة من جهة ومفسدة من جهة , وهكذا امثلة اخرى .
فلابد من فرض امرين اما متساويان او احدهما غالب على الاخر فاذا كان احدهما غالب فالمقدار الغالب فيكون المقدار الزائد المصلحة او المفسدة خالية عن المعارض فلابد ان يكون هناك حكما واحدا فلو فرضنا ان المصلحة اربع درجات والمفسدة درجتان فقط فالدرجتان من المصلحة خالية عن المزاحم ففي هذه الصورة لابد ان يكون هناك امر بالترك فقط وبالعكس يكون هناك مفسدة فقط خالية من المصلحة , هذا اذا كان في المقام مصلحة ومفسدة متغالبتان اما اذا لم يكن لاحدهما غلبة وكلاهما على حد سواء ففي هذه الحالة ان كانت المصلحة دنيوية فالأمر بيد العبد يفعل ما يشاء واما اذا كانت المصلحة اخروية فلايعقل ان يأمرني المولى وينهاني في نفس الوقت عن هذا الفعل لأنه يعود الامر الى المولى وليس الى العبد , فالنتيجة لايعقل اجتماع الامر والنهي في واحد وجودا لا من حيث التشريع ولا من حيث الامتثال وبهذا قد سلكنا طريقا غير الذي سلكه الاعلام , هذا ماعندنا في اثبات الامتناع ويأتي ما ذكره السيد الاعظم .