38/07/06
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/07/06
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- زكاة الفطرة.
(مسألة 15): لو ملك شخصا مالا هبة أو صلحا أو هدية وهو أنفقه على نفسه لا يجب عليه زكاته، لأنه لا يصير عيالا له بمجرد ذلك، نعم لو كان من عياله عرفا ووهبه مثلا لينفقه على نفسه فالظاهر الوجوب)[1] .
توجد هنا صور.
الصورة الاولى:- ان المعيل هو من يقوم بصرف ماله على عياله بشراء الاطعمة والاشربة وبإجارة المسكن وما شاكل ذلك.
الصورة الثانية:- ان المعيل يعطي مالا بيد عياله بنحو الاباحة والعيال يقوم بصرف المال على مأكله ومشربه ومسكنه وما شاكل ذلك.
وفي هاتين الصورتين لا شكال في انه عياله وهو تحت كفالته وتابع له وتجب زكاته على المعيل.
الصورة الثالثة:- ما اذا اعطى المعيل مالا بعنوان الهبة او بعنوان الصلح او بعنوان الهدية الى المعال أي يقوم بتمليك المال لعياله ، ولكن العيال ينفق على نفسه من هذا المال في مأكله ومشربه ومسكنه وغير ذلك؟
الجواب:- فيه خلاف ، فهل انه يضر بكونه عيالا له او انه لا يضر ، والماتن (قدس الله نفسه) قال ان ذلك لا يكون مانعا عن كونه عيالا له باعتبار انه صرف في الحقيقة من مال المعيل غاية الامر ان المعيل يمّلك المعال ماله ثم يصرف المعال على نفسه منه. ولكن جماعة من الفقهاء احتاطوا في المقام باعتبار ان المعال أنفق من ماله لا من مال المعيل لأنه ملك المال فاذا كان العيال انفق على نفسه من ماله فهو لا يكون عيالا للمعيل ولهذا ذهب جماعة الى انه مانع عن صدق عنوان العيلولة فان هذا العنوان متقوم بكون الانفاق من مال المعيل واما اذا كان الانفاق من مال المعال نفسه لا من مال المعيل فهو ليس معالا له وليس عيالا له فلا تجب زكاته على المعيل.
ولكن الظاهر انه في المقام لابد من التفصيل فان المعيل تارة يملّك ماله لعياله ويشترط عليه ان ينفق من هذا المال على نفسه من مأكله ومشربه ومسكنه ففي هذا الفرض الظاهر انه لا يخرج عن عنوان العيلولة فان هذا الالزام انما هو من قـِـبَل المعيل فان المعيل ملّك ماله في حالة خاصة لا مطلقا فقد ملّك ماله بهذا الشرط وهو ان يصرفه المعال على نفسه من المأكل والمشرب ، اذن هذا الالزام انما من قبل المعيل وهذا لا يكون مانعا عن صدق عنوان العيلولة فانه يصدق انه في كفالته وتابع له.
واخرى يملك مالا ولا يشترط عليه ذلك ولكن المعال ينفق من هذا المال على نفسه فهنا لا بد من التفصيل فان كان ينفق على نفسه في تمام شؤون حياته من مأكله ومشربه ومسكنه وسائر حوائجه كأثاث البيت وفرشه وما شاكل ذلك وأجرة الطبيب واجرة الدواء فاذا كان المعيل بعد تملكه المال من المعيل يصرف المال في هذه الامور فالظاهر انه خارج عن العيال ولا يكون عيالا له وليس في كفالته وليس تابع له بل هو مستقل في الاعاشة ، واما اذا انفق في مأكله فقط ولكن المعيل متكفل لسائر شؤون حياته من المشرب والمسكن والاثاث والطبيب فهذا لا يضر بصدق عنوان العيلولة عليه فانه عياله وتحت كفالته غاية الامر انه انفق على نفسه مأكله فقط من ماله سواء أكان من المال الذي ملكه من المعيل او من مال اخر اذا كان غنيا فعلى كلا التقديرين يصدق عليه عنوان العيال.
واما مع الشك فتارة تكون الشبهة موضوعية فيشك في انه معال له او لا يكون معالا له بنحو الشبهة الموضوعية ونعلم بانه اذا اعطى المعيل مالا للمعال بنحو المالك والهبة والهدية فهو يملك هذا المال وقلنا ان هذا مانع عن صدق عنوان العيلولة عليه ولكن يشك ان هذا يتحقق او لا يتحقق وهذا منشأ للشك في انه معال او ليس بمعال واذا كانت الشبهة موضوعية فيعلم كلا منهما اجملا أي المعيل والمعال بوجوب الفطرة فالمعيل يعلم اجملا ان فطرة المعال اما واجبة على نفسه او واجبة عليه والمعال يعلم اجمالا ان فطرته اما واجبة على نفسه او واجبة على المعيل ولكن هذا العلم الاجمالي لا اثر له ولا يكون منجزا نظير العلم الاجمالي بانه اما ثوبه نجس او ثوب رفيقه نجس فهذا العلم الاجمالي لا اثر له فان ثوب رفيقه اذا كان نجسا فالتكليف لا يكون موجها اليه وهو موجه الى رفيقه اذن الشك في كلا منهما بدوي فلا مانع من الرجوع الى اصالة البراء.
واما اذا كانت الشبهة مفهومية فان الشك انما هو سعة مفهوم العيال وضيقه فان كان متسعا حتى فيما اذا كان العيال يصرف على نفسه من ماله الذي ملكه من الهبة والهدية من قبل المعيل ففي هذه الصورة ايضا هو عياله وهو معالا تجب فطرته على المعيل او ان مفهومه مضيق فقط أي مفهومه فيما اذا كان المعيل يصرف المال على العيال بنفسه مباشرة او يبذله بنحو الاباحة فقط فمصداقه هاتين الصورتين فقط واما الصورة الثالثة وهو التمليك فلا يشمله نظير مفهوم المشتق اذا كان دائرا بين السعة والضيق فان المشتق موضوع لخصوص المتلبس بالفعل او موضوع للجامع بين المتلبس والمنقضي وما نحن فيه ايضا كذاك أي ان مفهوم العيال هل هو مفهوم متسع يشمل هذه الصور او انه مفهوم مضيق مختص بالصورتين الاوليين؟ وبما اننا ذكرنا سابقا ان روايات العيلولة حاكمة على الروايات المطلقة او مقيدة لاطلاقها ففي مثل ذلك يقيد اطلاق الروايات المطلق التي تدل على وجوب فطرة كل فرد على نفسه اذا كان واجدا للشروط ففطرته عليه ولكن اطلاق هذه الروايات قد قيد بروايات العيلولة التي تدل على ان زكاة فطرة العيال على المعيل لا على نفسه وعلى هذا فنقيد اطلاق تلك الروايات بالمقدار المتيقن من مفهوم العيال واما في الزائد فنرجع الى اطلاقات تلك الادلة ونحكم بان زكاة المعال على نفسه فان في موارد الشك نتمسك بإطلاق الروايات الاولية ومقتضى اطلاقا تلك الروايات ان في موارد الشك زكاة المعال على نفسه وزكاة العيال على نفسه ، اذن لا شكال في المقام ، بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.