39/04/19
تحمیل
الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم
بحث الفقه
39/04/19
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: هل البقاء عل الجنابة من المفطرات في الصوم المندوب؟
الثاني: البقاء عل الجنابة ليس من المفطرات في الصوم المندوب.
كما في المدارك وعن ظاهر الوسائل، وعن ظاهر الدروس الميل إليه، وكذا عن المسالك والجواهر وغيرهم.
ويشهد له عدة نصوص:
كصحيح حبيب الخثعمي: "قلت لأبي عبدالله ع: "أخبرني عن التطوع وعن صوم هذه الثلاثة أيام إذا أجنبت من أول الليل فاعلم أني أجنبت، فأنام متعمداً حتى ينفجر الفجر، أصوم أو لا أصوم؟ قال: صم"[1] .
وكون الصحيح وارد في تعمد النوم، لا في تعمد البقاء على الجنابة، لا يضر بعد اطلاقه، وعدم استفصال الامام ع عن ذلك، بل قد يدعى انصرافه إلى عدم مبالاته بالبقاء على الجنابة الى الفجر، فيكون من تعمد البقاء على الجنابة.
ومنها: موثق ابن بكير: "سألت أبا عبدالله ع: عن الرجل يجنب ثم ينام حتى يصبح أيصوم ذلك اليوم تطوعاً؟ قال: أليس هو بالخيار ما بينه وبين نصف النهار؟"[2] .
وهو ظاهر في تعمد الاصباح جنبا ومع ذلك قال ع: " أليس هو بالخيار ما بينه وبين نصف النهار؟" مما يعني ان الاصباح جنبا غير قادح في امكان الصوم بعد الغسل وانه مخير الى زوال الشمس بين الصوم والافطار.
ومن الظاهر ان الاستفهام الاستنكاري هنا ظاهر في التعليل. فلو تم للزم جواز البقاء على الجنابة لكل صوم جاز فيه تأخير النية الى الزوال من غير فرق بين صوم التطوع وصوم غيره.
وكيف كان فقد يستشكل: بـ "أن الإطلاق المذكور معارض لدليل مانعية تعمد البقاء على الجنابة، بضميمة قاعدة الإلحاق في الماهيات المخترعة، التي أشير إليها آنفاً عند الكلام في بقية الصوم الواجب. بل لإطلاق صحيح محمد بن مسلم المتضمن لحصر المفطرات بضميمة التقريب المتقدم للجمع بينه وبين أدلة مفطرية تعمد البقاء على الجنابة، فيتعين حمله على صورة عدم التعمد في البقاء على الجنابة كما في الصوم الواجب".
يدفع بما ذكره السيد الأستاذ ح: بأن قاعدة الإلحاق لا تنهض في قبال الإطلاق الوارد في الصوم المندوب. وصحيح محمد بن مسلم لا يزيد على المطلق. وكما يمكن حمل إطلاق عدم مانعية البقاء على الجنابة في المندوب على غير صورة التعمد، يمكن حمل إطلاق صحيح محمد بن مسلم على غير المندوب. ولو لم يكن الثاني أقرب عرفاً، لقوة خصوصية المندوب ارتكازاً، فلا أقل من التساقط، والبناء على عدم المفطرية، للأصل، أو لظهور الآية الشريفة، أو غيرها في عدم مفطرية البقاء على الجنابة"[3] .
ومنها: خبر ابن بكير الآخر عنه ع: "سئل عن رجل طلعت عليه الشمس وهو جنب، ثم أراد الصيام بعد ما أغتسل، ومضى ما مضى من النهار. قال: يصوم إن شاء. وهو بالخيار إلى نصف النهار"[4] .
وهو بإطلاقه شامل لصورة تعمد البقاء على الجنابة.
لكن قد يستشكل فيه بانه "ـ مع ضعفه في نفسه ـ وارد فيمن طلعت عليه الشمس وهو جنب. وحينئذٍ إن حمل على تعمد البقاء على الجنابة من الليل إلى طلوع الشمس لزم تعمد ترك صلاة الصبح، وهو بعيد جداً، ولا أقل من عدم القرينة على ذلك. وإن حمل على تعمد الجنابة بعد صلاة الصبح، ثم البقاء عليها إلى طلوع الشمس، لم يناسب الجواب بصحة الصوم منه حتى المستحب، لاختصاصه بما إذا لم يتعمد المفطر.
ومن أجل ذلك إما أن يحمل على النوم جنباً من الليل إلى طلوع الشمس. وحينئذٍ يبعد حمله على تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر، ليكون مما نحن فيه. ولا أقل من عدم القرينة على ذلك. وإما أن يحمل على الاحتلام بعد الفجر، فيخرج عما نحن فيه. وهو المناسب لإطلاق صحة الصوم منه بنحو يشمل حتى قضاء شهر رمضان. ومن ثم لا مجال للاستدلال به في المقام وإن ظهر من غير واحد. فلاحظ"[5] .
وفيه: انه لا اشكال في شمول الاطلاق لصورة ما لو تعمد النوم جنبا. وحيث حملنا روايته الأخرى المتضمنة لتعمد النوم جنبا ـ بعد عدم الاستفصال ـ على استفادة تعمد الاصباح جنبا فلنجري في روايتنا هذه على ذلك أيضا غاية الفرق بين الروايتين ان تعمد النوم في الأولى بالنص وفي روايتنا بالإطلاق. وهذا يكفي في الاستدلال بالرواية فلا نحتاج الى الحمل على غير ذلك.
وان شئت قلت: يكفي ان يتعمد البقاء الى الفجر جنبا في دلالة الرواية على المطلوب لا تعمد البقاء جنبا الى طلوع الشمس كي تلزم المحاذير المذكورة، ولا اشكال في ان هذه الصورة مشمولة للرواية، ومع ذلك أجاز الامام ع الصوم من دون استفصال. فلا مشكلة في دلالة على المطلوب.
وبالجملة: البقاء على الجنابة الى الفجر لا يمنع من صيام ذلك النهار تطوعا.