1440/04/30
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
40/04/30
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- الأصل التنزيلي والأصل المحرز - مبحث الأصول العملية.
هذا كله في الأصل التنزيلي والأصل المحرزوأما الأصل غير التنزيلي وغير المحرز:- فهو ذلك الأصل الذي لا يوجد فهي تنزيل للمحتمل منزلة الواقع ولا جعل احتمال البقاء مثلاً منزلة اليقين بالبقاء ، والمجعول فيه هو الجري العملي فقط ، يعني مثل أصل البراءة - ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) - فإنَّ المجعول فيه هو الرفع ، يعني الحرية ، يعني مادمت لا تعلم بأنَّ هذا الشيء قد حرّمه الشرع فأنت حرٌّ في فعله من حيث الجري العملي ، فهو أصلٌ يثبت التعذير من دون وجود تنزيلٍ فيه ، فهو لا يُنزّل ولا يُحرِز وإنما يقول إنَّ الشيء الذي لا تعلم به فهو مرفوع ، فالوجوب إذا لم تعلم به فهو مرفوع ، يعني أنت حرٌّ في الاتيان به أو عدم الاتيان ، وإذا كانت حرمة فهي مرفوعة ، فلو أردت أن تأتي بها فأنت حرٌّ ، فالمجعول هو الجري العملي ، يعني أنت مطلق العنان في جريك العملي ، يعني البراءة بتعبيرنا الأصولي، فلا يوجد جعل تنزيلٍ ، ولا يوجد جعل احراز ، إنما يوجد اطلاق العنان من ناحية الجري العملي فقط ولا يوجد أكثر من هذا.
ويوجد أصل ثانٍ بناءً على قول الاخباريين ، وهو أصل الاحتياط ، أو في موارد العلم الاجمالي يصير أصل الاحتياط ، فإذا كنّا بعلم بأنَّ هذا الطرف واجب أو ذاك الطرف هو الواجب ولا نعلم أيهما الواجب بخصوصه فهنا سوف يصير علماً إجمالياً بأنَّ أحدهما هو الواجب ، فهنا يثبت أصل الاحتياط - يعني التنجيز - ، فأيضاً هو ناظر إلى مسألة الجري العملي وأنه من زاوية الجري العملي لابد أن تأتي بكلا الاحتمالين ، فيصير احتياطاً ، وبالتالي تستحق العقوبة على المخالفة.ففي باب البراءة لا توجد عقوبة ، وأما في أصل الاحتياط في باب الفروج والدماء - لو جُعِل أصل الاحتياط - يوجد عقاب.ويوجد إشكال[1] فنّي يختص بأصل التنجيز ولا يأتي في أصل التعذير:- وهو أنه كيف يستحق المكلّف العقاب على مخالفة هذا الأصل التنجيزي - مثل أصل الاحتياط في الفروج والدماء - والحال أنه لا يوجد علم بالواقع ، ومقتضى قاعدة قبح العقاب بلا بيان عدم استحقاق العقوبة ، لأنَّ العقاب من لوازم البيان ، يعني إذا لم يكن هناك بيان بمعنى العلم فلا يجوز العقاب ؟ ، ففي باب الدماء والفروج كيف يلزم الاحتياط ويستحق المكلف العقوبة والحال أنه لا علم ؟ ، فكيف يجعل الشارع العقوبة والحال أنه لا علم بالواقع ، والمفروض أنه لا توجد جنبة تنزيل ولا جنبة إحراز ؟
وهذا الاشكال لا يأتي في باب الأمارة ، إذ تخلّص منه وقال إنه في باب الأمارة قد جُعلت العلمية والكاشفية ، فأنت صرت عالماً بالواقع ويكفي العلم الاعتباري ، ونحن نقول له سلّمنا بذلك ، ولكن في الأصل التنزيلي والمحرز لماذا تصح العقوبة على المخالفة ؟ قال: إنها تصح لأجل أنه يوجد تنزيل واحراز ، وهذا أيضاً نسلّم لك به.ولكن في الاحتياط في باب الفروج والدماء لا يوجد تنزيل ولا إحراز فكيف يصح العقاب إذ لازم ذلك تخصيص قاعدة قبح العقاب بلا بيان وهي قاعدة عقلية والقواعد العقلية لا تقبل التخصيص ؟قال في مقام الجواب:- إنَّ جعل وجوب الاحتياط فيه دلالة على أنَّ الشارع مهتم بالواقع ، فإذا جعل وجوب الاحتياط فقد أوصل اهتمامه بالواقع إلى العباد ، وإذا وصل اهتمامه بالواقع إلى العباد لكنه أوصله لا بلسان ( أيها الناس إني مهتم بالواقع ) ، وإنما أوصله بطريقه وهو جعل وجوب الاحتياط فإنه طريقٌ إلى ابراز اهتمامه بالواقع ، وهذا يكفي عند العقل ، فإنَّ جعل الاحتياط هو ايصال الاهتمام بالواقع إلى العباد ، ومادام أوصله فحينئذٍ يصح العقاب ، قال(قده):- ( إذ الواقع بعد ايجاب الاحتياط وإن لم يكن وأصلاً بنفسه إلا أنه واصل بطريقه وذلك يكفي لاستحقاق العقوبة )[2] .