24-05-1435
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
35/05/24
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضـوع:- مسألة ( 420 ) / الواجب العاشر والحادي عشر من واجبات الحج
( طواف النساء وصلاته ) /
حج التمتع / مناسك الحجّ للسيد الخوئي(قد).
الفرع التاسع:- لو فرض أن شخصاً أتى بعمرة مفردة في غير أشهر الحج ولم يأتِ بطواف النساء وبقي في مكة إلى أشهر الحج فإن عمرته المفردة تنقلب إلى عمرة التمتع شريطة أن لا يكون قد خرج مكة على ما دلت عليه الرواية، غاية الأمر هل الانقلاب قهريّ أو أنه مرتبط بالقصد والارادة ؟ إنّ هذا شيء آخر، فلو فرض أنها انقلبت قهراً أو قَلَبَها هو إلى عمرة تمتع فنطرح السؤال التالي:- هل يلزمه آنذاك أن يأتي بطواف النساء أو أنه لا حاجة إلى ذلك ؟
والجواب:- المناسب هو عدم الحاجة إلى ذلك فإن الدليل الدال على لزوم طواف النساء ناظر إلى العمرة المفردة ويثبت ذلك الحكم لعنوان العمرة المفردة والفروض الآن أنه قد تغيّر الموضوع وصار عمرة تمتع فيصير المورد مشمولاً للدليل الدال على أن عمرة التمتع لا يلزم فيها طواف النساء.
على أنه يمكن أن يقال:- إن نفس الدليل الدال على أن العمرة المفردة لمن بقي إلى أشهر الحج تنقلب إلى عمرة تمتّع، هو يدلّ بالالتزام أو بالاطلاق على أنه لا حاجة إلى طواف النساء لو لم يأت به، فإن تأخير طواف النساء حالة ليست نادرة فلو كان ذلك لازماً لنبّه عليه السلام على أنه يلزمه الاتيان بطواف النساء رغم انقلابها إلى عمرة تمتّع . وإن رفضنا هذا يكفينا ما أفدناه أوّلاً من تغيّر الموضوع.
الفرع العاشر:- لو فرض أن المرأة كانت متمتّعة وأتت بأعمال منى ثم عادت إلى مكة لتأتي بأعمالها - التي هي طواف الحج ثم السعي ثم طواف النساء - فلو فرض خوفها من طروّ الحيض لو أخّرت طواف النساء عن السعي فهل يجوز لها آنذاك تقديم طواف النساء بأن تأتي بطواف الحج ثم بطواف النساء ثم السعي أو لا ؟
والجواب:- المناسب - حيث لم يدلّ دليلٌ على جواز التقديم في مثل هذه الحالة - هو الرجوع إلى القاعدة وهي تقتضي أنها تأتي بالسعي ثم تأتي بطواف النساء فإن طرأ عليها الحيض أنابت.
وربما يقال:- لا حاجة إلى النيابة أيضاً فيما إذا فرض أن الحملة لم تنتظرها فيجوز لها آنذاك أن ترجع بلا حاجة إلى طواف النساء ويسقط وجوبه لما تقدّم سابقاً وما سيأتي من دلالة صيحة الخزّاز على ذلك والتي كانت تقول:- ( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل فقال:- أصلحك الله إن معنا امرأة حائضاً ولم تطف طواف النساء فأبى الجمّال أن يقيم عليها، قال:- فأطرق وهو يقول:- لا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها ولا يقيم عليها جمّالها تمضي فقد تمّ حجّها )[1].
وقد تسأل وتقول:- هناك أقراص متداولة يمكن أن تؤثر في قطع الحيض بأن تتناوله المرأة وينقطع عنها الحيض في يومه الأول أو الثاني بحيث لا تتمّ ثلاثة أيام، أو يفترض أنها تتمّ ويكون حيضاً ولكن ينقطع بعد الثلاثة، فهل يلزمها تناول الأقراص فيما إذا أمكنها ذلك من دون أيّ محذور ؟
والجواب:- كلّا لا يلزمها ذلك ؛ لأن المورد من موارد المقدّمة الوجوبية وليس مقدّمة الواجب، فمادام لا ينتظرها جمّالها وهي حائض فحينئذٍ يجوز لها أن ترجع، أمّا أنه يجب عليها أن تغيّر الموضوع وتزيل عنها موضوع الحائض فإن ذلك ليس بلازم بعد فرض كون عدم الحيض مقدّمة وجوبيّة لا وجوديّة، ولكن لو أرادت فعل ذلك فهل يحق لها ؟ نعم يجوز لها ذلك.
يبقى سؤال جانبي:- وهو أن النساء اللواتي يتناولن الأقراص خصوصاً في أيام العادة أو عند قرب موعدها هو عادةً يؤثر في القطع ولكن قد لا ينقطع بشكلٍ كلّي بل يبقى ينزل كقطراتٍ، فهل هي بَعدُ حائض أو لا ؟
والجواب:- إذا فرض أن ذلك حصل في الأيام الثلاثة الأولى - يعني حينما جاءها الحيض في اليوم الأوّل تناولت قرصاً أو أكثر فقطعته بحيث لم يبق في باطن الرحم شيء ولفترة معتدّ بها - فحينئذ عنوان الحيض سوف يزول فإن الحيض أقلّه ثلاثة أيام فإذا لم تتحقّق ثلاثة أيام متصلة عرفاً - وليس اتصالاً دقيّاً - فلا يعدّ حيضاً فإن الحيض الشرعي محدّدٌ بكون أقله ثلاثة أيام، فعلى هذا الأساس تكون هذه البقيّة استحاضة فإذا عملت عمل المستحاضة فلا بأس وأن تطوف آنذاك.
الفرع الحادي عشر:- إذا علم الرجل أو المرأة بعد الاتيان بطواف النساء أن طواف الحج أو السعي يشتمل على خللٍ فهل يلزم أن يعاد طواف النساء أيضاً مع طواف الحج أو مع السعي أو لا حاجة إلى الاعادة وإنما يأتي بطواف الحج فقط ؟
والجواب:- المناسب لصحيحتي جميل ومحمد بن حمران - التي مضمونها ( جاء قوم فقدّموا ما أخّروا .. ) - هو الحكم بالصحّة فإنه صلى الله عليه وآله وسلم حكم بالصحّة وأنه لا حرج فيما إذا فرض أنه قدّم عامداً - ولكن بسبب الجهل - فكيف إذا لم يكن عامداً بأن فرض أنه كان يتصوّر أن طواف الحج كان صحيحاً فأتى بطواف النساء بعد ذلك، إن هذا هو المفهوم منه، ولعلّه يدلّ بالأولوية على الصحّة في مقامنا . إذن لا حاجة إلى إعادة طواف النساء بل يكفي بالإتيان العمل الذي علم وجزم بوجود الخلل فيه.
الفرع الثاني عشر:- لو عرفنا أن طواف الحج يستمر طيلة ذي الحجة، يعني بتعبيرٍ آخر هو يأتي به في اليوم العاشر أو الحادي عشر على الأحوط استحباباً أو أن الأرجح هو ذلك ولكن لو أخّره فيجوز له ذلك طيلة ذي الحجّة، والمفروض أن المكلّف بعدُ لم يأت بطواف النساء أيضاً، فهو لم يأت بطواف الحجّ وكذلك طواف النساء بَعدُ بعد لم يأت به أيضاً فأتى بعد ذلك بطواف الحجّ قبل أن ينقضي ذو الحجّة ولكن انكشف وجود خللٍ فيه بعد أن انقضى شهر ذي الحجّة، فهنا إذا لم يأتِ بطواف النساء هل يلزمه لحِلّ النساء أن يأتي بطواف النساء أو لا ؟
والجواب:- المناسب عدم الحاجة إلى ذلك، والوجه فيه هو أنه بعد أن انكشف بطلان طواف الحج والمفروض أنه انكشف ذلك بعد تمام ذي الحجّة الحرام فقد بطل بذلك هذا الجزء ولا يمكن الاتيان به لانقضاء وقتة، وإذا بطل بطلت بقيّة الأجزاء والتي منها الإحرام فإن وجوب الأجزاء ومطلوبيّتها مطلوبيّة ترابطيّة فإذا فرض أنه حصل خللٌ في الجزء الأخير فحينئذٍ سوف لا يكون الجزء الأوّل مطلوباً، فحينئذٍ يبطل أصل عمله، وإحرامه يكون باطلاً أيضاً لأن الإحرام مطلوبٌ لأجل الأعمال، فإذا لم يمكن الاتيان بالأعمال فحينئذٍ سوف ينحلّ الإحرام بشكلٍ قهريّ بلا حاجة آنذاك إلى طواف النساء، وهذه قضيّة سيّالة نقولها في كلّ حالةٍ ينكشف فيها الخلل بعد انتهاء أشهر الحج، فإن الذي ينكشف فيه الخلل إذا كان ركناً ففي مثل هذه الحالة يكون الحج باطلاً .
وقد يتصوّر شخص أنّه إذا كان باطلاً فكيف يحلّ من إحرامه ؟ فهل يبقى على الإحرام ؟ ونحن نقول له:- كلّا بل ينحلّ الإحرام بشكل قهريّ ويزول بلا حاجة إلى طواف النساء أو أيّ شيء آخر.
وهكذا بالنسبة إلى عمرة التمتع إذا اتضح أن فيها خلل بعد انتهاء أشهر الحج.
إذن لا حاجة إلى طواف النساء في مثل هذه الحالة . نعم إذا أراد أن يحتاط فهذه قضيّة أخرى، أمّا اللزوم فلا لزوم لذلك؟
مسألة( 420 ):- من ترك طواف النساء سواءً أكان متعمداً مع العلم بالحكم أو الجهل به أو كان نسياناً حرمت عليه النساء إلى أن يتداركه . ومع تعذّر المباشرة أو تعسّرها جاز له الاستنابة، فإذا طاف النائب عنه حلّت عليه النساء، فإذا مات قبل تداركه فالأحوط أن يقضى من تركته.
.........................................................................................................
هناك قضية فنيّة جانبية:- وهي أنه(قده) قال ( من ترك طواف النساء سواء أكان متعمداً مع العلم بالحجم أو الجهل به أو كان نسياناً حرمت .. ) فهنا قوله ( أو كان نسياناً ) عطفٌ على ماذا ؟ قد يحتمل بادئ ذي بدءٍ أنه عطف على سابقه - أي على ( أو الجهل به ) - فيصير عِدْلاً له، فيصير المتعمّد له ثلاثة شقوق هي مع العلم به أو مع الجهل به أو مع النسيان، ولكن الصحيح هو أنه عطفٌ على عبارة ( أكان متعمّداً ) فهو عِدلٌ لهذا، ولو كانت توضع كلمة ( أم ) بدل كلمة ( أو ) فلعل هذا هو المناسب للقواعد لأن المعادل لكلمة ( سواء ) هو كلمة ( أم ) على ما يقال - كما في الآية المباركة ﴿ سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ﴾ -.
وإذا أردنا أن نزيل الاشتباه فلنضع جملة ( مع العلم بالحكم أو الجهل به ) بين شريطين فتكون تفسيراً لكلمة ( متعداً ).
وتشتمل المسألة المذكورة على النقاط التالية:-
النقطة الأولى:- إن من ترك طواف النساء سواء كان عمداً أم نسياناً حرمت عليه النساء - أي فيما إذا لم يتداركه بنفسه أو بالنيابة-، والقاعدة الأوليّة تقتضي أنه لا تحلّ النساء مادام لم يباشر بنفسه، ومدرك ذلك هو صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( إذا ذبح الرجل أو حلق فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلّا النساء والطيب، فإذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلّا النساء، وإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلّا الصيد )[2]، إن مقتضى اطلاقها توقّف حلّية النساء على طواف النساء من دون فرقٍ بين أن يكون الترك عمديّاً أو نسياناً أو غير ذلك . هذا هو المستفاد بمقتضى القاعدة الأوّليّة . نعم القاعدة الثانوية قد تقتضي شيئاً آخر وهو ما سوف نشير إليه في النقطة الثانية.
الفرع التاسع:- لو فرض أن شخصاً أتى بعمرة مفردة في غير أشهر الحج ولم يأتِ بطواف النساء وبقي في مكة إلى أشهر الحج فإن عمرته المفردة تنقلب إلى عمرة التمتع شريطة أن لا يكون قد خرج مكة على ما دلت عليه الرواية، غاية الأمر هل الانقلاب قهريّ أو أنه مرتبط بالقصد والارادة ؟ إنّ هذا شيء آخر، فلو فرض أنها انقلبت قهراً أو قَلَبَها هو إلى عمرة تمتع فنطرح السؤال التالي:- هل يلزمه آنذاك أن يأتي بطواف النساء أو أنه لا حاجة إلى ذلك ؟
والجواب:- المناسب هو عدم الحاجة إلى ذلك فإن الدليل الدال على لزوم طواف النساء ناظر إلى العمرة المفردة ويثبت ذلك الحكم لعنوان العمرة المفردة والفروض الآن أنه قد تغيّر الموضوع وصار عمرة تمتع فيصير المورد مشمولاً للدليل الدال على أن عمرة التمتع لا يلزم فيها طواف النساء.
على أنه يمكن أن يقال:- إن نفس الدليل الدال على أن العمرة المفردة لمن بقي إلى أشهر الحج تنقلب إلى عمرة تمتّع، هو يدلّ بالالتزام أو بالاطلاق على أنه لا حاجة إلى طواف النساء لو لم يأت به، فإن تأخير طواف النساء حالة ليست نادرة فلو كان ذلك لازماً لنبّه عليه السلام على أنه يلزمه الاتيان بطواف النساء رغم انقلابها إلى عمرة تمتّع . وإن رفضنا هذا يكفينا ما أفدناه أوّلاً من تغيّر الموضوع.
الفرع العاشر:- لو فرض أن المرأة كانت متمتّعة وأتت بأعمال منى ثم عادت إلى مكة لتأتي بأعمالها - التي هي طواف الحج ثم السعي ثم طواف النساء - فلو فرض خوفها من طروّ الحيض لو أخّرت طواف النساء عن السعي فهل يجوز لها آنذاك تقديم طواف النساء بأن تأتي بطواف الحج ثم بطواف النساء ثم السعي أو لا ؟
والجواب:- المناسب - حيث لم يدلّ دليلٌ على جواز التقديم في مثل هذه الحالة - هو الرجوع إلى القاعدة وهي تقتضي أنها تأتي بالسعي ثم تأتي بطواف النساء فإن طرأ عليها الحيض أنابت.
وربما يقال:- لا حاجة إلى النيابة أيضاً فيما إذا فرض أن الحملة لم تنتظرها فيجوز لها آنذاك أن ترجع بلا حاجة إلى طواف النساء ويسقط وجوبه لما تقدّم سابقاً وما سيأتي من دلالة صيحة الخزّاز على ذلك والتي كانت تقول:- ( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل فقال:- أصلحك الله إن معنا امرأة حائضاً ولم تطف طواف النساء فأبى الجمّال أن يقيم عليها، قال:- فأطرق وهو يقول:- لا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها ولا يقيم عليها جمّالها تمضي فقد تمّ حجّها )[1].
وقد تسأل وتقول:- هناك أقراص متداولة يمكن أن تؤثر في قطع الحيض بأن تتناوله المرأة وينقطع عنها الحيض في يومه الأول أو الثاني بحيث لا تتمّ ثلاثة أيام، أو يفترض أنها تتمّ ويكون حيضاً ولكن ينقطع بعد الثلاثة، فهل يلزمها تناول الأقراص فيما إذا أمكنها ذلك من دون أيّ محذور ؟
والجواب:- كلّا لا يلزمها ذلك ؛ لأن المورد من موارد المقدّمة الوجوبية وليس مقدّمة الواجب، فمادام لا ينتظرها جمّالها وهي حائض فحينئذٍ يجوز لها أن ترجع، أمّا أنه يجب عليها أن تغيّر الموضوع وتزيل عنها موضوع الحائض فإن ذلك ليس بلازم بعد فرض كون عدم الحيض مقدّمة وجوبيّة لا وجوديّة، ولكن لو أرادت فعل ذلك فهل يحق لها ؟ نعم يجوز لها ذلك.
يبقى سؤال جانبي:- وهو أن النساء اللواتي يتناولن الأقراص خصوصاً في أيام العادة أو عند قرب موعدها هو عادةً يؤثر في القطع ولكن قد لا ينقطع بشكلٍ كلّي بل يبقى ينزل كقطراتٍ، فهل هي بَعدُ حائض أو لا ؟
والجواب:- إذا فرض أن ذلك حصل في الأيام الثلاثة الأولى - يعني حينما جاءها الحيض في اليوم الأوّل تناولت قرصاً أو أكثر فقطعته بحيث لم يبق في باطن الرحم شيء ولفترة معتدّ بها - فحينئذ عنوان الحيض سوف يزول فإن الحيض أقلّه ثلاثة أيام فإذا لم تتحقّق ثلاثة أيام متصلة عرفاً - وليس اتصالاً دقيّاً - فلا يعدّ حيضاً فإن الحيض الشرعي محدّدٌ بكون أقله ثلاثة أيام، فعلى هذا الأساس تكون هذه البقيّة استحاضة فإذا عملت عمل المستحاضة فلا بأس وأن تطوف آنذاك.
الفرع الحادي عشر:- إذا علم الرجل أو المرأة بعد الاتيان بطواف النساء أن طواف الحج أو السعي يشتمل على خللٍ فهل يلزم أن يعاد طواف النساء أيضاً مع طواف الحج أو مع السعي أو لا حاجة إلى الاعادة وإنما يأتي بطواف الحج فقط ؟
والجواب:- المناسب لصحيحتي جميل ومحمد بن حمران - التي مضمونها ( جاء قوم فقدّموا ما أخّروا .. ) - هو الحكم بالصحّة فإنه صلى الله عليه وآله وسلم حكم بالصحّة وأنه لا حرج فيما إذا فرض أنه قدّم عامداً - ولكن بسبب الجهل - فكيف إذا لم يكن عامداً بأن فرض أنه كان يتصوّر أن طواف الحج كان صحيحاً فأتى بطواف النساء بعد ذلك، إن هذا هو المفهوم منه، ولعلّه يدلّ بالأولوية على الصحّة في مقامنا . إذن لا حاجة إلى إعادة طواف النساء بل يكفي بالإتيان العمل الذي علم وجزم بوجود الخلل فيه.
الفرع الثاني عشر:- لو عرفنا أن طواف الحج يستمر طيلة ذي الحجة، يعني بتعبيرٍ آخر هو يأتي به في اليوم العاشر أو الحادي عشر على الأحوط استحباباً أو أن الأرجح هو ذلك ولكن لو أخّره فيجوز له ذلك طيلة ذي الحجّة، والمفروض أن المكلّف بعدُ لم يأت بطواف النساء أيضاً، فهو لم يأت بطواف الحجّ وكذلك طواف النساء بَعدُ بعد لم يأت به أيضاً فأتى بعد ذلك بطواف الحجّ قبل أن ينقضي ذو الحجّة ولكن انكشف وجود خللٍ فيه بعد أن انقضى شهر ذي الحجّة، فهنا إذا لم يأتِ بطواف النساء هل يلزمه لحِلّ النساء أن يأتي بطواف النساء أو لا ؟
والجواب:- المناسب عدم الحاجة إلى ذلك، والوجه فيه هو أنه بعد أن انكشف بطلان طواف الحج والمفروض أنه انكشف ذلك بعد تمام ذي الحجّة الحرام فقد بطل بذلك هذا الجزء ولا يمكن الاتيان به لانقضاء وقتة، وإذا بطل بطلت بقيّة الأجزاء والتي منها الإحرام فإن وجوب الأجزاء ومطلوبيّتها مطلوبيّة ترابطيّة فإذا فرض أنه حصل خللٌ في الجزء الأخير فحينئذٍ سوف لا يكون الجزء الأوّل مطلوباً، فحينئذٍ يبطل أصل عمله، وإحرامه يكون باطلاً أيضاً لأن الإحرام مطلوبٌ لأجل الأعمال، فإذا لم يمكن الاتيان بالأعمال فحينئذٍ سوف ينحلّ الإحرام بشكلٍ قهريّ بلا حاجة آنذاك إلى طواف النساء، وهذه قضيّة سيّالة نقولها في كلّ حالةٍ ينكشف فيها الخلل بعد انتهاء أشهر الحج، فإن الذي ينكشف فيه الخلل إذا كان ركناً ففي مثل هذه الحالة يكون الحج باطلاً .
وقد يتصوّر شخص أنّه إذا كان باطلاً فكيف يحلّ من إحرامه ؟ فهل يبقى على الإحرام ؟ ونحن نقول له:- كلّا بل ينحلّ الإحرام بشكل قهريّ ويزول بلا حاجة إلى طواف النساء أو أيّ شيء آخر.
وهكذا بالنسبة إلى عمرة التمتع إذا اتضح أن فيها خلل بعد انتهاء أشهر الحج.
إذن لا حاجة إلى طواف النساء في مثل هذه الحالة . نعم إذا أراد أن يحتاط فهذه قضيّة أخرى، أمّا اللزوم فلا لزوم لذلك؟
مسألة( 420 ):- من ترك طواف النساء سواءً أكان متعمداً مع العلم بالحكم أو الجهل به أو كان نسياناً حرمت عليه النساء إلى أن يتداركه . ومع تعذّر المباشرة أو تعسّرها جاز له الاستنابة، فإذا طاف النائب عنه حلّت عليه النساء، فإذا مات قبل تداركه فالأحوط أن يقضى من تركته.
.........................................................................................................
هناك قضية فنيّة جانبية:- وهي أنه(قده) قال ( من ترك طواف النساء سواء أكان متعمداً مع العلم بالحجم أو الجهل به أو كان نسياناً حرمت .. ) فهنا قوله ( أو كان نسياناً ) عطفٌ على ماذا ؟ قد يحتمل بادئ ذي بدءٍ أنه عطف على سابقه - أي على ( أو الجهل به ) - فيصير عِدْلاً له، فيصير المتعمّد له ثلاثة شقوق هي مع العلم به أو مع الجهل به أو مع النسيان، ولكن الصحيح هو أنه عطفٌ على عبارة ( أكان متعمّداً ) فهو عِدلٌ لهذا، ولو كانت توضع كلمة ( أم ) بدل كلمة ( أو ) فلعل هذا هو المناسب للقواعد لأن المعادل لكلمة ( سواء ) هو كلمة ( أم ) على ما يقال - كما في الآية المباركة ﴿ سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ﴾ -.
وإذا أردنا أن نزيل الاشتباه فلنضع جملة ( مع العلم بالحكم أو الجهل به ) بين شريطين فتكون تفسيراً لكلمة ( متعداً ).
وتشتمل المسألة المذكورة على النقاط التالية:-
النقطة الأولى:- إن من ترك طواف النساء سواء كان عمداً أم نسياناً حرمت عليه النساء - أي فيما إذا لم يتداركه بنفسه أو بالنيابة-، والقاعدة الأوليّة تقتضي أنه لا تحلّ النساء مادام لم يباشر بنفسه، ومدرك ذلك هو صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( إذا ذبح الرجل أو حلق فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلّا النساء والطيب، فإذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلّا النساء، وإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلّا الصيد )[2]، إن مقتضى اطلاقها توقّف حلّية النساء على طواف النساء من دون فرقٍ بين أن يكون الترك عمديّاً أو نسياناً أو غير ذلك . هذا هو المستفاد بمقتضى القاعدة الأوّليّة . نعم القاعدة الثانوية قد تقتضي شيئاً آخر وهو ما سوف نشير إليه في النقطة الثانية.