34/08/23
تحمیل
الموضوع: حكم قطع الصلاة
فصل
لا يجوز قطع صلاة الفريضة اختيارا والأحوط عدم قطع النافلة أيضا وإن كان الأقوى جوازه فالماتن هنا يفصل بين صلاة الفريضة وصلاة النافلة فيبني على حرمة قطع صلاة الفريضة وأما صلاة النافلة فيبني على عدم حرمة قطعها
ويجوز قطع الفريضة لحفظ مال ولدفع ضرر مالي أو بدني كالقطع لأخذ العبد من الإباق أو الغريم من الفرار أو الدابة من الشراد ونحو ذلك فهذه استثناءات ذكرها المصنف من حرمة قطع الفريضة
وقد يجب كما إذا توقف حفظ نفسه أو حفظ نفس محترمة وقد روي عند الفريقين ان النبي (صلى الله عليه واله) نادى بعض أصحابه وهو يصلي فلم يجب النبي (صلى الله عليه واله) حتى أتم صلاته فقال له النبي (صلى الله عليه واله) لماذا لم تجبني فقال يارسول الله كنتُ مشتغلا بالصلاة، قال أولم تسمع ندائي؟
بينما نرى ان أحد فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام) العظيمة انه ترك الصلاة من أجل الحفاظ على سلامة النبي (صلى الله عليه واله) حيث كان النبي (صلى الله عليه واله) واضعا رأسه في حجر علي (عليه السلام) فبقي أمير المؤمنين (عليه السلام) ساهرا على سلامة رسول الله (صلى الله عليه واله) حتى غربت الشمس فترك الصلاة تقديما لواجب رعاية رسول الله (صلى الله عليه واله) عند ذلك دعى رسول الله (صلى الله عليه واله) ان ترد الشمس للامام علي (عليه السلام) فردّ الله عزوجل الشمس لعلي (عليه السلام) لأجل هذه البصيرة العظيمة
وهذا هو الفرق بين المقدس الأجوف في الفكر وبين هذا الفكر النوراني لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في المعرفة فإن تعظيم وتقديس شأن من شؤون النبي أعظم شأنا
أو حفظ مال يجب حفظه شرعا عليه، وقد يستحب كما إذا توقف حفظ مال مستحب الحفظ عليه، وكقطعها عند نسيان الأذان والإقامة إذا تذكر قبل الركوع وقد مرّ في بحث الأذان والاقامة ان المصلي اذا نسى الاذان والاقامة فيستحب له قطع الصلاة مالم يركع
وقد يجوز كدفع الضرر المالي الذي لا يضره تلفه، ولا يبعد كراهته لدفع ضرر مالي يسير فمع انه جائز الاّ انه مكروه لأن أهمية الصلاة أعظم شأنا ولكن مع ذلك مرخص بالكراهة
وقد أشكل بعض المحشين للعروة بأنه كيف يكون مرخصا مع وجود الكراهة فالكراهة تعني انه لايوجد ترخيص باعتباره يكون مرجوحا؟
لكن الصحيح هو ان عموم الاستثناء في الأدلة يشمل هذا لكنه مكروه بهذا اللحاظ فقد يرخص الشارع ويرجح مراعاة ماهو أعظم ملاكا
ففي جملة من الموارد يكون الملاك الزامي وكون الحكم عزيمة يعني الحكم الالزامي في مرحلة الانشاء والفعلية وقد وصل الى التنجيز كما في بعض الروايات
فان الحكم الشرعي له مراحل رئيسية وهي المرحلة الانشائية والفعلية ومرحلة التنجيز فالحكم الالزامي اذا لم يبلغ مرحلة التنجيز لايقال له عزيمة وان العزيمة يعني وصول الحكم الالزامي الى مرحلة التنجيز فاذا لم يصل الى مرحلة التنجيز بأن طرأ مرخص عن التنجيز فهو غير منجز كما اذا زاحم حكم فريضة لحكم فريضة اخرى مساوي له فهذا الحكم الفريضي الزامي لكنه ليس بمنجز فقد رخص في تركه لامتثال الحكم المساوي المزاحم له فهو رخصه وليس عزيمة مع انه فريضة وأيضا لو فرض انه مزاحم بأهم فحكم الفريضة لكن رخص ترك المهم لامتثال الأهم
فالعزيمة والرخصة حالتان تطرءان على حكم الفريضة أو الحرمة كما اذا رخص في ارتكابها كما في الميتة فمن اضطر غير باغ ولا عاد
[1]
فالاضطرار يوجب الترخيص في ارتكاب الحرمة لأكل الميتة
فالأحكام الالزامية يمكن ان يطرأ عليها مانع في مرحلة التنجيز وليس من الضروري ان يكون ملاك هذا المانع الزامي مزاحم فقد يكون غير الزامي كالندبي والكراهتي فهو وان كان لايقوى على مدافعة الالزامي الاّ انه يستطيع ان يزيله عن عزيمته في بعض موارد الحكم غير الالزامي فبإمكانه ان يرفع عزيمة الحكم الالزامي
فالصوم في السفر معصية بمعنى انه غير مشروع مع كونه معصية سواء كان صوم الفريضة أو النافلة وان قال البعض بجوازه في النافلة الاّ انه تسالم عند الامامية لو نذر صوم النافلة في السفر فيشرع هذا الصوم، فكيف يمكن ان يكون ذلك؟
وكذا الإحرام قبل المواقيت فهو باطل وضعا وحرام تكليفا خلافا لجمهور العامة وقد ورد في الروايات ان النبي موسى (علي نبينا واله وعليه السلام) انه أحرم من مصر وساق معه الابل مشيا على الاقدام الى الحج ففي الشرائع السابقة كان ذلك جائز فأتى سيد الأنبياء (صلى الله عليه واله) ووقّت المواقيت فصار الإحرام غير سائغ قبل المواقيت ولابعدها بل لابد ان يكون الاحرام للعمرة والحج منها لكنه قد استثني من ذلك النذر فلو نذر الاحرام من مدينة النجف الاشرف ولبس ثوبي الاحرام ولبّى فانه ينعقد إحرامه وعمرته وتحرم عليه كل تروك الاحرام، فكيف سوغ النذر الاحرام مع ان الاحرام لايصح من بعيد؟
طبعا بالنسبة لخصوص هذين المثالين هو ان أصل الإحرام من بعيد منسوخ بمعنى انه له ملاك لكن لجهة معينة حرّمه النبي (صلى الله عليه واله) فالنذر يقوم بتقوية الملاك الموجود ويجعله أرجح من الملاك الراجح
فالمقصود هو ان الحكم الالزامي العزيمة يمكن ان يرفع عزيمته حكم غير الزامي وهذا هو التفسير الصناعي لهذه المسألة
وتفسير القدماء هنا هو ان الضرر اليسير أو الشديد لايسلب الحكم الالزامي عن وجوبه لكنه يرفع عزيمته فالحرج يرفع عزيمة الحكم الالزامي أي يرفع عزيمة الوضوء لكنه لايرفع مشروعية الوضوء
لذا فان مبنى المشهور في الأبدال الاضطرارية هو ان المبدل الأصلي لايرفع عن المشروعية وان يقال له بدل لأن البدل يرفع عزيمة المبدل ولايرفع الملاك الالزامي المشروع للمبدل
فصناعيا في أبواب الفقه يمكن للشيئ غير الالزامي ان يرفع ويزاحم ويدافع عزيمة الحكم الالزامي ولايدافع أصل الزامية ملاك الحكم الالزامي فهذا ممكن وما أكثره في الفقه وتنفتح منه نكات في مباحث عديدة
[1] سورة البقرة، الاية 173